الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

المتحدة رأس حربة الجمهورية الجديدة فى معركة الوعى والحرب الثقافية

حرص العدو على توطين خطاب المؤامرة وأدواتها فى معاقل القوى المصرية الناعمة، بغية تجريد مصر من تلك اليد الطولى فى المشرق، وأن يرتد هذا السلاح الناعم فى صدور المصريين شعبًا وجيشًا، أى بالأحرى أن العدو قام بمصادرة تلك المضارب الإبداعية لصالحه، وثالثًا أن يتم إفساح الطريق لقوى ناعمة جديدة تلعب الدور الريادى المصرى، سواء الدراما السورية خدمة للثقل السورى الموالى لإيران، أو الدراما التركية، وحتى الدراما الخليجية، إضافة إلى الإعلام الإخبارى القطرى ممثلًا فى تنظيم الجزيرة.



 

وقد أدى ذلك إلى خلل فى الوعى الجمعى المصرى لسنوات، ولم تنتبه الحكومة المصرية قبل يناير 2011 لما يجرى من توطين مرعب للمؤامرة فى القطاعات الصحفية والإعلامية والفنية (تليفزيون ومسرح وسينما وراديو) والأكاديمية والفكرية والثقافية حتى باتت تلك القطاعات أشبه بطابور خامس موحد انغرس حتى المقبض فى ظهر المصريين فى أحلك الأوقات حينما راح الإرهاب يهدد وجود مصر الأزلى.

وحينما قررت الدولة المصرية التصدى لمؤامرة الوعى المزيف، هذا التصدى لم ينتج عنه هدف يتعلق بالأمن القومى فحسب؛ بل دعم صناعة السينما والتليفزيون فى توقيت مهم كانت الساحة فيه شبه خاوية كما نتذكر مسلسلات العام 2017 على سبيل المثال.

حروب الوعى ليست أمرًا جديدًا، واستخدام الدول الوطنية للسينما والتليفزيون والإعلام لطالما كان حاضرًا فى صراعات القرن العشرين، ووصل الذروة فى الحرب العالمية الثانية حينما قامت الولايات المتحدة بتوظيف الشخصيات الأدبية المحبوبة شعبيّا فى أعمال وطنية كما رأينا تشارلى شابلن وكابتن أمريكا وسوبرمان وفلاش وميكى ماوس على وجه التحديد؛ بل وزار الرئيس الأمريكى فرانكلين روزفيلت مدينة هوليوود بولاية كاليفورنيا بنفسه خلال الحرب للاجتماع مع قادة معركة الوعى.

ولكن فى مصر نحن لسنا بحاجة إلى إنتاج أدبى يفرض نفسه على الشاشة، فالحقيقة فاقت الخيال فى الإبداع والوطنية والبطولة، وكل ما كنا نحتاجه هو إرادة لإيصال تلك الحقيقة إلى الوعى الجمعى عبر أعمال فنية تحترم المهنية والجودة.

ولأننا على حق، فلم تلجأ الدولة المصرية إلى أقنعة أو طرف ثالث أو إنتاج مشترك، يعرف الجميع الدور الوطنى الذى تقوم به «المتحدة للخدمات الإعلامية» فى معركة الوعى وحروب الوعى الجمعى، وقد رصد العدو جيوشًا من اللجان الإلكترونية بغية وصم «المتحدة» بأنها تنفذ رؤية أجهزة الدولة الوطنية المصرية وكأنه سر أو عار يجب إخفاؤه، أو محاولة فض الجماهير عن الإنتاج السينمائى والتليفزيونى للمتحدة وصولًا إلى شن حملات مقاطعة على المسلسلات وبعض النجوم الذين شاركوا فى أعمال المتحدة، وفى مرحلة لاحقة تم ترتيب حملات عبر بعض الأسماء المشبوهة التى تدعى الوطنية وتوزع الصكوك الوطنية من أجل مقاطعة بعض المسلسلات أو النجوم، فقد فشل خطابهم الأول ولاحقًا اندسوا فى رداء يدعى الوطنية ويحاولون أيضًا تنفيذ نفس الغرض من داخل التيار الوطنى، وذلك عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعى.

