الأحد 26 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
ماكلتش رز وكدهوّن!.. أهو «جه» يا ولاد

ماكلتش رز وكدهوّن!.. أهو «جه» يا ولاد

تعاهدنا أنا وزوجتى على الالتزام بنظام غذائى جديد لإصلاح ما أفسده الطبيخ المسبك الملعبك المشبك الذى جعلنى من أصحاب الأوزان ثلاثية الأبعاد حتى إنى أصبحت ألهث بشدة من مجرد صعود أو هبوط سلالم منزلى (علما بأنها أصبحت الرياضة الوحيدة التى أمارسها فى هذه الأيام)، والأخطر من ذلك إنى افتقدت القدرة على شفط كرشى عند مرور إحدى الفتيات الجميلات بجوارى.



 

وكِدَهُوَّن أعترف بأن زوجتى هى صاحبة المبادرة الأولى نحو العودة لعالم الرشاقة المفقودة واستعانت فى سبيل ذلك بخبيرة تغذية ضخمة الجثة (باب النجار مخلع) لمساعدتنا على التخلص من الوزن الزايد، وذلك بعد عدة محاولات فاشلة لا داعى لذكرها الآن ونحن على أعتاب تجربة جديدة مليئة بالتفاؤل والإصرار على قهر ذلك الكرش العنيد، وكِدَهُوَّن تعاهدنا على الإخلاص لهذا النظام الغذائى الجديد فى مواجهة كل المغريات التى تصادفنا دائما فى بيوت المصريين بشكل عام وبيت حماتى بشكل خاص، حيث اعتادت أن تعبر عن مشاعرها الرقيقة تجاه أحبائها بطاجن مسقعة بالبشاميل أو حلة ورق عنب باللحمة الضانى وكِدَهُوَّن، ولإثبات حسن النوايا من ناحيتى قررت أن أذهب لسوبر ماركت بمفردى وقبل عودتى للمنزل لأؤكد لزوجتى بأنى جاد فى الاتفاق لأبعد مما تتصور وبأنى قد أحضرت كل الأطعمة التى أوصت بها الست الخبيرة لبدء فاعليات ذلك النظام الغذائى الجديد فى هذه اللحظة التاريخية داخل عش الزوجية الصغير وكِدَهُوَّن، فجاءت فور دخولى للسوبر ماركت الكبير بمدينة زايد بإذاعة أغنية: أهو جه يا ولاد أهو جه يا ولاد وطبعًا كان واضح إنهم يقصدونى أنا بالأغنية احتفالاً بقدومى بعد غيابى شهرين، مما أثار خجلى وتأثرى بحفاوة استقبالهم لى كزبون مميز وأكيل قديم له معهم صولات وجولات إلا أنى اكتشفت بعد لحظات أنهم يحتفلون بليلة الرؤية وبأن رمضان هو إللى جه ياولاد، وهذا يفسر سر ذلك الزحام الرهيب وكأنه يوم الحشر وسط هجوم غير مسبوق على تموين شهر الصوم والعبادات ولأن بداخلى رغبة قوية فى التخلص من وزنى الزائد عن الحد المقبول صممت على اقتحام الصفوف رغم كل التحرشات التى تعرضت لها فى سبيل للحصول على كل طلبات الديت فبدأت رحلتى بشراء كل ما هو خالى الدسم من أول الزبادى واللبن وحتى والعيش سن والشوفان (الصنف ده ماوردش على قبل كده)وقبل أن أنتقل بصعوبة لركن الخضروات الطازجة لزوم السلطة الخضراء والخضار المسلوق استوقفتنى بشده عربة تسوق ضخمة تتحرك بمنتهى الصعوبة وتكاد تسير بالدفع الذاتى من كثرة ما تحمله من حاجات ومحتاجات رمضانية خاصة أزايز الزيت العملاقة وصفائح السمن إللى مش بطعم الزبدة الفلاحى ومن غير أى تحدى وإن كان عاجبكم وكراتين البيض والبسطرمة، وذلك بخلاف كل وأنواع البقالة كاملة الدسم من جبن رومى وزبدة والطحينة ورنجة (مش فاهم إيه الناس اللى بتآكل رنجة فى رمضان دى) وبرطمانات بأحجام مختلفة من المخللات المشهيات رغم أنه من الواضح أن صاحب العربة يتمتع بشهية عظيمة وليس بحاجة نهائى لوسائل مساعدة وقبل أن أستكشف باقى الأشياء المكدسة فى العربية شعرت بخجل من تطفلى غير المبرر على صاحب العربية المفخخة بكميات غير مسبوقة من السعرات الحرارية الكفيلة بتحويل الإنسان المصرى المعاصر لقنبلة موقوتة قد تنفجر فى أى لحظة فقررت أن أترك الخلق للخالق وأنشغل بحالى للانتهاء من مشترياتى الخالية من دسم وكم كانت دهشتى عندما شعرت بأن هذه العربة تلاحقنى أنا بالذات وفجأة ظهر من خلف أكوام المشتريات المكدسة نصف وجه لامرأة تدفع بعربة التسوق بمنتهى