الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الإخوان.. من الغرض إلى المرض

الإخوان.. من الغرض إلى المرض

ما أشبه الليلة بالبارحة، فنفس الأحداث تتشابه مثلما تتكرر المواقف والآراء والمبادئ، هذا هو النهج العام لجماعة الإخوان المحظورة سواء كانت فى مصر أو فى تونس، نهج جعلت منه هذه الجماعة دستورًا لا يتغير أو يتبدل تمارسه فى أى بقعة من بقاع العالم، ادعاءً منهم أن هذه هى الطريقة المثلى لتطبيق شرع الله الذى يعملون على تنفيذه، رغم أن الفشل يلاحقهم فى جل مرة، لأنهم لا يعرفون شرعًا أو يطبقون دينًا، ولا يستهدفون سوى تحقيق مصالحهم التى انحصرت فى الوصول إلى السلطة والانفراد بها، حتى يستطيعون من خلالها فعل ما يحلو لهم فى الوطن، كادوا يفعلون ذلك فى مصر وقت السنة السوداء التى وصلوا فيها إلى مقعد الحكم، لولا فطنة شعبها وإيمانه بقومية قواته المسلحة، ثم عادوا وكرروا فعلتهم مع الشعب التونسى الشقيق، ولكن إرادة الله أنقذت تونس من جرائم هذه الجماعة أيضًا، لتستمر مسيرة الفشل التى تلاحقهم من وقت لآخر، رغم ما يرددونه ويدعونه من أنهم يبغون مصلحة شعوبهم.



 فما حدث منهم فى مصر طبقوه بالحرف فى تونس، فعقب عودة كبيرهم أو مرشدهم الغنوشى إلى الوطن بعد أكثر من 21 سنة من النفى واللجوء السياسي، أكد أنه اشتاق لتراب وطنه وطالب بضرورة التحلى بالكفاءة والقدرة على تجاوز الأزمات والمرونة السياسية، ولذلك عمل على محو جل أثر للتطرف الإسلامى فى خطابه، وقدم نفسه على أنه معتدل يقود حزبًا أشبه بحزب الحرية والتنمية فى تركيا، وهذا ما جعله يقبل هو وأعضاء حزبه على مضض عدم تضمين الدستور التونسى الجديد الذى أقر فى 2014 العمل بالشريعة الإسلامية، وزيادة منه فى الغلو والمزايدة انتقد قادة الجماعة فى مصر ووصفهم بالغباء عقب ثورة 30 يونيو، ولكنه سرعان ما عمل عكس ما كان يدعيه أو يردده، فعمل هو وكوادر حزبه على خنق الشعب التونسى وكبت حريته، كما انفرد هو وأعضاء حركته بالسيطرة على مفاصل وأجهزة الدولة بتطبيق نهج ديكتاتوري، لا يقبل حرية الرأى ولا يؤمن بالديمقراطية أو التعددية، خاصة بعد أن تولى رئاسة البرلمان ليقرر بنفسه من يناقش تحت قبته، ومن يتحدث ومن تحجب عنه الكلمة أو طرح رأيه.

 حتى وصل الأمر إلى اعتداء أحد أعضاء حزبه بالضرب والركل على النائبة عبير موسى رئيسة كتلة الحزب الدستورى الحر لرفضها سياسات وتصرفات الغنوشى وأعضاء حزبه، بعد أن سعوا إلى أن يكونوا هم أصحاب اليد العليا فى كل التحالفات السياسية التى تتولى السلطة فى البلاد، ولذلك لم يكن غريبًا عليه أن يضع يده فى يد من اتهم بالفساد لسرقة ثروات الشعب وتبييض الأموال للاغتناء على حسابه والتستر على فضائحهم، حتى ولو كان الضحية هنا الشعب الذى طالبه يومًا بدعمه والوقوف إلى جانبه عقب عودته من المنفى، وهو نفس الشعب الذى اكتشف أمره وأمر من يتبعه وأدرك كم الجرائم والفساد لمن خانوا ثقته، حينها خرجوا عليهم مطالبين بالخلاص منهم مثلما فعل المصريون، وهنا يعيد التاريخ نفسه ولكن فى تونس هذه المرة وإن كان بطريقة مختلفة، حينما نتذكر ما قاله رجل الجماعة المحظورة فى مصر: أن ما يحدث فى سيناء من عمليات إرهابية وقتل ينتهى فى اللحظة التى يعود فيها رجلهم المخلوع مرسى إلى الحكم، وهو التصريح الذى قال مثله الغنوشى عقب قرارات الرئيس التونسى قيس سعيد بتجميد عمل البرلمان وإقالة الحكومة لتصحيح مسار الثورة التى سرقها حزب النهضة وأنصاره، حيث خرج بتصريحات تؤكد أن ما قام به الرئيس يعد انقلابًا على الثورة والدستور وأنهم سيتعاطون مع «هذه القرارات المخالفة لأحكام الدستور والانقلاب على مؤسسات الدولة»، وسيتخذون إجراءات وتحركات داخليًا وخارجيًا لمنع ذلك، ثم عاد وطالب أنصاره بالتصدى لها والحشد لمظاهرات كبيرة ردًا عليها.

درس مكرر لا ينجح فيه سوى الشعوب صاحبة الإرادة الحرة، الرافضة لجل طرق وأساليب الهيمنة والانفراد، وهى الطرق التى لا تجيد هذه الجماعة أو ما ينبثق منها التعامل معها على مر السنين، ولكنهم لا يتعلمون، لأن الغرض الذى تولد لديهم منذ نشأتهم الأولى، وحلمهم باعتلاء السلطة وحكم البلاد بهذه الطريقة، تحول مع الزمن إلى مرض مزمن لا شفاء منه، حتى ولو تنكروا لبعض الوقت ما يؤمنون به.