الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

قمة تاريخية بين مصر والأردن والعراق: ثلاثية الأمن القومى العربى

فى أجواء احتفالية ومراسم استقبال تاريخية شهدت العاصمة العراقية بغداد.. أول زيارة للرئيس عبدالفتاح السيسى للمشاركة فى فعاليات القمة الثلاثية بين مصر والعراق والأردن، مع مصطفى الكاظمى رئيس الوزراء العراقى والملك عبدالله الثانى ملك الأردن، وذلك فى إطار الجولة الرابعة لآلية التعاون الثلاثى التى انطلقت فى القاهرة فى مارس 2019.



 

استهل الرئيس عبدالفتاح السيسى زيارته التاريخية للعاصمة العراقية بغداد، بلقاء «برهم صالح»، رئيس جمهورية العراق بمراسم احتفال حيث أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى، تطلع مصر إلى تطوير التعاون الثنائى مع العراق إلى إطار مستدام من التكامل الاقتصادى والتعاون الاستراتيجى، خاصة فى ظل التحديات الكبيرة التى تموج بها المنطقة، فضلاً عن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن جائحة كورونا خلال لقائه مع برهم صالح، رئيس جمهورية العراق.

وشكر الرئيس السيسى الرئيس العراقى على حسن الاستقبال وكرم الضيافة، معربًا عن التقدير للعلاقات الوثيقة والتاريخية التى تجمع البلدين الشقيقين على المستويين الرسمى والشعبى، فضلًا عن التشابك الحضارى والثقافى الممتد، متمنيا كل التوفيق والنجاح للسلطة التنفيذية بالعراق فى إدارة الدولة خلال هذا المنعطف المهم من تاريخ الشعب العراقى الشقيق.

ورحب الرئيس العراقى بأخيه الرئيس ضيفًا عزيزًا على بغداد، مؤكدًا عمق الروابط التى تجمع بين البلدين الشقيقين، وحرص بلاده على الارتقاء بالتعاون مع مصر إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، وذلك لمصلحة الشعبين الشقيقين، وكحجر أساس للحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليمى وإعادة التوازن للمنطقة، وذلك فى ضوء الأهمية المحورية لمصر إقليميًا ودوليًا.

كما أعرب الرئيس العراقى عن تطلع بلاده إلى الاستفادة من التجربة المصرية الناجحة فى تنفيذ المشروعات التنموية والإصلاحات الاقتصادية الشاملة، فضلاً عن الاطلاع على الجهود المصرية الحثيثة فى مكافحة الإرهاب والتطرف، خاصة من خلال زيادة التواصل والتنسيق بين المؤسسات التعليمية والثقافية والدينية فى البلدين.

 قمة تاريخية

وعقب اللقاء مع الرئيس العراقى شارك الرئيس عبدالفتاح السيسى فى القمة الثلاثية للتعاون الثلاثى، والتى تعزز مختلف مجالات التعاون ومتابعة المشروعات الجارى تنفيذها بين الدول الثلاث، فضلًا عن تعزيز التشاور السياسى بينهم حول سبل التصدى للتحديات التى تواجه الوطن العربى ومنطقة الشرق الأوسط.

حيث أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال كلمته فى القمة الثلاثية مع كل من مصطفى الكاظمى رئيس وزراء جمهورية العراق، والملك عبدالله الثانى بن الحسين، ملك المملكة الأردنية الهاشمية، على قوة الالتزام بالتعاون الثلاثى بين مصر والعراق والأردن وما يحظى به هذا الأمر من أولوية متقدمة لدينا وما نوليه له من أهمية قصوى، ولذلك فإننا نسعى، وكلنا ثقة بأن هذا الأمر يشكل هدفًا مشتركًا للجميع، إلى تجسيد التعاون الثلاثى بيننا ووضعه موضع التنفيذ على أرض الواقع من خلال الشروع فى تنفيذ حزمة المشروعات الاستراتيجية التى تم الاتفاق عليها، وذلك مع إدراكنا للظروف الراهنة المرتبطة بتفشى جائحة كورونا وما صاحبها من إجراءات احترازية وتداعيات اقتصادية.

