الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
كدهوّن! جروب الماميز كمان وكمان

كدهوّن! جروب الماميز كمان وكمان

استشعرتُ القلق مع عودة المدارس مرة أخرى واضطرارى للمشاركة فى جروب الماميز كأب سيجنال متطفل (من وجهة نظرهن) على عالم الأمهات ومقيد لحريتهن فى مجتمع شرقى لا يسمح بالاختلاط بين الجنسين داخل جروب واحد حتى ولو كان لمتابعة شئون الدراسة وكِدَهُوَّن، إلا أنى اكتشفتُ بعد تجربتى معهن العام الماضى أن جروب الماميز بالنسبة لهن هو مملكة الأمهات (وليس المطبخ كما أكدت لى جدتى قبل ذلك) فإنهن يجدن فيه متنفسًا لهن ومساحة حرة لممارسة حقهن فى السخرية والتهكم وأحيانًا التنمر من دون رقباء، وتلك هى المشكلة الحقيقية؛ لأن مجرد وجودى كرجل بينهن يذكرهن بالغرض الأساسى من إنشاء الجروب وهو متابعة ما يستجد من تعليمات وقرارات مدرسة وتبادل المعلومات بين الطلبة وأولياء الأمور وليس جروب لبرنامج الستات ما يعرفوش يكذبوا وكِدَهُوَّن.



 

