السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

سوء استخدام التكنولوجيا الحديثة يوقع الضحايا فرائس سهلة فى شباك المبتزين الابتزاز الإلكترونى جريمة أفرزتها وسائل التواصل الاجتماعى

فتاة جامعية فى عامها الواحد والعشرين، جمعتها علاقة عاطفية بريئة مع لاعب كرة قدم فى نادٍِ شهير، إلا أنها لم تكن تدرك أنها وقعت فى براثن شيطان يرتدى مسوح الحملان، إذ بدأ فى ابتزازها بصور خاصة حصل عليها فى غفلة منها من هاتفها المحمول، مهددًا إياها بفضحها إذا لم ترسل إليه صورًا عارية لها.



رفضت الفتاة الخضوع لطلباته، لكن كل محاولاتها وتوسلاتها لإقناعه بالتوقف عن ابتزازها باءت بالفشل، مما أصابها بيأس شديد وخوف مريع من تبعات فضحها، وفى لحظات يأس سوداء قفزت من الطابق العاشر لتضع نهاية مأساوية لحياتها.

هذه الواقعة التى شهدتها مصر الأسبوع الماضى، لم تكن سوى حالة من مئات الحالات المتنوعة التى وقعت ضحية للابتزاز الإلكترونى،  تلك الجرائم المستحدثة نتيجة للثورة التكنولوجية المتسارعة التى يستغلها البعض أسوأ استغلال.

«روزاليوسف» ترصد فى السطور التالية هذه الظاهرة التى استغل فيها المجرمون التكنولوجيا الحديثة لتنفيذ جرائهم، من خلال تهديد ضحاياهم بالصور أو بعض مقاطع الفيديو أو تسريب معلومات سرية تخص الضحية، مقابل دفع مبالغ مالية أو استغلال الضحية للقيام بأعمال غير مشروعة. 

وعادة ما يتم تصيد الضحايا عن طريق البريد الإلكتروني أو وسائل التواصل الاجتماعى كـ«الفيس بوك» و«تويتر» و«إنستجرام»  وغيرها من «وسائل التواصل الإجتماعى» وسائل التواصل الاجتماعي نظرًا لانتشارها الواسع واستخدامها الكبير من قبل جميع فئات المجتمع.

وفيما يلى التفاصيل:

 زوج بلا نخوة

جرائم الابتزاز لا  تنحصر فقط على الأشخاص الغرباء بل قد يرتكبها أقرب الأقربين للضحية، حينما يتجرد الجانى من كل معانى الإنسانية والنخوة، فيتحول الزوج إلى خنجر فى ظهر زوجته خصوصًا إذا كان هذا بدافع الانتقام، ومن هذه النماذج ما تعرضت له ربة منزل تبلغ من العمر 26 عامًا على يد طليقها الذى هددها بنشر صور حميمية لهما أثناء فترة الزواج، ما لم تتنازل عن حقوقها كافة وعن الدعاوى القضائية المرفوعة ضده، فلك تجد الزوجة مفرًا سوى إبلاغ الشرطة بتهديدات طليقها وقدمت رسائل الابتزاز المرسلة لها عبر «الوتساب» مصحوبة بوابل من السباب والشتائم، لتسجل قضية برقم 48 أحوال قسم ثان الزقازيق.

 ابتزاز مالى

من الابتزاز الزوجى إلى الابتزاز المالى، إذ يتصيد المبتزون ضحاياهم بعناية شديدة مستغلين خوف الضحية من الفضيحة، خصوصًا إذا كانت الضحية من الشخصيات المرموقة اجتماعيًا، أو من الفتيات أو النساء اللاتى وقعن فى لحظات ضعف ضحية لبعض الأشخاص، ومن هذه الحالات الفتاة «ى. أ» التى بالكاد تخطت مرحلة المراهقة، حيث أنشأ المبتز حسابًا على «فيسبوك»، وأرسل على الماسنجر صورًا وفيديوهات لتلك الفتاة مهددًا إياها بتشرها ما لم تدفع له مبلغًا من المال، مما اضطر الضحية لدفع 16 ألف جنيه للمبتز مقابل عدم نشر تلك الصور والفيديوهات، إلا أن المبتز عاود الكرة مرة أخرى من أجل إجبار الفتاة على تصوير مشاهد فاضحة، وعندما رفضت نشر الصور والفيديوهات، فتقدمت الفتاة ببلاغ إلى مباحث الإنترنت، حيث تلقى اللواء الدكتور على حسنى مدير الإدارة العامة لمباحث الإنترنت وتكنولوجيا المعلومات إخطارًا من العميد دكتور محمود مدين، مدير الإدارة العامة لمباحث الإنترنت وتكنولوجيا المعلومات لمنطقة شرق الدلتا التى حملت رقم 7147 لسنة 2021. 

وكشفت التحريات أن المتهم استغل صغر سن الطالبة وأوهمها بأنه يريد الارتباط بها وحصل على صور خاصة من تليفونها المحمول ثم ابتزها وتهديدها. 

