الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

شهادة جديدة على عصر المطرب الذهبى يقدمها الصديق الصحفى مفيد فوزى: نموذج نادر من البشر وما وصل إليه فاق أحلامه

من داخل دائرة «عبدالحليم حافظ» الصغيرة، كان الكاتب الكبير «مفيد فوزى»، الذى يعد من أكثر المقربين الذين تحدثوا وحكوا عن «عبدالحليم»، ربما رغبة من الأستاذ «مفيد» فى أن تبقى سيرة «حليم» متواجدة دائما عبر السنين، وغالبا لأن الحس الصحفى دفعه بأن تكون المعلومات التى يعرفها عنه فى متناول الناس، تتداولها أجيال بعد أجيال. صداقة عمر، زمن طويل، وأحداث كثيرة جمعت المطرب بالصحفى، وفى السطور التالية يدلى الأستاذ «مفيد» بشهادته، غير المجروحة، عن العندليب الأسمر. 



 

 

 

 اللقاء الأول بينك وبين «عبدالحليم حافظ» كان فى مكتب الأستاذ «إحسان عبدالقدوس»، كيف تطورت العلاقة بينكما بعد هذا اللقاء؟

ــ «عبدالحليم» شعر بعد لقائنا الأول، أن «وشى كان حلو عليه»، حيث كتب عنه الأستاذ «إحسان» فى باب «خواطر فنية»، قائلا «الصديق فوميل لبيب أرسل لى كارت توصية مع فنان شاب جاء من الزقازيق، وسمعته فى نفس الليلة، ويبدو أننى شعرت بأن شيئا ما يتحرك بداخلى فى صدرى ولعله عبث بالأحاسيس». طبعا فى ذاك الزمن لم يكن هناك أشياء تبشر بالمواهب، فكان «إحسان» هو أول كشاف حقيقى بعد «فوميل لبيب» لصوت «عبدالحليم»، وقد قرأت كارت التوصية: «عزيزى سان لن تندم إذا سمعت هذا الصوت». بعدها، قام «حليم» بدعوتى إلى منزله، فى المنيل، وأذكر أنهم قدموا لى «شربات» لكن من ثلاجة الجيران، وهذا الجار كان نجم المونولوج الشهير «أحمد غانم»، بعدها كنت ألتقى بـ«حليم» فى قهوة المحطة، مكانه المفضل، وعندما سألته «إيه الحكمة فى حبك لهذا المكان؟ وأنا ساكن فى الروضة وأنت فى المنيل»، قال «أصل فيها ناس وفيها وجوه وفيها سفر وأنا بحب السفر». ولأننى كنت أبدأ حياتى فى الصحافة وهو يبدأ مشواره فى الفن فقد حدثت بيننا «توأمة».

 كيف كانت انطباعاتك الأولى عنه؟

ـ كان مليئًا بالمشاعر الكثيرة والغريبة وتسيطر عليه الرغبة فى الأضواء، ومرة سألنى «أعمل إيه؟، أقابل مين؟ أنا عايز أغنى، فوميل لبيب عمل دوره، وأستاذ إحسان كتب، وبعدين؟»، كان يحكى كثيرا عن أحلامه والتى كان من ضمنها أن يغنى فى استاد، سألته «أنت رحت استاد»، قال «لا، بس نفسى أعرف إزاى الإحساس إن الواحد يغنى فى استاد وصوته يطير فى الهواء».

 هل ما وصل إليه فيما بعد، كان يضاهى تلك الأحلام؟

ــ بل فاق تلك الأحلام، لأننى شاهدت بعينى لاحقا، كيف حملت الناس سيارته فى تونس، وكيف ردد «بورقيبة» الأغانى معه، وكيف خلع ملك المغرب الجاكت الذى كان يرتديه وألبسه بنفسه له حتى لا يشعر بالبرد، وكيف بكت الجماهير بكاءً حارا فى قاعة «ألبيرت هول» فى لندن وهو يشدو «على أرضها طبع المسيح قدمه»، عشت معه نجاحه وشاهدت تدرج هذا النجاح. كان نموذجًا نادرًا من البشر.