قررت ألا أكرر أخطاء الماضى وأن أستفيد من تجربتى الفاشلة العام الماضى وأن أبدأ بداية جديدة تمامًا مع الجروب الجديد تتيح لى أن أتفاعل بشكل إيجابى كأحد الأعضاء المؤسّسين للجروب له نفس الحقوق والواجبات وليس مجرد أقلية غير مرغوب فيها وكِدَهُوَّن، فوضعت صورة بناتى على البروفايل الخاص بى للتمويه أولاً ولإثارة تعاطفهن ثانيًا ودعوت الله العلى العظيم أن يكون وجودى خفيفًا عليهن وألا يعكر صفو مزاحهن وألا يشتت جمعهن؛ بل قررت أن أشاركهن أيضًا مزاحهن الساذج (كأعضاء أسرة واحدة) حتى لو اضطررت لافتعال الضحكات عن النكت العتيقة التى يتبادلونها من دون مناسبة من وقت لآخر كنوع من المرح غير المفهوم وكِدَهُوَّن، وكما يقول كتالوج جروب الماميز افتتحت إحدى الأمهات المبتهجات من دون سبب واضح أول أيام وليالى الجروب بجملتهن الخالدة: صباح الخير يا بنات صباح الفل ياحلوات (أول طعن لرجولتى) ولكنى قررت أن أتماسك وأتغاضى عن تلك الصغائر حتى أكسب ودّهن هذا العام من أجل مصلحة بناتى ومستقبلهن الدراسى وكِدَهُوَّن، توالت التهانى بالعام الدراسى والأمنيات المتكررة من عام لآخر (وهن على يقين أنها غير صالحة للتنفيذ على أرض الواقع) ثم بدأت فقرة تبادُل الشكاوى الضاحكة (من وجهة نظرهن) من سلوك أطفالهن أول يوم وكيف تغلبن على مَشاعر الأمومة وتركن أطفالهن بمفردهم فى طابور الصباح وقلبهن يتمزق (مش فاهم ليه) ولكنى فضلت مواصلة الصمت والمتابعة من على بُعد من خلف جهاز الكمبيوتر حتى تهدأ عاصفة البدايات هذه ويعلو صوت العقل حتى أتمكن من الإعلان أن وجودى كعضو صالح بينهن، وكِدَهُوَّن، إلا أن تلك المَشاعر الجياشة بينهن استمرت بدون مَلل أو كلل وكأنهن يعوضن صمتهن أثناء فترة الإجازة المَدرسية فتبرعت إحداهن بشرح طريقة سهلة وبسيطة عمل الفراخ البانيه فى الصباح الباكر حتى يتمكن من وضعها لأطفالهن داخل حقيبتهم التعليمة وهى ما زالت ساخنة (الفراخ البانيه مش الحقيبة التعليمة) وقبل أن أنفعل وتثور على مكونات تلك الوجبة الدسمة وغير المناسبة لإفطار الأطفال ظهرت الأمّ ذات العقل الرشيد والفكر السديد التى ستضع خطة العمل وتحدد الأولويات بدلًا من إضاعة الوقت فى استعراض طبق اليوم وكِدَهُوَّن، وقالت: يلا يا بنات (حتى انت ياعاقلة بتقولى يابنات) كل واحدة فيكن تعرف نفسها وتقول اسم ابنها أو بنتها علشان نقدر نتعامل بشكل أسهل ونعرف بعض أكتر وكِدَهُوَّن، وما أن انتهت من كلمتها هذه حتى انهالت أسماء الأمهات وأبنائهن وكأنهن فى برنامج أوائل الطلبة ولم يبقَ غيرى أنا فقط الذى يقدم نفسه لأعضاء لجنة التحكيم الافتراضية ولم يذكر اسم بناته، خاصة بعد أن كتبت الأم التى كنت أعتقد خطأ أنها تتمتع بعقل رشيد وفكر سديد فقالت؛ مش فاضل غير أمّ البنتين الحلوين دول إللى موجودين على البروفايل بتاعها (يعنى كمان مكسلة تقرأ اسمى)، وهنا استشعرت الحرج وغبت عن الوعى للحظات ولكنى استجمعت شجاعتى تدريجيًا وقلت بصوت مهزوز: أنا مش أم الطفلتين الحلوين دول ولكن أبوهم (قاومت إحساسى بأنى الآنسة حنفى) وكِدَهُوَّن، هدأت العاصفة وساد صمت رهيب ينذر بشر قادم، فقررت أن أطرق الحديد وهو ساخن فاستكملت حديثى قائلا: أنا أب سينجل ومحتاج لمساعدتكن جميعًا لتعويض البنتين غياب أمهما (ابتذال عاطفى لا بُد منه) ويسعدنى وجودى بينكن فى الجروب وياريت نغير اسمه لأنه مستفز أوى للرجالة.. وأطلقت ضحكة سمجة فى الفضاء الإلكترونى ولم تُشاركنى أى واحدة منهن ضحكتى أو حتى ردت التحية وكِدَهُوَّن، استمر الصمت المريب من دون أى تعليق أو حتى اعتراض ورفض مما جعلنى أشعر بالندم على تسرُّعى فى الإعلان عن وجودى بينهن بهذه الطريقة الصادمة، فقد كان يجب أن أمهّد لهن الصدمة التى أصابتهن فى مقتل حتى إنى تخوفت من أنهن تركن لى الجروب أعبث به بمفردى وأنشأن جروب آخر من دونى وكِدَهُوَّن، حتى ظهرت فجأة إحدى الماميز المتنمّرات بلا داعى وقالت بصوت العالمة ببواطن الأمور: على فكرة يا بنات خدوا بالكم كان فيه راجل العام الماضى تحايل بطرُق ملتوية ووضيعة للدخول فى جروبات الماميز للتجسُّس علينا علشان يعرف طريقة تفكيرنا وبعدين يتريق علينا فى جرنال بيكتب فيه مقالات بذيئة وبيضحّك الناس علينا، فانطلقت إحداهن تنعى الأخلاق الحميدة وتلوم على قلة الأصل (تقصدنى أنا طبعًا) وقالت أخرى حديثًا عن الخبث والخبائث (مافهمتش إيه علاقته بالموضوع) وهاتفت أخرى بضرورة طردى من الجروب حتى أكون عظة لكل رجل يحاول أن يسخر من أهمية الجروب ويقلل من شأن المرأة وكفاحها ضد قُوَى الرجعية والتخلف (كده الموضوع بياخد أبعاد أخطر وقد تصل إلى المجلس القومى للمرأة)، وهنا عادت صاحبة العقل الرشيد والفكر السديد فى الوقت المناسب وقالت: إحنا نهدى وبلاش نتسرّع فى اتخاذ أى قرار ممكن يكون ظالم وهو فى النهاية أب وحيد ومسكين بيسعى لمصلحة بناته إللى هما فى نفس الوقت زملاء أولادنا (ربنا يكملك بعقلك)، وفجأة تحوّلت إلى كائن الأشكيف وقالت بغلظة: إحنا نعمل استفتاء بينا وبين بعض وناخذ بأغلبية الأصوات ولو النتيجة كانت تميل لطرده يطرد فورًا وبلا رجعة (الله يهدّك يابعيدة)، وقبل أن أتقدم للدفاع عن موقفى وأنفى أى تهمة بالتهكم عليهن والسخرية منهن وكِدَهُوَّن، هدانى تفكيرى قبل التصويت لأن أدّعى بأنى الدكتور منعم إخصائى أمراض نساء وولادة وبأنى سأقدم خدماتى الطبية لجميع الماميز مجانًا وكِدَهُوَّن، عم الفرح وساد السرور أرجاء المكان وصوتت الماميز بالإجماع بضرورة بقائى معهن داخل الجروب حرصًا على الصالح العام للطلبة وكِدَهُوَّن، فالحرب خدعة.