 طبيب بلا ضمير

قاد الحظ العاثر شابًا يعانى البطالة والفقر ليقع فريسة لطبيب أسنان أوهمه بقدرته على تدبير عمل له فى إحدى الدول الأوروبية براتب جيد، وبعد أن أحكم الطبيب حيلته، راود الشاب عن نفسه طالبًا منه ممارسة الفحشاء معه بعد أن أوهمه بانتهاء إجراءات سفره، بل وأعطاه مبلغًا من المال ليرتب أوضاعه المالية المنهارة، سقط الشباب فى شباك الطبيب الشاذ واستجاب لطلبه إلا أنه اكتشف وهم مشروع السفر والعمل فى أوروبا، فابتعد عنه رافضًا الاستمرار فى ممارسة الفحشاء.

وعندما وجد الطبيب أن الشاب لن يرضخ له أرسل إليه عبر تطبيق «واتساب» مقطعى فيديو وهو فى أوضاع مخلة صورها له داخل عيادته، مهددًا إياه بفضحه عبر مواقع التواصل ما لم يعد لممارسة الفحشاء.

ولم ينقذ هذا الشاب من فجور الطبيب سوى انتشار فضائحه وتحرشه بعدد من المرضى المترددين عليه، ومن ثم القبض عليه، والحكم بحبسه 16 عامًا.

 دوافع الابتزاز

تقول إخصائية علم النفس، نعمة فاروق: إن عملية الابتزاز تعد أحد أشكال التلاعب النفسى يقوم خلالها المبتز باستخدام أساليب مختلفة من التهديد سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، والعقاب فى حالة عدم حصوله على ما يرغب مستغلًا بذلك نقاط ضعف ضحاياه. وتضيف: إن هناك عدة دوافع تسهم فى تكوين شخصية المبتز أبرزها الدوافع التربوية والأسرية والتى تتمثل فى التنشئة الاجتماعية غير المستقرة والتفكك الأسرى الذى نشأت فيه شخصية المبتز والتى أثرت عليه نفسيا بالسلب وجعلته يعانى من انعدام الثقة بالنفس محاولا تعويض ذلك بفرض سيطرته على الآخرين من خلال تهديدهم وابتزازهم. وتواصل: هناك أيضًا الدوافع النفسية والانتقامية التى تتمثل فى أن المبتز يعانى أحد الاضطرابات النفسية والسلوكية جعلته يتلذذ بأذية المجنى عليه والاستمتاع بتوسلاته فى سبيل عدم إفشاء أسراره، ورغبته فى تعميق الإحساس بالضعف وقلة الحيلة والذنب لدى الضحية فلا تجد مفرًا من الامتثال لمطالبه.

 تشريعات وعقوبات

من جهته يقول المحامى أبانوب توفيق ثابت: إن المشرع المصرى سن العديد من التشريعات لردع مثل هذه الجرائم منها قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم ١٧٥ لسنة ٢٠١٨ الذى ينص فى المادة 25 على أن «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه، ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من اعتدى على أى من المبادئ أو القيم الأسرية فى المجتمع المصرى، أو انتهك حرمة الحياة الخاصة أو أرسل بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية لشخص معين دون موافقته، أو منح بيانات شخصية إلى نظام أو موقع إلكترونى لترويج السلع أو الخدمات دون موافقته، أو نشر عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات معلومات أو أخبارًا أو صورًا وما فى حكمها، تنتهك خصوصية أى شخص دون رضاه، سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة أو غير صحيحة». 

ويضيف: أن المادة 26 من ذات القانون نصت على العقوبة بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز ثلاثمائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعمد استعمال برنامج معلوماتى أو تقنية معلوماتية فى معالجة معطيات شخصية للغير لربطها بمحتوى منافٍ للآداب العامة، أو لإظهارها بطريقة من شأنها المساس باعتباره أو شرفه.

وأشار إلى تخصيص الجهات الرسمية لبعض طرق التبليغ عن الجرائم الإلكترونية التى تتمثل فى الخط الساخن 108 المخصص لجرائم الابتزاز، حيث إنه يمكن للضحية الاتصال من الخط الأرضى، أو التواصل من خلال المحمول، بالإضافة إلى إمكانية التوجه إلى أقرب مقر شرطة، ومن ثم تقديم الأدلة ما يسهل سرعة القبض على المبتز، كما يمكن إبلاغ الإدارة الخاصة بمكافحة جميع جرائم الحاسبات الموجودة بالمقر الخاص بوزارة الداخلية.

وأوضح، أنه يمكن إرسال بلاغ إلى الإدارة الخاصة بـ«فيسبوك» وفور التأكد من صحة البلاغ يقوم الموقع بحذف الحساب الخاص بالمبتز.

 دور الأسرة

ويؤكد المحامى أبانوب توفيق ثابت، على دور الأسرة الرئيسى فى تجنب وقوع أبنائها ضحايا للابتزاز، فلا بد أن يكون أولياء الأمور على علم بما يفعله أبناؤهم على مواقع التواصل ومع من يتواصلون وعدم الخوف من مصارحتهم فى حالة التعرض لأى شكل من أشكال الابتزاز الإلكترونى.