السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

عبر تحرك أمنى سريع ودعم إقليمى ودولى «الأردن» تنتصر على المؤامرة

استيقظت دولة «الأردن» -منذ أيام- على أزمة سياسية لم تشهدها منذ عقود، إذ تم القبض على عدد من المسئولين والشخصيات المتورطة فى زعزعة أمن واستقرار البلاد هناك، وكان المتهم الرئيسى هو الأخ غير الشقيق للملك «عبدالله الثانى»، الأمير «حمزة بن الحسين»، بالتعاون مع جهات أجنبية. وهو ما حرك السلطات الأردنية سريعًا لاحتواء الأزمة.



ففى مؤتمر صحفى أجْرى يوم الأحد الماضى، صرح نائب رئيس الوزراء الأردنى «أيمن الصفدي» أن مسئولين أمنيين اعترضوا اتصالات بين «حمزة»، ودائرته، وأطراف أجنبية، بشأن خطة من شأنها تقويض استقرار البلاد، وأمنها.

ثم قال إنه عبر تحقيقات قامت بها القوات المسلحة، ودائرة المخابرات، والأمن العام الأردنى، على مدى فترة طويلة، تابعت الأجهزة الأمنية نشاطات وتحركات لسمو الأمير «حمزة»، و«الشريف حسن بن زيد»، و«باسم عوض الله»، وآخرين، تستهدف أمن الوطن واستقراره، ورصدت تدخلات واتصالات مع جهات خارجية، حول التوقيت الأنسب للبدء بخطوات لزعزعة أمن «الأردن».

وبالفعل، اعتقل ما بين 16 و18 شخصًا، بسبب المؤامرة، وفقًا للصفدى، الذى أكد أن المؤامرة قُضت فى مهدها، وتم إحباطها بشكل نهائى.

كما ذكرت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية، أن «حسن بن زيد» اعتقل يوم السبت الماضى. كما اعتقل «باسم عوض الله»، وهو شخص غير محبوب فى «الأردن»، بسبب اتهامات واسعة النطاق بالفساد ضده. 

أما فيما يخص اعتقال الأمير «حمزة»، فقد أكد «الصفدي» أن الملك «عبدالله» فضل حل القضية داخل الأسرة، على أمل إقناع الأمير بإعادة النظر فى أنشطته المزعومة.

ومن جانبه، نفى «حمزة» ارتكاب أى مخالفات، مدعيًا أن الإجراءات التى اتخذت ضده، كانت محاولة لإسكاته، بسبب حديثه ضد الفساد فى «الأردن». وقد استغل الأمير -الذى عُرف عنه حضور التجمعات، التى يُنتقد فيها الملك- تضرر «الأردن» اقتصاديًا، جراء انتشار وباء كورونا، مثلما تضررت العديد من البلدان حول العالم نتيجة الإغلاق، واتخذها كنقطة انطلاق له.

كما ادعى أيضًا فى مقطع فيديو، نشر يوم السبت الماضى، أنه وضع رهن الإقامة الجبرية؛ مؤكدًا أن معظم وسائل الاتصال انقطعت عنه.

وأضاف أنه عُزل بسبب القلق من انتقاده للحكومة، أو الملك «عبدالله»؛ وقائلًا: «تلقيت زيارة من رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الأردنية، أبلغنى فيها أنه لا يسمح لى بالخروج للتواصل مع الناس أو مقابلتهم». وهو ما نفاه رئيس هيئة الأركان المشتركة الأردنى، اللواء الركن «يوسف أحمد الحنيطي»؛ قائلًا، إنه: «طلب من حمزة التوقف عن تحركات ونشاطات، توظف لاستهداف أمن «الأردن»، واستقراره، فى إطار تحقيقات شاملة، قامت بها الأجهزة الأمنية». 

وأضاف أن التحقيقات مستمرة، وسيتم الكشف عن نتائجها، بكل شفافية ووضوح؛ مشيرًا إلى الإجراءات التى اتخذت، قد نفذت فى إطار القانون؛ مشددًا أن لا أحد فوق القانون، وأن أمن «الأردن» واستقراره، يتقدم على أى اعتبار.

ومن جانبه، علق «الصفدي» على مقطع الفيديو، بأن الأمير سجل مقاطع فيديو باللغتين الإنجليزية والعربية لتشويه الحقائق، وكسب التعاطف على الصعيدين المحلى والدولى.

استحوذت القضية الأردنية على تركيز الصحف حول العالم، إذ أعرب العديد منهم عن استغرابهم الشديد من هذا الحدث السياسى..حيث تعد معارضة العائلة المالكة - التى هى واحدة من أقدم السلالات فى العالم- أمرا نادر الحدوث، فهى جريمة تقترب من كونها تدنيسًا. ومن المعروف، أن الشعبى الأردنى يتجنب ـ عادة ـ احتمال حدوث اضطرابات داخلية.

يذكر، أن تلك الاضطرابات جاءت فى الوقت الذى تستعد فيه «عمان» للاحتفال بالذكرى المئوية لتأسيسها، فى وقت لاحق من هذا الشهر. الدولة التى اشتهرت بهدوئها واستقرارها لفترة طويلة، إذ نجحت -على مدى عقود- فى الخروج من الحروب والاضطرابات التى أحاطت بها، دون أن تصاب بأذى.

فلم تتعرض «الأردن» إلى اضطرابات خلال الحروب فى «العراق»، و«سوريا» خلال السنوات القليلة الماضية، والانتفاضات فى «فلسطين»، وحتى الثورات التى اشتعلت فى بعض الدول العربية منذ عقد. ولم يؤرق «الأردن» سوى التهديد الإرهابى من قبل تنظيمى «القاعدة»، و«داعش». 

