الأربعاء 30 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
ماكلتش رز وكدهوّن!.. ساندويتشات كنافة بالنوتيلا

ماكلتش رز وكدهوّن!.. ساندويتشات كنافة بالنوتيلا

عقدت الدهشة لسانى منذ اللحظة الأولى لدخولى عش الزوجية بعد يوم عمل طويل، فقد اكتشفت أنه تحول لمصنع صغير للحلويات الشرقية ووقفت مذهولاً أمام الكميات الكبيرة من صوانى الكنافة بالأحجام والأشكال المختلفة وقد احتلت ترابيزة السفرة والترابيزات الفرعية، بينما افترشت ابنتاى الصغيرتان «ليلى» و«أمينة» الأرض وأمامهما أكوام من الكنافة تقطعانها إلى قطع صغيرة بكل نشاط وهمّة كإحدى عاملات المصنع المحترفات، وذلك لمساعدة أمهما فى إنجاز المطلوب منها فى أسرع وقت حتى إنهما لم تشعرا بوجودى بينهما، مما جعلنى أظن وأغلب الظن إثم بأن زوجتى العزيزة قد بدأت مشروعها المنزلى للوجبات الجاهزة كوسيلة مشروعة لزيادة دخل الأسرة فى زمن الكورونا اللعينة التى أثرت بشكل سيئ على عملى، وبالتالى على الدخل العام للأسرة فكم أنت عظيمة يا زوجتى العزيزة لم ترغب فى إبلاغى بمشروعها قبل أن تأخذ خطوات تنفيذية جادة وقررت أن تعمل فى صمت حتى لا تجرح كبريائى كزوج شرقى مفلس وكِدَهُوَّن..



 

وانبهرت أيضًا بذكائها الفطرى فى عالم التسويق الذى جعلها تختار شهر رمضان الكريم بالذات للإعلان عن بداية المشروع العظيم، والذى يخدم فى نفس الوقت النساء العاملات فى عمارتنا والعمارات المجاورة وإن كنت اندهشت قليلاً بسبب كل هذه الكميات الضخمة من الكنافةً لا بُد أنها تريد أن تبدأ كبيرة، ولها كل الحق، فالبدايات دائمًا تحدد ملامح المستقبل وكِدَهُوَّن، وإن كان يجب عليها أن تنوّع فى الإنتاج حتى نرضى جميع الأذواق، والزبون دائمًا على حق فلا يعقل أن يكون كل الإنتاج عبارة عن كنافة فقط لا غير إلا إذا كانت تؤمن بالتخصص، وهذه سياسة مهمة فى عصر العولمة والسماوات المفتوحة وكِدَهُوَّن.. فلا بُد أن أول طلبية كانت لصالح أحد محلات الحلويات الشرقية أو لعله عم عتمان الأخرس بتاع البسبوسة إللى بيقف بصينية على رصيف المستشفى إللى على ناصية شارعنا أراد أن يوسع تجارته خلال الشهر الكريم، وده راجل شاطر وله زبونه من العيانين ورواد المستشفى فتعاقد مع زوجتى على أن تورّد له صوانى الكنافة طوال شهر رمضان، وقد تستمر طوال السنة وبالأرباح التى سنحققها قد نتمكن من افتتاح محل حلويات لإنتاجنا الخاص من الكنافة كِدَهُوَّن.. 

ترانى تأثرت جدًا وأنا أشاهد أسرتى الصغيرة تكافح من أجل لقمة العيش وخجلت من شعورى بالإحباط قبل ذلك، فأنا رب هذه الأسرة ولن أسمح بأن أكون أقل منهم نُبلًا وكرامة، فالعمل الشريف لا يعيب وكِدَهُوَّن.

أخذتنى الحماسة فقررت بينى وبين نفسى أن أصنع فرن الكنافة فى البلكونة لترشيد النفقات، وبدلاً من أن تضطر زوجتى لشرائها من التجار الجشعين بأسعار مبالغ فيها فلماذا لا تصنعها هنا فى المنزل بأقل التكاليف من باب المشاركة فى إنجاح المشروع وبذلك أكون قدوة لزملائى من الأزواج الكُسَّل الكُسَّح الكُتَّع لبداية حياة جديدة كلها عمل وأمل ونجاح، وليكن هذا هو مشروعنا نحن الاثنين معًا أنا أخبز وهى تصنعها وكِدَهُوَّن.