ما مفاتيح نجاح «عبدالحليم حافظ» من وجهة نظرك؟

ــ ملحنو زمنه «كمال الطويل، محمد الموجى وبليغ حمدي»، وأسلوب تعامل «حليم» معهم، والذى كان فى قمة الذكاء، إن أحد القلائل الذين قابلتهم فى حياتى ووجدتهم يتمتعون بقدر هائل من الذكاء الاجتماعى، «عبدالحليم محمد على شبانة» الشهير بـ«عبدالحليم حافظ»، فكان عندما يتصل بـ«كمال الطويل» فى التليفون، وترد زوجته «بولا» يقوم بالهزار معها، كان يدعو «الموجى» لسهرة يكون متواجدا بها الفتاة التى يحبها، كان يدرك كيف يترك «بليغ» مطلق السراح، حتى يتصل به ويقول «لاقيت الجملة وعايز حد يكتب النوتة الليلة» فيرد عليه «الليلة»، رأيته وهو يناقش «نزار قباني» فى التليفون ويقول «يا أستاذ نزار لا يمكن أن أغنى القصر كبير يا ولدى وكلاب تحرسه وجنود»، فيقول له «نزار»، «اعطينى مفيد»، فيقول «صاحبك هذا هيجننى كأنى أنا المطرب وهو الشاعر». إن أكثر من ثلثى عمر «عبد الحليم» قضاه فى البحث عن كلمات وموسيقى ثم البروفات غير العادية، وعندما أخبره «د.ياسين عبدالغفار» أن الأدوية ستسبب له عدم اتزان، أحضر كرسيا متحركا وأجرى البروفات فى بيته، رأيت «عبدالحليم» عندما رفض أن يخلع الـ«تيشرت» فى أوبريت (قاضى البلاج) فى فيلم (أبى فوق الشجرة)، بسبب ندبات الحقن فى جسده، وقال لـ«حسين كمال» وهو يرفع الـ«تيشرت»، «يا أستاذ حسين أنت عايز تورى الناس ده»، ففزع «حسين».. فى مرة سألنى أن أطلب من زوجتى «آمال العمدة» أن تتوسط له عند «ليلى مراد» وكانت «آمال» تعشق «ليلى مراد» وتحدثها يوميا، وذلك حتى تترك له «ليلى» أغنية (تخونوه) وبالفعل تركتها له.

بمناسبة (تخونوه) لماذا كان «عبدالحليم» يأخذ دائما أغانى من مطربين آخرين؟

ــ لأن الأغنية كانت عالمه الوحيد، ومؤكد أنه كان يرى أو يشعر بشيء فى الأغانى التى يأخذها.

 والأغانى التى غناها بالفعل آخرون، مثل (لا تكذبى)؟

«كامل الشناوى» طلب منه أن يغنيها، بعد أن غنتها «نجاة»، و«عبدالحليم» كان «كيّاد».

 لماذا أراد أن يكيد «نجاة»؟

ــ كيد مهنى، كان يريد أن يقول إنه يغنيها أفضل.

 هل كان يغار من «نجاة»؟

ــ كل الجيل كان يغار من بعضه، لكن المقارنة بين «نجاة» و«عبدالحليم» كانت كبيرة ومستمرة لأن الاثنين لديهما نفس «القماشة» فى الغناء، و«عبدالحليم» كان يعتقد أن سيطرة «نجاة» نابعة من أنوثتها، وهى أنوثة غير معلومة الأسباب، وقد حاول أن ينتزع منها «نزار قباني» وغنى من كلماته ثلاث قصائد، رغم أنها تمنت أن تغنى (رسالة من تحت الماء) لكن «نزار» قال لها «أنا أديت كلمة لعبدالحليم».

 دعم «عبدالحليم» كان غالبا من أبناء جيله وليس من الأجيال الأكبر؟

ــ ذاك الجيل – الكبير - لم يكن يشعر بقيمة «عبدالحليم حافظ» وقد أكد على ذلك الملحن الكبير «أحمد صدقي». فمثلا «أم كلثوم» كانت تغار من «عبدالحليم»، وأظن أن «رياض السنباطي» كان يخشى الغضب الكلثومى.

 بمناسبة الغضب الكلثومى، كيف شهدت كواليس هذا الغضب على «عبدالحليم»؟

ــ الغضب الكلثومى كان فظيعا، لكن لم يؤثر عليه، والرئيس صالح «عبدالحليم» بعد ذلك، حيث أقيمت حفلة فى الإسكندرية، أحياها «حليم» وحضرها الرئيس، وفى مشهد رأيته بعينى طلب «مجدى العمروسى» من «حليم» أن يذهب إليها ويعتذر، فرفض وقال «أبدا». 

 يعنى لم يعتذر لها؟

ــ لا. 

