الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

كنوز آمال العمدة.. فريد شوقى: لم أكن راضيًا عن نفسى فى أدوار العنف..!

ملك الترسو ووحش الشاشة لقبان أطلقا على فريد شوقى أحد أفضل من طرقوا باب فن التمثيل على مر التاريخ، فقد تجمعت فيه عوامل الموهبة والذكاء والاجتهاد والمال الذى استخدمه فى الإنتاج الحقيقى لينتج فى النهاية أسطورة فنية تجسدت فى شخصه، نهض من أنقاض نفسه كالعنقاء حينما ظن الجميع أن أسطورته الفنية قد انتهت، وصنعت نهضته أسطورة أكبر.. أسطورة الفنان الذى ظل بطلًا على مدى 30 عامًا كاملة بطلًا، ليغير بالفعل مفهوم فن التمثيل فى العالم العربى.. وهذا حوارى معه الذى أهديه لمجلة روزاليوسف..



 آمال: هل يمكن أن نقرأ معًا بيانات بطاقتك الشخصية؟

- فريد شوقى: الاسم كاملًا فريد شوقى محمد عبده مولود فى حى السيدة زينب بالقاهرة، عملت فيما يقرب من 350 فيلمًا.

 آمال: هل 90% من هذه الأعمال أدوار شر و10% فقط أدوار خير؟

- فريد شوقى: تقريبًا.

 آمال: فلتحكِ لنا تفاصيل مشوارك الفنى منذ أن بدأت فى دنيا الشر إلى أن دلفت إلى دنيا الخير..

- فريد شوقى: أنا كنت طالبًا بالفرقة الثانية فى معهد التمثيل، وكنت أقدم مسرحية اسمها «الجلف» للكاتب الروسى تشيكوف، ومن هنا أخذنى المخرجون إلى السينما أتذكر منهم حسين الإمام وكامل مرسى وغيرهم.

 آمال: ما الذى لفت نظرهم إليك؟

- فريد شوقى: كنت أؤدى فى مسرحية «الجلف» دور رجل شرير قاسٍٍ يطالب بدين له عند سيدة أرملة فيدور صراع بين الرجل والمرأة، وظلت المرأة طوال المسرحية مرتدية ثوب الحداد على زوجها، وكان زوجها يحب جواده «توبى» فكانت تقول للعامل طوال الأحداث «ضع مزيدًا من العلف للجواد توبى» إلى أن دخل هذا الرجل إلى حياتها بعد أن جاء يطالب بالدين الذى كان زوجها مدينًا له به، وهو ثمن علف الجواد توبى، فبدأ الصراع بينهما فى حوار جميل يحاول كل طرف منهما أن يثبت أنه أكثر وفاء من الآخر، إلى أن طلبت منه أن يبارزها وأن يعلمها أولًا المبارزة، وأثناء تعليمه المبارزة لها وقعت فى حبه ويختتم المشهد بالعامل وهو يدخل عليها، ويقول لها إن الجواد توبى يريد علفًا، فقالت له: «لا تقدم علفًا للجواد توبى».

 آمال: من كانت بطلة المسرحية؟

- فريد شوقى: قدمنا هذه المسرحية مرتين فى الأولى كانت البطلة اسمها «عائشة» زوجة الفنان حمدى غيث، وقد توفيت وهى طالبة خلال الدراسة بالمعهد، والثانية هى الفنانة عزيزة حلمى

ملك الترسو والبريمو

 آمال: لقب «ملك الترسو» هل هو لقب مجازى أم حقيقى؟

- فريد شوقى: هو لقب حقيقى، فقد ظلت أفلامى لسنوات طويلة مضمونة النجاح فى الترسو، لدرجة أن هناك أفلامًا لا يزال الإقبال عليها هائلًا حتى بعد أكثر من ربع قرن من تقديمها مثل «الفتوة»، «جعلونى مجرما»، «حميدو» و«الأسطى حسن».

 آمال: وما الجسر الذى أوصلك للتربع على عرش الترسو؟

- فريد شوقى: حدث ذلك لأن معظم الشخصيات التى قدمتها كانت نابعة من جمهور الترسو، فقدمت شخصية النجار والسباك والإنسان خريج الإصلاحية والأحداث فى «جعلونى مجرمًا»، والعسكرى فى «رصيف نمرة خمسة»، والبائع المتجول فى «الفتوة» وكلها شخصيات نابعة من جمهور الترسو.

 آمال: أديت فى فيلم «إسكندرية ليه» دور الباشا، فهل أحببت فريد شوقى أكثر فى دور الباشا أم فى أدوار البسطاء؟

- فريد شوقى: أول فيلم قدمته من هذا النوع هو فيلم «كلمة شرف» الذى حصلت فيه على جائزة المركز الكاثوليكى فى مصر كممثل وكمؤلف، وكانت المرة الأولى التى أؤدى فيها دور المحامى والمعيد فى الجامعة والأستاذ، ورغم ذلك فقد طلب منى المخرج حسام الدين مصطفى أن نصنع «خناقة» فى الفيلم لأنه خشى ألا ينجح الفيلم بسبب عدم وجود المواصفات التجارية الخاصة بى فيه، فقلت له إننى أنا المنتج المسئول عن أية خسائر ورفضت وضع أية خناقة، وقلت له إن الشخصية لمحام سُجن ظلمًا، فلا بد أن تقدم الشخصية بمواصفاتها الصحيحة وليس بالمواصفات التجارية، ورغم خوفه من فشل الفيلم إلا أننى كنت واثقًا من نجاحه، وهو ما حدث بالفعل.. وقد ناديت فى هذا الفيلم بالسجن المفتوح أى أن يسمح للسجين بأن يزور أهله لعدة ساعات، وكان السيد ممدوح سالم وزيرًا للداخلية فى هذا الوقت، وعرضت عليه الفيلم فشاهده ثم أصدر قانون خروج السجين لمدة 48 ساعة ليزور أهله.

