
محمد جمال الدين
الاختيار 2.. بين الحق والباطل
جاءت الحلقة الخامسة من مسلسل الاختيار (الجزء الثانى) لتعيد إلينا الذاكرة بما فعلته جماعة الإخوان الإرهابية من جرائم فى حق مصر وشعبها، ونتبين من خلالها الفرق الواضح بين الحق الذى ينشده الجميع، وبين الباطل الذى حاولت هذه الجماعة المجرمة بكل ما توافر لها من مال وعتاد ودعم من قوى الخارج، أن تجعله حقًا يصب فى مصلحتها ومصلحة قادتها، ولكن شاءت إرادة الله أن تكشف حقيقة كذبهم وزيفهم (صوتًا وصورة) من خلال مشاهد حقيقية عرضت فى نفس الحلقة، التى تأكد من خلالها أن مصر تملك العديد من القوى التى يجب أن تستغل بدرجة أكبر، يأتى فى مقدمتها القوى الناعمة التى تمثلت فى هذا العمل الذى أثّر فى وجدان قلوب وعقول المصريين، وكشف حقيقة هذه الجماعة الخائنة لمصر ولشعبها.
المشاهد المصورة أكدت أن اعتصام رابعة كان مدججًا بالسلاح بدليل سقوط العديد من رجال الشرطة ما بين شهيد وجريح، وهو الأمر الذى ينفى سلمية الاعتصام التى تحدث عنها قادة الإرهاب الذين لم يكن أمامهم حل للخروج منه إلا ارتداء ملابس السيدات للنجاة بأنفسهم، تاركين خلفهم شبابًا مغررًا به يقتل ويضرم النار فى المساجد والكنائس، ويعتدى على أقسام الشرطة ويمثل بجثامين رجالها (مذبحة كرداسة)، لتحقيق وهم الزعامة الكاذب الذى تملكهم منذ النشأة الأولى للجماعة، وسبيلهم فى تحقيق ذلك شباب تربوا على السمع والطاعة وبيعة الموت والولاء والبراء، فأصبحوا بقدرة قادر كما الأدوات فى أيديهم يسخرونها كيفما شاءوا لتنفيذ أغراضهم ومخططاتهم، متاجرين بالدين وبالوطن للوصول للسلطة لاحتكار الحق المطلق ضد كل من يخالفهم، مهددين بالعنف وإشعال فتيل الفتنة والحرب الأهلية بين أبناء الوطن حتى يعود رجلهم المخلوع، وهذا ما تجسد بوضوح فى الحلقة التى مزجت المشاهد الدرامية مع المشاهد الوثائقية التى تم الإفراج عنها مؤخرًا من قبل وزارة الداخلية، مشاهد لا يستطيع أي كان أن يكذبها أو يدعى تلفيقها.
بالطبع الحلقة لم تسلم من مهاجمة الكتائب الإلكترونية الإخوانية، مثلما لم يسلم الجزء الأول من المسلسل، ويرجع ذلك إلى قناعة الجماعة بأن هذا العمل الدرامى سيدفع باتجاه تفكيك بنيتها الفكرية والتنظيمية التى أرستها منذ ثلاثينيات القرن على يد مؤسسها حسن البنا، ويكشف حقيقة فكرهم المفضوح المعتمد على اللعب بالعواطف والإتجار بالدين، وهذا ما ثبت عليهم منذ سقوط العياط، فهم يعيشون فى حالة من التخبط والفراغ الفكرى والتنظيمى، وقياداتهم إما مسجونة أو هاربة فى دولة هنا أو هناك، يهيمون على وجوههم فى الشوارع مثل الكلاب الضالة التى لا تجد لها مأوى، سوى ما يلقى لهم من فتات وبقدر ما تسمح به هذه الدول، أما شباب الجماعة الذى يمثل المخزون الاستراتيجى لبقائها، فأغلبه إن لم يكن كله لا يعلم مصيره نتيجة للعوامل الكثيرة التى مرّت به على مدار السنوات الماضية، بعد افتضاح أمر قادته ومخططاتهم، فبدأ فى التمرد على هذه المفاهيم والمخططات ويكشف سوءات الجماعة وقادتها التى كادت تذهب بهم إلى الهلاك.
هذا بعض من كل مما كشفت عنه الحلقة الخامسة من المسلسل، والتى أظهرت للقاصى والدانى مدى الضعف الذى حل بهذا التيار الملتحف بالدين شكلاً، البعيد كل البعد عن جوهر وحقيقة الدين الإسلامى الحنيف مضمونًا، وأثبت أن الدراما الجيدة قادرة على أن تكون من ضمن القوى التى يمكن أن تعتمد عليها مصر فى حربها ضد الإرهاب والإرهابيين.
ومن أجل هذا تحية عرفان وتقدير لكل عمل فنى هادف ولجميع المشاركين فى مثل هذا العمل الذى نتمنى أن نرى أكثر من نموذج له على المدى القريب.. وأخيرًا تحية لكل مصرى قدم روحه وجسده فداء لأمان واستقرار هذا الوطن الغالى.