ومشهد اعتذاره الذى ظهر فى الأعمال الدرامية التى تناولت قصته لاحقا؟

ــ كذب، وتجميل فقط. لم يعتذر أبدا ولم يقابلها أبدا. ولم تهدأ النفوس أبدا.

 فى البرنامج الذى كنت تعده للإذاعية «آمال فهمى» غضبت «أم كلثوم» بشدة من عدة وقائع، هل تذكرها؟

ــ  نعم، نالت «آمال فهمى» غضبا شديدا. أولا، واقعة «يوسف إدريس» الذى سئل عما إذا كان يتحمل عدم التدخين فى حفلة لـ«أم كلثوم» فقال «وعلى إيه أنكد على نفسى ما أسمعها فى البيت»، وسئل «صلاح جاهين» عن رأيه فى الأغانى التى لحنها «عبدالوهاب» لـ«أم كلثوم»، فقال «الغنوة زى ما تكون بنت مراهقة أمام ألحان السنباطي»، وسئل «أحمد سعيد» كيف ترى تقديمات «جلال معوض» للسيدة «أم كلثوم» قبل صعودها على المسرح، فقال «هودج». اعتقدت «أم كلثوم» أن هذا تطاول عليها.. والآن سوف تسألينى «هل كتبت هذه الأسئلة بسبب حبك لـ«عبدالحليم»؟

 نعم، هل كان ذلك هو السبب؟

- إطلاقا، فقط «شقاوة مهنية».

 هناك مشهد فى فيلم (حليم) يظهر موقفًا مهينًا من «عبدالوهاب» لـ«عبدالحليم» عندما حاول الأول أن يعطى الثانى نقودا وكأنها صدقة وذلك فى أول لقاء لهما؟

ــ ليس صحيحا، ما حدث أن «عبدالحليم» يوم أن ذهب إلى 9 شارع عرابى، العنوان الذى استمع فيه «عبدالوهاب» لـ«عبدالحليم»، قال لى «حليم» قبل اللقاء: «مفيد، مجدى العمروسى قالى أقابل الأستاذ، هقوله إيه، مفيد تعالى معايا»، قلت «لا أنا هستناك فى قهوة أم كلثوم»، وفعلا انتظرته، استمرت المقابلة ثلاث ساعات ونصف ثم جاء لى على المقهى، وحكى أن «عبدالوهاب» طلب منه أن يغنى (جفنه علم الغزل، النهر الخالد، كليوباترا وخايف)، ثم قال لى «شتمنى من فرط المتعة الشديدة التى شعر بها قال يا ابن الـ... أنت مجبتكش ولادة، يعنى إيه يا مفيد»، قلت «ده إعجاب»، لذلك فيما بعد وفى بروفة غنوة (من غير ليه)، بين «عبدالحليم» و«عبدالوهاب»، والتى كانت مسجلة على شريط كاسيت، كان التسجيل مليئًا بـ«الشتائم»، وهذا الشريط كان يضعه «عبدالوهاب» تحت وسادة سريره فى المستشفى، وطارت زوجته «نهلة القدسي» لتأخذه قبل أن يقع فى يد أحد، ولكنها لاحقا سمحت لى بأن أستمع لجزء منه، وشعرت وكأن الاثنين لم يتعلما الأدب فى حياتهما. 

 

من تمكن من أذى «عبدالحليم»؟

ـ لا أحد، لأن النظام كان يحميه. فالرئيس «عبدالناصر» كان معجبا به، و«حليم»، «دخل البيت من شباكه»، «خالد عبدالناصر»، ومعلوماتى التى من الممكن أن يشهد عليها «سامى شرف» أن «عبدالناصر» كان معجبا بـ«فريد الأطرش».. لكنه كان يتمنى أن يكون فى المشهد نجوم جدد، وقد كان. وقيل عن «عبدالحليم» أنه مغنى الثورة، وواجهة نظام «عبدالناصر»، ولكن فى لحظة من اللحظات بعد ذلك بسنين، وارى التراب الأغانى الوطنية التى غناها «عبدالحليم»، إلى أن طُلبوا من «جلال معوض» أن يكتب مقدمات لتلك الأغانى وبالفعل كتب مقدمات أدبية رصينة لكل غنوة وأفرج عنها.

 

تقصد أن تلك الأغانى حجبت فى عهد «السادات»؟

ـ نعم

يعنى نظام «السادات» لم يدعم أو يحمى «عبدالحليم»؟

ــ ليس كثيرا

 من حماه إذن أيام «السادات»؟

ــ فنه وجمهوره وحب الناس له.

