الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

روز اليوسف تحتفل بعيد ميلاد الأستاذ مفيد فوزى.. ملك الحوار

بمجرد أن تقول «ملك الحوار» دائمًا ما تذهب كل أفكارك إلى الأستاذ مفيد فوزى، الذى حفر اسمه فى ذاكرة الصحافة والناس بخطواته وجرأته وأسئلته وكاريزمته الخاصة لأكثر من نصف قرن ولا يزال.. دخل بلاط صاحبة الجلالة وعاصر جيل العمالقة فتعلم منهم ليصبح «أسطى» من أسطوات الصحافة وأحد أسمائها المهمة واللامعة.



 

من بيته الأول «روزاليوسف» نتتبع سيرته الذاتية منذ أن دخل عالم الصحافة خطوة خطوة، نحتفى بتلك الرحلة المهمة ونتعلم منها فنونًا كثيرة، أهمها فن الصبر والمثابرة.. فكيف بدأت الرحلة؟ 

والد الأستاذ مفيد كان يحلم بتخرجه من الجامعة ليعمل مدرسًا للغة الإنجليزية باعتباره خريج آداب إنجليزى، لكنه لم يكن يتخيل نفسه فى مهنة التدريس.. وعندما كان الشاب «مفيد» فى القاهرة قرر أن يتجول قليلًا بمحيط سور الأزبكية قبل المغادرة، لكنه لم يكن يعلم على الإطلاق أن تلك الخطوات القليلة ستكون بداية مشوار طويل فى «مهنة البحث عن المتاعب».

أثناء تجوله لفت نظره كتاب «إيران فوق بركان» للأستاذ محمد حسنين هيكل وكان ثمنه 4 قروش، اشترى الكتاب وقرأه فى نفس اليوم، بل وأعاد قراءته مرة أخرى.. لم يكن يعرف وقتها الأساليب الصحفية.. لكنه عشقها من عبارات هيكل.. ووقع فى أسر أسلوبه.

ظل يتابع تحقيقات الأستاذ هيكل فى مجلة «آخر ساعة» ويقلده فى الكتابة، فيكتب مثلًا «مفيد فوزى يكتب من الصين».. حتى تأكد أن الورقة والقلم هى مستقبله. 

ذهب الأستاذ مفيد للتدريب فى مجلة صباح الخير بفضل حسن فؤاد «الكشاف الأعظم» كما يصفه، وتتلمذ على يد الكاتب الكبير أحمد بهاء الدين، لكن ذلك لا يمنع أنه تعرض للكثير من المتاعب فى بداية حياته الصحفية.

مواجهات البداية 

ففى بداية وجوده فى صباح الخير كانوا يخفون موضوعاته فى الأدراج لمنعها من النشر، وعندما دخل لغرفة أحمد بهاء الدين ذات يوم قال له: «أنت قلت لى أنك قابلت ورحت وشوفت أنت يا واد هجاص» فرد عليه قائلًا: «كلمة هجاص دى عمرى ما سمعتها».. فاعتذر له قائلًا: « يا سيدى يبدو أنك مش هجاص لأنك تتكلم بثقة كبيرة».

 وحكى له الأستاذ مفيد عن المهام التى قام بإنجازها قائلًا: «ذهبت مع الأستاذ جمال كامل وكتبت موضوعًا عن سهرة التلامذة، كما كتبت موضوعًا بعنوان «عندما يسمع الناس أم كلثوم»، وعملت موضوعًا عن السيرك كما ذهبت إلى بنى سويف وعبرت الشاطئ الآخر حيث توجد كنيسة العذراء وكتبت: «يوم مع العدرا».

اندهش الأستاذ أحمد بهاء الدين وتساءل عن كل هذه الموضوعات، فقال له الأستاذ مفيد: «تسمح لى أروح أجيبها لك»!، ليتساءل مرة أخرى: «تجيبها لى منين؟!».. وذهب الأستاذ مفيد لمكتب الأستاذ محمد صدقى، الذى كان مديرًا للتحرير ليحضر كل موضوعاته التى ذكرها؛ فتم نشرها تباعًا على مدى سبعة أسابيع، وكانت أول مرة يرى فيها القراء اسمًا جديدًا هو مفيد فوزى ينشر على مدى أسابيع متتالية.

وقبل أن يصبح الأستاذ مفيد فوزى رئيسًا لتحرير مجلة صباح الخير لمدة 8 سنوات، ظل اسمه موجودًا على صفحات المجلة بشكل أسبوعى، منذ كانت موضوعاته تنشر تحت إشراف الأستاذ أحمد بهاء الدين، إلى أن أصبح يكتب مقاله الأسبوعى الشهير. 

 أول حواراته 

كان أول حوار صحفى نشر للأستاذ مفيد فوزى فى مجلة «صباح الخير» مع السيدة زينب الغزالى، وأول حوار صحفى نشر له فى «مجلة الإذاعة» كان مع الفنان محمود المليجى، بينما أول حوار إذاعى كان مع المخرج كمال الشيخ، أول حوار تليفزيونى أمام الشاشة كان مع الأديب نجيب محفوظ فى برنامج «عصر من الفن».

 من القلم إلى الميكروفون

أثناء جلوس الأستاذ مفيد فى أحد الفنادق ليلًا تعرف على محمد علوان ووجدى الحكيم والشاعر الغنائى عبد الوهاب محمد عن طريق صديقه أمين بسيونى بالصدفة.

 وذات مرة دخلت عليهم الإذاعية آمال فهمى «زوجة محمد علوان» وهى باكية بشدة وتبين أنها تبكى بسبب خبر رحيل الشاعر بيرم التونسى ولم يكن يتبقى على شهر رمضان سوى 12 يومًا، وكان بيرم هو الذى يكتب فوازير رمضان الإذاعية التى كانت تقدمها آمال فهمى. 

