الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
ع المصطبة.. نعمة الجمهورية الجديدة..وسلوكيات الماضى

ع المصطبة.. نعمة الجمهورية الجديدة..وسلوكيات الماضى

ستظل أزمة تغوُّل ظاهرة «التوك توك» مستفحلة ما لم نجد حلًا جذريًّا لها، فلم تعد مقتصرة على المناطق الشعبية والأرياف؛ بل امتدت إلى عدد من المدن الجديدة، وعواصم المحافظات وكل يوم تتسرب إلى موقع جديد.



مشكلة «التوك توك» ليست فقط فى غياب عوامل الأمان والمتانة للمَركبة نفسها؛ بل تتعدى ذلك إلى ما هو أخطر بكثير، فأصبحت ظاهرة «التوك توك» ترتبط بمعدلات الجريمة والعشوائية والحوادث المتكررة وفوضى المرور، فلن تُجْدِى أى كاميرات مرورية أو إشارات ضوئية مع مَركبة بلا لوحات معدنية يقودها فى كثير من الأحوال طفل عكسَ السَّير ويسبب الحوادث المتكررة، وفى أضعف الإيمان يُربك حركة المرور؛ بل يمكن تلخيص الظاهرة فى أنها تسير فى الاتجاه المعاكس للقفزات التنموية والحضارية التى تشهدها مصر حاليًا.

ما يزيد المشكلة تعقيدًا؛ أن «التوك توك» أصبح مصدرَ دخل لعدد لا بأس به من الأسَر، ومن ثم أضحى للقضية أبعاد اجتماعية وإنسانية.

فوق كل ذلك؛ فإن الغالبية العُظمَى من سائقى «التوك توك» دون السّن القانونية لاستخراج رخصة القيادة؛ بل إن «التوك توك» نفسَه بلا وضع قانونى وبلا لوحات يمكن من خلالها ضبط حركته فى الشارع، فيرتكب قائدُه الحادثة أو المخالفة ويهرب دون إمكانية تحديد هويته.

لذلك؛ فإن الحل يكون بالتخلص من هذه الظاهرة السلبية بشكل تدريجى وفق جدول زمنى محدد المدة، يبدأ بحصر عدد مَركبات «التوك توك» الموجودة حاليًا والتشديد فى منع استيراد أو تصنيع الجديد منها، مع إدخال أصحاب مركبات «التوك توك» ضمن مشروع الإحلال وفق شروط محددة تتضمن تسليم «التوك توك» للدولة، وكذلك أن يكون المستفيد من مشروع الإحلال بلغ السّن القانونية لاستخراج رخصة القيادة، على أن يتم تسليم سيارة صغيرة بديلاً عنه بمعايير أمان معتمدة لتحل محل «التوك توك».

يترافق مع هذا الإجراء المنع التام لتسيير «التوك توك» بشكل متدرج يبدأ بالعاصمة والمدن الكبرى، مرورًا بعواصم المحافظات، ثم المراكز وأخيرًا القرى والأرياف.

بات القضاء على هذه الظاهرة مَطلبًا مُلِحًا، فكل يوم يمر تزداد ضراوة، فهى مثل كرة الثلج المتدحرجة، لا بُدَّ من إيقافها وتفتيتها قبل أن تصل إلى حجم يصعب التعامل معه.

وعلينا أن نعترف أننا ونحن نبنى الجمهورية الجديدة أصبحنا فى مواجهة حاسمة مع ثقافة «التوك توك»، تلك الثقافة التى أرخت بظلالها على الكثير من السلوكيات اليومية، فالإنسان يتأثر بالمجتمع المحيط به، لذلك فبينما نسابق الزمن لإنجاز المشروعات التنموية الكبرى علينا أن نقضى على سلوكيات لم تعد تواكب هذه النهضة؛ بل هى تخالف تمامًا ما نرجوه وما نخطط له من صورة مستقبلية زاهرة لدولة مؤثرة إقليميًا وعالميًّا، ناهينا عن كوننا دولة سياحية من أبرز مقوماتها التحضر مَظهرًا وسلوكًا.

الأمْرُ الآخرُ فى قضية «التوك توك»، أنه يعكس خطورة استقدام تجارب من الخارج دون أن ندرك مَخاطرها، فمثل هذه المَركبات قد تكون منتشرة فى بعض الدول الآسيوية مثل الهند؛ حيث يطلقون عليه هناك اسم «الركشة»، فإذا كانت مثل هذه المَركبات تناسب ثقافات مثل هذه الدول فليس بالضرورة تتوافق مع ثقافة المجتمع المصرى، ناهينا عن أن استنساخ تلك التجربة فى مصر كان نموذجًا سيئًا؛ بل سلبيًا.