الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الكلمة الأخيرة للشعب: رغم التحديات.. «السودان» فى طريقه لـ«بر الأمان»

أزمة سياسية كبيرة يمر بها البلد الشقيق، السودان؛ حيث أثار اعتقال رئيس الوزراء، «عبدالله حمدوك»، قلقًا دوليًا؛ خصوصًا بعد أن شهد السودان خلال الأيام الماضية حالة من الفوضَى والتوتر بين مكونات السُّلطة التى تتألف من مدنيين وعسكريين، وانقسام الشارع بين مطالبين بحكومة عسكرية وآخرين مطالبين بتسليم السُّلطة إلى المدنيين.



> الأسباب

تحدّث سياسيون سودانيون عن ضعف أداء الوزراء فى حكومة «حمدوك» وفشلهم فى الكثير من الملفات مثل زيادة معدلات الجريمة وزيادة البطالة والتضخم وتراجُع الناتج القومى وتراجُع فى مستويات المعيشة والخدمات، حتى إن العام الدراسى بدأ وليس هناك وزير للتربية والتعليم.

وتُظهر البيانات التى تم جمعها من بعثة حفظ السلام المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقى وACLED، موقع النزاع المسلح وبيانات الأحداث، أن الوفيات الناجمة عن العنف السياسى فى البلاد قد ازدادت بالفعل خلال ذلك الوقت. وتظهر البيانات نفسُها أيضًا أنه لم يكن هناك تقدم يُذكر فى الجوانب المهمة الأخرى للاتفاق الموقع بين المدنيين والعسكريين.

> ردود الفعل متباينة

تباينت ردود الأفعال الدولية؛ خصوصًا بعد أن أعلن رئيس مجلس السيادة الانتقالى، «عبدالفتاح البرهان»، حل مجلسَىْ السيادة والوزراء وفرض حالة الطوارئ فى مختلف المناطق.

كما لاقت القراراتُ ردودَ فعل عربية طالبت جميع الأطراف بضبط النفس والتقيد الكامل بوثيقة 2019 الدستورية.

وفى الوقت الذى أعلنت فيه موسكو احترامَها لخيار الشعب السودانى واستعدادها لتقديم المساعدة اللازمة، علقت الولايات المتحدة الأمريكية مساعدات للسودان بقيمة 700 مليون دولار، ودعت للإفراج عن القادة السياسيين المعتقلين فى السودان.

ووصفت الخارجية الروسية الأحداث التى يشهدها السودان بأنها دليل على أزمة حادة ناجمة عن اتباع سياسة فاشلة على مدى عامَين، وأكدت ثقتها بقدرة شعب السودان على حل المشاكل الداخلية بنفسه.

وأضافت: «هذه نتيجة طبيعية لسياسة فاشلة تم اتباعها خلال العامين الماضيين؛ حيث تجاهلت السُّلطات الانتقالية ورعاتها ومستشاروها الأجانب حالة اليأس والبؤس التى عانت منها الغالبية العُظمى من السكان».

وأشار البيان إلى أنه «أدى التدخل الأجنبى واسع النطاق فى الشئون الداخلية للبلاد إلى فقدان ثقة مواطنى السودان بالسُّلطات الانتقالية، ما تسبب باندلاع احتجاجات متكررة وأثار حالة من عدم الاستقرار العام فى البلاد، بما فى ذلك الانعزال الفعلى لعدد من مناطقها».

وأضاف البيان: «نحن مقتنعون أنه بإمكان السودانيين؛ بل يتعين عليهم حل المشاكل الداخلية بأنفسهم وتحديد اتجاه التنمية السيادية لبلدهم انطلاقًا من المصالح الوطنية».

وحث بيان للأمم المتحدة جميع الأطراف على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، وعلى العودة فورًا إلى الحوار والمشاركة بحُسن نية لاستعادة النظام الدستورى.

بينما أعرب الرئيس الفرنسى «إيمانويل ماكرون» عن دعم بلاده للحكومة الانتقالية فى السودان، داعيًا إلى الإفراج الفورى عن رئيس الوزراء «عبدالله حمدوك» الذى ذكرت التقارير أنه وُضع تحت الإقامة الجبرية.

أمّا ألمانيا؛ فقد دعا وزير الخارجية الألمانى «هايكو ماس»، المسئولين فى السودان إلى استكمال عملية الانتقال السياسى السلمية نحو تحقيق ديمقراطية وإلى احترام إرادة الشعب السودانى، وطالب بأن يتم حل الخلافات فى الرأى فى إطار الحوار.

وطالبت بريطانيا قوات الأمن السودانية بالإفراج عن رئيس الوزراء «عبدالله حمدوك». ورأت «فيكى فورد» وزيرة شئون إفريقيا البريطانية، أن الأحداث التى وقعت فى السودان غير مقبولة للشعب السودانى.

وقالت عبر تويتر: «يجب على قوات الأمن الإفراج عن رئيس الوزراء «حمدوك» وغيره من الزعماء المدنيين وستتم محاسبة من لا يحترمون حق الاحتجاج دون خوف من العنف».

ودعا رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقى «موسى فقى محمد»، إلى إجراء مشاورات فورية فى السودان.

كما دعا إلى «الاستئناف الفورى» للمشاورات بين المدنيين والفرق العسكرية فى السودان فى إطار الإعلان السياسى والمرسوم الدستورى.

