الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بعد أن حظرت الإنترنت فى التسعينيات صراع «طالبان» وأباطرة «السوشيال ميديا»

صراع مرير تشهده الشركات الرقمية المعروفة مثل «الفيس بوك» و«تويتر» بعد سيطرة حركة طالبان على أفغانستان، وفى حين أثار وصول المسلحين إلى كابول حالة من الذعر الدولى، لجأ مسئولو «طالبان» إلى «تويتر» لتوجيه رسالة تهدئة.



 

صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية قالت إن قدرة طالبان وداعميها تطورت فى التعامل على مواقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك، وتويتر، ويوتيوب، وإنستجرام.. وغيرها»، الأمر الذى جعل هذه المنصات مسرحًا للتيارات السياسية المتقاطعة، فأصبح المحافظون الأمريكيون مثلًا يريدون معرفة السبب وراء حظر شخصية مثل الرئيس ترامب على منصة تويتر، بينما لم يتم حظر العديد من شخصيات طالبان الإرهابية.

وبحسب الصحيفة قال المحللون: إن الإجابة قد تكون ببساطة أن منشورات ترامب لسنوات تحدت قواعد المنصة ضد خطاب الكراهية والتحريض على العنف، فيما أصبحت طالبان اليوم لا تفعل ذلك بشكل عام.

وفى هذا الصدد، تقول ريتا كاتس، المديرة التنفيذية لمجموعة موقع الاستخبارات: «من الواضح أن طالبان تتدخل فيما يتعلق بسياسات محتوى وسائل التواصل الاجتماعى، ولا تتجاوز الخطوط الواضحة للغاية التى تنتهك السياسة التى تجاوزها ترامب»، إلا أنها حذرت بشكل صريح من بقاء طالبان على وسائل التواصل الاجتماعى، لأن موجات الدعاية والرسائل التى تنشرها الحركة - والمسموح بها فى بعض معايير سياسة المحتوى لوسائل التواصل- تغذى حركة إرهابية عالمية متشددة خطيرة.

 تويتر

أثار تمكّن «طالبان» من استخدام «تويتر» استياءً، خصوصًا بين أنصار الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترمب الذى حُظر من الشبكة الاجتماعية فى يناير بسبب «خطر التحريض على العنف» بعد أحداث اقتحام مبنى الكونجرس.

وبعث النائب الأمريكى عن الحزب الجمهورى دوغ لامبورن برسالة إلى المدير التنفيذى لـ«تويتر» جاك دورسى، قائلًا: «أنتظر بفارغ الصبر ردًا سريعًا حول أسباب حظر رئيس أمريكى سابق فيما يُسمح لناطقين باسم طالبان باستخدام» الموقع. 

فى حين يشعر لامبورن وآخرون بالسخط لأن «تويتر» يوفّر لـ«طالبان» منبرًا لتقديم نفسها على أنها شرعية، يقول آخرون: إن قطعها عن كل وسائل التواصل يتعارض مع المصلحة العامة فى وقت يريد الأفغان بشدة معرفة ما يمكن توقعه من قادتهم الجدد.

ولم يرغب «تويتر» فى التعليق ردًا على استفسارات «فرانس برس».

 الفيسبوك

وأكد «فيسبوك» الذى يملك تطبيق «واتساب»، أنه يعتبر طالبان «منظمة إرهابية» منذ سنوات، وبالتالى حظر حساباتها على منصته وكذلك على «إنستجرام» الذى يملكه أيضًا. 

وأوضح ناطق باسم «فيسبوك» للوكالة، أن «طالبان تصنَّف كمنظمة إرهابية بموجب القانون الأمريكى وقد حظرناها من خدماتنا بموجب سياسات المنظمات الخطرة لدينا. وهذا يعنى أننا نُزيل الحسابات التى تديرها طالبان والمرتبطة بها والداعمة لها». 

هذا الأمر دفع ذبيح الله مجاهد إلى الرد بحدّة عندما سُئل عما إذا كانت «طالبان» ستحمى حرية التعبير، قائلًا: «يجب طرح هذا السؤال على فيسبوك».

