
محمد جمال الدين
30 يونيو.. ثورة شعب وإرادة أمة
مرت ثمانى سنوات بالتمام والكمال منذ طلب الرئيس عبدالفتاح السيسى (وزير الدفاع آنذاك) من جموع المصريين تفويض القوات المسلحة للتصدى للعنف والإرهاب، الذى استشرى فى المجتمع المصرى نتيجة لتعنت وجبروت واستحواذ الجماعة الإرهابية بالسلطة عن طريق رجلها محمد مرسى، حينها لم يتأخر هذا الشعب العظيم فى تلبية هذا الطلب، لإيمانه التام بأن هذه المؤسسة (القوات المسلحة) لم ولن تتراجع عن مساندته ضد جل من يعبث بمقدراته ومصيره، فهو يعلم علم اليقين أنها سوف تنصاع لإرادته، ولمعرفته بأن أفرادها كبيرًا كان أم صغيرًا معجونون بنفس النسيج الذى يتكون منه عموم الشعب المصرى، قادرون على تحقيق مطلبه وإعادة الأمن والأمان الذى تنصلت منه جماعة إرهابية لا تسعى سوى للخراب والدمار والنيل من وحدته، محاولة بشتى الطرق أخونة جل ما يقف فى طريقها لتطبيق مفاهيم دينية مغلوطة تسعى فى المقام الأول منها لطمس هوية مصر واستغلالها، حتى يتم الإلقاء بها فى حضن البعض من قيادات بعض الدول الإسلامية انتظارًا لحكم الخليفة الإسلامى، مطلقين شعارات كاذبة تتحدث عن وحدة المسلمين، والشرعية وغيرها التى صدع بها رجلهم فى الاتحادية رؤوسنا فى جل لقاء له.
فى الوقت الذى لم ينتهج فيه هذا الفصيل أو يأخذ فى الحسبان طوال عامهم الأسود قدر وقيمة مصر، تلك القيمة التى أهدروها عن عمد وترصد، ومن أجلها سفكوا الدماء وخربوا المؤسسات بوضع أصحاب الثقة على رأسها ودفعوا أقباطها إلى الهجرة خارج وطنهم مهدرين نسيج الوحدة الوطنية الصامد عبر التاريخ، حتى وصل الأمر إلى بيع تراب مصر لمن يدفع أكثر مثلما خططوا لسيناء وحلايب وشلاتين، حتى مرفق قناة السويس التى حفرت بدماء المصريين وسالت من أجلها دماء طاهرة على مر العصور هانت عليهم وخططوا لبيعها أو إيجارها، ولفرط أميتهم وجهلهم تناسوا سواء عن قصد أو بدون أن هذا الوطن هناك من بين أبنائه من أقسم على حمايته والحفاظ عليه وعلى حدوده من أى غاشم أو معتٍد أو حتى جاهل أو خائن، أو ممن يطلق عليهم سماسرة الأوطان والعرض والشرف، هؤلاء الأبناء رفضوا ترويع الشعب (الذى هم منه وهو منهم)، والرضوخ لجميع أشكال الإرهاب سواء كان ماديًا أو معنويًا، ودعمهم فى ذلك جميع القوى السياسية والشعبية المحترمة والتى تعرف معنى الوطن بحق.
من هنا فقط انتصرت إرادة المصريين فى إزاحة جماعة الإخوان الإرهابية من حكم البلاد، وتم إعادة الاقتصاد المصرى إلى مكانته وجعله من بين الأقوى والأسرع نموًا على مستوى العالم رغم جائحة كورونا، ودشنت قناة السويس الجديدة وأيضًا العاصمة الإدارية الجديدة، وشهد القاصى والدانى مشاريع إسكان ومصانع وشركات جديدة،، وطورت شبكات الطرق والنقل، والبنية التحتية (كهرباء وصرف صحى ومياه) فى الريف ومدن الصعيد، وأصبح الاهتمام بصحة المواطن وبناء الإنسان وتعليمه لها الأولوية، كما استعادت مصر دورها القيادى على المستوى العربى والإقليمى والعالمى، وهو الدور الذى ذهب مع الريح أثناء حكم الإخوان، يبقى الأهم من جراء نجاح الثورة وهو إنقاذ مصر من الوقوع فى فخ الحرب الأهلية على غرار ما حدث فى ليبيا وسوريا واليمن والعراق، وتفادى المخططات التى دمرت غالبية دول الربيع العربى فى منطقتنا العربية.
جميعها إنجازات تمت عقب ثورة 30 يونيو، لم يكن مقدرًا لها أن تتحقق قط فى ظل حكم الإخوان، لولا إرادة هذا الشعب العظيم وتلبية قواته المسلحة لندائه، ولهذا تحديدًا ستظل هذه الثورة نقطة تحول فى تاريخ مصر لن يقدر حاقد أو معتد أن ينكرها.