الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

دعوة حسن البنا لسيادة العالم بالقوة مهدت الطريق لظهور القاعدة وداعش الإخوان.. أعداء حقوق الإنسان

ارتكبت منظماتُ حقوق الإنسان الدولية جريمةً فى حق حركة حقوق الإنسان بانحيازها لجماعة مثل الإخوان تنتهج العنفَ وتُحرّض على التطرف، ومن ثم الدفاع عنها وتبنى مظلوميتها دون مراعاة أنها تتحدث عن حقوق الإنسان مع جماعة أدبياتها تعادى منظومة حقوق الإنسان برمتها.



تغض منظمات مثل العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش عن هدف ظهور الجماعة، وهو أستاذية العالم أو السيطرة عليه، وهى فكرة فاشية بالأساس لجماعة ترى أن أعضاءها هم المؤمنون فقط وتصنف باقى العالم باعتبارهم كفارًا!.

 

إن أدبيات تلك الجماعة؛ خصوصًا رسائل مؤسّسها الأول تكشف بشكل مباشر عن مكنون تلك الجماعة والأفكار المسيطرة على أفرادها والتى تنتمى لأفكار سيطرت على القرون الوسطى وما اتسمت به من صراعات دموية من أجل فكرة السيطرة على العالم، وهى أفكار لا تناسب عالم ما بَعد الإعلان العالمى لحقوق الإنسان والبحث عن حماية الإنسان لا قتله أو ذبحه من أجل أوهام جماعة متطرفة تشعل الصراعات والحروب أينما حلّت ولا تبحث عن السلام.

الجماعة تقدس رسائل مؤسّسها ومرشدها الأول حسن البنا وتحديده مهام الفرد الإخوانى فى رسالته لأعضاء ‏التنظيم، وجاءت: تحت عنوان الغاية أصل والأعمال فروع لها:‏ «مهمتنا سيادة الدنيا»، وهو ما ينطوى على نظرية فوقية ترى أن الإخوان فئة مميزة ‏ويعطيهم دون ‏غيرهم الحق فى إدارة العالم.

وذلك المعنى يخالف ما جاء فى وثيقة دولية مهمة وهى الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصرى، ونصت ‏فى مادتها الرابعة على شجب جميع الدعايات والتنظيمات القائمة على ‏الأفكار أو ‏النظريات ‏القائلة بتفوُّق أى عرق أو أىّ جماعة من لون أو أصل ‏إثنى واحد، أو ‏التى تحاول ‏تبرير أو تعزيز أى شكل من أشكال الكراهية ‏العنصرية والتمييز ‏العنصرى.‏

كما مَهد «البنا» فى رسائله الطريقَ أمام الجماعة والجماعات الإرهابية الأخرى المنتمية لأفكارها، مثل القاعدة وداعش؛ لممارسة العنف ‏بالتصريح أن الطريق للحُكم سيكون بالقوة، فيقول بمنتهى الوضوح: وفى ‏الوقت الذى يكون فيه منكم - معشر الإخوان ‏المسلمين - ثلاثمائة كتيبة قد ‏جهزت كل منها نفسيًا وروحيًا بالإيمان والعقيدة، وفكريًا ‏بالعلم والثقافة، ‏وجسميًا بالتدريب والرياضة، فى هذا الوقت طالبونى بأن أخوض بكم ‏لجج ‏البحار، وأقتحم بكم عنان السماء، وأغزو بكم كل عنيد جبار. وأضاف فى رسالة التعاليم: إنّ القوة أضمَن طريق لإحقاق الحق، وما أجمل ‏أن تسير ‏القوة والحق جنبًا إلى جنب، فهذا الجهاد فى سبيل نشر الدّعوة ‏الإسلامية، فضلًا عن ‏الاحتفاظ بمقدسات الإسلام فريضة الله على المسلمين، ‏كما فرض عليهم الصّوم ‏والصّلاة والحج والزّكاة وفعل الخير وترك الشر، ‏وألزمهم إيّاها وندبهم إليها، ولم ‏يعذر فى ذلك أحدًا فيه قوّة واستطاعة.

هذا الحديث قبل أكثر من 80 عامًا يؤصل تبنّى الجماعة للعنف وتأسيس التنظيمات السّرّيّة المسلحة وأنها ‏تغلف ذلك بالمعارضة السياسية فى لحظات الاستضعاف، كما يمارس ‏أفراد التنظيم لمبدأ التقية، وهو يعطى للفرد الإخوانى الحق فى الكذب على ‏السُّلطات وقول غير ما يبطنه، مثل حديث الجماعة عن قبولها ‏لفكرة حقوق الإنسان وخضوعها للقانون الدولى، وهى كلها أمور تتعارض ‏تمامًا مع ما يتعلمه وينشأ عليه الفرد الإخوانى.