 

فيلم نجح فى تعديل قانون

 آمال: إذا فقد كنت أنت صاحب المبادرة فى أن ينظر فى أمر كل سجين إنسانيًا وأن يستصدر قانون يعامل السجين معاملة إنسانية لكى يخرج ليزور أهله.. فهل للفن رسالة يخدم بها المجتمع على هذا الأساس؟

- فريد شوقى: لا شك أن الفن لا بد أن يحمل رسالة ويوصلها إلى الجمهور، وأعتقد أن الفن سواء كان سينما أو مسرحًا أو شعرًا لا بد أن يكون وراءه هدف اجتماعى، أما أن يعرض الفيلم للتسلية فأنا أرفض هذا تمامًا وهو ما لم أفعله فى أى عمل قدمته طوال حياتى، وأذكر أيضًا أنه فى عام 1955 وبعد فيلم «جعلونى مجرمًا» صدر قانون من مجلس الثورة بالإعفاء من السابقة الأولى، وبعد فيلم «رصيف نمرة خمسة» صدر قانون الراشى والمرتشى، فكنت أنادى بشىء ثم يصدر القانون بعدها، فأنا أرى أن الفنان يجب أن يكون له رسالة.

 آمال: تقول إن الفن له رسالة وإنك ترفض الفن المجرد ومنها فلسفة الضحك لمجرد الضحك وسأعرض عليك رأى الفنان فؤاد المهندس، الذى يقول إنه لا يستنكر أن يضحك الناس لمجرد الضحك، بل اقترح أن يقام نادٍ للضحك، ويكفى أن الإنسان يقضى كل عمره فى السعى وراء الأهداف فما الذى يمنع أن يقضى عدة ساعات بلا هدف إلا الضحك.. فما رأيك فى ذلك؟

- فريد شوقى: كل أعمال فؤاد المهندس تدعو لأهداف وهو فى ذلك مثل أستاذه نجيب الريحانى الذى كان يسعى من وراء كل عمل من أعماله وراء هداف، وفؤاد المهندس كان يسعى لأهداف اجتماعية فينتقد المجتمع ويرفض الروتين أو يعالج العلاقة بين الباشا والموظف المسكين، وهناك فعلًا فلسفة الضحك لكن ليس مع فؤاد المهندس.

 آمال: أسألك بنفس المقياس.. فريد شوقى ما الذى كان يسعى له من خلال تقديم أدوار الشر والمعارك؟

- فريد شوقى: كنت أريد أن أبين للجمهور مصير الشرير، فلم نكن ننصر الشر أبدًا، ولكن كنا نضع النتائج إما أن يسجن أو يموت أو ينتهى به المطاف إلى الذل، فكنا دائمًا ننهى مصير الشرير بشكل مظلم.

آمال: بالنسبة لجمهور الترسو، هل تقبلك أكثر فى أدوار الخير الأخيرة، أم كان يحبك أكثر فى أدوار الشر والعراك والعنف والعدوانية؟

- فريد شوقى: بل أحبنى أكثر فى الأدوار الأخيرة التى جسدت فيها شخصيات الخير، وأنا أتحدث من واقع أرقام التوزيع الرسمية وقد جمعت الآن بهذه الأدوار بين البريمو والترسو، بعد أن كان جمهور الدرجة الأولى قد انفض عنى لفترة طويلة، وهناك إقبال غير عادى من كل فئات المجتمع على أفلامى الأخيرة.

 ولدت وعشت ممثلًا واستمريت نجمًا

 آمال: مرت حياتك بفترة بيات شتوى وهى الفترة التى سبقت خرجوك إلى الجمهور بالشكل الفنى الجديد عام 1970، وهناك أكثر من فنان لفتت نظرهم هذه الفترة، منهم زميلك أحمد رمزى الذى قال إنك استطعت أن تخرج عن الظاهرة المعروفة بأن الأدوار تكتب للشباب فى حين أنه فى الخارج تكتب أدوار مخصوص للفنانين الكبار، وأنك أنت الفنان المصرى الوحيد الذى كسر القاعدة وخرجت على الجمهور بشكلك السينمائى الجديد.. فماذا تقول له؟

- فريد شوقى: أنا رأيت أنتونى كوين وهو أكبر نجم عالمى حاليًا، والكُتَّاب يكتبون له أدوارًا مخصوصة بالفعل، وأنا فكرت فى عام 1970 أننى يجب أن أظل نجمًا، ويجب أن استمر فى التمثيل لأننى ولدت وعشت ممثلًا، ولكن فى مصر لم تكن تكتب أدوار البطولة لآباء مثلًا وهذا تأخر بالفعل، فمثلًا زكى رستم كان ممثلًا رائعًا لكنه ليس نجمًا، ومثله حسين رياض فلم تكن تذاكر الفيلم تباع باسميهما، لكن كان النجوم مثل شادية وكمال الشناوى يستعينان بحسين رياض مثلًا ليقدم هو أفضل الأدوار فى الفيلم دون أن يكون بطلًا له، ولكنى استطعت أن أكسر هذه القاعدة فى مصر، وقد كتب الأستاذ رؤوف توفيق ذات مرة قائلًا إن فريد شوقى مدرسة يجب أن تدرس لأننى استطعت الحفاظ على النجومية لأكثر من 30 سنة، وقد جعلت دور الأب أو الأخ الأكبر نجمًا فى صناعة السينما.