ظهرت أخيرًا شريكتى فى الحياة وفى العمل وهى تتصبب عرقًا منهكة القوى وفى يدها صينيتان من الكنافة وتصيح فى وجهى وهى تضع الصوانى فى عناية بالغة: «كنت لسّه هاتصل بك علشان تجيب لى حشو الكنافة وانت راجع»، وقلت لها بحماس مصطنع فى محاولة منّى لأن أكون إيجابيًا: «ما تشغليش بالك يا حبيبتى هانزل تانى أجيب لك كل إللى انت عايزاه، ماتقلقيش يا حبيبتى»، ولكن حبيبتى قلقت بالفعل من طريقة كلامى المصطنعة وحماسى المبالغ فيه وقالت لى بعصبية مضغوطة: «إنت بتتريق ليه دلوقتى يا منعم؟!»، فانتفضت أنفى عن نفسى تهمة التريقة والعياذ بالله، فأنا أريد أن أساعدك فى مشروعك الصغير، فصرخت فى وجهى بشكل مفاجئ وقد استحضرت روح ريا وسكينة: «إنت مصمم على التريقة بقى؟!»، مما أثار رعبى من غضبها المفاجئ، ولكنه بالتأكيد نتيجة للمجهود والضغط الذى أشعر به نتيجة لرغبتها فى نجاح المشروع وأنا لن أخذلها أبدًا وكِدَهُوَّن. قلت بصوت حسين رياض: «قوللى بقى إنت محتاجة أجيب لك الحشو إيه بالضبط؟»، وكأنها كانت تنتظر هذه اللحظة لتنطلق فى الطلبات فطلبت نوتيلا وكريمة ومانجة وزبدة فول سودانى وأنواع متعددة من الجبن ومش دمياطى، فقاطعتها وقبل أن تستكمل قائمة الطلبات التى تحتاج لميزانية خاصة قد تدفعنى لطلب قرض بضمان مرتبى وكِدَهُوَّن: «لماذا كل هذه الطلبات الغريبة لقد توقعت أن تكون الطلبات مكسرات زى كنافة أمى الله يرحمها»، وهنا ضحكت زوجتى فى ثقة خبير استراتيجى: «لا يا منعم، كنافة بالمكسرات دى بقت قديمة أوى وراحت عليها ماحدش بقى بيحبها دلوقتى»، فقلت لها ولكنى أحبها جدًا ولا أعترف بغيرها كنافة، وتذكرت أمى وأبى فقلت لها بعطف حقيقى وقد تملكتنى روح أبى: «وبعدين انت ليه تتعبى نفسك وانت صايمة كنتى أجّلتى الموضوع ده كله لبعد العيد»، فقالت لى «بعد العيد إزاى دى ماما مستنية أبعت لها الصوانى دى كلها قبل المغرب!»، فقلت لها فى سذاجة الأزواج المعاصرين: «الله، هى حماتى قررت هى كمان تفتح محل حلويات شرقية؟ بجد أنا سعيد بالتجربة دى وبطموحكم الكبير حقيقى إنكم حقا عائلة محترمة»، فضحكت فى تواضع العلماء وقالت لى برخامة: ربنا يهديك كده على طول وما تغيرش رأيك تانى وكِدَهُوَّن. واستكملت كلامها: «انزل بقى الوقت اتأخر وماما هاتزعل لو اتأخرت عليها أكتر من كده هى عايزة الكنافة قبل الناس ما توصل»، فقلت لها ببراءة الأزواج تقصدى الزباين يعنى؟ فصرخت: «زباين إيه يا منعم، انت هاتتريق تانى؟! ماما عاملة عزومة النهارده العيلة كلها»، وهنا وقعت الصاعقة وانهار المشروع الذى توهمته وانتهى به الحال لمجرد عزومة عند حماتى فقط وكِدَهُوَّن. وكل الكميات دى كلها علشان عزومة عند مامتك، ده أنا افتكرتك هاتفتحى محل حلويات. فقالت بحكمة الأمهات: «يا منعم يا حبيبى رمضان بيحب اللمة والأهل والحبايب والجيران وده يوم فى السنة مش معقول نعزم الناس وما يلقوش كنافة تكفيهم كلهم وكِدَهُوَّن. فقلت لها باستكانة: «يمكن تجيب نتيجة»، لقد تعاهدنا على عدم قبول أى عزومة رمضانية هذا العام تجنبًا للكورونا واحترامًا لإجراءاتها الاحترازية حماية للأطفال ولكى ننعم بجو رمضانى هادئ جميل، فأبدت موافقتها على كلامى بدون جدل أو تشنجات كالعادة وقالت: «أنا معاك جدًا طبعًا مافيش أى عزومات رمضانية نهائى، ولكنها دى ماما يعنى صلة رحم وواجب زيارتها مش عزومة زى ما انت فاهم»، فقلت لها وماذا عن القبيلة التى سوف تحضر لبيت مامتك لحظة ما سنوصل الرحم؟ هل تضمنى سلامتهم جميعًا؟ وهنا رن جرس الموبايل لينهى المناقشة للحظات وتعود زوجتى حزينة لتخبرنى بأن العزومة اتلغت لأن مامتها اكتشفت إصابتها بفيروس الكورونا. وكِدَهُوَّن.. ونظرًا لكميات الكنافة المهولة قلت لها ماذا سنفعل بكل هذا؟!! ماتقلقش، هاعمل الكنافة ساندويتشات للبنات ياخدوها معاهم المدرسة طول الشهر هنا بيحبوا ساندويتشات الكنافة بالنوتيلا وزبدة الفول السودانى هابقى أعملها لهم كمان ساندويتشات كنافة بالجبنة الرومى وكِدَهُوَّن، صرخت وقلت لها: أنا عايز أفطر النهارده رز معمر زى بتاع أمى، فقالت لى بابتسامة هادئة: ولايهمك يا منعم هاعملك رز بالكنافة.