فكان الاستقرار والثبات، هما حجر الأساس للدولة، مما شجع الدول الإقليمية والدولية، على النظر إلى «الأردن» -منذ فترة طويلة- على أنه حصن للاستقرار، وشريك أساسى فى عمليات مكافحة الإرهاب.

وعليه، فقد تدفق الدعم إلى «الأردن» من شركائها الإقليميين، والدوليين.

فعلى المستوى الإقليمى، أظهرت جميع الدول العربية، والمنظمات العربية، والإسلامية دعمها لدولة «الأردن».

فقد أجرى الرئيس «عبدالفتاح السيسي»، يوم الأحد الماضى، اتصالًا هاتفيًا مع الملك «عبدالله الثانى بن الحسين». وأوضح المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، أن الرئيس اطمأن خلال الاتصال على استقرار الأوضاع فى «الأردن» الشقيق؛ مجددًا تضامن «مصر» التام حكومة وشعبًا مع «الأردن»، ومعربًا عن الدعم الكامل لكل القرارات الأخيرة، التى اتخذها الملك «عبدالله»، من أجل الحفاظ على أمن واستقرار المملكة.

وقد أعرب العاهل البحرينى الملك «حمد بن عيسى آل خليفة»، عن وقوفه وتأييده التام، ومساندته الكاملة لكل القرارات والإجراءات، التى يتخذها الملك «عبدالله الثاني»، لحفظ أمن واستقرار «الأردن»، ونزع فتيل كل محاولة للتأثير فيهما.

كما أكدت كل من دول: «السعودية، ولبنان، والعراق، والإمارات، والكويت، وقطر، وسلطنة عمان، واليمن، وفلسطين، والمغرب» دعمها الكامل للعاهل الأردنى.

ومن جانبه، أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية «أحمد أبوالغيط» عن التضامن التام مع الإجراءات التى اتخذتها القيادة الأردنية للحفاظ على أمن واستقرار المملكة؛ مؤكدًا ثقته فى حكمة القيادة، وحرصها على تأمين استقرار البلاد، بالتوازى مع احترام الدستور والقانون.

كما أكد أمين عام مجلس التعاون الخليجى، الدكتور «نايف الحجرف»، على وقوف المجلس مع «الأردن»، ودعمه لكل ما يتخذه الملك من قرارات، وإجراءات، لحفظ أمن واستقرار بلاده، مضيفًا أن أمن «الأردن» من أمن دول المجلس، انطلاقًا مما يربط بينهما من روابط وثيقة راسخة، قوامها الأخوة، والعقيدة، والمصير الواحد. وهو ما شدد عليه أيضًا أمين عام منظمة التعاون الإسلامى، الدكتور «يوسف العثيمين».

أما على الصعيد الدولى، فقد أوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية «نيد برايس»، أن المسئولين الأمريكيين يتابعون التقارير عن كثب، ويتواصلون مع المسئولين الأردنيين؛ قائلا، إن: «الملك «عبدالله» شريك رئيسى للولايات المتحدة، وهو يحظى بدعمنا الكامل».

كما غرد وزير شئون الشرق الأوسط، وشمال أفريقيا فى وزارة الخارجية البريطانية «جيمس كليفرلي»، على موقع التواصل «تويتر»، قائلًا: «نحن نتابع عن كثب الأحداث فى «الأردن»... «الأردن» شريك ذو قيمة كبيرة للمملكة المتحدة. الملك «عبدالله» يحظى بدعمنا الكامل».

أما «روسيا»، فقد أعلنت، يوم الاثنين الماضى، عن دعمها للسلطات الأردنية، والملك. وقالت وزارة الخارجية الروسية فى بيان، إن: «موسكو» تراقب عن كثب الوضع فى «الأردن».. ونعرب عن دعمنا لجهود السلطات الشرعية الأردنية، وشخصيا الملك «عبدالله الثاني».. ونؤكد استعدادنا المستمر لمواصلة العمل مع «عمان» لتعزيز العلاقات (الروسية-الأردنية) الودية التقليدية لصالح الشعوب». 

فى النهاية، استطاعت السلطات الأردنية إحباط المؤامرة، إذ بايع الأمير «حمزة»، الملك «عبدالله الثاني»، يوم الثلاثاء الماضى، بعد وساطة من العائلة المالكة.

وقال الديوان الملكى إن الأمير «حمزة»، وقع خطابًا، وضع فيه نفسه تحت تصرف الملك، بعد اجتماع يوم الاثنين الماضى مع عم الملك، الأمير «حسن»، وأمراء آخرين. كما قال الأمير «حمزة» فى الرسالة، التى أصدرها القصر: «أضع نفسى بين يدى جلالة الملك.. سأظل ملتزمًا بدستور المملكة الأردنية الهاشمية العزيزة»، وبعدها بيوم، أكد الملك «عبدالله الثانى»، عن انتهاء الأزمة وقال فى رسالة وجهها للشعب الأردنى: «أطمئنكم بأن الفتنة وئدت، وأن أردننا الأبى آمن مستقر وسيبقى آمنا مستقرًا، محصنًا بعزيمة الأردنيين، منيعًا بتماسكهم، وبتفانى جيشنا العربى الباسل، وأجهزتنا الأمنية الساهرة على أمن الوطن»؛ مضيفًا أن هذا التحدى لم يكن خطرًا، بقدر ما كان مؤلمًا، لأنه من داخل البيت، وخارجه أيضًا وهو ما اضطره للتعامل مع موضوع الأمير «حمزة» فى إطار الأسرة الهاشمية، فيما سيتم التحقيق مع الجوانب الأخرى للقضية وفقًا للقانون، كما سيتم التعامل مع نتائجه، فى سياق مؤسسات الدولة لتهدأ توترات العائلة الملكية الأردنية من جديد.