وأكد أن الحوار والتوافق هما السبيل الوحيد المناسب لإنقاذ البلاد وتحولها الديمقراطى، كما دعا إلى الاحترام التام الضرورى لحقوق الإنسان.

وقد شدد الأمين العام لجامعة الدول العربية «أحمد أبو الغيط»، على ضرورة احترام جميع المقررات والاتفاقات التى تم التوافق عليها بشأن الفترة الانتقالية وصولًا إلى عقد الانتخابات فى مواعيدها المقررة، والامتناع عن أى إجراءات من شأنها تعطيل الفترة الانتقالية أو هز الاستقرار فى السودان. كما طالبت البعثة الأممية جميعَ الأطراف السودانية بالعودة فورًا إلى الحوار والمشاركة بحُسن نية لاستعادة النظام الدستورى.

من جانبها قالت منظمة التعاون الإسلامى إنها تتابع تطورات الوضع فى السودان وتدعو جميع الأطراف إلى الالتزام بالوثيقة الدستورية.

وأضافت فى بيان، إن «الحوار هو السبيل لتجاوز الخلافات تغليبًا للمصلحة العليا للشعب السودانى ولتحقيق تطلعاته فى الأمن والاستقرار».

عربيًا؛ أكدت مصرُ على أهمية تحقيق الاستقرار والأمن للشعب السودانى والحفاظ على مقدراته والتعامل مع التحديات الراهنة بالشكل الذى يضمن سلامة هذا البلد الشقيق.

كما شددت على أن أمن واستقرار السودان جزءٌ لا يتجزّأ من أمن واستقرار مصر والمنطقة. ودعت كل الأطراف السودانية الشقيقة، فى إطار المسئولية وضبط النفس؛ لتغليب المصلحة العليا للوطن والتوافق الوطنى.

كما دعت الخارجية السعودية إلى أهمية ضبط النفس والتهدئة وعدم التصعيد، والحفاظ على كل ما تحقق من مكتسبات سياسية واقتصادية وكل ما يهدف إلى حماية وحدة الصف بين جميع المكونات السياسية فى السودان الشقيق.

وأكدت المملكة استمرار وقوفها إلى جانب الشعب السودانى الشقيق ودعمها لكل ما يحقق الأمن والاستقرار والنماء والازدهار للسودان وشعبه الشقيق.

وفى بيان لها، أكدت الخارجية الإماراتية حرصَها على الاستقرار وبأسرع وقت ممكن، وبما يحقق مصلحة وطموحات الشعب السودانى فى التنمية والازدهار.

وشددت على: «ضرورة الحفاظ على ما تحقق من مكتسبات سياسية واقتصادية وكل ما يهدف إلى حماية سيادة ووحدة السودان»، مؤكدة وقوفها إلى جانب الشعب السودانى الشقيق.

ودعا الأردن جميع أطراف السودان إلى احتواء الأوضاع وتغليب المصلحة الوطنية، كما شددت الكويت على ضرورة ضبط النفس والتهدئة وتجنب التصعيد.

> سيناريوهات مستقبلية

رأى محللون أن النظام الجديد سيواجه تحديات داخلية وخارجية ؛ أولها أن الملايين التى خرجت فى 21 أكتوبر الحالى نصرة للانتقال المدنى، يمكن أن تعود للشارع من جديد، مع بدء الآلاف منهم فى التظاهر بالخرطوم ومدنها الثلاث، وفى الأحياء والمدن السودانية الأخرى. يأتى هذا مع إعلان قوات الأمن والجيش أنها ستفعّل قانون الطوارئ، ما يعنى توقعات بصدامات دموية.

رئيس منظمة «دعم إفريقيا» فى واشنطن «ميلفين فوتر»، قال إن الولايات المتحدة تشعر حاليًا بالإحباط جرّاء التطورات الأخيرة فى السودان.

ورأى أن حل الحكومة ليس أخبارًا طيبة للولايات المتحدة؛ حيث استثمرت واشنطن فى انتقال السُّلطة إلى حكومة وحدة وطنية.

وأضاف: إن الولايات المتحدة لا تدرك تأثير الانقسامات على عمل الحكومة السودانية؛ لا سيما أنه ليست لديها سياسة قوية حيال إفريقيا، إلا أنها ترغب فى حكومة تمتثل لمَطالب الشعب وتمثل المرأة والشباب وجميع الأطياف، وهو الأمرُ الذى دعمته واشنطن.

ورأى «فوتر» أن الحل فى يد الشعب السودانى، ولكن يمكن لواشنطن أن تعزز وتسهل الحوار ولعب دور الوساطة، وليس اتخاذ القرار نيابة عن الشعب السودانى.

وقال الدكتور «الرشيد محمد إبراهيم»، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم، إنه غير قلق على التحول الديمقراطى فى السودان؛ وذلك لمجموعة من المعطيات والمؤشرات، منها: «أن الأطراف المتصارعة الآن بكل أطيافها متفقة على ضرورة استمرار الانتقال السياسى والمسار الديمقراطى، بالتالى إذا كان هناك تأكيد من جانب أطراف الصراع على ضرورة الحفاظ على المسار الديمقراطى فسيبقى الخلاف فى الكيفية فقط».>