تلك الأفكار العنيفة المغلفة بمسحة دينية هى التى أدت إلى شخصيات إرهابية مثل أبوبكر البغدادى وأسامة بن لادن وشكرى ‏مصطفى، وهم أبناء شرعيون لتنظيم الإخوان ‏المسلمين بحسب اعتراف ‏يوسف القرضاوى، المُنظر الحالى لتنظيم الإخوان المسلمين، الذى أكد فى تصريحات تليفزيونية أنّ أبا‏بكر ‏البغدادى، خليفة داعش ابن حركة الإخوان ‏المسلمين.

كما اعترف أيمن الظواهرى، زعيم تنظيم قاعدة الجهاد، بأن أميره السابق، ‏أسامة بن ‏لادن كان من الإخوان المسلمين، ولكنه كان ‏من المطرودين حتى نفر للجهاد، وهذا ‏يدل على صلة النسب المعرفية ‏والفقهية لأمراء العنف بجماعة الإخوان المسلمين.‏

نَصَّبَ تنظيمُ الإخوان نفسَه قائمًا على عودة الخلافة الإسلامية بعد ‏سقوطها، ‏‏ويرى أن ‏القتال وهو المَسار الوحيد لعودة تلك الخلافة، وقام التنظيم بتدشين أذرُعه الإرهابية لهذا ‏السبب، وقد نجحت الجماعة فى خداع المجتمعات الأوروبية، فقدمت نفسَها بأكثر من ‏صورة ما بين ‏صورة الجماعة المضطهدة والمعارضة السياسية لأنظمة ‏الشرق الأوسط غير الديمقراطية بمفهومها الغربى، وهو ما ‏استغله الإخوان للاستفادة من الدعم الأوروبى لهم فى فترة ثورات ‏الشرق الأوسط ومحاولة الوصول للسُّلطة بدعم غربى، إلا أن ثورة ‏الشعب المصرى على حُكمهم فى 30 يونيو أعادتهم بشكل سريع إلى طريق ‏العنف والإرهاب وظهرت تنظيمات مثل حسم ولواء الثورة واللجان النوعية الإخوانية التى قررت تدمير مصر انتقامًا من شعبها لإسقاطهم حُكم الجماعة.

وحتى تغطى الجماعة على عمليات العنف التى تتنصل منها دومًا لجأت ‏إلى تأسيس مؤسَّسات حقوقية من جانب شخصيات مُعارضة لأنظمة الشرق ‏الأوسط وتعيش فى أوروبا للدفاع عن الجماعة وحتى تحصل عناصره ‏الهاربة من الملاحقة الأمنية على حق اللجوء فى أوروبا والاستفادة من ‏مناخ الحريات فى تسهيل حركة أموال التنظيم، والهجوم على أنظمة ‏الشرق الأوسط من أجل فرض حصار دولى عليها بواسطة تقارير حقوق الإنسان المُسَيّسة بعدما فشلت فى إزاحتها ‏بقوة السلاح.‏

فى أوروبا التى فتحت ذراعها لذلك التنظيم الإقصائى، بدأ المنتمون ‏للجماعة فى ممارسة الضغط على المجتمعات الحرة من أجل تمرير ‏أجندتهم الخبيثة والتى تبدأ بمَظهر المرأة ، فأصبح الحجاب والنقاب - وهو ‏اللباس المقرر للمرأة داخل الجماعة - معركة فكرية كبرى، ثم ظهر بعد ‏ذلك لباس البحر البوركينى، وأصبح اللباس الشرعى للمرأة المسلمة عند ‏الذهاب للشواطئ فى محاولة لفرض الوجود والحديث عن حقوقهم حتى ‏تتعاطف معهم الشعوب الأوروبية.‏

لا تؤمن الجماعة بالمساواة بين المرأة والرجل، وموقف الجماعة الإقصائى ‏ضد المرأة معروف ومثبت فى رفض الجماعة الرسمى لوثيقة «إلغاء ومنع ‏كل أشكال العنف ضد النساء والفتيات»، ودعا بيان الإخوان المسلمين «حكام الدول الإسلامية ووزراء الخارجية ‏فيها وممثليها فى هيئة الأمم المتحدة إلى رفض هذه الوثيقة وإدانتها، وحينما نراجع أدبيات الجماعة نجدها لا تُعارض العنف ضد المرأة؛ بل إنها ضد تمكين المرأة، وكان برلمان الإخوان فى مصر شاهدًا على ذلك؛ حيث استبدلت دعاية الجماعة صور المرشحات بصورة زهور أو ورود، واعتبرت صورة المرأة فى الدعاية الانتخابية عورة، وكانت النتيجة أن الانتخابات أفرزت عضوات أقل من أصابع اليد.

