الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

أعمال تقوم مقام الحج فى زمن الكورونا

مع بداية مناسك الحج وتعذر المشتاقين لأداء فريضة الحج نظرًا لمحدودية الأعداد واقتصارها على المقيمين فى المملكة العربية السعودية بسبب وباء كورونا تظهر العديد من التساؤلات حول كيفية تحصيل ثواب يعادل الحج لمن أراد الحج بماله ولم يستطع فى ظل هذا الوباء .. والأعمال التى تقوم مقام الحج وسط هذه الظروف.



 

مركز الأزهر للفتوى من جانبه أصدر فتوى توضح أن كل مَن كان قد ادَّخَر مالًا لحجَّة الفريضة وحال بينه وبين أدائها حائلٌ خاصُّ به، أو بأماكن أداء الشَّعائر كقصر أداء الحج على المقيمين بأرض المملكة، وقرَّر التَّصدق بالمال الذى أعدَّه لحجَّته، فقد أدَّى بذلك صدقةً من أعظم الصَّدقات، وأُجِر على نيَّته إنْ شاء الله، ولكن لا تُسقِط الصّدقةُ عنه حجَّة الفريضة، إذ إنَّ الحجَّ فرضُ عينٍ على كل مُسلم مُستطيع مرةً واحدة فى عمره، ومعلوم أنَّ الفرض لا يَسقط بالسُّنة.

وأوضحت فتوى الأزهر أن مَن ادَّخَر مالًا لنافلة حجٍّ أو عمرة ثم جعَلَه فى حاجة المرضى والفقراء، ومعونة المُتضررين من الوباء، فقد حصَّل بالنية أجر الحجِّ أو العمرة إنْ شاء الله تعالى، لقول سيِّدنا رسول الله: «إذَا مَرِضَ العَبْدُ، أوْ سَافَرَ، كُتِبَ له مِثْلُ ما كانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا» «فضلًا عن أجر صدقته ومُواساته».

وقال الأزهر فى فتواه إنه مع هذا الفضل العظيم للحجِّ والعمرة فإنَّ إكسَاب المَعدُوم، وإنقاذ المرضى، وإطعام الجوعى فى زمان الوباء والفاقة من الأعمال التى لها أجر كبير، فللنَّوازل أحكامها، ولأزمنة الجوائح فى شريعة الإسلام تفَقُّه يُناسبها، لا سيَّما إذا تعطَّلت التَّحركات من بلد لآخر أو ندرت بسبب خوف انتشار الوباء، كما هو الحال الآن فى ظلِّ خوف انتشار فيروس كُورونا، ليس فى بلاد الحرمين فحسب، بل فى مُختَلف بلاد العالم.

وشدد مركز الفتوى على أن العلماء قد فهموا هذا الفقة وطبَّقوه، ودعوا النَّاس إليه، فهذا عبدالله بن المبارك رحمه الله، تقول له فتاة وقد خرج للحجِّ سنة: أنا وأخى هنا ليس لنا شىء إلَّا هذا الإزار، وليس لنا قُوت إلا ما يُلقَى على هذه المزبلة، وقد حلَّت لنا الميتة منذ أيام، فدفع إليها نفقة الحجِّ، وقال: «هذا أفضل مِن حجِّنا فى هذا العام»، 

وزير الأوقاف د. محمد مختار جمعة من جهته يوضح أن من نوى حج الفريضة فمات قبل أن يحج فهو بنيته، وكذلك من حبسه العذر عن أدائها فلا إثم ولا حرج عليه بل إن الله (عز وجل) يثيبه بصادق نيته، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «مَن هَمَّ بحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْها، كُتِبَتْ له حَسَنَةً، ومَن هَمَّ بحَسَنَةٍ فَعَمِلَها، كُتِبَتْ له عَشْرًا إلى سَبْعِ مِئَةِ ضِعْفٍ»،

أضاف: إن قضاء حوائج الناس على المطلق حتى فى غير وقت الحوائج أولى من تكرار الحج والعمرة فما بالنا فى زمن الجوائح والشدائد، يقول الرسول (صلى الله عليه وسلم) : «يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْحَجُّ»، فَقَامَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ فَقَالَ: أَفِى كُلِّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: لَوْ قُلْتَهَا لَوَجَبَتْ، وَلَوْ وَجَبَتْ لَمْ تَعْمَلُوا بِهَا وَلَمْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْمَلُوا بِهَا، الْحَجُّ مَرَّةً فَمَنْ زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ» والتطوع يرتبط بأحوال الأمم وظروف الناس ويسار الدول وظروفها الاقتصادية، فمن كان قد نوى حج النافلة فتصدق بقيمة ما كان قد نوى الحج به فله الأجر مرتان، الأول: بنيته، والثانى: بصدقته، والله يضاعف لمن يشاء.

