السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بين «كورونا» و«أوميكرون» بيزنـس اللقاحات الحصان الرابح

على مر عامين مازال العالم يواجه خطر «جائحة كورونا» التى أصابت جميع الدول بحالة من الشلل والإغلاق، وصدمات متوالية مازالت الدول تواجهها على جميع مناحى الحياة.. اقتصاديًا.. سياسيًا.. اجتماعيًا.. وغيرها.. ومع بداية العام الجارى ورغم تسابق شركات الأدوية فى التوصل للقاح للجائحة حتى بدأت الأنباء تتوافد أن أمصال كورونا ستكون سنوية.. وأن جرعتى المصل لا تكفى ويجب أخذ جرعة معززة.. وبدأت أعداد الإصابات فى التزايد واتجهت بعض الدول إلى إغلاق جزئى..



حتى ظهر متحور جديد آخر «أوميكرون» الذى قالت عنه منظمة الصحة العالمية أنه يمثل خطرًا «مرتفعا للغاية» على مستوى العالم.. لندخل مرة ثانية فى دائرة مغلقة للبحث عن لقاح آخر.. وأصبح العالم مرة أخرى تحت رحمة شركات الأدوية التى تمتلك حل الخروج من هذا الخندق.

وهنا يجب أن نطرح عدة تساؤلات حول توقيت ظهور الفيروس.. وعن الأرباح الطائلة التى تجنيها هذه الشركات.. خاصة أن حياة العالم كله أصبحت تحت طائلة خمس شركات عالمية وهى فقط الرابح الأكبر على مدار عامين من انتشار الجائحة.. فهل سيستمر العالم فى قبضة هذه الشركات؟

 

 سباق اللقاح

على مدار الأسابيع الماضية ظهر متحور جديد لفيروس كورونا ما أطلقت عليه منظمة الصحة العالمية «أوميكرون» فى جنوب أفريقيا حتى بدأ العالم فى مواجهة خطر جديد آخر من «متحورات» كورونا، فوفق علماء الصحة أنه خلال العام الماضى ومع زيادة عدد الملقحين إلا أن طفرات الفيروس اجتاحت عددا من البلاد منها متحور «دلتا» الذى تمكن من الانتشار فى الولايات المتحدة بأكملها خلال أسابيع فى أوائل الصيف، ما أدى إلى تغيير النظرة المستقبلية لبلد كان يطرح اللقاحات بسرعة.

وتقول المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، عبر موقعها الرسمى: «يعتبر متحور دلتا شديد العدوى، أكثر بمرتين من المتغيرات السابقة».

وقال مدير المعاهد الوطنية للصحة، الدكتور فرانسيس كولينز، لشبكة CNN الأمريكية: «لا تزال تعانى الولايات المتحدة من موجة خطيرة فى متغير دلتا»، كما أجرى روبرت جارى، عالم الفيروسات بجامعة تولين، مقارنة مباشرة بين الطفرات التى شوهدت فى دلتا و«أوميكرون».

ونقلت شبكة CNN عن الباحث الأمريكى الذى أوضح أن وجود العديد من الطفرات لفيروس لا يعنى بالضرورة أنها ستزيد من شراسة كورونا.

ولا يرى جارى أن العديد من الطفرات المهمة التى يمكن أن تجعل متحور «أوميكرون» أكثر عدوى من دلتا.

ومن جهة أخرى، تسابقت الخمس شركات العالمية، صاحبة لقاح كورونا، بإعلانها عن بدء تجاربها لإنتاج لقاح آخر للفيروس الجديد، وأعلنت شركت فايزر منذ أيام عن بدء تجاربها لإنتاج اللقاح، حيث كشف ألبرت بورلا، الرئيس التنفيذى لشركة فايزر، أن شركته بدأت بالفعل فى تطوير لقاح جديد لفيروس كورونا وسط انتشار البديل الجديد أوميكرون.

ووفقا لما ذكرته مجلة Newsweek الأمريكية قال بورلا إنه من الضرورى الحصول على لقاح جديد.

وأضاف الرئيس التنفيذى لفايزر «صنعنا أول نموذج DNA لدينا، وهو الجزء الأول من عملية تطوير لقاح جديد، لقد أوضحنا عدة مرات أننا سنكون قادرين على الحصول على اللقاح فى أقل من 100 يوم».

