طارق مرسي
كوكو شيرى
لدى العدل جروب والأخوين جمال ومدحت العدل قدرات عبقرية ليس فى اكتشاف الذهب الخام وتصنيعه؛ بل تلميع الجواهر الثمينة وإعادة تسويقها بأعلى سعر؛ هذا هو الموجز وإليكم وقائع المسرحية الاستعراضية الغنائية «كوكو شانيل» هذا الحدث الفنى غير المسبوق بالتفصيل..
جمال ومدحت بعيون مبدعة وخبيرة وبعيدة النظر رأيا أن حلم تحقيق عمل فنى استثنائى جدًا لن يكون إلا بنجمة فى حجم وقيمة واسم «شريهان»، وبرغبة متوحشة لتقديم عمل فنى تاريخى يجمعهم، ربما لارتباطهما بموهبتها فى أيام التوهج كمتفرجين لمسا موهبتها واسمها الكبير؛ لكن الرغبة استمرت وتحدثت عن نفسها فى صورة عمل فنى مسرحى ليس ككل الأعمال «حاجة كده عالمية» تليق بتاريخ شريهان وتاريخ حبهما مثلنا لها، ولأن مثل هذا الطموح الجامح لا بُدّ من وجود قوة لازمة لتحقيقه جاءت هيئة الترفيه السعودية «بشبيك لبيك» لتحويل هذه المقطوعة المسرحية الرائعة ليس كطرَف داعم فقط؛ بل فاتح ذراعيه لتقديم قيمة فنية ليس للجمهور المصرى؛ بل والعربى عمل يكافح الإسفاف ويفتح الطريق لأعمال تحترم العقول المتلهفة للإبداع فقط؛ ولهذا فإن كل شىء مباح ما دامت هناك قوة لازمة لتحقيق هذا الشىء، وفقًا للمبدأ الميكافيللى سواء على مستوى شركة إنتاج تثمّن قيمة الفن ورسالته أركانها منتج شاطر ومؤلف مبدع وجهة داعمة للفن الرفيع، فتحت منصتها له فى تجربة هى الأولى، وفنانة استثنائية بحجم شريهان قالت وعلى طريقة المخترعين «وجدتها» واختارت جمال ومدحت. وفى جلسة إبداع طرحت فكرتها سرعان ما ابتلعها وهضمها د.مدحت العدل ليصول ويجول ويطلق سراح إبداعه، والمفاجأة أن المسرحية هى الأولى له فى كتالوجه الفنى، وتكون بهذا الاكتمال والكمال والنضج.
عندما بدأ اختراع السينما قالوا إنه الفن السابع الجامع لكل الفنون؛ لكن هذه المسرحية الغنائية الاستعراضية التراچيدية الكوميدية قد جمعت من جانبها كل الفنون بما فيها السينما بقيادة المخرج هادى الباجورى الذى أعاد اكتشاف نفسه فى هذا العمل العالمى والذى لا يقل جمالًا وإبهارًا عن أكبر عروض مسرح برودواى الشهير.
مسرحية «كوكو شانيل» أعادت النجمة الكبيرة إلى عرشها الذى لم يقترب منه أحد منذ 30 عامًا وكأنها لم تغب أبدًا، وبما يشبه المعجزة لتمرح موهبتها تمثيلًا واستعراضًا وغناءً لتقدم درسًا خصوصيًا فى الإبداع، وكما أبهرت الشارع الفنى وكانت «الطفلة المعجزة» جاءت بعد كل هذا الغياب وهذه المعاناة «النجمة المعجزة» والأسطورة والعلامة التجاربة الفنية فى «منصة شاهد» التى لا تقل عن أسطورة كوكو شانيل نفسها صاحبة أكبر بيوت الأزياء ومستحضرات التجميل على مستوى العالم.
لا تقدم شريهان فى هذه المقطوعة المسرحية استعراضًا وغناءً؛ بل تجسد تأثير الحرب العالمية على بيت من أرقى بيوت الأزياء وكيف واجهت كل الصعوبات لتنتصر للإبداع والذوق الرفيع من خلال قصة حياة مصممة الأزياء الشهيرة كوكو شانيل ومراحل تطور الذوق فى العالم على خلفية سياسية تؤكد أن الذوق تغيّر مثلما تتغير الشعوب. إن قصة حياة شريهان هى نفسها قصة حياة كوكو شانيل لأنهما هى وكوكو وجهان لعملة واحدة هى الإبداع وكيف تحدت موهبتها الطموحة كل الصعوبات وقتلت آلامها لتقدم لنا نموذجًا استثنائيًا من الفن الرفيع عبر مشوارها الفنى وتجاوُز كل الصعاب والوصول للمجد الذى لخصته فى الاستعراض الأخير المبهر فى المسرحية بعنوان «المَجد».
والمَجد هنا أيضًا لهيئة الترفيه السعودية وللأخوَين جمال ومدحت العدل ولكل فريق العمل من هانى عادل وأيمن قيسون وتامر حبيب وإنجى وجدان وحنان يوسف وإيناس شيحة وداليا شوقى ونهى عادل وسمر مرسى وضيف الشرف النجم آسر ياسين حتى مصمم الاستعراضات هانى أباظة ومصممة الأزياء ريم العدل وملحن الاستعراضات إيهاب عبدالواحد.. المجد لكل هؤلاء على الأداء الفاخر وهذا العمل المبهر والراقى وغير المسبوق فى المسرح الاستعراضى المصرى.