الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
حكاية الجاموسة مع كلية طب أسنان دمنهور

حكاية الجاموسة مع كلية طب أسنان دمنهور

فى واقعة تُعَد الأولى من نوعها، أصدرت المحكمة الإدارية العليا حُكمًا قضائيًا نهائيًا بغلق كلية طب أسنان التابعة لجامعة دمنهور.. حيثيات حُكم القضاء الإدارى أكدت أن الكلية المَعنية تسببت فى ضرر فاحش لمستقبل طلاب شاء حظهم العَسر أن ينتسبوا إليها، لخلوها من جميع الأدوات المساعدة لتأهيل خريجيها، من توافر مَعامل وأجهزة ومُعدات تعتمد عليها دراسة طب الأسنان فى أى مكان فى العالم، وأكدت أيضًا أن المَعامل والمختبرات تمثل عنصرًا مُهمًا وأساسيًا فى نجاح العملية التعليمية فى كليات الطب قاطبة؛ خصوصًا طب الأسنان التى تستلزم التأسيس المتكامل لمَعامل ومختبرات نوعية حديثة ومتطورة تحتوى جميع الأجهزة والآلات والمعدات التى تُمَكن الطالبَ من التطبيق العلمى والعملى وتُسلحه بالمهارات الحديثة التى تمكنه من الالتحاق بسوق العمل والمنافسة بقوة على المستويين المحلى والدولى، مع ضرورة أن تشمل هذه المَعامل «منظومة كاملة من أدوات الحَفر وأجهزة التنظيف بالماء والهواء بما يماثل كل ما هو موجود فى كرسى طبيب الأسنان، فضلًا عن الأجهزة التى تهتم باختبار الخواص الفيزيائية والميكانيكية لمواد تعويضات الأسنان بالإضافة إلى المجسمات الصناعية لكيفية علاج جذور الأسنان»، وهو ما خلت منه كلية طب الأسنان بدمنهور. مما يعنى أن هؤلاء الطلاب لم يتلقوا أى تدريب أو محاكاة، ولكن الكلية استعاضت عن هذه المَعامل بتدريب الطلاب فى مَعامل كلية الطب البيطرى وتحديدًا على أسنان الجاموسة، وهذا ما جعل القاضى الجليل محمد عبدالوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، يشدد فى حيثياته على ضرورة إزالة الضرر الذى وقع على الطلاب بتوزيعهم طبقًا لقواعد التوزيع الجغرافى، على أقرب جامعة لمحل إقامة كل منهم، دون المساس بالمراكز القانونية التى اكتسبها هؤلاء الطلاب فى اجتيازهم الامتحانات السابقة على صدور الحُكم، مع إلزام هذه الجامعات بمنح هؤلاء الطلاب برامج دراسية مكثفة نظرية وعملية تعوضهم عمّا فاتهم من مناهج دراسية، وذلك تطبيقًا للقاعدة الأصولية التى تقضى بأن «الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف»؛ ليتساووا مع زملائهم خريجى كليات طب الأسنان الأخرى مع إغلاق الكلية (وهذا ما تم وقت صدور الحُكم).



ما قضى به حُكم محكمة القضاء الإدارى المهم راعى مصلحة أبنائنا الطلاب ومستقبلهم، وهو ما لا يرعاه من بيدهم الأمر آنذاك؛ إذ إن القانون ألزم المنظومة المسئولة عن التعليم بدءًا من وزير التعليم العالى والمجلس الأعلى للجامعات ومجلس الجامعة المختص ولجنة المختبرات والأجهزة العلمية التى يشكلها مجلس الجامعة بتزويد الكلية بكل الأجهزة والمواد اللازمة سنويًا قبل وضع مشروع الموازنة بوقت كافٍ، بَيْدَ أنّ كل أولئك قد تخلوا عن واجبهم الدستورى والوطنى وارتكبوا إثمًا فى حق الطلاب.. ولكن للأسف جل هؤلاء من الذين أشار إليهم الحُكم لم يحاسَب منهم أحدٌ حتى الآن.. وعندما أشار الإعلامُ إليهم عقب منح محامى الطلاب شهادة من جدول المحكمة الإدارية العليا مؤخرًا تثبت أن هؤلاء الطلاب قد درسوا طب الأسنان بالفعل، لم يعجب ذلك القائمين على جامعة دمنهور فسارعوا من جانبهم الى إصدار بيان يستنكر ما نشر عبر الصحف والمواقع الإلكترونية؛ حيث أكدت الجامعة أن هذا الأمر يتعلق بحُكم قديم، صدر بتاريخ 28 مارس 2015، وصدر حُكم نهائى بتاريخ 23 أبريل 2015 (وهذا ما لم ننكره)، وحاليًا يجرى ترميم المبنى القديم للكلية كما أن أعمال التطوير الجارية تُعد مرحلة أولى، بينما يتم إنشاء مبنى جديد كمرحلة ثانية، وسيتم الانتهاء من أعمال التطوير، وتسليم الكلية لبدء التشغيل فى شهر مايو 2022، ثم طرحت الجامعة عبر بيانها عدة تساؤلات، منها: «لا ندرى لماذا يتم نشر هذا الخبر مرة ثانية؟، وما هو الغرض من ذلك؟، ولمصلحة من؟»، كما أكدت أنها تحتفظ بحقها القانونى ضد الناشر.. بيان يستحق من أصدره أن يحاسَب، فهو لم يذكر أى شىء عن التقصير الذى وقع على الطلاب وقتها ومَن المسئول عنه، ولم يذكر شيئا عن مسئولية الإدارة فى هذه الفضيحة التى تمس سمعة الجامعات المصرية الرائدة فى المنطقة العربية التى ارتضت افتتاح كلية دون أن تستكمل تجهيزاتها، والأهم أن البيان لم ينفِ إجراءَ الطلاب تدريبهم العملى على أسنان الجاموسة، وهو السبب الأساسى فى غلق الكلية (إلا إذا كانت أسنان الجاموسة تماثل أسنان الإنسان).

ومن أجل هذه الأخطاء وتلك حتى ولو كانت قديمة، وجّه الإعلام سهامَ النقد إليها حتى لا تتكرر مرة أخرى فى كلية أخرى، وهذا لا يعد تشهيرًا أو تنمرًا كما يَدّعى البيانُ، أمّا بخصوص اتخاذ إجراء قانونى ضد الناشر فليس له من مبرر عندى سوى التعتيم على الخطأ وسوء الإدارة التى بسببها صدر الحُكم، لن نتحدث هنا عن حق الصحافة والإعلام وطبقًا لنص القانون فى تناول ما تريده حتى ولو كان قديمًا؛ خصوصًا أن جرائم إهدار المال العام والفساد لا تسقط بالتقادم، ولذلك هذه الواقعة تحديدًا مطلوب فتح التحقيقات بشأنها ومحاسبة جل مَن تسبب فى هذه الفضيحة، التى ارتكبت فى حق شبابنا قوة وجنود الحاضر وأمل المستقبل.