عشرات المرات الرئيس يحذر من التهام جهود التنمية: الزيادة السكانية تهدد أمننا القومى
نعمات مجدى
عشرات المرّات التى يتحدث فيها الرئيس «عبدالفتاح السيسى» محذرًا من مَخاطر الزيادة السكانية التى تلتهم أى جهود للتنمية الحقيقية كما أنها تستلزم ميزانية ضخمة.. مؤكدًا أن النمو السكانى فوق مستوى طاقة البلد وكاد أن يؤدى لتدمير الدولة فى 2011.. مضيفًا إن الدولة المصرية لم تستطع السيطرة على المرافق، أو الطرُق أو أى مرفق أو قطاع فى ظل الزيادة السكانية، وقضية الوعى أخطر قضية تواجه المجتمعات، فالمجتمع يريد أن يعيش، ولكن مع الزيادة السكانية لن يستطيع، المزاج العام والقيم والمبادئ لأطفالنا تتأثر بالجَوّ العام الذى يعيشون فيه.
بهذه الكلمات حذّر الرئيس «عبدالفتاح السيسى» خلال افتتاحه عددًا من المشروعات السكنية فى مدينة بدر من الزيادة السكانية التى أصبحت تهدد أمننا القومى قائلاً «إن الدولة اقتحمت عددًا من الملفات الهامة لإيجاد حلول لمشكلات متراكمة منذ عقود».. مضيفًا: «كان هناك مشاكل كثيرة متراكمة من قبل، ولكن ربما ظروف الدولة لم تمكنها من اقتحام الملفات بسبب ظروف الحروب وعدم الاستقرار، ولكن التحدى الأكبر هو الزيادة السكانية»..
الزيادة السكانية تحدّ تفوق قدرة الدولة
وشدّد على أن الزيادة السكانية أصبحت تحديًا حينما تفوق قدرة الدولة على توفير الخدمات والمشروعات.. موضحًا إن «مصر فى عام 1900 كان عدد سكانها 9 ملايين، ووصلنا اليوم بعد 120 سنة لـ 102 بزيادة قدرها 11 ضعفًا، وهذا أضاف تحدى كبير على الدولة المصرية، مما يتطلب وقفة حقيقية».
ومن جهته أكّد الدكتور «عاصم الجزار» وزير الإسكان، أنَّ الزيادة السكانية فى مصر 2.5 مليون نسمة وتحتاج 600 ألف وحدة سكنية سنويًا.. لافتًا إلى أنَّه رقم كبير وتوفر الدولة نصيب الأسد فيه مع القطاع الخاص؛ الذى لا يهتم بمستويات إسكان معينة نظرًا لهامشية الربح فيها.
وأوضح «الجزار» أنَّ هناك فجوة فى العجز المتراكم فى الطلب على السكان فى السنوات السابقة حتى عام 2013 تتعدى 2.5 مليون وحدة سكنية، إضافة إلى تطوير وإحلال المناطق العشوائية ومساحة 152 ألف فدان مناطق غير مخططة، وأن ذلك يسبب زيادة الطلب على الوحدات السكنية.
وأشار وزير الإسكان، إلى أنَّه فى الفترة من 1976 حتى عام 2005 تمّ بناء 1.25 مليون وحدة، ومن عام 2005 حتى عام 2014 تمّ بناء 383 ألف وحدة سكنية، وفى آخر 7 سنوات بدءًا من 2014 تمّ تنفيذ 1.5 مليون وحدة سكنية.. مشيرًا إلى أنَّ 5 أضعاف المعدل السابق للبناء.. مشددًا على أنَّ هذه الوحدات تتولى الدولة إنشاءها بشكل مباشر.
الزيادة السكانية تؤثر على المواطن بعدم شعوره بثمار التنمية
وتمثل الزيادة السكانية تأثيرًا كبيرًا على المواطن، وعدم شعوره بثمار التنمية والإنجازات، التى تتم على أرض الواقع، بالإضافة إلى أنها تتسبب فى تدنى الخصائص السكانية مثل الفقر والتسرب من التعليم والبطالة.