المعاناة فلم أستطع تبين ملامحها بوضح إلا أنها تبتسم لى فى تودد غير مبرر نهائى وبإصرار عجيب منها اقتربت منى أكثر، مما أثار مخاوفى وسط هذا الزحام الرهيب رغم إحساسى أن وجهها من النوع المألوف إلا أنى لا أتذكر أين رأيتها أو متى أو كيف أو ليه أنا مش هو (مع الاعتذار لعبدالحليم) مما دفعنى لأن أسرع الخطوات أكثر حتى أتخلص من هذه الأوهام التى داهمتنى بدون داعى فتجاهلتها واستكملت رحلتى داخل السوبر ماركت إلى قسم الخضراوات حتى أنتهى من إحضار روشتة الرجيم بمنتهى الدقة كما حددتها الست الخبيرة إلا أن هذه المرأة عادت تتعقبنى مرة أخرى وصارت خلفى تمامًا، مما أثار تخوفى من تعرضى لحالة تحرش وسط الزحام، وقد أُصبح ضحية وتستضيفنى مدام ريهام سعيد فى برنامجها، وقد أُصبح تراند على السوشيال ميديا وقبل أن أتمادى فى خيالاتى أكثر من ذلك أفاقتنى هتافاتها العالية باسمى فى جرأة متناهية وقبل أن أتهور بأى تصرف أهوج كنت قد فككت شفرتها فنبرات الصوت هذه لسيدة أعرفها جيدًا، لقد عرفتها الآن فقط وكم كانت صدمتى كبيرة حين تأكدت أنها زوجتى العزيزة صاحبة شعار النظام الغذائى الجديد بشحمها ودمها تتصارع مع الآخرين من أجل صدور فراخ أو كرتونة بيض فصرخت فى وجهها حتى تسمعنى وسط كل هذا الضجيج ماذا تفعلين هنا فى هذا اليوم بالغ الصعوبة فى حياة المصريين إنه ليلة الرؤية وآخر فرصة لشراء احتياجاتهم قبل انشغالهم بالصيام وكِدَهُوَّن لم تكن تنصت لى، وبالتالى لم تجاملنى حتى بابتسامة صغيرة، نظرا لانشغالها باختيار لفة قمر الدين رغم أنه ما زال لدينا قمر الدين من العام الماضى لأننا لا ولا محبة إلا أنها حريصة على شرائه كل عام لربما يطلبه أحد الضيوف وكِدَهُوَّن وسألتها ما الذى تفعله بكل هذه العربة المفخخة؟ فضحكت فى شفقة من سذاجتى، وقالت لى: أنت ناسى أن رمضان بكرة كل سنة وأنت طيب ثم تركتنى بجوار مع عربتها العملاقة وذهبت لركن أكياس مكرونة فأسرعت خلفها كى أذكرها بأن عربة التسوق بها مكرونة فقالت اى بنفاد صبر جعلنى أتردد أن أوقفها مرة أخرى عن أداء واجبها المقدس: دى مكرونة اسباكيتى والتانية مكرونة فرن وبعدين أنت شايف أن ده وقت مناسب علشان أشرح لك الفرق بين أنواع المكرونات فقلت لها باستحياء: هو انت جبتى الكميات دى كلها علشان هاتعملى شنط رمضان وكِدَهُوَّن؟ لا طبعا شنط رمضان لسه هاجبها جاهزة فى الآخر خالص بس أنتهى الأول من متطلبات البيت ورمضان وهنا انفجرت وماذا عن النظام الغذائى الجديد؟ وماذا عن الأموال الضخمة إللى أنفقناها نظير الاستعانة بخدمات الست الخبيرة؟ أين ذهبت أحلامنا بالرشاقة والجمال هل لديك إجابة منطقية وكِدَهُوَّن؟ فقالت لى بهدوء قاتل محترف: خليك هادى يا حبيبى وإذا كان على الرجيم اعتبر بكرة اليوم «الفرى» فكل نظام غذائى لابد له من يوم «فرى» وغدا هو اليوم الفرى وفجأة صرخت بصوت مكتوم: أرجوك بقى بلاش تكسر فرحتى بأول فطار رمضان زى كل السنة! فقلت لها بتوسل: لقد تعاهدنا على الرجيم. فقالت بصوت الفنانة نجمة إبراهيم: يعنى إيه؟عايزنا ناكل مسلوق أول يوم رمضان هو احنا عيانين يا حبيبى ربنا ما يقطع لنا عادة ده أنا حتى عزمت ماما واخواتى واخواتك وسامية وجوزها ومدرسة البنات بالمرة قلت أعملها بجميلة وتبقى تذاكر لهم بعد الفطار، وكمان عزمت خالى قدرى أصله ياحرام قاعد لوحده ورمضان كريم يحب اللمة والهيصة وخلى ياسيدى الرجيم من تانى يوم رمضان مش هاتفرق يوم واحد وأوعدك نلتزم بقى بالرجيم وكِدَهُوَّن شوفت بقى أنت لخمتنى بكلامك البايخ ده نستنى أجيب شوال الرز وكِدَهُوَّن اكتشفت أننا بنتخن بفلوس وبندفع فلوس أكتر منها علشان نرجع نخس مرة تانية وكِدَهُوَّن ربنا ما يقطع لنا عادة.