 آمال: بالنسبة لزملائك الذين كانوا فى جيل النجومية معك مثل عماد حمدى وشكرى سرحان وكمال الشناوى ما سبب الركود الذى حدث لهم اليوم؟.. وهل هم لم يفطنوا للحقيقة التى اكتشفتها أنت؟

- فريد شوقى: هؤلاء النجوم قدموا دور الفتى الأول لفترة طويلة، وطبعًا الأمور اختلفت الآن بمرور الزمن، وأنا أحمد الله لأنه منحنى موهبة التأليف، فقد كتبت لنفسى وهذا جنبنى خطرًا كبيرًا، فالمؤلفون وضعوا النجوم الكبار فى شكل واحد مدى الحياة، أما أنا فلم أقبل هذا وتمردت عليه، وبدأت أكتب الأدوار التى تناسب سنى، وكان اهتمامى بالقضايا التى يمكن أن أعالجها كأب أو كأخ أكبر وبدأت بفيلم «كلمة شرف» ثم «ومضى قطار العمر» وبعده «وهكذا الأيام» وكل هذا كان من إنتاجى، ثم أقبل عليَّ المنتجون إقبالًا كبيرًا بنفس هذه الأدوار وأصبحت أعمل الآن أكثر من فترة الشباب.

اكتشفت نفسى بنفسى

 

آمال: إذًا فقد اكتشفت نفسك بنفسك فى هذه المرحلة من عمرك الفنى..

- فريد شوقى: نعم.. لقد اكتشفت نفسى بنفسى، ولم يعرض عليَّ أحد سيناريو أو دور، بل لقد صممت مسارى الفنى بنفسى.

 آمال: إذًا ببساطة أنك لم تكن راضيًا على نفسك فى أدوار العنف؟

- فريد شوقى: هذا صحيح.. كان الموزع والمنتج يطالبان بثلاث معارك لفريد شوقى فى كل فيلم وكأنها أغان، ويشترطان أن يكون العراك الأخير هو العراك الكبير، فشعرت بأننى فتوة أو مصارع، بينما أنا داخليًا أريد أن أقول شيئًا عن طريق التمثيل، وكنت أحرص فى الأفلام التى أنتجتها مثل «جعلونى مجرمًا» على أن أضع مشاهد تمثيلية لأشبع رغبتى فى التمثيل الحقيقى، ولو كنت قد تركت نفسى بين أيدى المنتجين والمخرجين كنت سأظل الرجل الشرير الذى يشرب ويتعارك، فتمردت على هذا الإطار وخرجت عنه.

آمال: هذا رغم أن صورة الفتوة لاقت قبولًا عند الناس وأصبحت من خلال هذه الأدوار ملك الترسو؟

- فريد شوقى: وبعد هذه الأدوار أصبحت ملك الترسو والبريمو.

 آمال: وماذا عن دور الباشا؟

- فريد شوقى: لم أحب نفسى فى دور الباشا، فلقد شعرت أنه ليس من مجتمعنا، وخاصة دورى فى فيلم «إسكندرية ليه» فقد أراد المخرج يوسف شاهين أن يقدم شخصية باشا من الأربعينيات، وكانت شخصية شريرة أيضًا.

 آمال: بما أن فريد شوقى يمتلك الحس والحدس الذى يقيس به رغبات الجماهير، فهو بالتالى يعطى الجمهور أكثر ما يريده فى شتى الأعمال الفنية.. فما المعادلة التى تساوى الفيلم الناجح؟ ولقد ألقيت هذا السؤال على فنان طرق باب الإنتاج وهو نور الشريف، فقال إن القصة هى أهم شىء ثم اختيار الأشخاص المناسبين للأدوار، ثم المخرج أو المايسترو الذى يقود العمل، وأيضًا الحب بين الأفراد العاملين فى الفيلم، وهذا كله يساوى فيلمًا ناجحًا، ولأن هذا لا يتحقق كثيرًا فقد قلت الأفلام الناجحة.. فبم ترد عليه؟ - فريد شوقى: أنا أوافق نور الشريف أن القصة هى عامل النجاح الأول، فمن المهم جدًا أن نختار القضية التى سنعالجها، وأنا أرى أن نور الشريف يخطو الآن نفس خطوات فريد شوقى فى الماضى، فأنا أرى فيه شبابى، حتى فى الإنتاج فقد نجح فى الإنتاج منذ التجربة الأولى له، وهو ممثل ممتاز يدرس الشخصية بوعى ولديه حس فنى تجاه السيناريو، والفنانون الذين يمتلكون هذه الحاسة قلائل جدًا، أما اختيار فريق العمل فهو عامل مهم، فلا بد أن يلائم الممثل الدور المرسوم له، ومنذ فترة اخترت نور الشريف لتمثيل دور ابنى فى أحد الأفلام، وقد قبل نور الدور على الرغم من صغره فهو دور شاب يموت بعد ستة أو سبعة مشاهد، وكان لا بد أن أستعين بنجم محبوب لأداء هذا الدور ليتأثر المشاهدون ويبكون معى وأنا أبكيه.

 

آمال: كان هناك مفهوم آخر لدى الفنانين فى الماضى، وهو أن يرفضوا تمامًا موت النجم، ويقولون إن الجمهور لا يتقبل أن يرى نجمه المفضل وهو يموت.

- فريد شوقى: هذا صحيح وهذا أضر النجوم، لكنى كنت أموت فى أفلامى وأخطف قلوب المشاهدين ولم أرفض أى دور يستلزم موت الشخصية التى أؤديها.