وتربِّى الجماعة أفرادَها على كراهية المسيحيين، وظهر ذلك بوضوح خلال فترة حُكم ‏الجماعة فى حُكم مصر والتى ‏شهدت تمييزًا واضحًا ضد المسيحيين أخطرها حادثة الاعتداء على ‏الكاتدرائية المرقسية (أبريل 2013) وهى جريمة غير مسبوقة فى مصر منذ دخول ‏الإسلام.‏

ويُعَبر عبدالله الخطيب عضو مكتب الإرشاد الحالى للجماعة، ‏ومفتيها فى القضايا الشرعية والسياسية، عن الموقف من المسيحيين أو ‏أهل الكتاب فى العدد رقم «56» من مجلة «الدعوة»، الصادر فى ‏شهر ديسمبر سنة 1980 بقوله: «يجب على أهل الكتاب- بمقتضى أنهم ‏مواطنون يحملون جنسية الدولة المسلمة ويعيشون على أرضها وبين ‏أهلها- أن يلتزموا بالنظام الإسلامى، وأن يلتزموا بعادات وتقاليد المجتمع الإسلامى، فلا يصح التبرُّج، ولا يجوز الاختلاط، أمّا أحوالهم الشخصية التى ‏أحلها لهم دينهم، كالزواج والطلاق وأكل الخنزير وشرب الخمر؛ فلا يصح أن يتعاملوا بها داخل الدولة ‏الإسلامية، وعلى هذا فكل المنكرات التى حرمها الإسلام لا يجوز لأحد أن ‏يجاهر بها؛ لأن فى المجاهرة بها إهدارًا لكرامة الأمة الإسلامية».

تلك الرؤية الإقصائية لا تعطى للمسيحيين حق المواطنة فى وطنهم وتعاملهم باستعلاء لا يليق بمواطن يمارس حريته الكاملة فى الاعتقاد داخل وطنه؛ بل إنها كانت الدافع لعناصر الجماعة فى معارضة بناء الكنائس؛ بل استهدافها بالتفجيرات والحرائق وقتل المسيحيين على الهوية.

رُغْمَ انتفاضة الجماهير العربية ضد تلك الجماعة فى مصر وتونس؛ فإن خطر تلك الجماعة لا يزال قائمًا؛ خصوصًا أن الجيل الثانى من الجماعة يخفى انتماءَه الأصيل للجماعة، ويتخذ من الدعوة لحقوق الإنسان ستارًا لإخفاء نواياه سعيًا لاستعادة قوة التنظيم فى الغرب، فما يقوم به محمد سلطان نجل القيادى الإخوانى صلاح سلطان فى الولايات المتحدة وحديثه عن حقوق الإنسان واستناده على التقارير المسيسة لتشويه الدولة المصرية أمام الآليات الدولية، وهو عمل إخوانى ممنهج يستخدم عالمية حقوق الإنسان كسلاح لتعطيل الجمهورية الجديدة والانتقام من إنجازاتها لصالح المواطن المصرى، وتحقيق هدف سياسى يخدم جماعة متطرفة تعادى حقوق الإنسان بالأساس.

من دون تعاون دولى حقيقى هدفه استئصال التنظيمات المتطرفة وإيقاف مشروع الإخوان فى توطين التطرف والعنف داخل أوروبا والولايات المتحدة عبر بوابة حقوق الإنسان، ووضع مشروع إصلاحى حقيقى للخطاب الدينى ينهى تجرؤ مُنظرى الإخوان، على الإسلام ويعيد الدين إلى وسطيته وتسامحه وانفتاحه على العالم سيظل خطر الجماعة قائمًا.

ويبقى التحرك الأهم - من وجهة نظرى - فى المواجهة مع تلك الجماعة هو كشف المنظمات الحقوقية المتعاونة مع الجماعة الإرهابية للرأى العام وأمام آليات الأمم المتحدة، وإلزامها بقواعد الشفافية فى الإفصاح عن مَصادر تمويلها وإعادة النظر فى نشاطها وما تصدره من بيانات لصالح الجماعة الإرهابية، باعتبارها جزءًا من عملية تسييس عمل منظمات حقوق الإنسان التى حذرت منها الأمم المتحدة باعتبارها خطرًا يهدد مصداقية حركة حقوق الإنسان.