وليست الزيادة السكانية فى حد ذاتها مشكلة إذا كان هناك نمو اقتصادى يواكبها، إلى جانب نظام تعليمى وسوق عمل تستوعب الكفاءات الشابة وتدفع بالاقتصاد إلى مزيد من النمو، إذ تفيد مراكز الأبحاث بأن النمو الاقتصادى ينبغى أن يكون ثلاثة أضعاف معدل النمو السكانى كى يكون قادرًا على خَلق الوظائف اللازمة للجيل الجديد، وهو ما لا يمكن تحقيقه على أرض الواقع، فى ظل الزيادة السكانية الرهيبة التى تتجاوز مليونَىْ نسمة سنويًا فى مصر؛ بل حتى الاقتصادات الأكثر تقدمًا فى العالم لا يمكنها استيعاب هذا الكم من المواليد سنويًا.
ورُغم أن البعض يصوّر الزيادة السكانية بأنها قوة بشرية يجب أن تستغلها الدولة؛ فإن الواقع الذى نعيشه يؤكد أنها ليست كذلك، فهى عبارة عن قوَى مستهلكة ومعطلة للتنمية؛ بل إنها تستنزف موارد الدولة، وتلتهم مكاسب التنمية.
عبء كبير على الاقتصاد المصرى
وكما يقول لنا د.«عبدالمنعم السيد» مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيچية؛ فإن الزيادة السكانية تمثل عبئًا كبيرًا على الاقتصاد المصرى؛ حيث إنها تزيد بمعدل يتجاوز 2.6 % سنويًا، بمعنى إن سكان مصر سنويًا يزيدون بمقدار 2.5 مليون مواطن سنويًا.
مضيفًا إن الزيادة السكانية لها آثارها السلبية على الاقتصاد وعلى المواطن ومنها زيادة نفقات الدولة على الخدمات (الصحة والتعليم) وانتشار ظاهرة البَطالة وعدم إحساس المواطن بآثار التنمية الاقتصادية والنمو الاقتصادى، فضلاً عن زيادة الطلب على السلع والخدمات والوحدات السكنية نظرًا لزيادة الأعداد، وزيادة المخصصات العامة والإنفاق على الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة والمواصلات.
واستطرد قائلاً إن مخصصات الدولة للإنفاق على التعليم بلغت 172 مليار جنيه خلال العام المالى 2021 / 2022 والصحة 132 مليار جنيه خلال العام المالى، فضلا عن أن الزيادة السكانية تزيد من معدلات البطالة والفقر لاسيما أن الدولة لا تستطيع توفير فرص العمل المطلوبة والمتزايدة سنويًا؛ حيث إن سوق العمل فى مصر يدخل فيها سنويًا 750 ألفًا إلى 800 ألف من الأيدى العاملة ممن هم فى سن العمل وبالإضافة إلى أعداد البطالة الموجودة سابقًا التى يزيد عددها على 3 ملايين مواطن، وإذا كانت فرصة العمل الواحدة تحتاج إلى 200 ألف جنيه فهذا يعنى أن الدولة تحتاج لاستثمارات محلية أو أجنبية تزيد على 160 مليار جنيه سنويًا.
وسيلة للضغط على خدمات الدولة
وأشار د.«عبدالمنعم» إلى أن زيادة السكان تمثل وسيلة للضغط على خدمات الدولة المختلفة؛ التعليم والصحة ووسائل المواصلات، وبالتالى تظهر ظاهرة تكدس الفصول الدراسية وعدم تقديم خدمات صحية جيدة؛ خصوصًا مع نقص إمكانيات الدولة.
مؤكدًا أن من الآثار السلبية للنمو والزيادة السكانية هو الزحف العمرانى وتآكل الرقعة الزراعية؛ لأن الزيادة المستمرة فى أعداد السكان؛ خصوصًا الزيادة الكبيرة تؤدى إلى اللجوء لاستخدام الأراضى الزراعية كمجمعات سكانية وبشكل عشوائى، وهذا ما حدث فى مصر؛ حيث تآكلت الرقعة الزراعية فى مصر من 9.2 مليون فدان إلى 8 ملايين فدان، أى بتآكل أكثر من مليون فدان فى حين أن الدولة عليها زيادة الرقعة الزراعية لزيادة المنتجات الزراعية لمواجهة الزيادة السكانية.