 آمال: سأسألك عن فنان عظيم ومؤدٍ جيد ولكن ليس له رصيد فى الشباك أى أن اسمه لا يبيع بلغة السينما.. فكيف يحدث هذا أى أن يكون الفنان متمكنًا ومع هذا لا يصل للناس؟

- فريد شوقى: هنا يأتى دور القبول وهذا لا يختص بالممثل فقط، فالإنسان قد يشعر بقبول تجاه إنسان آخر حينما يراه لأول مرة، وهناك ممثلون لهم قبول عند الجماهير، وهناك ممثلون ليس لهم قبول عند الجماهير، وهناك ممثلون أنصاف جيدين لديهم قبول فأصبحوا نجومًا مثل حسين فهمى وشقيقه مصطفى فهمى فلديهما قبول كبير ويحبهما الجمهور لأنهما وسيمان، وقد درسنا فى المعهد أن ناقدًا مسرحيًا إنجليزيًا رأى مسارحنا وأبطالها نجيب الريحانى وعلى الكسار وفاطمة رشدى وقد قال قولًا على «الكسار» الذى كان أميًا لكنه كان خفيف الظل، فقال إنه حينما يصعد إلى خشبة المسرح يبدو وكأنه أمسك بحبل وربط به الجمهور ليحركهم كيفما يشاء.

 محمود مرسى من أفضل الممثلين الذين رأيتهم فى حياتى

 آمال: سأسألك بصراحة عن الفنان محمود مرسى، وقد سألت أكثر من فنان عنه، وشهدوا كلهم بدون استثناء على قدراته الفنية غير العادية، لكنى أرى أنه مُقِل فى أعماله، وفى الوقت نفسه هناك فنانون أقصر قامة منه لكنهم بلغة السينما يبيعون كثيرًا.. فما تفسيرك لهذا؟

- فريد شوقى: محمود مرسى من أفضل الممثلين الذين رأيتهم فى حياتى هو أستاذ وفنان لكنه لم يصل لدرجة النجم فى يوم من الأيام رغم أنه أتيحت له عدة فرص، ولجوؤه إلى التليفزيون وإكثاره من الأعمال التليفزيونية قلل من نجوميته، لأن التليفزيون وسيلة خطيرة جدًا ضد السينما، فالمشاهد يستطيع بضغطة زر أن يأتى بالممثل إليه، لكن النجومية أن يتمكن الممثل من جذب المشاهد إليه وجعله يتكبد المشاق والمواصلات ويدفع ثمن تذكرة السينما، لهذا فعلى محمود مرسى أن يقلل من أعماله التليفزيونية وأن يكثر من الأعمال السينمائية، وأنا شخصيًا عرضت عليه أدوارًا كثيرة مثل دور الضابط فى فيلم «البؤساء» ولكنه كان مشغولًا بالعمل للتليفزيون.

 آمال: فى تصور فريد شوقى هل السينما المصرية فى محنة أم انتعاش؟

- فريد شوقى: أنا شخصيًا لا أرى أن السينما المصرية فى محنة، وحديثى هنا أفلامى التى تحقق رواجًا هائلًا، لدرجة أن أحد أفلامى عرض فى المغرب على مدى 77 أسبوعًا، وهذا يؤكد أن جودة العمل هى المقياس فى هذا الشأن.

 آمال: هذا الكلام سيقودنى إلى سؤال آخر عن حال الاستديوهات، خاصة أن هناك أكثر من فنان مستاء جدًا من الاستديوهات، فقد قال أحمد رمزى إن حال الاستديوهات أسوأ مما يمكن أن يتخيله أى إنسان، وإن الفنانين يعملون الآن وكأنهم يغزلون برجل حمار.

- فريد شوقى: أنا أؤيده تمامًا، فلقد أصبحت الأستديوهات كالخرابة، ولا سيما أنها لم تجدد منذ إنشائها، ولكن هناك بعض التجديدات التى بدأت مؤخرًا، وأنا أتوقع خيرًا من مساعدة الدولة للفنانين فى هذا الشأن.

 آمال: لكن هناك رأيا معارضًا لك فى هذا الشأن، فقد قال رشدى أباظة إن مصيبة السينما فى مصر هى تدخل القطاع العام فيها، لأن من جاءوا على رأس القطاع العام فى مجال السينما لا يفهمون فى السينما، وبالتالى فقد خربوا السينما فنًا واستديوهات وتوزيعًا ودور عرض.. أى أن السينما فى محنة بسبب تدخل الدولة.

- فريد شوقى: كان هذا فى فترة سابقة ولكن منذ أن أنشئت النقابات المهنية حدث تغيير رائع وفى فترة قصيرة جدًا، وقدمت مساعدات للفنانين، وبدأت انتعاشة جديدة للسينما.

 آمال: إذًا فأنت متفائل بالنسبة لمستقبل السينما…

- فريد شوقى: متفائل جدًا لكنى أنادى المحافظين بالاهتمام بالسينما فى محافظاتهم وزيادة دور العرض فى الأقاليم.

 

أوافق على إعادة أفلامى

 آمال: بالنسبة لإعادة تمثيل الأفلام القديمة.. فبعض الفنانين يرفضون ذلك، وقد قالت الفنانة فاتن حمامة إنه فى البلدان المتحضرة هناك أفلام يمكن أن يعاد تمثيلها، لكنها أكدت أن بعض أفلامها لا يمكن أن يُعاد تقديمها مثل «دعاء الكروان» و«الحرام» لأنهما قدما فى فترة معينة، وهى ترفض إعادة أفلامها أيضًا لأنه لن يوجد من يقدمها بنفس الإبداع.. فهل تقبل إعادة تمثيل أفلامك بأبطال جدد؟