وقتها جمع الأستاذ مفيد بعض الأوراق التى يضعونها فى الفنادق تحت الأطباق ليكتب عليها فكرة راودته فجأة، وكتب بعض الكلمات ثم عاد لآمال فهمى وسألها: «من هذه الشخصية وماذا تعمل؟».. ثم بدأ يقرأ ما كتبه فلمعت عيناها وطلبت منه أن يعيد قراءتها ثم طلب منه محمد علوان أن يقرأها بهدوء وإذا به بعد تفكير عميق يقفز من مكانه وهو يصيح: «إنه الجواهرجى».

بعد ذلك الموقف طلبت منه آمال فهمى أن يكتب فزورة أخرى ثم ثالثة، إلى أن عاد إليها بثلاث فوازير نثرية فأثنت عليه وأثنى الجميع على ما كتبه من فوازير مبدين إعجابهم. 

وكتب عددًا آخر من الفوازير النثرية حتى بلغ عددها عشرة وبعدها اصطحبته آمال فهمى فى اليوم التالى إلى مكتب الإذاعى الكبير محمد محمود شعبان، الشهير بـ«بابا شارو» الذى أخذ يستمع لها وهى تقرأ الفوازير وتفاعل مع كل فزورة بالتفكير فى حلها، ثم قال لها: «استأذنى أمين بيه حماد»، رئيس الإذاعة وقتها، الذى وافق على الفكرة وطلب من آمال فهمى أن تدرج اسم مفيد فوزى حتى تقوم اللجنة المختصة بالماليات بوضع أجر له.

هذه التجربة كانت بداية اسم مفيد فوزى فى الإذاعة المصرية، حيث ظل يكتب فوازير آمال فهمى لمدة عشر سنوات.

 أول ظهور على الشاشة

بعد مسيرة طويلة أمضاها فى عالم الإعداد صدر قرار الإعلامية سامية صادق بظهوره على شاشة التليفزيون المصرى عام 1982م لتقديم برامجه بنفسه، وساعتها تحققت أمنيته وقناعته «أفضل من يقدم برنامجًا هو من يعده»، فكانت أهم البرامج التى قدمها على الشاشة : «عصر من الفن» عن كوكب الشرق أم كلثوم. «صديقى الموعود بالعذاب» عن صديقه العندليب عبد الحليم حافظ. «المدفع قبل الخبز أحيانًا» مع المشير عبد الحليم أبو غزالة. «الموسيقار وأنا» وحوار مطول مع موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، بالإضافة إلى حلقات تليفزيونية منفصلة من إخراج جميل المغازى مع العديد من رواد الأدب والفن والسياسة، مثل: إحسان عبد القدوس، يوسف إدريس، يحيى حقى، مفيدة عبد الرحمن ( أول محامية فى مصر)، مصطفى أمين، نجيب محفوظ، أحمد زويل، فاروق الباز.

كما قدم مجموعة كبيرة من البرامج الشهيرة وشارك فى بعضها كمعد، ونجح فى إجراء حوارات نوعية مع وزراء داخلية مصر ورؤساء وزاراتها بالإضافة لحواراته الشهيرة مع الرئيس الراحل حسنى مبارك، وكانت بمثابة خبطات صحافية وإعلامية غير مسبوقة.

حديث المدينة

اقترن اسم المحاور مفيد فوزى ببرنامج «حديث المدينة» الذى بدأه فى 13 مارس عام 1998، على طريقة البرنامج الناجح فى لندن «Talk of the town».

فى حوار تليفزيونى معه، كشف الأستاذ مفيد فوزى عن المبلغ الذى كان يتقاضاه عند بداية عمله فى التليفزيون المصرى، موضحًا أنه كان يتقاضى مبلغ 340 جنيهًا مقابل كل حلقة كان يقدمها من برنامج «حديث المدينة»، وأن أول مبلغ كان يتقاضاه 18 جنيهًا عند بداية تعيينه فى «روزاليوسف». 

 حوار له طابع خاص

خلال رحلة طويلة.. أصبح الأستاذ مفيد فوزى من رواد الصحافة والإذاعة والتليفزيون لما قدمه من تحقيقات ولقاءات مميزة وجماهيرية مع كبار الشخصيات والتى أثرى بها الإعلام المصرى والعربى، خلال مسيرته الإعلامية الطويلة التى تتجاوز نصف قرن من العمل الدؤوب.

 سعى لكشف الحقائق من خلال إدارته لحوار ذى طابع خاص يختلف عن غيره من المذيعين حيث تتحول أسئلته إلى طلقات رصاص بأسلوبه السهل الممتنع الذى أجاده باقتدار، فأصبح أيقونة من أيقونات الحوار الرصين الراقى والجذاب، ولقب بـ«رائد الحوار الصحفى والتليفزيونى».

وكانت دائمًا «المعلومة» هى أساس حواراته، إذ يقول متحدثًا عن طريقته فى العمل: «لا يمكن لعمل أن أتمه دون معلومة فأى شخصية أقابلها لا بد وأن يكون عندى معلومات كاملة عنها وليس بالضرورة أن يكون مصدرها شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت)، ولكن من الممكن أن تكون المعلومة من بشر أو ناس، فهذا هو الأساس لدى، ثم يأتى دور السؤال وهو يعكس فطنة المحاور التى تجمع مهاراته ومواهبه.. كما أن الجانب الصحافى فى شخصيتى هو الأساس وراء عملى ومن ثم فإن أى عمل أقوم به يكون انطلاقًَا من كونى صحافيًا وأعتبره عملًا صحافيًا حتى لو كان مرئيًا أو مسموعًا».