وأوضح بورلا أنه فى الشهر الماضى، سمحت هيئة الأغذية والأدوية الأمريكية أيضًا باستخدام لقاحات كورونا للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و11 عامًا، لكن ظهرت أسئلة حول فعالية اللقاح وسط انتشار متغير أوميكرون، وهو سلالة جديدة من الفيروس تم اكتشافها لأول مرة فى جنوب أفريقيا، لم يتم الإبلاغ عن أى حالات فى الولايات المتحدة حتى الآن، لكن الفيروس موجود الآن فى أمريكا الشمالية مع الإبلاغ عن حالات فى كندا.

ومن جهة أخرى أعلنت شركة مودرنا عزمها على تطوير جرعة معزّزة من اللّقاح مخصصة للحماية من المتحورة أوميكرون.

بدورها أعلنت شركة جونسون آند جونسون أنّها «بصدد تقييم فعالية لقاحها المضادّ لكوفيد - 19  فى مواجهة المتحوّرات بما فيها أوميكرون».

وأضافت الشركة فى بيان أنّها تعمل فى الوقت نفسه على إنتاج «لقاح يستهدف تحديدًا أوميكرون، وستقوم بتطويره عند الاقتضاء».

ونقل البيان عن ماثاى مامين، المسئول عن الأبحاث فى شركة يانسن التابعة لجونسون آند جونسون والتى طوّرت اللّقاح المضادّ لكوفيد - 19، قوله إنّ الشركة «لا تزال واثقة» من قدرة لقاحها الحالى الأحادى الجرعة على توفير استجابة مناعية ضد المتغيّرات المختلفة.

وأكّد بورلا أنه «واثق جدًا» من اللّقاح الموزّع حاليًا «لأنّنا تمكّنا من الوصول إلى المزيج الجيّد منذ البداية».

 بيزنس الوباء

مع بداية الشهر الجارى، أعلنت شركة أسترا زينيكا أنها سوف تتوقف عن إمداد لقاحها المضاد لفيروس كورونا للدول على أساس غير هادف للربح.

ووقعت شركة الأدوية العملاقة سلسلة من التعاقدات الهادفة للربح للعام المقبل، ويتوقع أن تبدأ فى تحقيق دخل من مبيعات اللقاح، وفقا لبيان أصدرته فى هذا الشأن.

وكانت الشركة قد أعلنت فى وقت سابق أنها لن تجنى أرباحا من اللقاح قبل أن يتحول كوفيد19 إلى مرض غير وبائى.

وقال باسكال سوريوت، الرئيس التنفيذى لأسترازينيكا، إن الفيروس بدأ يتحول إلى مرض متوطن، مع ذلك، أكدت الشركة أنها سوف تستمر فى إمداد الدول الفقيرة بجرعات اللقاح، على أساس غير هادف للربح.

وأضاف سوريوت: «لقد بدأنا ذلك للمساعدة، لكننا قلنا إننا سوف نتحول (إلى جنى أرباح من اللقاح)، وهو أمر لا نرى أنه سوف يدر علينا أرباحا هائلة».

من جهة أخرى نشرت شبكة بلومبرج الأمريكية تحقيقًا حول «مافيا شركات الأدوية فى زمن الوباء»، موضحة أن المجموعة العالمية غير الغنية بقيادة الهند وجنوب أفريقيا، قدمت اقتراحًا لمنظمة التجارة العالمية، للتنازل عن حقوق الملكية الفكرية للقاحات وعلاجات كورونا. لكن الرئيس التنفيذى لشركة «فايزر»، ألبرت بورلا، وصف حقوق الملكية الفكرية بأنها «دماء القطاع الخاص»، وكشف تحقيق «بلومبيرج»، عن حقيقة غير مريحة تتسم بها معركة «بيزنس الوباء» ويوثّق التحقيق الاستقصائى كيف أن شركات «فايزر ومودرنا وأسترازينيكا وجونسون اند جونسون»، بدأت قبل عام من نفس النقطة على قدم المساواة، حيث أرسلت معظم جرعاتها إلى البلدان الغنية بدلًا من الدول الفقيرة. لكن بعد ذلك اتخذت مسارات مختلفة، وهو ما كشفته البيانات التى جمعتها شركة «Airfinity» التى تتخذ من لندن مقرًا لها.