- فريد شوقى: أنا أؤيد فاتن حمامة التى لن يأتى مثيل لها على مدى الدهر.. فهى ظاهرة لن تتكرر، والتجربة فشلت حينما حاول بعض النجوم الجدد إعادة تمثيل أفلام فاتن حمامة، لأن الجمهور يحمل فى مخيلته صورة فاتن حمامة، أما بالنسبة لأفلامى فما زالت تعرض فصعب إعادتها لكنى قمت بإعادة بعض الأفلام، فمثلا «وبالوالدين إحسانًا» كان فيلمًا اسمه «غضب الوالدين» لكنى أعدته بطريقة مختلفة نظرًا لأن موضوعه يصلح للعرض فى أى عصر وهو موضوع الابن العاق المتمرد على الفقر وعلى عائلته، وأعدت فيلم «هذا ما جناه أبى» لزكى رستم وقد لقى الفيلمان نجاحًا هائلًا.. وذلك لأنى أديت الدور بأسلوب آخر رغم احترامى لمن قدمه قبلى، لكنى أديته بأسلوب عصر مختلف عن العصر السابق، وغيرت فى الموضوع وفى الأداء، أما أفلام فاتن حمامة فلا يمكن إعادتها، لأنها انطبعت فى أذهان الناس بصوت وصورة فاتن حمامة، لهذا فإنها أضرت من قدمها بالفعل.

 آمال: لكن موافق على مبدأ الإعادة بدليل إعادتك لأفلام قديمة..

- فريد شوقى: باستثناء أفلام فاتن حمامة فلا يمكن إعادة أفلامها.

 آمال: هل كانت فاتن حمامة زميلتك فى المعهد؟

- فريد شوقى: كنا معًا فى السنة الأولى، وفى أول يوم كنا فى مدرسة الدواوين، وخرجنا إلى استديو ناصبيان فقد اصطحبنا مساعد المخرج لكى نمثل فيلمًا مع يوسف وهبى اسمه «ملاك الرحمة» وكان أول يوم أدخل فيه الستديو، وفى حين دخلته هى فى طفولتها مع محمد عبدالوهاب.

 آمال: إعادة صياغة فريد شوقى فنيًا هى المسئولة عن استمرار تربعك على عرش شباك السينما حتى الآن، فهل غيرت فاتن حمامة من جلدها؟

- فريد شوقى: طبعًا غيرت جلدها، وهذا واضح فى أفلامها «أريد حلًا» و«إمبراطورية ميم» و«لا عزاء للسيدات» فلا بد أن يكون هناك وعى لدى الفنان وأن يفهم أين يقف، وفاتن حمامة غيرت جلدها لأنها تفهم ذلك، وقد نجحت أكثر من الماضى وعروض أفلامها تمتد لفترات تصل إلى خمسة أضعاف مدة عرض أفلامها فى الشباب، فهى مازالت تتربع على عرش النجومية.

 آمال: عودة إلى موضوع إعادة الأفلام.. هل نضبت الأفكار السينمائية والموضوعات التى يقبل عليها الناس لكى نلجأ إلى إعادة الأفلام؟

- فريد شوقى: الأفكار موجودة، ولكنها رغبة فى استغلال نجاح الأفلام السابقة.

 استغرقت عشرين عامًا فى دراسة الشخصية

 آمال: ماذا عن فيلم «البؤساء»؟

- فريد شوقى: ما لا يعرفه أحد أننى استغرقت عشرين عامًا كاملة فى دراسة هذه الشخصية، ولم أقدر على تقديمها لأنها تتطلب شخصًا تعدى الخمسين من عمره، وقد كتبها فيكتور هوجو فى 14 عامًا فى جزأين أقرأهما كل فترة، وفى كل مرة أؤجل تقديمها، وهكذا فقد عشت فى هذه الشخصية لمدة عشرين عامًا.

 لا غيرة فنية بينى وبين أصدقائى

 آمال: من أصدقاؤك من الوسط الفنى؟

- فريد شوقى: لقد وجدت فى زميلاتى من الفنانات صراحة أكثر من الرجال، ولهذا فتربطنى بهن صداقة مستمرة منذ سنوات طويلة، وفى مقدمتهن الزميلة العزيزة نادية لطفى وسميحة أيوب، وفى الوقت نفسه فهناك صداقة مازلت أعتز بها مع أحمد رمزى فأنا أرى أنه لا يزال ينظر لى بصفة الصديق والأستاذ ويستشيرنى فى الكثير من الأمور، وأيضًا لا يمكن أن أنسى صداقتى بعادل أدهم وعادل إمام الذى أسعد بنجاحه.. لكنى للأسف خسرت صداقة زميل عزيز منذ حوالى عام وهو رشدى أباظة فقد صدمت فيه ولا أزال متأثرًا بهذه الصدمة، ورغم ذلك فلازلت أحتفظ له ببعض الصداقة بدافع العمر والعشرة.

ويكمل: وأنا أريد أن أقول شيئًا مهمًا عن الصداقة الفنية، فلا مجال للغيرة فى هذا الأمر لأن كل منا سيأخذ نصيبه باجتهاده الشخصى، وأنا لا أحب الحقد فى الفن، والصداقة بين الفنانين تختلف عن أى صداقة أخرى لأننا نعيش معًا فى الاستديوهات أكثر مما نعيش بين أهالينا، لهذا فأنا أفرح لنجاح أصدقائى ويفرحون هم لنجاحى، كذلك فإن الصديق يظهر فى وقت الشدة وليس فى الأفراح فقط.

 آمال: هل صحيح أن الوسط الفنى غابة تتصارع كل كائناتها، والبقاء فيها للأصلح؟

- فريد شوقى: البقاء للأصلح بالفعل.. ولكن ليس بمنطق أهل الغابة، فأنا أساعد النجوم الجدد وأفرح لهم، مثل فرحى بنجاح نور الشريف ومن ساعدتهم فنيًا مثل نادية لطفى وليلى طاهر وعادل أدهم وعادل إمام وغيرهم من النجوم، وهناك من يرفضون مساعدة النجوم حتى لا ينافسوهم فى المستقبل، لكنى أسعد بمساعدة الشباب على الانطلاق وأسعد بنجاحهم.

