
محمد جمال الدين
العبور.. منهج وطن
فى معاجم اللغة العربية تعرف كلمة العبور بالانتقال من مكان إلى آخر عبر طريق أو شط، ولكنها بالنسبة للشعب المصرى ستظل كلمة ذات معنى ومغزى محفورة فى وجدان الشعب المصرى إلى أبد الآبدين، فمن خلالها نستحضر روح وذكرى انتصارنا فى حرب أكتوبر المجيدة، التى تأصلت فى نفوسنا، لدرجة أنها أصبحت تكاد تكون منهجًا نسير على دربه فى جميع مناحى الحياة، ولذلك لم يكن بمستغرب أن نتمسك بها فى مرحلة البناء والتنمية التى نمر بها الآن، بعد أن تحملنا وبإرادتنا الحرة الكثير من المشاكل والصعاب الاقتصادية والاجتماعية التى مرت بوطننا، دون ضغط أو إكراه من أحد، ولكن ثقة منا فى قدراتنا كشعب وفى قيادتنا، وإيمانًا بوطننا الذى ندرك دائمًا أنه يستحق الأفضل، على الرغم من محاولات البعض من أصحاب النفوس المريضة التى لا تتمنى الخير لهذا الوطن، حقدًا منهم أو غيره، أو طمعًا فى لعب دور أكبر مما تتحمله قدراتهم ويتناسب مع عقولهم، متناسين عن عمد وترصد أن كل عبور بالنسبة لنا يعد هزيمة لهم وعلى من يسيرون على نفس نهجهم، فنجاحنا يزعجهم (ويقلق منامهم).
وهذا ما لاحظه الجميع عقب عبورنا من أزمة السفينة الجانحة فى مجرى قناة السويس (بفكر وجهد وعمل مصرى خالص)، التى ادعى أصحاب الغرض والمرض أنه لم يكن مصريًا خالصًا، وحدث بمساعدة آخرين، وهذا بالمناسبة دأبهم، فهم يشككون فى أى نجاح يتحقق على أرض مصر لأنهم لم يعتادوا النجاح أصلاً، (ولم يشعروا بالفرحة لعامل مصرى رفع يديه ملوحًا بعلامات النصر عقب تعويم السفينة، مثلما لم يفرحوا من قبل عندما لوّح جندى مصرى بعلامة النصر عقب اقتحام خط بارليف)، والرسوب والسقوط من أعلى أهم ما يميزهم عن غيرهم، لذلك سيظلون إلى يوم الدين مطاردين ورحّل من بلد إلى آخر، باحثين عن مأوى أو سند لحين افتضاح أمرهم وكشف سترهم مع الوقت، أمثال هؤلاء المرضى أسقطناهم من حساباتنا، ولن نعيرهم انتباهًا لأن معارك العبور التى نخوضها أهم وأشرف من أن نشغل أذهاننا بهؤلاء السفهاء تجار الدين، فنحن نبنى ونشيد ونكافح الفقر (الذى يعد التربة الخصبة للإرهاب)، وفى سبيلنا نهائيًا للقضاء على العشوائيات، ونقيم صناعات وننشئ طرقًا جديدة، ونفتح مجالات استثمار متنوعة بهدف إتاحة فرص عمل للشباب للقضاء على البطالة، لأن الإنسان المصرى كما قال الرئيس السيسى هو أهم وأغلى ما تمتلكه مصر من ثروات، ولذلك يعد بناؤه صحيًا وتعليميًا وثقافيًا واجتماعيًا له أهمية قصوى.
فتوفير حياة كريمة لكل مواطن أصبح فرض عين على الدولة، جميعها مشروعات تهدف لتحقيق التنمية الشاملة لرفع مستوى نوعية الحياة فى مصر من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها، وتحدث على أرض الواقع وتتزامن فى نفس الوقت مع مكافحة الإرهاب وحماية أرض الوطن، بالمناسبة هذه المشروعات والتنمية التى تحدث فى مصر سواء على المدى القريب أو البعيد، ينكرها الكارهون والحاقدون علينا سواء كانوا دولاً أو جماعات إرهابية مثل الجماعة إياها، فى الوقت الذى تشيد فيه أغلب دول العالم بخطط التنمية الطموحة والمدروسة بدقة التى تتم الآن، ولذا يكاد يكون ما تحقق معركة عبور أخرى، وملحمة وطنية وقصة نجاح يجب أن تدرس بعد عام أسود عانى فيه المواطن المصرى من كل شىء، ملحمة بطلها شعب واعٍ وعظيم لا يعرف المستحيل، ويثبت على مدار اليوم أنه قادر بعراقته وتفرده أن يصنع حضارة ويعبر إلى المستقبل دون خوف، لأن قواعده راسخة وتعتمد على إرث وتاريخ حضارى عظيم شهد به الجميع.
وهذا ما تجلى مؤخرًا عندما احتفلنا بالموكب الملكى لنقل المومياوات فى صورة أبهرت العالم، وأكدت أن مصر عندما تحتفل بماضيها وتجل وتقدر عظمة الأجداد، لا تغفل أيضًا الاهتمام بحاضرها المعاصر.