«عبدالحليم» اقترب كثيرا من الملوك والأمراء العرب، كيف كان ذلك؟

ــ أنا فاكر عندما غنى (يا هلي) فى الكويت، سألته «أنت جاملت الكويت»، قال «نعم»، وكان صديقا شديدا للأمراء السعوديين، وأول مرة أرى الأمير «طلال» كان فى بيته، حيث كان يمتلك شقة فى نفس البناية، و«حليم» كان يسافر السعودية ويغنى فى السهرات، لكنه كان يعمل حسابا شديدا فى أثناء وجود «محمد عبده»، وفى مرة طلبوا منه أن يغنى (الأماكن) لكنه تردد ولم يغنها، عندما سألته «لماذا» قال» افرض يا حياتى أنهم قالوا آه آه من فرط الإعجاب بأدائى أبقى أنا شنيرت محمد عبده»، ومع ذلك كان يغار من «محمد عبده».

 كان غيورا؟

ــ جدا على المستويين المهنى والشخصى، وقد غضب منى بشدة واستمر الخصام 21 يوما وهو شيء نادر، لأننى كتبت مقالا فى «صباح الخير» بعنوان «من برج عبدالحليم إلى سفينة نوح»، حيث كتبت «إن الناس الذين يستمعون إلى شدى حيلك يا بلد أضعاف أضعاف الذين يأتون إلى الحفلات، وصوت العاطفة من القلب التى تلتحف بالوطن أخطر من العاطفة المجردة لامرأة». وقد أزعجه هذا. 

 لماذا قارنت بينه وبين «محمد نوح»؟

ـ اللى حصل.

هل كنت مستاء من «عبدالحليم»؟

ـ أبدا

 

هل كنت تشعر أنه كان مقصرا فى الأغانى الوطنية؟

ــ نعم، كنت أشعر أن الأغانى العاطفية أخذته، و«محمد نوح» ملأ الفراغ، ولن أنسى عندما شاهدت «نوح» وهو يغنى فى المقطم وفى الهرم ويقول «يا منى عيني»، طبعا فيما بعد عرفت أنه كان يحب امرأة اسمها «منى»، لكن الحماس الشديد وكون الناس مستعدة أن تفعل أى شيء استجابة له، كان شيئا عظيما. 

كيف كان الخصام؟

ــ غضب جدا وهو كان سهل الشحن، والله يرحمه «مجدى العمروسى» لا أدرى إن كان يقصد أم لا، لكنه كان يغار على «عبدالحليم» منى، وكان يقول «مفيد بقه فى ودن عبدالحليم». المهم، قرأوا له المقال وغضب غضبا شديدا، وبدون عتاب، لاذ بالصمت، وتوقف عن الاتصال الصباحى اليومى بمنزلى، فكان يحدثنى يوميا وخاصة فى فترة إقالتى من «روزاليوسف»، يتصل ويقول «ها يا حياتى مجتش ليه، هبعتلك عبدالفتاح، السائق».

كان «حليم» أكثر من ساندك فى فترة إقالتك؟

ــ صحيح، أذكر يومها وبعد أن منعوا دخولى المجلة وقالوا لى «ممنوع تدخل، حضرتك مرفود»، فى تلك اللحظة مشيت فى الشارع من «روزاليوسف» إلى الزمالك، لم أذهب لبيتى، ذهبت إلى بيت «عبدالحليم»، فتح لى الباب «عبدالرحيم» السفرجى، قال «الأستاذ طبعا نايم، اتفضل فى غرفة المكتب» جلست فى غرفة المكتب ودموعى تغرقنى، لا أعرف ماذا فعلت، لقد كتبت مقالا ونشره «فتحى غانم» رئيس التحرير حينها، عن زيارة الوزير «عبدالمحسن أبو النور» لقرية «صان الحجر». جلست فى غرفة المكتب حتى استيقظ «حليم» لدخول الحمام مرتديا الجلباب وعاقدا شيئا على رأسه، وجدنى جالسا فاندهش وقال «مفيد حصل إيه يا حبيبى»، قلت «اترفدت»، قال «ليه؟ نكلم مين؟»، قلت «لا أعرف»، دخل غرفته وأجرى عدة مكالمات ثم ارتدى ملابسه وقال «تعالى معى»، أخذتنا السيارة لمبنى المخابرات العامة، لمقابلة «صلاح نصر»، الذى قال له «حليم»، «يافندم إذا كان مفيد فوزى بيكتب منشورات ضد الثورة، يبقى بيكتبها فى بيتى، وإذا كان بيعادى النظام يبقى من بيتي»، قال «نصر»، «تكتب الكلام ده»، رد «حليم»، «أكتبه»، قال «نصر»، «أكتبه»، ثم أضاف «إيه الرهان إنك بتدافع عنه كده»، رد عليه «حليم» قائلا، «مفيد فوزى سعد، قبطى مصرى، مخلص لتراب هذا البلد ومخلص للرئيس جمال عبدالناصر».. من هذا اليوم اعتبرت أن «عبدالحليم» هو الصديق الصديق، كان رجلا معى، وصاحب صاحبه بحق. 