 آمال: هل هناك فنانون غيرك يساعدون النجوم ويساندونهم لتجديد شباب السينما؟

- فريد شوقى: هذا شىء نادر، لكن السائد هو محاولة خسف الأرض بالشباب حتى لا ينافسوا النجوم.

 آمال: ذكرت أكثر من مثال لمن ساعدتهم.. فمن ساعدك فى بدايات حياتك الفنية؟

- فريد شوقى: الحقيقة لم يساعدنى أحد.. بل على العكس كانوا يرفضون عملى معهم ويفضلون عليَّ محمود المليجى وكنت أعمل بما يفيض من محمود المليجى، والحقيقة أنه هو الذى كان يشير عليهم بالاستعانة بى.

 آمال: هل معاناتك فى بداياتك هى سبب مساعدتك لشباب الفنانين حتى لا يعانون كما عانيت؟

- فريد شوقى: لا شك فى هذا.. فقد ترك هذا عقدة فى نفسى وأحب مساعدة الشباب ليس فى التمثيل فقط بل فى كتابة القصة والسيناريو.

 آمال: هل فريد شوقى رجل طيب رغم أدوار الشر؟

- فريد شوقى: أعتقد أننى طيب بالفعل.

أخاف الغدر وأكرهه

 آمال: هل أنت مقدام دائمًا كما صورتك الشاشة أم تخاف فى بعض الأحيان؟

- فريد شوقى: بل أخاف فى بعض الأحيان.. 

أخاف الغدر وأكرهه، لكنى لا أخاف من المواجهات المباشرة.

 آمال: ما الدور الذى ترفض أداءه؟

- فريد شوقى: دور الجاسوس فأنا أكره الجاسوس وأتمنى أن يضرب بالرصاص فى ميدان عام أمام الجماهير، وأنا يمكن أن أؤدى الدور لكنى لا أعتقد أن أحدًا سيتقبل أدائى فيه، لأنى من القاعدة الشعبية العريضة.

 آمال: حتى لو كان فى الشخصية بُعد فنى يستفيد منه الناس؟

- فريد شوقى: لن يقبله الجمهور أيضًا.. وأنا شخصيًا لا أشعر أنى سأجيد التمثيل فى دور الجاسوس، خاصة أننى مصرى من البيئة الوطنية فى السيدة زينب.

 آمال: هل يمكن أن ترفض أدوارًا أخرى؟

- فريد شوقى: الباشا المتغطرس والإقطاعى فهذه الأمور ليست فى دمى ولا فى طبعى ويجب إعطاء الممثل دورًا حسب تكوينه وشكله، فأنا مثلًا لم أؤد أبدًا دور الفتى المحب وربما يكون شىء فى شكلى وتكوينى لا يصلح لهذا، ولكن هناك حسين فهمى ومحمود ياسين مثلًا وقديمًا كان هناك رشدى أباظة، أما أنا فلم أحب هذا النوع الناعم من التمثيل.

 

وأخشى ركوب الطائرات

 آمال: الفنان العربى الكبير فريد شوقى ملك أفلام العنف.. أعرف أنك تخشى ركوب الطائرات..

- فريد شوقى: هذا حقيقى، وقبل سفرى أظل أفكر عدة أيام، وأستغرق وقت الرحلة كله فى قراءة القرآن الكريم، وفى بعض الأحيان يدعونى قائد الطائرة لزيارة كابينة القيادة، فأشعر وقتها بالرعب خاصة حينما ينظر لى ويلتفت عن الأجواء أمامه فأشعر أنه سيصطدم بشىء ما، ولكن هذا كله يزول فور ملامسة قدمى أرض المطار.

 آمال: وماذا تخشى أيضًا؟

- فريد شوقى: أخشى رؤية الدم، ولهذا فحينما أرى حادثًا فى الطريق أهرب ولا أقف وأستغرب ممن يتجمعون لمشاهدة هذه الحوادث.

 آمال: لكنك لا تخشى رؤية دم السينما..

- فريد شوقى: لأنه دم ماكياج.

 كنت أعمل لفاتن حمامة ألف حساب

 آمال: عملت مع كل بطلات السينما المصرية بلا استثناء، فمن منهن شعرت بصراع فنى بينكما مما زاد من إبداعك على الشاشة؟ - فريد شوقى: الوحيدة التى أعمل لها حسابًا هى فاتن حمامة، أما الباقيات فكنت أتهاون مع نفسى بعض الشىء لكى أرفعهن.

 آمال: إذًا فقد قدمت تنازلات فنية برضاك لكى تظهر البطلة أمامك بشكل لائق…

- فريد شوقى: نعم.. ولى مواقف فى هذا مع كل الزميلات، وقد أصحح لهن أخطاءهن وأنسى نفسى.

 آمال: لقد قالت لى الفنانة هند رستم إنها أكبر حرامية تسرق الكاميرا…

- فريد شوقى: هند رستم فنانة كبيرة لها أسلوبها وطريقتها.

 آمال: وهل تسرق أنت الكاميرا؟

- فريد شوقى: لا.. لكن حدث عدة مرات أمام زملاء رجال، مثل محسن سرحان وعماد حمدى حينما كنت أؤدى دور الشر وهما يؤديان دور الخير كنت أحب سرقة الكاميرا منهما، أما الآن فتركيزى على مساعدة زملائى أكبر.

