الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بعد العرض للمرة الثانية: هل يستطيع مجلس الأمن حل أزمة «النهضة»؟

بعد عام آخر من المفاوضات تعود مصر والسودان مرّة أخرى إلى مجلس الأمن فى محاولة لإيجاد حل لأزمة «سد النهضة» بَعد وصول المفاوضات مع إثيوبيا برعاية الاتحاد الإفريقى إلى طريق مسدود.



فى يونيو العام الماضى وجّهت الخارجية المصرية خطابًا لمجلس الأمن تدعوه فيه بالنظر إلى خطورة أزمة سد النهضة الإثيوبى على الأمن والسِّلم العام فى القارة الإفريقية؛ خصوصًا بعد تعنت أديس أبابا الدائم على مدار 10 أعوام من المفاوضات دون جدوَى أو دون محاولة الجانب الإثيوبى أن يظهر نيته فى إيجاد حل يناسب الدول المتضرّرة.

 

 بعد عام من المحاولات الدبلوماسية والسّلمية التى تتبعها مصر والسودان للحفاظ على وحدة أشقائهما الأفارقة والعمل لآخر طرُق المفاوضات، يذهب ملف «النهضة» مرّة أخرى إلى مجلس الأمن فى جلسة عاجلة على أمل وضع حد أو خطط ملزمة للتوصل لحل هذه الأزمة التى تهدد حياة الشعب المصرى والسودانى على حدٍّ سواء.

ومع انعقاد جلسة 8يوليو «الجلسة الثانية» لايزال التساؤل حول جدوى هذه الجلسة مطروحا، وأيضا حول إمكانية أن يساهم المجلس فى حل الأزمة، وهل ستختلف نتائجها عن نتائج الجلسة التى عُقدت فى يونيو 2020، عندما دعت مصر مجلس الأمن إلى التدخل لإيجاد حل لمشكلة السد الإثيوبى؟

 طريق الدبلوماسية

«نحن لا نهدد أحدًا، ولكن لا يستطيع أحدٌ أخذ نقطة مياه من مصر وإلا ستشهد المنطقة حالة عدم استقرار لا يتخيلها أحد».. بهذه الكلمات أكد الرئيس «عبدالفتاح السيسى» أن مصر لا تسعى لزعزعة أمن واستقرار المنطقة، مؤكدًا أن بلاده ليست دولة معتدية على حقوق الآخرين فى المنطقة، لكن الأمن المائى المصرى «خط أحمر»، فالسياسة التى تتبعها إدارته للبلاد تتخذ نهجًا رشيدًا ومُتزنًا فيما يتعلق بأزمة «سد النهضة»؛ خصوصًا أن أى حلول أخرى دون التفاوض ربما سيصل تأثيرُها على الشعوب لسنوات عدة.

كانت هذه هى تصريحات الرئيس المصرى فى 30 مارس الماضى، خلال مؤتمر صحفى بمركز قناة السويس، لكن لم تكن هذه المرّة الأولى التى يؤكد فيها الرئيس «السيسى» أن مصر والسودان تسعيان لتجنّب التوتر فى المنطقة وستعمل إدارة البلاد لاتباع جميع الطرُق السّلمية التى يكفلها القانون الدولى فى المحافظة على حقوق شعبيهما دون المساس بحقوق الآخرين، لكن على الجانب الآخر استمرت إثيوبيا فى أخذ أساليب وطرُق تصعيدية لفرض أمر واقع؛ خصوصًا بعد إعلانها عن بدء مرحلة الملء الثانى لسد النهضة خلال الشهر الجارى، وهو الأمر الذى رفضته القاهرة والسودان بموجب المادة 35 من ميثاق الأمم المتحدة التى تجيز للدول الأعضاء أن تنبه مجلس الأمن إلى أى أزمة من شأنها أن تهدد الأمن والسلم الدوليين.

وعلى أساس هذا القانون الدولى كان توجُّه مصر الأول لمجلس الأمن فى مايو 2020؛ حيث طالب وزير الخارجية «سامح شكرى» بضرورة تدخُّل المجلس لحل هذا النزاع الذى يضر بحياة نحو 145 مليون مواطن مصرى وسودانى، وفى 20 يونيو من العام نفسه وجَّه «شكرى» خطابًا آخر يؤكد على خطورة الوضع بعد مواصلة إثيوبيا إصرارها على بدء ملء السد بشكل أحادى الجانب خلال موسم الأمطار (يوليو وأغسطس) بما يخالف التزاماتها القانونية الدولية، موضحًا أنه بسبب فشل محاولات الاتحاد الإفريقى فى إيجاد حل لهذه الأزمة، توجهت مصر لإحالة هذه المسألة لمجلس الأمن الدولى «بعد أن استنفدت كل سبيل للتوصل إلى حل ودّى لهذا الوضع عبر إبرام اتفاق بشأن سد النهضة يحفظ ويعزز حقوق ومصالح الدول الثلاث المُشاطئة للنيل الأزرق».

