الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
من فضلك..  «نقّطنا بسُكاتك»

من فضلك.. «نقّطنا بسُكاتك»

عندما أعلنت الفنانة إلهام شاهين التبرع بأعضاء جسدها، لم أكن أتصور قَط أنه ما زال هناك من يسمح لنفسه بالحُكم على نوايانا من عدمها.. أتحدث هنا عن أحد رجال الدين حينما قال: إن من يفعلون ذلك نيتهم ليست خالصة وهدفهم الوحيد تحقيق تريندات وهمية، ثم عاد وطالب من يعلن تبرعه بأعضاء جسده بأن يتقى الله لأن الجسد بجميع أعضائه مِلْكٌ لرب العالمين ولا يصح التصرف فى عضو منه كما قال فريق من علماء، وهو الرأى الذى يراه من وجهة نظره أنه الأصح عنده عن آراء أخرى يرون جوازه تحت ضوابط لا محل لنقاشها كما يرى، وتغافل سيادته أن الدين خُلق لإسعاد البشر وتنظيم حياتهم لا تعاستهم، وأن العلماء الذين يبيحون التبرع بضوابط معينة هم أيضًا من رجال الدين، ولكن نظرتهم للحياة تتسم بالرحمة والإنسانية، فالتبرع بالنسبة لهم يُعد عملًا إنسانيًا كريمًا يُسهم فى إنقاذ حياة مريض ويحمى الأعضاء من الفناء فى المقبرة، اتباعًا لقوله تعالى: «وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا»، شريطة أن يتم التأكد طبيًا من موت المتبرع، حتى لا يتحول الأمر فى النهاية إلى تجارة مستنكرة يمارسها البعض من معدومى الذمم والضمير، وهى بالمناسبة تجارة رائجة وموجودة على أرض الواقع فى مصر وفى غيرها من دول العالم.



الأمر الثانى الذى تناساه أيضًا أن دار الإفتاء المصرية وهى أيضًا مؤسّسة دينية لها قدرها وقيمتها لدى كل المصريين، أجازت التبرع بالأعضاء بعد الوفاة، وقالت: إنه جائز شرعًا، مؤكدة أنه من الوسائل الطبية التى ثبت جدواها فى العلاج والدواء والشفاء؛ للمحافظة على النفس والذات، سواء من إنسان حى لمثله، أو من إنسان ميت تحقق موته إلى إنسان حى،  إذا لم توجد وسيلة أخرى للعلاج تمنع هلاك الإنسان، وقرر أهل الخبرة من الأطباء العدول أن هذه الوسيلة تحقق النفع المؤكد للآخذ، ولا تؤدى إلى ضرر بالمأخوذ منه ولا تؤثر على صحته وحياته وعمله فى الحال أو المال، وهو الأمر ذاته الذى أكده أعضاء مجمع البحوث الإسلامية فى سنة 2009؛ حين جرى الاتفاق على جواز نقل الأعضاء من الإنسان «الذى يثبت موته موتًا حقيقيًا يقينيًا طبيًا وشرعيًا»، وأن يقر ذلك ثلاثة من كبار الإخصائيين بالإجماع على أن يكون التبرع من دون مقابل مادى، وهى الفتاوى والآراء التى لا يراها هو أو غيره، مثلما لا يرى أو يعلم أن هناك قانونًا قد صدر فى مصر عام 2010 وصدرت لائحته التنفيذية عام 2017 ينظم زرع ونقل الأعضاء ولكنه لم يُفَعَّل بَعد، وهذا ما جعل الدكتور أشرف حاتم رئيس لجنة الصحة بالبرلمان يقول فى أحد البرامج عقب الهجوم على الفنانة إلهام شاهين إنه سيتم قريبًا تطبيق قانون التبرع بالأعضاء، وسيتم العمل مع الحكومة لإجراء أى تعديلات يحتاجها قانون 2010. موضحًا أنه يوجد بعض المواد البسيطة بالقانون تحتاج التوضيح أمام المشرع حتى لا تحدث أزمة أثناء التنفيذ، ولذلك تمّت مخاطبة الحكومة لإزالة كل المعوقات من أجل قانون التبرع بالأعضاء. مشيرًا إلى أن كل القوانين فى الدول الإسلامية تجيز التبرع بالأعضاء؛ خصوصًا أنه لا توجد أى مؤسّسة فى الدولة تعترض على القانون. مؤكدًا أن بعض المواد فى قانون زراعة الأعضاء يجب أن تكون واضحة من أجل نقل الأعضاء من المتوفى، ومن الممكن نقل القلب أو الرئة أو القرنية أو الكلى من شخص متوفى لإنقاذ حياة شخص آخر .

جُل هذا وذاك لم يره هذا الشيخ أو يسمع عنه سواء بقصد أو من دون، ولم ير سوى جواز التبرع بالمال أو بالذهب أو الفضة والشقق للمرضى والفقراء والمساكين فى حياتهم وقبل مماتهم، طالما يحبون الخير للبشرية، وهو التبرع المحمود الذى يراه من وجهة نظره، لا الوهمى الذى يحقق التريند إن صح التعبير كما نراه نحن.

وعندما تصل الأمور إلى هذا المنعطف لا أعلق سوى بكلمتين لا ثالث لهما: (نَقّطنا بِسُكَاتك).