 سوق الجائحة

وأظهرت هذه البيانات أن شركة «فايزر» مع شريكها الألمانى «BioNTech»، أنتجتا ووزعتا أكبر إمدادات جرعات لقاح كورونا، وتوقعتا أن يدر عليهما أكثر من 36 مليار دولار من الإيرادات هذا العام.

وأشار التقرير إلى أن شركة «فايزر» عززت مكانتها الرائدة فى سوق الوباء، عندما أعلنت فى أوائل نوفمبر الحالى، أنها طورت حبوب كورونا، التى خفضت حالات دخول المستشفيات والوفيات بنسبة 89 %، إلا أن الشركة لم توضح كيف سيتم تسعير أو توزيع هذه الحبوب، ولكن نظرًا لأن الإنتاج محدود على المدى القريب، فإن اللقاحات بقيت هى السلاح المركزى ضد الوباء.

 الأرباح

أشارت تقارير صحفية إلى أنه بإمكان شركتى «فايزر» (Pfizer) و«مودرنا» (Moderna) الأمريكيتين جنى أكثر من 50 مليار دولار من العائدات المالية نتيجة مبيعات لقاح كورونا هذا العام.

ودفعت ضخامة الأرباح المالية المتوقعة البعض إلى التساؤل عما إذا كان من الصواب لشركات الأدوية الكبرى هذه أن تستفيد بشكل فعال من الوباء، خاصة فى ضوء التزامات المنافسين مثل «جونسون آند جونسون» (Johnson & Johnson) و«أسترازينيكا» (AstraZeneca) ببيع لقاحاتهما على أساس غير ربحى.

ووفق صحيفة «الجارديان» البريطانية، فإن 5 شركات أدوية كبرى، هى (فايزر، بايونتيك، موديرنا، أسترازينيكا، وجونسون آند جونسون) قد حققت إجمالى إيرادات نحو 27.3 مليار دولار فى النصف الأول من عام 2021، مع توقعات بأن تحقق تلك الشركات أرباحًا نحو 75 مليار دولار فى عام 2021، وفقًا لـ«فوربس»

 فايزر

جاءت شركة فايزر على رأس الشركات التى حققت أرباحًا كبيرة من مبيعات لقاحات كوفيد - 19، حيث حققت الشركة مبيعات فى النصف الأول بلغت 11.3 مليار دولار، بما نسبته 33.7 % حصة إيرادات النصف الأول من إجمالى المبيعات، وتتوقع الشركة مبيعات تقارب 33.5 مليار دولار من لقاح BNT162b2 فى 2021 بالكامل، ومن المتوقع أن تقدم 2.1 مليار جرعة بموجب عقود موقعة فى منتصف يوليو 2021.

 بايونتيك

ساهم اللقاح فى نمو مبيعات بايونتيك، حيث بلغ إجمالى الإيرادات 8.7 مليار دولار فى النصف الأول من عام 2021، وأرجعت الشركة النمو بشكل رئيسى إلى الزيادات السريعة فى المعروض من لقاح كوفيد - 19  فى جميع أنحاء العالم.

 موديرنا

وسجلت إيرادات شركة موديرنا زيادة فى الستة أشهر الأولى من العام 2021، مرتفعة إلى 6.3 مليار دولار، نتيجة للمبيعات التجارية للقاح كوفيد - 19، وباعت الشركة 302 مليون جرعة لقاح مقابل 5.9 مليار دولار خلال النصف الأول من هذا العام ووقعت عقود لقاحات بقيمة 20 مليار دولار فى عام 2021، مع توقعات أن تسجل جرعات اللقاح بين 800 مليون إلى مليار جرعة فى السنة المالية 2021، مقابل مليارى إلى 3 مليارات جرعة فى عام 2022.

كما ارتفع سعر سهم شركة مودرنا إلى أكثر من 700 % منذ فبراير 2020، فى حين ارتفعت «بيونتك» (BioNTech) بنسبة 600 %.

 أسترازينيكا

شهدت إيرادات أسترازينيكا نموًا نسبته 23 % بالنصف الأول 2021، لتسجل نحو 15.5 مليار دولار، وساهم لقاح كوفيد- 19 بحوالى 1.2 مليار دولار فى الإيرادات، بما فى ذلك 894 مليون دولار فى الربع الثانى و275 مليون دولار فى الربع الأول من عام 2021.