وتقدم الرئيس بخالص الشكر لرئيس وزراء العراق، مصطفى الكاظمى، على دعوته الكريمة لاستضافة القمة الثالثة فى بغداد العروبة عاصمة بلاد الرافدين، قائلاً: «يسعدنى بحق المجىء إليها والتواجد بين أهلها الكرام فى أول زيارة لرئيس مصرى إلى العراق منذ حوالى ثلاثة عقود».

 القمة تجسيد لقوة العلاقات

وأوضح الرئيس السيسى أن وجوده اليوم لهو تجسيد لقوة العلاقات بين بلادنا وشعوبنا، كما أنه يدل على مدى حرصنا على دعم هذه العلاقات وتطويرها نحو آفاق أرحب تؤكد على وحدة الهدف والمصير، وتلبى مصالحنا المشتركة.

 تدشين مرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجية

وأضاف الرئيس: إن هذه القمة التاريخية التى يحتضنها العراق، والتى تأتى استكمالًا لما تحقق خلال قمتى القاهرة وعمان، نأمل أن تكون بحق تدشينًًا لمرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجية والتعاون الوثيق بين بلداننا سعيًا نحو الانطلاق خلال السنوات المقبلة إلى مرحلة التنمية المستدامة والرخاء لشعوبنا، فضلًا عن المساهمة فى دعم العمل العربى المشترك؛ والعمل على صيانة الأمن القومى العربى، فمصر تسعى لخير المنطقة وشعوبها وتمد دائمًا جسور التعاون والإخاء لمحيطها العربى.

 كما نوّه الرئيس فى هذا الصدد إلى أن مصر تضع إمكاناتها الطبية لدعم أشقائها لمواجهة الحالة الوبائية الاستثنائية التى يمر بها العالم أجمع، وأنها مستمرة فى هذا النهج انطلاقًا من مسئولياتها وإيمانها بدورها إزاء أشقائها.

من ناحية أخرى قال الرئيس: إن هذه القمة فرصة جيدة لاستمرار التشاور والتنسيق بيننا حول أهم قضايا المنطقة، فى ظل التطورات الدولية والإقليمية المتلاحقة، والتى تستلزم التعاون المشترك لمواجهة التحديات والأخطار المشتركة، خاصة مع ما نشهده من تدخلات إقليمية مرفوضة تسعى للهيمنة وتهدد الأمن القومى العربى وتستهدف الدول العربية، وهو الأمر الذى يدعونا إلى التكاتف وتوحيد الصف العربى والعمل على تعزيز الدور العربى فى الأزمات المختلفة فى منطقتنا.

وارتباطًا بما سبق، أشار الرئيس إلى خطر عانينا منه جميعًا ومازال ماثلًا أمامنا يستهدف دولنا وشعوبنا ويحتاج إلى بذل المزيد من الجهود المشتركة لدحره، وهو الإرهاب والفكر المتطرف، وأشيد هنا بما حققه العراق الشقيق من انتصارات ضد هذا الخطر.

الحقوق العربية المائية تعد مكونًا أصيلًا من مكونات الأمن القومى العربى

وتابع الرئيس: «أود فى هذه المناسبة أن أثمّن مواقفكما الداعمة لمصر فيما يتعلق بحقوقها المائية، وهو الأمر الذى يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالأمن القومى العربى، ويشكل جزءًا من الحقوق المائية العربية بشكل عام. وفى هذا الصدد فإن مصر من جانبها تؤيد الحقوق المائية للعراق وللأردن فى مواجهة التحديات الماثلة أمامهما، وترى أن الحقوق العربية المائية تعد مكونًا أصيلًا من مكونات الأمن القومى العربى، مما يتطلب التنسيق والتعاون فيما بيننا للحفاظ عليها».