 

آمال: بمناسبة ذكر اسم محسن سرحان.. فقد قال لى إنه حزين جدًا لأنه لا يطرق بابه أى منتج رغم أمجاده السينمائية ورغم أنه لا يزال قادرًا على العطاء الفنى…

- فريد شوقى: لا يمكن نسيان أمجاد محسن سرحان، وأنا عملت معه فى حوالى 40 فيلمًا كنت أؤدى الدور الثانى بينما كان هو البطل، لكن ابتعد بشكل مفاجئ والمطلوب منه أن يعيد حساباته ويعمل فى أدوار يمكن أن تناسب سنه، خاصة أننا فى حاجة إلى محسن سرحان.

 آمال: أنت تلقى التهمة عليه إذًا وليس على المنتجين والمخرجين…

- فريد شوقى: هذا صحيح، فقد أخطأ فى حق نفسه بهذا الابتعاد.

 عاصرت جيلين من النقاد الفنيين

 

آمال: لنقف وقفة عند الصحافة الفنية والنقد الفنى.. ما إحساس فريد شوقى بالنقد الفنى؟

- فريد شوقى: أنا حضرت جيلين من النقاد، ففى الماضى كان النقد الفنى «تبع الشِلَل» كما يكتبها الأستاذ عبدالفتاح البارودى باستمرار، فقد كانوا ينتقدون لأغراض شخصية، وتلاشى هذا الآن وانتهت هذه الصورة، وذلك لأن النقاد الآن يشعرون بقيمتهم الأدبية والفنية، فينقدون بشكل حقيقى، وأنا أحب النقد الحقيقى حتى ولو كان ضدى، وأخص بالذكر النقاد رؤوف توفيق ومفيد فوزى وفوميل لبيب، ورغم قسوتهم عليَّ فى بعض الأحيان إلا أننى أكتشف صحة نظرتهم فيما بعد، وبهذا فهم يرفعوننى بنقدهم النزيه.

 

 آمال: قال لى رشدى أباظة إنه على استعداد لضرب من ينتقده…

- فريد شوقى: هذا كلام شخص لا يثق فى نفسه، لكن حينما ينقد أحد هؤلاء النقاد عملاً من أعمالى أجد أننى قد قدمته بالفعل لظروف اجتماعية أو مادية أو لمساعدة مخرج أو منتج، وذلك على حساب نفسى، وأنا أخطأت كثيرًا وأعترف بذلك، وهناك أخطاء لى لا يمكن أن أنساها.

 عادل إمام ينتزع ضحكتى

آمال: نريد أن نتعرف على الوجه الآخر لك.. فلو قلنا إن ضحتك لازمة من لوازم حياتك.. فمن يضحكك؟

- فريد شوقى: عادل إمام ينتزع الضحكة من قلبى حتى فى ضحكاتنا الخاصة.. وفؤاد المهنس أيضًا.

ومحمود ياسين يبكينى

 آمال: ومن يبكيك من نجومنا؟

- فريد شوقى: شاهدت مؤخرًا فيلمًا لمحمود ياسين اسمه «رحلة النسيان» أبكانى بالفعل، فقد أدى الدور بشكل رائع وكانت معه نجلاء فتحى، وأيضًا أمينة رزق فى فيلم «أريد حلًا» فرغم صغر دورها إلا أننى لا يمكن أن أنساه.

 آمال: ومن يطربك من المطربين؟

- فريد شوقى: لا يمكن أن أنسى أم كلثوم ولا يمكن أن تمر ليلة دون أن أسمع أغنية من أغنياتها، وأيضًا وردة التى أطلقت عليها اسم البرنسيسة وذلك لأنها شخصية لا تستجدى الجمهور بل ترسخ قدميها على المسرح.

آمال: أنت تحب الاعتزاز فى الفنان..

- فريد شوقى: طبعًا.. فأنا أستغرب من المطرب الذى يستجدى الجمهور لكى يصفق له.

 آمال: أرى أمامى صورًا متعددة لك فى أدوارك المختلفة، فأيها أقرب إلى قلبك؟

- فريد شوقى: أقرب صورة إلى قلبى هى صورتى فى فيلم «البؤساء».

 

أبو البنات الشُطّار

 آمال: بالنسبة لحياتك الخاصة.. ماذا تقول عنها؟

- فريد شوقى: أنا تزوجت ثلاث مرات ولديَّ خمس بنات هن منى وناهد ومها وعبير ورانيا، فأنا أبو البنات بالفعل.

 آمال: أعرف أنك تعتمد على بناتك فى إدارة كل أعمالك الفنية.. فهل تفتقد إخلاص الموظفين تجاهك فنيًا؟

- فريد شوقى: أولًا أنا أحمد الله لأنه منحنى البنات، والحمد لله أننى أوصلتهن إلى آخر مراحل التعليم، فكلهن تخرجن فى الجامعات وتزوجن من رجال رائعين أعتبرهم أولادى ومنى فريد شوقى تخرجت فى الجامعة الأمريكية وهى تعمل معى فى المكتب، وناهد حصلت على ليسانس حقوق وعينت كوكيلة نيابة لمدة ستة أشهر ولكنها لم تستمر وفضلت العمل معى فى المكتب، ومها خريجة كلية التجارة وتعمل معى فى المكتب أيضًا، وأنا منذ بدأت العمل بالتمثيل عام 1946 فى ذهنى هدف واحد وهو أن أكون منتجًا، لكى أتمكن من قول كل ما أريد قوله وحققت هذا عام 1951 وكنت متزوجًا من هدى سلطان، وأنشأت مكتبًا للإنتاج فأصبح هناك مقر ومكان للشركة، وظللت أحارب طوال هذه السنوات لأحافظ على نجاح المكتب حتى تسلمت بناتى العمل بالمكتب وهن اللاتى يدرنه الآن، لأن معظم من استعنت بهم من موظفين ومديرين سرقونى، فمثلًا كان عندى مدير توزيع سرق منى مبالغ مهولة لأنى فنان لا أجيد الحسابات ولا الإيرادات والتوزيع، وأكد لى المحامى أنه يستطيع أن يسجنه لكنى رفضت، وطلبت أن يُفصل من الشركة وأن يأخذ حقه أيضًا، وحينما بدأت بناتى فى إدارة المكتب وجدن أشياء غريبة فيه ولكنهن أصبحن الآن فى مكانة رائعة، أما أنا فقد تفرغت لقراءة السيناريوهات ومعالجة الأفكار، ولم أعد أذهب للمكتب إلا مرة فى الشهر مثلًا وتركت لهن إدارة كل الأمور.

