
هشام سليمان
رد الجميل.. الأســــــــــتاذ
الأسبوع الثالث من مقالة رد الجميل أو السبت الثالث فى رمضان يعنى المقالة اللى جاية هتكون نهاية مقالات رد الجميل
وأنا بفكر أكتب المقالة دى قُلت أراجع نفسى، وأشوف إيه الحاجات اللى أثرت فيا وبقت أحافظ عليها وأعملها طول الوقت، واتعلمت منها واستفدت منها، وبعد كده أفكر مين قالهالى علشان أرد الجميل له بكلمة شكرًا ودى أقل حاجة ممكن أعملها.
خلينى أقولكم وللمرة التانية قررت أرد الجميل للأستاذ يوسف شاهين، وأحكيلكم ليه عايز أقوله شكرًا.. أستاذ يوسف اللى حضرتك قولته ليا فى دقيقتين فرق معايا من ساعتها لحد دلوقتى ومبعملش غير كده.
خلينا نبدأ الحكاية.. مرة وأنا فى أفلام مصر العالمية شركة الأستاذ يوسف شاهين، وكنت قاعد مع أستاذ جابى خورى بعد ما الأستاذ يوسف اختارنى أن أكون أنا مدير إنتاج فيلم المهاجر (اللى قصة اختياره ليّا كانت فى المقالة الأولى).
ودخل الأستاذ يوسف علينا، وكان فى إيده سيناريو، وفجأة كده الأستاذ بصلى وراح موجهلى «سؤال مباشر»:
هشام عايز أديلك السيناريو ده، وادينى الميزانية بعد ساعة علشان المنتج الفرنساوى هيكون هنا، وعايز ياخد ميزانية الفيلم ده وهو مسافر.
تقدر؟
قلتله: أيوه يا أستاذ، بس علشان أعمل الميزانية دي عندى كام سؤال.
- قالى اسأل.
قُلتله: حضرتك المخرج؟
- قالى أيوه.
قُلتله: حضرتك بتعمل كام مشهد فى اليوم؟ وفى سفر فى الفيلم ولا لأ؟ والسفر برة مصر ولا جوه مصر؟ وفى أغانى ولا لأ؟ وهدى لحضرتك ميزانية من غير أجور الممثلين.
الأستاذ قالى: كله سفر جوه مصر وفى أغنيتين، وأنا بعمل 3مشاهد فى اليوم، والأستاذ سألنى قولى هتعمل إيه بقى؟
قُلتله: دقيقة واحدة.
ومسكت السيناريو من الأستاذ، وقلّبت آخر صفحة، والسيناريو كان 132 مشهدًا.
قُلت للأستاذ: يبقى مبدئيًا هقسم 132 مشهدًا على 3 مشاهد فى اليوم اللى حضرتك بتصورهم يبقى 132 على 3 يساوى 44 يومًا، والأسبوع 6 أيام، يبقى 7 أسابيع ويومين، يبقى هعمل ميزانية على سبع أسابيع ونص.
الأستاذ قالى: هو ده اللى كنت عايز أسمعه منك بالضبط.
طبعًا الغرور تملكنى بشكل رهيب، وده كان تانى درس من الأستاذ ليا.
قالّى: بُص يا هشام، مفيش حاجة اسمها ميزانية بعد ساعة، مفيش حاجة اسمها منتج فرنساوى ولا أمريكانى يفرق معاك، ومفيش ميزانية بتتعمل على كام مشهد فى اليوم.
أنا كان عندى مشهد فى فيلم ابن النيل، 4 كلمات بالضبط، صوّرته فى أربع تيام، المشهد بيقول: (القرية تغرق رويدًا رويدًا).
فى حاجة اسمها سيناريو يتقرى كويس ويتفرغ كويس.
يتفرغ ملابس، واكسسوار، وكومبارس، وأماكن تصوير، وتتعاين أماكن تصويره كويس كمان، ونشوف مين الممثلين ونكلمهم، ونتخانق معاهم علشان ميخدوش هما الفلوس فى جيويهم والفيلم يطلع فقير، ونعمل جدول تصوير محترم، وبعد كده نبدأ نعمل عليه الميزانية.
يا هشام.. الإنتاج شطارة مش فهلوة، طريقتك فى عمل الميزانية دى فهلوة، لازم تقرا المشهد كويس، ومش بس كدة، لازم تتخيل المشهد وتشوفو بعينك، وتتوقع يتصور إزاى علشان تعرف تحط عليه الميزانية.
ده اللى هيخليك شاطر مش فهلوي، صح؟
قُلتله: صح يا أستاذ.
وبطلت من ساعتها فهلوة، ولحد دلوقتى لما يجيلى حتى استورى بورد إعلان لازم أفرغه الأول، وأفصصه، وأفتكر كلمة الأستاذ يوسف: الإنتاج شطارة مش فهلوة، وبفتكر كل يوم الكلمة دى مع كل مشروع جديد يجيلى.
أستاذ يوسف.. شكرًا على النصيحة اللى عدى عليها أكتر من 28 سنة، شكرًا على كل حاجة علمتها لينا، أنا بس حبيت بالمقالة دى إنى أرد «جزء» من الجميل.
ملحوظة:
أنا كان ليّا الحظ أنى عملت مع الأستاذ يوسف فيلمين قصيرين، وعملت معاه «المهاجر»، و«المصير»، و«الآخر»، و«سكوت هنصور».