وفيما يخص الشأن الليبى، قال الرئيس: «إن مصر تسعى للتوصل لتسوية سياسية بناء على مخرجات قمة برلين وإعلان القاهرة وقرارات الشرعية الدولية، ودعمت المفاوضات التى تضم جميع الأطراف الليبية برعاية الأمم المتحدة، وصولًا لاتفاق لجنة الحوار الوطنى الليبى فى جنيف واختيار رئيس الوزراء ورئيس المجلس الرئاسى، ثم تشكيل الحكومة الليبية المؤقتة، وهو ما يشكّل فى مجمله خطوة مهمة على الطريق السليم، إلا أننا نؤكد على صعوبة تحقيق الاستقرار المرجو دون إنهاء كل التدخلات الخارجية فى ليبيا، وخروج القوات الأجنبية والمرتزقة، مع ضرورة استمرار احترام وقف إطلاق النار، وصولًا للانتخابات الليبية فى ديسمبر المقبل».

  نؤكد إمكانية حل الأزمة السورية عسكريًا

وعلى صعيد الملف السورى، قال الرئيس: «نعيد التأكيد على موقفنا القاضى بعدم إمكانية حل الأزمة السورية عسكريًا، وأن هناك حاجة للتوصل لحل سياسى يُنهى العمليات العسكرية والتدخلات الخارجية ويحقق المطالب المشروعة للشعب السورى مع ضرورة الحفاظ على وحدة وسلامة واستقلال الأراضى السورية، وحماية مؤسسات الدولة من الانهيار. وفى هذا الإطار، تدعم مصر جهود التسوية السياسية للأزمة فى إطار عملية جنيف ووفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2254 وجهود المبعوث الأممى».

 مصر تواصل جهودها فى دعم القضية الفلسطينية ذات الأولوية باعتبارها قضية العرب المركزية

من ناحية أخرى، أكد الرئيس أن مصر تواصل جهودها فى دعم القضية الفلسطينية ذات الأولوية باعتبارها قضية العرب المركزية، عاملة على تثبيت وقف إطلاق النار بين الجانبين والذى نجحت الجهود المصرية فى التوصل إليه، وإطلاق جهود السلام مُجددًا وفقًا لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية وحل الدولتين بهدف إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ولذلك شهدت القاهرة زخمًا خاصة فى الشهور الماضية اتصالًا بهذا الموضوع عبر اجتماعات الجامعة العربية وغيرها، فضلًا عن جهود التقريب بين الأشقاء الفلسطينيين لإتمام المصالحة فيما بينهم صونًا لقدرة الشعب الفلسطينى على استعادة حقوقه عبر وحدته وتضامنه.

وفى ختام كلمته، قال الرئيس: «أود أن أتوجّه بالشكر مجددًا لأخى دولة رئيس الوزراء العراقى مصطفى الكاظمى، على هذه الاستضافة الكريمة، ولأخى جلالة الملك عبدالله بن حسين، ملك المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة على المشاركة فى هذه القمة الناجحة بإذن الله، كما يسعدنى أن أعبر عن تطلع مصر لاستضافة القمة المقبلة إيمانًا منها بأهمية هذا التعاون المشترك».

 توصيات البيان الختامى

وأكد البيان الختامى للقمة على ضرورة تعزيز سبل التعاون، وزيادة آليات التنسيق فى المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والصناعية والأمنية وغيرها، بهدف إرساء عوامل الازدهار ومقومات التنمية، والارتقاء بالجهود المشتركة سعيًا لتحقيق التكامل الاستراتيجى الثلاثى.

وأكد قادة العراق والأردن على دعم مصر فى قضية سد النهضة، وأكدوا على ضرورة الامتناع عن القيام بأى إجراءات أحادية، بما فى ذلك الاستمرار فى ملء سد النهضة، دون التوصل لاتفاق عادل وشامل وملزم قانونًا حول قواعد ملء وتشغيل السد وبما يحقق مصالح الدول الثلاث ويحفظ الحقوق المائية لمصر والسودان، وفقًا لما صدر عن مجلس الوزراء العراقى.