وقد انعقدت جلسة مجلس الأمن فى 29 يونيو 2020؛ حيث أجمعت الدول الأعضاء على ضرورة التوصّل لاتّفاق حول ملء السّدّ، عن طريق الحوار بين الدول المَعنيّة، وعلى ضرورة تحقيق الأمن والاستقرار فى المنطقة، محذّرةً من خطورة اتّخاذ إجراءات أحادية الجانب أو التصعيد.

ودعا مجلس الأمن الدولى مصر وإثيوبيا والسودان إلى الحوار فيما بينها من أجل إيجاد حل لأزمة سد النهضة الإثيوبى، وأكد أعضاء المجلس فى كلماتهم، أنهم يدعمون الجهود التى يبذلها الاتحاد الإفريقى لحل الأزمة وأن هذا الملف بات فى عُهدة الاتحاد الإفريقى.

وعلى مدار عام من انعقاد هذه الجلسة لم تتخذ إثيوبيا أى خطوات جديدة توضح نيتها فى التوصل لحل سلمى للأزمة، وهو الأمر الذى دعا السودان إلى التقدم مرّة أخرى لمجلس الأمن لعَقد جلسة طارئة لبحث تطوّرات الخلاف بشأن «النهضة»، وقد استجاب المجلس لهذا الطلب بعقد جلسة برئاسة فرنسا فى محاولة للتوصل إلى آخر الأوضاع فى هذه الأزمة.

 وجه الاختلاف

يختلف انعقاد هذه الجلسة الطارئة عن سابقتها التى عُقدت العام الماضى، وقد أوضح المتحدث باسم الخارجية السودانية السفير «جمال محمد إبراهيم»، فى تصريحات صحفية، أن الطلب السودانى يتعلق بتوسيع منصة التفاوض لتشمل الاتحاد الأوروبى والأمم المتحدة والولايات المتحدة إلى جانب الاتحاد الإفريقى.

ومن جهة أخرى يرى خبراء أن قبول المجلس عَقد جلسة طارئة فى هذا التوقيت يدل على اهتمام المجتمع الدولى بهذا الملف، الذى بات مُهددًا للأمن والاستقرار فى واحدة من أهم المناطق فى العالم، التى تُعتبر مَعبرًا لحركة الملاحة والنفط، كما أن بعد الفشل الذى واجهه الاتحاد الإفريقى فى إيجاد حل لهذه الأزمة بعد إحالة مجلس الأمن الملف له فى يونيو 2020، كان رجوع الدول المضررة إلى المجلس خطوة لا بُد منها لإطلاع المجلس الأممى على آخر المستجدات.

 توقعات لحل الأزمة

وحول خطوات مجلس الأمن لحل أزمة  «النهضة» فوفق تصريحات رئيس مجلس الأمن وسفير فرنسا لدى الأمم المتحدة، «نيكولا دو ريفيير»؛ فإن المجلس ليس لديه الكثير الذى يمكنه القيام به بخلاف جمع الأطراف معًا للتعبير عن مخاوفهم، ثم تشجيعهم للعودة إلى المفاوضات للوصول إلى حل. وأضاف: «لا أعتقد أن بوسع المجلس أن يفعل أكثر من ذلك».

وتعليقًا على ذلك أوضح وزير الخارجية المصرى «سامح شكرى»، فى تصريحات  إعلامية أن بلاده ليست متفاجئة من موقف مجلس الأمن الدولى من أزمة سد النهضة الإثيوبى، مضيفًا  إن هذه التصريحات هى تعبير عن موقف للمندوب الدائم الفرنسى، ولم تأخذ فى الاعتبار التنسيق الكامل مع فرنسا. وأشار «شكرى» إلى أن الموافقة على عَقد جلسة مجلس الأمن جاءت بعد جهود واتصالات.

وقد أوضح السفير «ماجد عبدالفتاح»، المندوب الدائم لجامعة الدول العربية فى الأمم المتحدة، فى تصريحات صحفية،  أن اللجنة العربية بجانب تونس يقومون بدور مهم فى مجلس الأمن من أجل حل أزمة السد الإثيوبى، موضحًا أن هناك رغبة للحصول على 9 أصوات فى مجلس الأمن،  دون استخدام حق «الفيتو» من قبل الدول الخمسة دائمة العضوية، مشيرًا إلى أن هذا الأمر سيتطلب جهدًا كبيرًا من مصر والسودان فى أزمة السد الإثيوبى.

وتابع المندوب الدائم لجامعة الدول العربية فى الأمم المتحدة، إن هناك هدفًا لمتابعة ما حدث من توصيات فى الجلسة السابقة لحل أزمة السد الإثيوبى، وأن نتيجة اجتماع مجلس الأمن ستحدد بعد مشاورات الأعضاء مع دولها، مضيفًا إن السودان ومصر يعملان معًا على مشروع قرار بشأن سد النهضة يطرح على مجلس الأمن الدولى، إذا لم تتوصل إثيوبيا لاتفاق.