زيادة معدلات الجريمة من التأثيرات السلبية للزيادة السكانية
وأنهَى كلامَه معنا بأن الزيادة السكانية لها تأثير سلبى أيضًا على المواطنين من حيث زيادة معدلات الجريمة؛ بسبب التزاحم وزيادة أعداد السكان مع زيادة أسعار السلع والخدمات؛ نظرًا لندرة الإنتاج المحلى وزيادة الاستيراد من الخارج وبالتالى ستكون الأسعار مرتفعة وأخيرًا انخفاض نصيب الفرد من عملية النمو والتنمية الاقتصادية وعدم وصول دخل الفرد إلى ما يحقق احتياجاته وبالتالى انخفاض المستوى المعيشى للأسرة؛ نظرًا لأن الزيادة السكانية تؤدى إلى عجز فى الخدمات العامة بكل أنواعها، ولذلك يجب أن يتناسب معدل النمو السكانى مع معدل النمو الاقتصادى حتى تستطيع الدولة توفير كل الخدمات ويشعر المواطن بتحسن الأحوال المعيشية وعلينا التوسع فى حملات التوعية للمواطنين بأهمية تحديد النسّل وأيضًا زيادة أعداد القوافل الطبية؛ خصوصًا فى القرى والنجوع فى ريف وصعيد مصر.
تشكل خطرًا كبيرًا على كل محاولات زيادة معدلات التنمية
بينما ترى «عبلة الهوارى»، عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب: أن الزيادة السكانية تشكل خطرًا كبيرًا على كل محاولات زيادة معدلات التنمية من خلال التهام أى تقدُّم للتنمية. مضيفًا إنه لا بُد من وجود حلول سريعة لوقف هذه الزيادة السكانية؛ لأنه من غير المقبول أن تقوم الدولة بكل هذه الإنجازات التنموية على كل الأصعدة والاتجاهات، وتأتى زيادة السكان لتبدد هذه التنمية.
وأكدت أن مواجهة الزيادة السكانية لا تكون عن طريق مزيد من التشريعات لإجباره على الالتزام؛ خصوصًا لأن التشريعات التى تتعلق بتنظيم النسل تصطدم مع المؤسّسات الدينية؛ بل إن المؤسّسات التى تم توكيل الأمر إليها تأخذ «صفر» على أدائها، بدليل أن المجلس القومى للسكان ووزارة الصحة لم تقدم أى برامج فعالة.
وطالبت بضرورة تكاتف جميع أجهزة الدولة كلها من خلال وضع استراتيچية تخص شئون المرأة والطفل من جانب كل المؤسّسات ويحاسب من يتقاعس، بالإضافة إلى أننا نحتاج إلى التوعية أكثر من التشريعات.
تُهدد خطط التنمية المستدامة 2030
هذا فى الوقت الذى أكد فيه الدكتور «خالد الشافعى» رئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية، أن الزيادة السكانية تُعتبر من أخطر المشكلات الضخمة التى تعوق التقدم فى جميع المجالات وتؤثر بالسلب على كل القطاعات الاقتصادية كما أنها تُهدد خطط التنمية المستدامة 2030.
وقال إن الارتفاع الكبير فى عدد السكان قد يتسبب فى زيادة معدلات نسبة الفقر وقلة النمو فى مصر.. مؤكدًا أن مصر تحاول القضاء على الفقر وفق رؤية 2030، وهنا الخطة تعتمد على زيادة معدلات التشغيل وتقليل معدلات البطالة لأدنى مستوياتها، وهذا يصطدم بشكل مباشر مع ارتفاع معدل الزيادة السكانية غير المبررة، معدلات النمو التى تحتاجها مصر سنويًا حتى تفى التزاماتها حيال المواليد الجديدة تقدر بـ 7.5 % كنسبة نمو سنويًا، وهذا صعب للغاية، إذن خطة الإصلاح الاقتصادى والهيكلى تتعارض معهما الزيادة فى المواليد وتأكل مكتسبات الإصلاح الاقتصادى.