 يوتيوب

أعلن موقع «يوتيوب» التابع لشركة «جوجل»، أنه سيزيل المحتوى المؤيد لحركة «طالبان». 

جمعيات حقوق الإنسان تحذر من الانتقام

عبرت جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان عن قلقها من أن حركة طالبان قد تستخدم المنصات الإلكترونية لتعقب تاريخ الأفغان الرقمى أو روابطهم الاجتماعية.

وقالت منظمة العفو الدولية: إن آلاف الأفغان، وبينهم أكاديميون وصحفيون ومدافعون عن حقوق الإنسان، معرضون بشدة لخطر انتقام طالبان.

كما حثت القائدة السابقة لفريق كرة القدم النسائية الأفغانى اللاعبات على حذف حساباتهن على وسائل التواصل ومحو هوياتهن العامة.

من جانبها، قالت تويتر إنها على اتصال مع شركاء المجتمع المدنى لتقديم الدعم للمجموعات على الأرض، مثل نشطاء حقوق الإنسان والصحفيين في أفغانستان، وإنها تعمل مع أرشيف الإنترنت لتسريع الطلبات المباشرة بإزالة التغريدات المخزنة.

وأضافت: إنه إذا لم يتمكن الأفراد من الوصول لحسابات تحوى معلومات يمكن أن تعرضهم للخطر، مثل الرسائل المباشرة أو المتابعين، فإن الشركة قد توقف مؤقتًا هذه الحسابات لحين استعادة المستخدمين القدرة على الدخول عليها وحذف محتواها. وأوضحت أنها تراقب بنشاط الحسابات التابعة للمنظمات الحكومية وقد تعلقها مؤقتًا انتظارًا لمعلومات إضافية لتأكيد الهوية.

 تكتيك جديد

تحاول حركة طالبان تحويل مواقع التواصل الاجتماعى والإنترنت إلى «أداة للسيطرة»، وهو ما يعد مؤشرًا على تغييرٍ فى تكتيكات الحركة ربما يُفسر سيطرتها السريعة على البلاد من دون الاعتماد على قوة السلاح التقليدى، بحسب صحيفة «نيويورك تايمز».

وقالت الصحيفة الأمريكية إن حركة طالبان التى حظرت الإنترنت فى التسعينيات فى المرة الأولى التى سيطرت فيها على البلاد، تعمد فى الوقت الراهن إلى استغلال «التكنولوجيا لتعزيز قوتها»، وتحوّل مواقع التواصل الاجتماعى إلى «أداة قوية لترويض المعارضة وبث رسائلها».

وأضافت: إن الحركة تحكم سيطرتها الآن على البلاد وتستخدم الآلاف من حسابات تويتر، بعضها رسمى وبعضها الآخر مجهول، «لاسترضاء» سكان المناطق الحضرية الذين يبدون تخوّفهم من الحركة، وفى الوقت نفسه أصبحت عناصرها ملمة بأمور التكنولوجيا على نحو متزايد.

وأشارت الصحيفة إلى أن الصور التى تنشرها الحركة عن «شيوع السلام والاستقرار فى البلاد» تتناقض بشكل حاد مع المشاهد التى تم بثها حول العالم لـ«إجلاء أمريكى فوضوى» من مطار كابول أو لقطات لمتظاهرين يتعرّضون للضرب وإطلاق النار، ولكنها «تقدم لمحة عن كيفية استخدام عناصر طالبان لتلك الأدوات لحكم أفغانستان، حتى وهم يتشبثون بمعتقداتهم الدينية الأصولية وميولهم العنيفة».

ورجحت الصحيفة أن تكون حملات الحركة على مواقع التواصل الاجتماعى فى الأسابيع الأخيرة ساعدتها فى تشجيع قوات الأمن الأفغانية على إلقاء أسلحتها، معتبرة أن طالبان أظهرت «قدرتها على الترويج لرسالتها بشكل فعال».

ونقلت الصحيفة عن توماس جونسون، الأستاذ فى كلية الدراسات العليا البحرية فى مونتيرى بكاليفورنيا قوله، «لقد أدركوا أنه للفوز بالحرب، كان لا بد من القيام بذلك من خلال الروايات والقصص». 