وشدد على ضرورة تفعيل الجهود لتحقيق السلام العادل والشامل الذى يلبى جميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى وفقًا للقانون الدولى وقرارات الشرعية الدولية، مطالبين الكيان الإسرائيلى بوقف جميع الإجراءات التى تقوض فرص تحقيق السلام العادل.

ثمن قادة العراق والأردن الدور المصرى فى إنهاء جولة التصعيد الأخيرة فى غزة ووقف العمليات العسكرية الإسرائيلية، وأعربوا عن تقديرهم للجهود المصرية الحثيثة لتثبيت وقف إطلاق النار والعمل على استدامة التهدئة، كما رحب القادة بالإعلان المصرى عن مبادرة إعادة إعمار غزة باعتبارها مبادرة مصرية تهدف لرفع المعاناة عن سكان قطاع غزة فى إطار الجهود الدولية المبذولة فى هذا الصدد، وثمّن القادة أيضًا الدور المصرى الفاعل فى المصالحة الفلسطينية باعتبارها مسألة لا غنى عنها فى سبيل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

وأشاد قادة مصر والأردن بالجهود الدبلوماسية المتوازنة التى بذلتها الحكومة العراقية على صعيد تدعيم الأمن والاستقرار الإقليمى، ومحاولاتها فى تقريب وجهات النظر لحل الخلافات وإنهاء الأزمات التى تعانى منها المنطقة، وبجهود الحكومة العراقية فى محاربة الإرهاب وتصديها لتنظيم داعش الإرهابى، وبتضحيات الشعب العراقى وقدرات قواته المسلحة فى هزيمة التنظيم الإرهابى، والتى ساهمت فى درء الأخطار التى كان يمثلها وإرساء الأمن فى العراق ودعم الاستقرار فى المنطقة.

 الرئيس عبدالفتاح السيسى للملك عبدالله الثانى: أمن الأردن جزء لا يتجزأ من الأمن القومى المصرى

وبعد انتهاء القمة، عقد الرئيس عبدالفتاح السيسى لقاء مع الملك عبدالله الثانى بن الحسين، ملك المملكة الأردنية الهاشمية حيث أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى تضامن مصر الكامل ودعمها للمملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة وقيادتها، مشددًا على أن أمن الأردن هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومى المصرى، ودعم مصر لمسيرة التنمية التى يقودها الملك عبدالله الثانى، ومساندته فى جميع إجراءاته وجهوده للحفاظ على أمن واستقرار المملكة ضد أى محاولات للنيل منها.

من جانبه؛ أكد العاهل الأردنى اعتزاز بلاده بالعلاقات شديدة الخصوصية والروابط القوية التى تجمعها بمصر على جميع المستويات، مشددًا على حرص الأردن على تعميق التنسيق والتشاور المكثف مع مصر إزاء مختلف القضايا، وكذلك تطوير آفاق التعاون الثنائى فى ظل مردوده المهم على المصالح المشتركة للبلدين والشعبين الشقيقين واستقرارهما وازدهارهما، فضلاً عن أهمية ومحورية الدور المصرى بالمنطقة، بما يساهم فى مواجهة التحديات المشتركة التى تمر بها الأمة العربية.

وصرح السفير بسام راضى، المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، أن الرئيس أكد الحرص على التشاور والتنسيق المستمر مع شقيقه العاهل الأردنى فى ضوء ما يتمتع به البلدان الشقيقان من روابط تاريخية وطيدة وعلاقات أخوية على المستويين الرسمى والشعبى، معربًا فى هذا الصدد عن التطلع لمواصلة التنسيق القائم بين البلدين على مختلف المستويات، سواء ثنائيًا أو فى إطار آلية التعاون الثلاثى مع العراق، لا سيما فى ظل تعاظم التحديات التى تواجهها المنطقة.

كما شهد اللقاء تبادل الرؤى بشأن آخر مستجدات الأوضاع الإقليمية، حيث تم التوافق حول أهمية استمرار التنسيق المتبادل وتضافر الجهود المشتركة،