كما أوضح أن من فضل الله على خلقه ورحمته بهم أن جعل أبواب الخير واسعة بلا حدود، فالتكبير صدقة، والتحميد صدقة والتهليل صدقة، وإرشاد الضال صدقة، وأن تبصر للأعمى صدقة، وأن تسمع الأصم صدقة، وأن تكف الأذى عن الطريق صدقة، وأن تكف الأذى عن الناس صدقة. 

ولفت إلى أن مما يفعله الحجيج سوق الهدى، وقد جعل الله لغير الحجيج بديلًا، وهو الأضحية، يقول الرسول (صلى الله عليه وسلم) : «ضحوا فإنها سنة أبيكم إبراهيم»، والأضحية لها فضل عظيم، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : «وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنَ الأرْضِ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا»، وذلك مع مراعاة الضوابط الشرعية، والصحية، والبيطرية، والبيئية، وعلينا أن نعلم أن طاعة الله لا تنال بمعصيته، فلا نؤذى جيراننا والناس بمخلفات الأضحية، وأن نذبح فى الأماكن المخصصة للذبح، فإن تعذر ذلك ففى صك الأضحية وسيلة آمنة لمن لا يستطيع أن يحقق هذه الضوابط، بل حتى لو استطعت أن تضحى بنفسك، فيمكنك أن تجمع بين الحسنيين، فيذهب الصك للفقراء والمحتاجين فى كل مكان بعزة وأمانة.

كما أشار إلى أن من أهم مشاعر الحجيج التلبية، وهو أمر قلبى لا أن يكون لفظيًا فقط، والمؤمن الحقيقى يلبى بالروح والعقل والقلب والجسد والكيان كله، فالتلبية الحقيقية تكون بالقلب ولا تقتصر على زمان أو مكان، يقول المؤمن لبيك اللهم لبيك، أى إجابة بعد إجابة، لبيك طاعة لا عصيانًا لبيك اللهم لبيك تقولها فى البر والبحر والسهل والجبل والبدو والحضر والحل والحرم.

إعانة الغارم والفقير 

من جهته قال الدكتور على جمعة، رئيس اللجنة الدينية، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن من تتوق نفسه إلى زيارة بيت الله الحرام هذا العام ولم يستطع الوصول إليه نظرًا لما يكتنف العالم من تفشى الوباء وجائحة كورونا فله أن يوجه هذه الأموال لإخراج الغارمين والغارمات وعودتهم لأسرهم فله الأجر والثواب الكبير عند الله تعالى.

وأضاف فى تصريحات له: إذا لم تستطع الوصول إلى بيت الله الحرام هذا العام وأداء فريضة الحج نظًرا لما يكتنف العالم من انتشار الوباء والأمراض فيمكن لك أن توصل امرأة غارمة إلى بيتها وأولادها وتأخذ الأجر والثواب. 

وفى فضل إعانة الفقراء كأحد الأعمال التى لها فضل كبير لمن لم يحج يروى د. مجدى عاشور المستشار العلمى للمفتى ما رواه الإمام ابن كثير أنه : خرج عبد الله بن المبارك رضى الله عنه إلى الحج، فاجتاز ببعض البلاد، فمات طائرٌ معهم، فأمر بإلقائه فى قمامة البلدة، وسار أصحابه أمامه، وتخلف هو وراءهم... فلما مر بالقمامة إذا بجارية قد خرجت من دار قريبة، وأخذت ذلك الطائر الميت، ثم أسرعتْ به إلى الدار، فجاء ابن المبارك، وسألها عن أمرها وعن أخْذِها الطائرَ الميت، فاستحيت أوَّلًا، ثم قالت : أنا وأمى هنا، وليس لنا شىءٌ إلَّا هذا الإزار، وليس لنا قُوتٌ إلا ما يُلْقَى على هذه القمامة، وكان لنا والد ذو مال عظيم، أُُخِذَ مَالُهُ، وقُتِلَ لسببٍ أو بآخر، ولم يبقَ عندنا شىءٌ نَتَبَلَّغُ به، أو نقتات منه!.سمع ذلك ابن المبارك فدمعت عيناه، وأمر بِرَدِّ الأحْمَال والمؤونة، وقال لوكيله : كم معك من النفقة ؟ قال : ألف دينار، فقال له : أبقِ لنا عشرين ديناراً تكفينا لإيابنا، وأعطِ الباقى إلى هذه المرأة المصابة، فو الله لقد أفجعتنى بمصيبتها. ثم قال : وإن هذا أفضل عند الله من حجنا هذا العام، ثم قفل راجعاً، ولم يحج .

