الإثنين 21 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
«أتمسكن لحد ما تتمكن»!

«أتمسكن لحد ما تتمكن»!

عنوان المقال مثل شعبي، يحث الشخص الضعيف المغلوب على أمره بالتحايل والتظاهر بالتذلل والخضوع والمسكنة والتصنع بطبع غير طبعه، حتى يتمكن من تحقيق أهدافه وبلوغ مآربه، وما يطمح إليه ثم يعود إلى وضعه الطبيعي ويظهر على حقيقته، وهو بالمناسبة نفس الأسلوب الذى اتبعه صاحب دبلوم المعلمين المدعو محمد حسين يعقوب حين أدلى بشهادته أمام المحكمة فى القضية المعروفة إعلاميًا (داعش إمبابة)، فعقب التحليل والتحريم والصراخ والترهيب والقول (بأن دماءنا دون دمائكم) وأن فض اعتصام رابعة مرفوض، والقول أيضًا بأن تهنئة الأقباط فى عيدهم من المحرمات  والاحتفال بعيد الحب ذنب، والعمل فى المصارف تعاون على الإثم والعدوان والوقوع فى الحب خطيئة، والغناء ومشاهدة التليفزيون حرام، والدعوة إلى نصرة الشريعة الإسلامية جهاد، جميعها وبدون استثناء تنصل منها أمام المحكمة، والأدهى أنه تنصل حتى من سلفيته التى كانت سببًا فى معرفة بعض ضعاف النفوس والإيمان به، حينما قال إنه حنبلى، رغم أنها تخالف ما كان يقوله ويؤيده ويفعله بنفسه فى الحياة، عقب إطلاقه مصطلح غزوة الصناديق التى هدد فيها المعارضين لتيار الإسلام السياسى الذى ذاع صيته بعد تولى محمد مرسى وجماعته الإرهابية حكم البلاد.



ما طالب به الشيخ المزعوم الناس ليس سوى جزء يسير من خطب وفتاوى وتسجيلات هذا المتاجر بالدين، جعلت البعض من المتهمين فى القضية التى استدعى للشهادة بسببها يؤمنون به وبفتاواه، ولكن تراجع المتربح من الدين أمام المحكمة عما طالب الناس بالأخذ به، أصاب البعض بالحيرة والدهشة، بعد أن كشف زيفه وكذبه وجبنه حيث اضطر لبيع مذهبه، وانحنى طائعًا للريح حتى يفلت من العقاب، الذى نال البعض من المتدثرين بأقواله وفتاواه، ففى المحكمة راجع نفسه لأنه أدرك أن مصيره إما سيكون متهمًا أو خائنًا لأتباعه، ولذا اختار فعل الخيانة وقرر القفز من المركب ليستمتع بما تحصل عليه من إتجاره فى الدين الذى وفر له الثروة والمال والأطيان وفوقها الزوجات، منهيًا عن طيب خاطر ما صدع به رؤوسنا عن عذاب النار وهول الآخرة والحديث عن الثعبان الأقرع والنت والتليفزيون، والدستور الذى وصفه بالطاغوت لأن مواده تدعو إلى الشرك والكفر بالله.

هذا ما كان يقوله ويدعيه الحاصل على دبلوم معلمين الذى اعتلى المنابر عنوة فى غفلة من الزمن، خاطبًا ومتحدثًا فى الدين، وهو نفسه من قال فى المحكمة: إنه ليس بعالم أو بمفتٍ، ولهذا لم يجد حرجًا فى أن يذم حسن البنا، لأنه كان يهدف الوصول للحكم ويُطالب الناس باتباعه، رغم أن النبى صلى الله عليه وسلم هو أولى من يُتبع، فى حين أنه كان يدعو لمرسى وجماعته (فى السنة السوداء التى مرت بمصر) لاستفادته هو شخصيًا وتياره المزعوم منهما، ثم عاد وقال: إن آراءه واتجاهاته ليست سوى حصيلة قراءاته واجتهاداته، على الرغم من أن موقع يوتيوب الإلكترونى متخم بالعديد من فتاواه، فتاوى صدقها البعض وآمن بها وعمل على تأكيدها بقتل رجال الجيش والشرطة وترويع الآمنين فى منازلهم، ونهب وسرقة البنوك والاعتداء على المسيحيين المصريين وحرق كنائسهم، جميعها تراجع عنها وكذب بشأنها فى أقواله أمام المحكمة، حيث تخلى عما كان يردده، بل وكتم الشهادة التى كان ينتظرها من آمنوا به، اعتقادًا منهم أنها ستبرئ ساحتهم أو ستدخلهم الجنة، ولم يعمل بقوله تعالى: (ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه والله بما تعملون عليم).

عموما شهادة هذا اليعقوب ستبقى علامة فارقة فى تاريخ تيارات الإسلام السياسى فى مصر، والذى تعد الدعوة السلفية فى مصر جزءًا منه، مؤكد أنه سيتغير كثيرًا وسنشهد فى القريب العاجل تساقط من يطلقون على أنفسهم مشايخ من المنتمين إليه واحدًا تلو الآخر، لأن فتاواهم أصبحت قديمة ولم تعد تصلح للوقت الحاضر، بخلاف أن تاريخهم حافل بالتحريض على العنف والدم، ولذلك فسقوطهم متوقع مثلما وقع كبيرهم أثناء الإدلاء بشهادته أمام المحكمة، فقرر أن يتمسكن لعله يضمن لنفسه النجاة والسلامة، ولكنى أبشره وأبشر أمثاله بأنه لم ولن يتمكن مرة أخرى.