الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

عالمية.. عبرت الحدود والزمن

فكرة أن نكتب عن فنان رحل عن عالمنا، وانتقل بجسده إلى السماء، بعد مرور ما يقرب من نصف قرن من الغياب، إلا أن أغانية لاتزال متواجدة بيننا فى كل مكان، فهى إن دلت على شىء، تدل على أننا أمام فنان يستحق لقب أسطورة بكل تأكيد.



أسطورة بقاء أغانى «عبدالحليم حافظ» حتى وقتنا هذا، لها لعديد من العوامل والأسباب، أول هذه العوامل، كلمات أغانيه السهلة فى النطق والحفظ والفهم، فأغانيه لا تترك مجالاً كبيرًا للتفكير، واضحة المعانى، مباشرة الغرض، وطريقة غناء هذه الكلمات على ألحان متميزة تجعلها سهلة الحفظ، وبمجرد السماع من المرة الأولى تحفظ لها مكانًا فى ذاكرة المستمعين، فهذا فضل يرجع للفنان صاحب المشروع، الذى ظل منهجه ثابتًا مهما تغير فريق عمله من موسيقيين وشعراء.

مواكبة «عبدالحليم حافظ» لحركة التطور الموسيقى جعلته «فاترينة» الجديد لدى عشاق الموسيقى فى الوطن العربى، وبعد توقف مسيرته، أصبحت أغانيه معبرة عن الفترة الزمنية التى صدرت فيها تلك الأغانى، وهو ما ساهم فى تواجدها بعد ذلك عند الحديث عن شكل الأغنية العربية فى الفترة من العام 1951 إلى 1977، كنموذج يعبر عن هذه المرحلة الزمنية.

«عبدالحليم حافظ» نستطيع أن نطلق عليه مغنى «pop» من الدرجة الأولى، فهذا المصطلح المشتق من كلمة  popular، المعنى بالوصول لأكبر وأوسع شريحة ممكنة، بجميع الأشكال والطرق، ولذلك يتم استخدام وتدوير الكلمات الشائعة التى تتماشى مع أذواق أكبر شريحة استماع ويتم تكرارها على جمل لحنية رنانة وبسيطة وخفيفة مع استخدام الإيقاعات الأكثر شيوعًا فى الفترة الزمنية التى يعيش فيها الفنان، ومن هنا نتوقف عند أغنية (سواح) من كلمات «محمد حمزة»، وألحان «بليغ حمدى» وتكرار عنوان الأغنية على جمل لحنية قصيرة، وهو ما ساهم فى حفظها وانتشارها بين الجماهير، لتعد واحدة من أشهر أغانيه على الإطلاق، حتى بعد وفاته بعشرات السنين قام العديد من المغنين بإعادة إصدارها بشكل عصرى، ولكن تظل تجربة «Ishtar alabina» هى الأبرز لأنها لم تكن متأثرة بروح العندليب بشكل تام، بل قامت باستخدام «سينيو» الأغنية ومزجته مع مقاطع الـ«راب» على إيقاعات موسيقى الـ«pop»، مع الـ«hip hip»، واستطاعت أن تصل بهذه التوليفة إلى أكثر من 13 مليون مستمع جديد لم يكن معاصرًا للفترة الزمنية التى تواجد فيها «عبدالحليم».

وليس هذا المثال الوحيد، أيضًا النجم الأمريكى العالمى الكبير «JAY-Z» كان له هو الآخر تجربة فى أغنية (Big Pimpin) على موسيقى الـ«hip hip» أيضًا، واستطاع أن يصل إلى أكثر من 45 مليون مشاهدة على يوتيوب، وساهم فى تواجد موسيقانا المصرية فى بلاد لا تجيد التحدث باللغة العربية، وذلك بفضل «العندليب»، وبالتحديد أغنية (خسارة).

وفى السياق ذاته فريق «Lagix» كان لهم أيضًا تجربة باستخدام لحن أغنية (أهواك) فى أغنيتهم (Love You) وتقديمها بالمزج بين موسيقى الـ«Pop» مع «hip hip»، والكثير من الأغانى والنماذج التى تثبت أن «العندليب» كان لديه من الرؤية الفنية الثاقبة التى مكنته من الانتشار بشكل موسع وأن تبقى أغانيه دائمًا فى حالة خلود، ومن المؤكد أنه لو كان متواجدًا بيننا حاليًا لكان استخدم كل الوسائل الممكنة التى تمكنه من الوصول إلى المجتمعات الأخرى وخاصة غير العربية ليقدم لهم موسيقانا المصرية بشكل عصرى وعالمى.

فإذا كنا نسعد حاليًا عندما نجد أغنية مصرية مترجمة أو منتشرة فى بلاد خارج حدود الوطن العربى، فما الحال إذن عندما نستمع إلى أغنيات مر على إصدراها عشرات السنين وحققت مئات الملايين من المشاهدات من فنانين لهم شعبية جارفة.. فهذا إعجاز يصعب تكراره.