 

آمال: إذًا فقد عوضك بناتك عن غدر الآخرين بك..

- فريد شوقى: هذا صحيح، فهن من نعم الله عليَّ، وأنا وضعت تربيتهن فى مقدمة اهتماماتى لدرجة أن من حولى كانوا يقولون إنى أب ناجح وزوج فاشل، ولكن هذا لا يعنى أننى أهملت الزوجة.

 الملاكمة أفادتنى فى أدوارى

 آمال: هل مارست بالفعل إحدى الرياضات العنيفة؟

- فريد شوقى: كنت ألعب الملاكمة فى أيام الدراسة وكنت أعمل على بناء جسمى، وكنت أقرأ فى كتب الملاكمة، وفزت ببطولة المدارس فيها، واستفدت من هذا بعد أن أصبحت ممثلًا محترفًا فى تمثيل كيفية الضرب وتلقى الضربات، ولهذا فقد أجدت تمثيل هذه الأدوار، بالإضافة إلى ذلك كنت ألعب كرة القدم حتى فترة متقدمة من حياتى.

 

حكاية عيد ميلاد الملك فاروق

 

آمال: أعلم أن لك قصة شهيرة فى حفل عيد ميلاد الملك فاروق.. هل يمكن أن تحكيها لنا؟ - فريد شوقى: كان ذلك فى يوم 11 فبراير سنة 1946 وكان يوم عيد ميلاد الملك فاروق وكنت طالبًا فى الفرقة الثانية، وكانت البرنسيسة شويكار عمة الملك تنظم له حفلًا فى قصرها، وذهبت أنا وعدد من زملائى وقدمنا عرضًا مسرحيًا، وبعد انتهاء الحفل احتجزنى شخص اسمه إبراهيم عفيفى سكرتير البرنسيسة شويكار وقد أصبح منتجًا فيما بعد، وكان ذلك لإعجاب الملك بالعرض الذى قدمته، وعلمت بعد ذلك أن أمر إرسالنا للتمثيل فى حفل عيد ميلاد الملك كان مخططًا من أستاذنا زكى طليمات لأن المعهد لم تكن له ميزانية وكان تابعًا لوزارة الشئون الاجتماعية، وأراد زكى طليمات أن يجعل المعهد رغبة ملكية، وحينما أعجب الملك بالعرض أصبح المعهد رغبة ملكية بالفعل، وكان رئيس الديوان محسن باشا هو الذى أكد إعجاب الملك بى، وكانت المرة الأولى التى أرى فيها العائلة المالكة بزيناتها وأبهتها عن قرب.

 

أصعب فترات حياتى

 

آمال: ما أصعب فترات حياتك؟

- فريد شوقى: مررت بأصعب فترة فى حياتى فى شهر ديسمبر سنة 1969، فهذا الشهر كان شهرًا قاتلًا فى حياتى، فقد كانت هدى سلطان تلح وتطلب الطلاق، ووالدى يرقد على فراش الموت وابنتاى مقبلتان على الزواج، وكنت مصممًا على عدم الطلاق وأقمت وحيدًا فى بيتى وأهملت عملى وأوقفت كل أعمالى الفنية حتى أننى استدنت واستمرت الأزمة لمدة ستة أشهر، وكادت هذه المرحلة أن تقضى عليَّ فنيًا، فقد تهدم البيت الذى بنيته فى عشرين عامًا وتزوجت ابنتاى بعيدًا عنى، وأنقذنى فى هذه الفترة وجود أمى وعمتى معى، وبعد أن طلقت هدى سلطان انهرت أكثر، حتى جاء يوم نظرت فيه إلى شكلى فى المرآة وصدمت مما رأيت وتساءلت كيف تهدمنى امرأة بهذا الشكل، وقررت أن أبدأ العودة للطريق الصحيح، وبالفعل بدأت استعيد التركيز فى عملى لكى يكبر اسم فريد شوقى أكثر وأكثر.

 صلاة الصبح لا أتركها

 آمال: شىء حرصت عليه طوال حياتك.. ما هو؟

- فريد شوقى: صلاة الصبح.. فلم أتركها طوال حياتى سواء كنت فى مصر أو خارجها حتى إننى كنت أصلى فى دول لا أعرف توقيت الصلاة فيها ولا حتى اتجاه القبلة، ولكن العادة الملازمة لى هى صلاة ركعتى الصبح فور استيقاظى من النوم تحت أى ظروف.

آمال: من أنت فى كلمات؟

- فريد شوقى: أنا إنسان بسيط جدًا، أحمد الله أن حياتى لم تُعقد فى أى شىء لأننى تربيت بين أب وأم لم يفترقا إلا بالوفاة، لم أحرم من شىء فى طفولتى، حتى حينما أحببت التمثيل وأنا فى سن العاشرة من عمرى كان والدى يشجعنى ولا زلت أعتبره أستاذى الأول لأنه أول من بذر فيَّ البذرة الفنية، ولم أُحرم فى حياتى من طعام أو ملابس أو من حب، والحمد لله أنه لا يوجد أى شخص فى الوسط الفنى يكرهنى أو يحقد عليَّ، بل يلاحظ الجميع الحب الشديد الذى أتمتع به بين الفنانين.