الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
عكس الاتجاه ..صور «چين فوندا» و«دارنيلا فريزر»

عكس الاتجاه ..صور «چين فوندا» و«دارنيلا فريزر»

وأنت لا تدرى إن كانت هذه صدفة مقصودة أمْ أنه القدَر الذى جمع فى أسبوعين مناسبتين مهمتين فى تاريخ نضال السود الأمريكان وما كانتا لتجتمعان أبدًا.. كان خبر منح المراهقة الأمريكية السوداء «دارنيلا فريزر» ذات الـ 18 عامًا من ( مينيابوليس / مينيسوتا) جائزة بوليتزر للتصوير الصحفى الأحد الماضى، عن الفيلم الذى صورته فى 25 مايو 2020 بكاميرا المحمول وبثته للعالم، ووثقت من خلاله فى 8 دقائق و46 ثانية، وهى المدة التى جَثا فيها الضابط الأبيض «ديريك شوفن» على رقبة المواطن الأسود «چورچ فلويد» فى 25 مايو العام الماضى، حتى تأكد أنه ما عاد يتنفس ولم يعد ينادى على أمّه الميتة.



تلك هى المناسبة الأولى، فأمّا الثانية؛ فهى احتفال الأمريكان فى 31 مايو الماضى ومن كل جنس ولون «بيضًا وصفرًا وسودًا» بالذكرى المائة لمذبحة «تولسا»، التى قَتلت فيها جماعة من البيض الغوغاء مئات من المواطنين السود فى ولاية أوكلاهوما.

وكانت لجنة «بوليتزر- وبوليتزر»- هى مجموعة الجوائز التى تقدمها جامعة كولومبيا بولاية نيويورك- قد رأت أن تمنح هذه المراهقة الهاوية غير المحترفة جائزتها الأهم لأنها صنعت فيلمًا غيّر التاريخ، كما أنها لم تقم فقط بتصوير القتيل؛ بل ركزت كاميرا محمولها على عينَىْ القاتل الضابط والذى بدوره كان يعلم أنها تقوم بتصويره، وكان ينظر إليها بشراسة ووعيد ظهر جليًا فى الصور الشهيرة، بينما رُكبته كانت على رقبة القتيل ذى الـ46 عامًا، وحدثت الواقعة حين ادعى أحد أصحاب محلات البقالة أن چورچ فلويد منحه 20دولارًا مزيفة مما استدعى 4 ضباط من قسم الشرطة لتوقيفه وتوثيق يديه وقتله أمام عيون العالم، ما أشعل انتفاضة كبرى فى الولايات المتحدة لم تشهد مثلها البلاد وامتد أثرها لمائة مدينة حول العالم.

ويبقى السؤال: لو لم تكن دارنيلا فريزر موجودة صدفة فى موقع الحدث أثناء عملية القتل، ولو لم تقم بالتصوير؛ هل كان مقتل چورچ فلويد سيحظى بنفس الدوى ويُحدِث كل تلك التغيرات الكبرى بالبلاد؟ أمْ أنه كان سيمر مثل مئات الحوادث السابقات المتشابهات التى قُتِلَ فيها السود على يد الشرطة البيضاء ومرت بسلام؟ وهل كانت دارنيلا فريزر ستحصل على جائزة البوليتزر لولا أن وثقت موت چورچ فلويد؟

السؤال الثانى: مَن الأهم فى التاريخ.. چورچ فلويد أمْ دارنيلا فريزر؟ الإجابة: كلاهما، كلاهما أشعل ثورة السود وصنع التاريخ وصحح الكتب القديمة وأعاد تجليدها ورصها فى المكتبات الكبرى، لا غيّر لون عينَىْ وبشرة امرأة تمثال الحرية؟ ولو لم تكن دارنيلا ولو لم يكن چورچ فلويد لما أقدم الرئيس الأمريكى بايدن فى خطاب فى الذكرى المائة لمذبحة تولسا على الاعتراف بها وهى التى كان ينكرها التاريخ والتى قُتِلَ فيها مئات السود على يد البيض فى ولاية أوكلاهوما.

وسؤال آخر: لماذا بدت چين فوندا- ومعها مايكل مور- أكثر فنانى هوليوود اهتمامًا وفرحًا بفوز دارنيلا بالجائزة على صفحتها بفيسبوك وتويتر وحديثًا للميديا؟؛ لأن هذا الشبل من ذاك الأسد وإن اختلف لون البشرة بين الأم والابنة، وهل هى دارنيلا تطرق على ذاكرة چين فوندا وتردها إلى زمان تشبه فيه الليلةُ بالبارحة، عندما كانت چين فوندا ناشطة سياسية ملء السمع والبصر والأفئدة عام 1972، أيام حرب أمريكا على فيتنام وكانت معارضة تمامًا لشن هذه الحرب، وسافرت إلى هانوى والتقطت لنفسها صورًا وهى جالسة على مدفعية دفاع جوى فيتنامية شمالية، فى هذه الأثناء تم وضع چين على قوائم (أعداء البلد) وصارت داخل القائمة السوداء لدى مؤسَّسة هوليوود وظلت سنوات لا تجد عملاً بالسينما، نعم إنها أمريكا بلد الحريات والمظالم بلد الجمال والقبح، بلد ديريك شوفن وچورچ فلويد.