 هل كان على علاقة جيدة بـ«صلاح نصر»؟

ــ لا، كان فقط صديق النظام، و«صلاح نصر» لم يكن يحب «عبدالحليم»، لأن «نصر» كان محسوبا على «عبدالحكيم عامر».

أستاذ مفيد، لماذا تتهم بأن روايتك عن علاقة «سعاد حسنى» بـ«عبدالحليم» غير حقيقية؟

لقد عشت هذه العلاقة، و«سمير صبرى» و«سناء منصور» يعرفان، لكن أخت «سعاد» لديها أصحاب ولديها ميليشيات تكتب.

لكن «سعاد حسنى» نفسها أنكرت علاقتها بـ«عبدالحليم»؟

ــ بعدين، بعد أن رفض أن يعلن عن زواجهما.

كان زواجا إذن؟

لا.. اهتمام.

 بدون ورقة؟

ــ أعتقد كان يوجد ورقة، وشهود هما: «محمد شبانة» أخوه و«عزالدين حسنى» أخوها.

 إذن ماذا تعنى بـ«اهتمام»؟

حب بدون جنس، رعاية واهتمام، وعندما طلبت منه أن يعلنا، رفض، قالت له «هبقى تحت تراب رجلك»، قال «هتبقى ممرضة»، قالت «هخدمك العمر»، قال «لا يا سعاد فنى أهم»، قالت «كده وأنا إيه؟ ما أنا كمان فنانة؟»، واختفت. جاءت إلى بيتى ومكثت به 11 يوما، كنت أنام فى غرفة الجلوس وأمى كانت تعد لها «الشوربة» رفضت أن تأكل أو تتحدث فى الموضوع نهائيا، حتى رحلت من بيتى. وقد أخبره «نبيل عصمت» أن «سعاد» كانت عندى، فغضب غضبا شديدا، حتى تصالحنا فيما بعد.

 كيف كان حبه لها؟

ــ يكفى أن أقول أنه كان يرسل سائقه ليجمع أرقام السيارات المركونة تحت بيتها، وينظر فى الأرقام ويقول «فلان هناك»، كان يغير ويشعر بالغيظ الشديد عندما يعرف أن أشخاصا بعينهم موجودون فى بيتها منهم المصور والمخرج «صلاح كريم» الذى تزوجته بعد ذلك. كان «حليم» يهتم بها اهتماما غير عادى حتى على مستوى الأعمال التى تقدمها، كان يقرأ السيناريوهات ويكتب ملاحظات بخط يده «هذه القصة غير ملائمة لك.. هذا السيناريو من الممكن أن يعاد كتابته فيصبح أفضل».. لكنها كانت تشعر - وهذا إحساس خطير- أنها ليست فى عالمه، لم تكن تصلها مشاعره بل شعرت أنها ضئيلة بجوار حجم علاقاته ومعجباته. وكانت كذلك متمردة عليه، فى مرة اتصل بى وقال: «هبعتلك العربية نروح لسوسو سوا»، وفعلا ذهبنا إلى بيتها فى الزمالك، فأمسك بقماش كرسى الصالون وقال «شايف؟ دى فنانة؟ بيتها بالشكل ده؟، فقالت له «أنت بتشهد مفيد؟ طيب مش هعملها، مش هصلحها». فضغط عليها أكثر وقال «شفتى بيت نادية لطفى؟» فانفعلت وصرخت «متقارنيش بحد».

وهل كانت تغار عليه مثلما يغار عليها؟

ــ نعم، كانت تغار من «ميرفت أمين» تحديدا، والتى رشحها «حليم» لتؤدى دور «نادية لطفى» فى (أبى فوق الشجرة) لكن «مجدى العمروسى» رفض وقال له الحاج «وحيد فريد» – المصور - يقول «مش لايقة على الدور»، فقال «عبدالحليم»،» ليه؟ ميرفت قمر وتعمل أى حاجة»، لم يحسم الأمر سوى رفض «عبدالوهاب» صاحب الشركة، ولكن «عبدالحليم» كان مأخوذا بـ«ميرفت أمين». 