جونسون آند جونسون

كان للقاح الجرعة الواحدة من شركة جونسون آند جونسون الفضل بشكل هامشى فى زيادة إيرادات الشركة، حيث بلغت مبيعات اللقاحات 264 مليون دولار فى النصف الأول 2021 من إجمالى إيرادات بلغت 45.6 مليار دولار، وتتوقع الشركة أن تبلغ مبيعات اللقاح 2.5 مليار دولار بحلول نهاية عام 2021.

 الاحتكار والمكسب

وفقا لتحليل أجراه تحالف «لقاح الشعب» (People Vaccine)، وهو مجموعة نشطة تشمل مؤسسة أوكسفام (Oxfam) وبرنامج الأمم المتحدة المشترك المعنى بفيروس نقص المناعة البشرية «الإيدز» ومنظمة «العدالة العالمية الآن» ومنظمة العفو الدولية.

يقول تحالف «لقاح الشعب» إن ثروة مديرى شركات اللقاح تسلط الضوء على عدم المساواة الصارخة الناجمة عن الوباء.

وقالت آن ماريوت مديرة السياسة الصحية فى مؤسسة أوكسفام -فى بيان إن هذه اللقاحات ممولة من المال العام، وينبغى أن تكون أولا وقبل كل شىء منفعا عاما عالميا، وليس فرصة ربح خاصة.

وقد أيد الرئيس الأميركى جو بايدن هذه الخطوة، التى يقول مؤيدوها إنها ستساعد على توسيع العرض العالمى وتضييق فجوة التطعيم بين الدول الغنية والفقيرة. وقد جادل المعارضون -مثل ألمانيا- بأن حماية الملكية الفكرية أمر حيوى للابتكار، ويقولون إن إزالة براءات الاختراع لن تزيد العرض بشكل كبير؛ وذلك بسبب القدرة الإنتاجية المحدودة ومكونات اللقاح غير الكافية.

ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، فقد ذهب 87 % من جرعات اللقاح إلى البلدان ذات الدخل المرتفع أو المتوسط، فى حين تلقت البلدان المنخفضة الدخل 0.2 % فقط، كما أشارت كبيرة الاقتصاديين فى صندوق النقد الدولى جيتا جوبيناث إلى أن تطعيم 60 % من سكان العالم بحلول منتصف عام 2022 سيكلف 50 مليار دولار فقط.

 أكبر عملية تطعيم فى التاريخ

وتعد حملة التطعيم العالمية ضد فيروس كورونا الأكبر فى التاريخ، وقد تم استخدام أكثر من 2.5 مليار جرعة فى 180 دولة حول العالم -وفقا للبيانات نشرتها شبكة بلومبيرج الأمريكية، وهو ما يكفى لتطعيم 16.4 % من سكان العالم بشكل كامل، غير أن التوزيع كان متفاوتا جدا؛ حيث تم تطعيم البلدان والمناطق ذات الدخل المرتفع أسرع من البلدان والمناطق ذات الدخل الأدنى بأكثر من 30 مرة.

والجدير بالذكر أن شركتى فايزر ومودرنا تتقاضيان أكثر من 30 دولارا مقابل كل جرعتين يتلقاهما الشخص من الحكومات المعنية.

ووفق الرئيس التنفيذى لشركة فايزر، ألبرت بورلا، فإن شركته وافقت على تزويد 116 دولة للحصول على ما مجموعه 2.7 مليار جرعة قبل نهاية عام 2021، ومن المتوقع أن يذهب 40 % من الجرعات، أى أكثر من مليار جرعة، إلى البلدان المتوسطة والمنخفضة الدخل.

وأضاف بورلا أن الشركة ستقدم مليارى جرعة من لقاحها إلى البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل على مدى الأشهر الـ18 المقبلة، وتتوقع شركة فايزر أن يصل إجمالى مبيعاتها من اللقاح إلى حوالى 26 مليار دولار بحلول نهاية هذا العام، مع هامش ربح يقترب من 30 %، ودافع بورلا عن قرار الاستفادة من اللقاح، قائلا إن شركته تحملت كل المخاطر لتطويره واستثمرت ما يصل إلى مليارى دولار فى البحث والتطوير.