أعمال مأجورة كالحج 

الدكتور علاء الشال من علماء الأزهر  من جهته يؤكد أنه فى زمن الكورونا فإن الذهاب للحج يعتبر مغامرة خطيرة لما لها من مخاطر على الصحة العامة ، موضحًا أن الشريعة الإسلامية جاءت بأعمال صالحة يأخذ القائم بها أجر الحاج والمعتمر، منها النية الصادقة  والعزم على الحج والعمرة متى تيسرا فذلك من الأعمال التى يعدل ثوابها ثواب الحج والعمرة فإن العبد بنيته الصادقة يحصل ثواب العبادة التى لم يستطع أداءها، أو حال بينه وبين أدائها حائل، والحج والعمرة من جملة هذه العبادات.

أضاف.. إن من الأعمال أيضا بر الوالدين فلقد أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ (ص)، فَقَالَ: إِنِّى أَشْتَهِى الْجِهَادَ، وَإِنِّى لَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «هَلْ بَقِيَ أَحَدٌ مِنْ وَالِدَيْكَ؟» قَالَ: أُمِّي، قَالَ: «فَاتَّقِ اللهَ فِيهَا، فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ فَأَنْتَ حَاجٌّ وَمُعْتَمِرٌ، وَمُجَاهِدٌ، فَإِذَا دَعَتْكَ أُمُّكَ فَاتَّقِ اللهَ وَبِرَّهَا».إن البر بالوالدين من أعمال الإسلام العظيمة التى يأخذ الإنسان عليها الأجر الجزيل، ولقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم البر بالأبوين أجره كأجر الحاج والمعتمر.   ثانيا: الصدقة بنية ثواب الحج والعمرة عن أبى هُريرة رضى الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (السَّاعِى عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالمِسْكِينِ، كَالْمُجَاهِدِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ - وأحسِبُه قال: - كَالقَائِمِ لاَ يَفْتُرُ، وَكَالصَّائِمِ لاَ يُفْطِرُ) ،ومن المعلوم أن أفضل الأعمال فى الإسلام بعد الشهادة هو الجهاد فى سبيل الله فهو أعلى منزلة من الحج وعليه فإن فضل المتصدق عن طيب نفس كالمجاهد فى سبيل الله فهو أعلى منزلة من ثواب الحاج والمعتمرقال ابن بطّال رحمه الله: «من عجز عن الجهاد فى سبيل الله، وعن قيام الّليل وصيام النّهار، فليعمل بهذا الحديث، وليسعَ على الأرامل والمساكين، ليُحشر يوم القيامة فى جملة المجاهدين فى سبيل الله دون أن يخطو فى ذلك خطوة، أو ينفق درهمًا، أو يلقى عدوًّا يرتاع بلقائه

وأوضح د. علاء أن جلسة الضُّحى بعد صلاة الفجر فى جماعة من الأعمال التى يعدل ثوابها ثواب الحج والعمرة بيَّن النبى (ص) ثواب جلسة الذِّكر والقرآن بعد صلاة الفجر إلى شروق الشمس، وصلاة الضحى بعد الشروق بثلث ساعة تقريبًا، وأخبر أن ثوابها كثواب الحجة والعمرة، فقال (ص): «مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ فِى جَمَاعَةٍ، ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ، وَعُمْرَةٍ، تَامَّةٍ، تَامَّةٍ، تَامَّةٍ»،  مع الأخذ بالاحتياطات اللازمة زمن الوباء الذى نعيشه

أضاف: إن أداء الصلاة المكتوبة فى المسجد من الأعمال التى يعدل ثوابها ثواب الحج قَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ مُتَطَهِّرًا إِلَى صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْحَاجِّ الْمُحْرِمِ، وَمَنْ خَرَجَ إِلَى تَسْبِيحِ الضُّحَى لَا يَنْصِبُهُ إِلَّا إِيَّاهُ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْمُعْتَمِرِ، وَصَلَاةٌ عَلَى أَثَرِ صَلَاةٍ لَا لَغْوَ بَيْنَهُمَا كِتَابٌ فِي عِلِّيِّينَ».