وأضاف جونسون: «فى المناطق الحضرية يمتلك جميع الأفغان هواتف ذكية، وأعتقد أن هذا الأمر سيكون مفيدًا للغاية، سوف يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي ليبلغوا الشعب الأفغانى بما يحتاجون إليه».

ووفقًا للصحيفة، واصلت طالبان اعتمادها على مواقع التواصل الاجتماعى لكسب التأييد، وردت على تقارير اتهمت عناصرها من «المجاهدين المنتصرين» بارتكاب عمليات قمع وقتل انتقامى، برسائل تؤكد الرغبة فى «السلام والوحدة». 

فى المقابل، تصوّر طالبان الأمريكيين وغيرهم من الأجانب أنهم السبب الرئيسى فى سنوات الصراع، وهى فكرة أكدوها باستخدام الصور المروعة التى انتشرت خلال الأسبوع الماضى من مطار كابول.

ومع تداول لقطات تجسّد معاناة اللاجئين اليائسين الذين يتشبثون بالطائرات، نشر أحد أشهر مؤيدى طالبان، وهو قارى  سعيد خوستى، رسالة على تويتر قال فيها: «بكيت بشدة لرؤية وضعكم هذا، بكينا من أجلكم يا أصدقاء الاحتلال 20 عامًا، لقد قلنا إن الرئيس أشرف غنى لن يكون مخلصًا لكم أبدًا.. لقد صفحنا عنكم.. من فضلكم عودوا إلى دياركم».

من جانبه، اعتبر بنجامين جنسن، الباحث فى «المجلس الأطلسى» وهو مؤسسة بحثية أمريكية، مقرها واشنطن، أن «طالبان لا تحتاج إلى نشر محتوى لتذكير السكان بأنهم متوحشون.. السكان يعرفون ذلك، ما كانوا بحاجة إليه هو الصور التى تُظهر أنهم قادرون على حكم البلاد ولمّ شملها».

ووفقا لنيويورك تايمز، تمكنت طالبان من نشر الكثير مما تريده عبر الإنترنت. وحتى مع استمرار الحظر على منصات التواصل الاجتماعى الرئيسية مثل فيسبوك ويوتيوب، ظهرت عشرات الحسابات الجديدة، وتركزت جهود المتشددين على تويتر حيث لا تُمنع حركة طالبان بشكل مباشر.

وتقول الصحيفة إن طالبان سارعت إلى النظر للإنترنت على أنه أداة جديدة للدعاية وامتداد للرسائل المكتوبة ومحطات الإذاعة التابعة لها.

ولكسب قبول خارجى فى الأسابيع الأخيرة، نشر قادة طالبان رسائل باللغة الإنجليزية، وبثوا أحداثًا صحفية على الهواء، كما ينشر موقعهم الرسمى المسمى «الإمارة» باللغات الإنجليزية والباشتو والدارية والأردية والعربية.

ولفتت الصحيفة إلى أن تلك الرسائل التى كانت عبارة عن مزيج من عروض عفو وترهيب، كانت مصممة «لخلق شعور بالنصر الحتمى، وساعدت فى تسريع عملية الإكراه والإقناع» التى أدت إلى سقوط العديد من المدن دون قتال.

التكنولوجيا دائمًا «سلاح ذو حدين»، ومن الممكن، بحسب الصحيفة، استهداف طالبان بالتكتيكات نفسها التى استخدمتها لتعزيز قوتها، على غرار حركات «الربيع العربى» وغيرها، التى استخدمت التواصل الاجتماعى للتنظيم والتجمع.

وتوقعت أن تساعد شبكات الاتصالات الجديدة التى تربط أفغانستان ببقية العالم معارضى طالبان على فضح أى فظائع وحشد الدعم للمقاومة.

وأشارت إلى أن هاشتاجات مثل #DonotChangeNationalFlag (لاتغيّروا العلم الوطنى)، قوبلت بمزيج من الدعم الداخلى والخارجى.

لكن «نيويورك تايمز» توقعت أن تعمل طالبان على حجب الرسائل من الخارج، كما تفعل الصين وروسيا، دون مساعدة خارجية، لافتة إلى أنها تُغرق مواقع التواصل الاجتماعى برسائلها الخاصة.