ولكن الالتفاف الجماهيرى حول مسلسلات المتحدة سنويّا، والنجاح الاستثنائى لفيلم الممر ومسلسل الاختيار فى موسمه الأول، كان أبلغ رسالة أن رجل الشارع قد نبذ صراع «اللجان واللجان المضادة» عبر وسائل التواصل الاجتماعى، فالمواطن المصرى ذو حس ثقافى وتذوق فنّى هو الذى صنع مجد الفن السابع والثقافة المصرية، وكان استهداف هذا الحس وتلك الحواس من ضمن بنك أهداف استهداف القوى الناعمة المصرية، فالقضاء على الذوق العام وجعل الانحطاط الفنى بديلًا، هو بند مهم فى لعبة البرمجة الفكرية والعصبية لاعتياد الانحطاط الوطنى والقومى.

يدرك رجل الشارع جيدًا دور «المتحدة» اليوم، وينتظر أفلامها ومسلسلاتها، ويترجم هذا الانتظار إلى أرقام مليونية فى المشاهدات والإقبال الجماهيرى، بينما لجان العدو سواء اللجان الصريحة أو تلك التى تتخفى فى وشاح الوطنية تعض أصابع الهزيمة والخيبة.

سقطت دعوات المقاطعة لمسلسلات بعينها، وبكل أسف لم يدرك الكثير من الأصوات الوطنية أن تلك الدعوات للمقاطعة وإن صدرت من أسماء أو صفحات إلكترونية تدّعى الوطنية، إلا أن تلك الدعوات التى تستهدف المتحدة قد خرجت من معاقل الإخوان الهاربين إلى قطر وتركيا ولندن.

يدرك رجل الشارع حقيقة أنه فى أعمال مثل (الاختيار) و(القاهرة - كابول) و(الاختيار 2) على سبيل المثال أنك لا ترى إلا الحقيقة الخالصة لكيف عبرت الأمة المصرية من فخ التفكيك والإرهاب باسم الثورة والديموقراطية وحقوق الانسان، وأنك أمام أعمال وثائقية فى رداء درامى.

وأننا لا نعرض استراتيجية مكافحة الإرهاب على المتحذلقين لأخذ مشورتهم، بل نعرض للشعب المصرى كيف نجا من نموذج أفغانستان قبل أن ينجو من نموذج سوريا والعراق وليبيا واليمن وما هى الاستراتيجيات والأفكار والتضحيات التى تجعلنا اليوم فى بيوتنا نعيش حياة طبيعية آمنة بينما الدول من حولنا تناقش مصائرها على موائد أجنبية فى فيينا وبروكسيل وجنيف والآستانة وبرلين فى اجتماعات دورية عبثية تدخل عامها العاشر بحلول الصيف المقبل!

أصبح أخيرًا لمصر رأس حربة فى معركة الوعى والحروب الثقافية، بعد سنوات من العجز عن التحرك فى هذه الدروب وترك المشاهد المصرى فريسة للمشاريع الأجنبية تسكب فى رأسه عبر القوى الناعمة البديلة أو المأجورة أفكارًا ضد الهوية المصرية وقيم الجمهورية المصرية.

شاهدوا بطولات أبطالكم، وتشبّعوا بها، وليتوضأ وعيهم الجمعى ببطولات هؤلاء الأبطال، وانفضوا عن رؤوسهم دباجات المؤامرة وسرديتها المزيفة.. واجعلوا أطفالكم وشبابكم وأبناءكم يشاهدون الحقائق على الهواء مباشرة، لعل هذا الجيل ينجو من خيبات الوعى الزائف الذى لطخ سنوات شبابكم، ولا تقعوا فريسة استراتيجيات الابتزاز والإعدام المعنوى التى يشنها هؤلاء الجالسون فى منتجعات السبع نجوم فى قطر وتركيا ولندن ويدّعون معرفتهم بحال رجل الشارع فى مصر.