و«نجلاء فتحى»؟

وهى أيضا.

 إعجاب فنى أم شخصى؟

شخصى، وقد حاول أن يساعدها لتمثل، والحاج «وحيد» عمل لها اختبار كاميرا وقال «فيها عيب واحد إن أسنانها متركبة فوق بعض»، سألنى «حليم» عن طبيب أسنان، فقلت له «تاخد بوجهة نظرى، أحمد بهاء الدين قال عبارة عظيمة إن «ضب» صوفيا لورين لم يمنع جمالها، أسنانها ممكن تكون شيء مميز».وفعلا لم تصلح أسنانها.

كل من وقفن أمام «عبدالحليم» فى الأفلام قلن أو لمحن أنه وقع فى غرامهن، هل هذا صحيح؟

فيما عدا «نادية لطفى» لأنها كانت قوية جدا، و«عبدالحليم» لم يكن يميل للمرأة القوية والدليل أنه جٌن هياما بالفنانة «إيمان»، لكنها تزوجت «فؤاد الأطرش»، وكان ثقيلاً رهيبا، لذلك اندهش «حليم» من هذه الزيجة وتحول اندهاشه فيما بعد لإفيه يطلقه بمناسبة وبدون مناسبة فأجده من دون سابق إنذار يسألنى  «قولى يا مفيد ألا إيمان اتجوزت فؤاد الأطرش إزاي؟». لكن لم يحب «حليم» أو يتآلف على الإطلاق مع «مريم فخر الدين» ولا «ماجدة».. أما عن «فاتن حمامة» فأظن أنه كان يحترم مشاعر «عمر الشريف». والأخطر أنه كان يحترم فى فترة من الفترات مشاعر «أحمد رمزى» الذى كان يحب «فاتن» حبا جارفا. 

 من أكثر شخصية وصولية اقتربت من «عبدالحليم»؟

أصله عايش ما أقدرش أجيب سيرته

 مهنته؟

طبيب

 من خان «عبدالحليم»؟

لا أستطيع أن أقول إن هناك شخصا خانه.

 من أعداء «عبدالحليم»؟

محرم فؤاد.

 من ظلم «عبدالحليم»؟

بعض الكتاب الذين قالوا إنه يصطنع show ويتاجر بمرضه.

 من الذين ظلمهم «عبدالحليم»؟

ــ لم يظلم أحدا، وقصة أن «عماد عبدالحليم» ابن غير شرعى له قصة كتبها مسطول، وخلافه مع «هانى شاكر» خلاف مصطنع ومفتعل تماما. 

 و«محمد رشدى»؟

«محمد رشدى» كان هناك من يكتب دفاعا عنه ليسىء إلى «عبدالحليم» ومنهم صديقى «محمد جلال» رئيس مجلة الإذاعة والتليفزيون.

هل افتعل بعض الفنانين صدامات معه كى يصعدوا؟

طبعا.

 تقول أسماء؟

لا.. مفيش داعى

 كيف استقبلت خبر وفاته؟

عندما مات لم أبك فى الأسبوع الأول، وكنت أطلب رقمه يوميا، لم يرد أحد، وطغى على شعور بعدم التسليم أنه رحل. وتفاجأت، لأنه قال لـ«مجدى العمروسى» فى لندن، «قول لمفيد ييجى عايز أشوفه»، فـ«مجدى» كلمنى وقال لى «ابعت باسبورك لصوت الفن» وفعلاً حصلت على التأشيرة وكانت صوت الفن ستتكفل بالتذكرة، ثم سمعت الخبر قبل سفرى، لم أصدق، حتى قال لى «فتحى غانم» وكان رئيس التحرير «يا مفيد أنت كان عندك علاقة كبيرة مع عبدالحليم اكتبلنا بعض مشاهد، اللى هتكتبه أنت أصدق من أى حد، رؤوف – يقصد رؤوف توفيق- ميعرفوش وجمال كامل ميعرفوش، فاكتب عنه»، انهرت وأدركت أنه بالفعل قد مات وبالفعل لن أراه ثانية، أدركت معنى الافتقاد.. وكانت إحدى سقطات العمر العميقة فى حياتى.