
محمد جمال الدين
رسائل.. سيرة شهيد
(إن دروس وعبر الماضى، ما هى إلا نور يضىء الطريق إلى المستقبل، فعظمة التاريخ تكمن فى عظمة صانعيه، وعظمة صانعيه تنبع من سيرتهم العطرة، التى ستظل محفورة فى وجدان وضمير الأمة).. تلك الجمل البسيطة المعبرة هى المقدمة الاستهلالية للفيلم التسجيلى (سيرة شهيد) الذى تم عرضه فى الندوة التثقيفية الـ33 تحت عنوان (لولاهم ما كنا هنا) التى حضرها الرئيس عبدالفتاح السيسى.
الفيلم أنتجته إدارة الشئون المعنوية للقوات المسلحة وتناول قصة الشهيد أ.ح مصطفى محمد نجيب، وأيضًا قصة الشهيد الجندى عماد أمير، الذى استشهد خلال العملية الشاملة، كما تناول قصة الشهيد الرقيب أحمد رضا محمود المدبولى، والشهيد العميد أ .ح مصطفى عبيدو الذى استشهد أثناء عملية سيناء.. جمل مقدمة الفيلم الموضحة بعاليه على القاصى والدانى أن يدركها ويفهم معانيها جيدًا، فهى تثبت أن مصر حكومة وشعبًا تقدر بطولات وتضحيات أبنائها الشهداء، والتى ستظل محفورة فى وجدان وضمير الأمة، وسيظل التاريخ يتذكرهم بعظمة ما صنعوه لوطنهم، لأن دروس وعبر الماضى ما هى إلا النور الذى سيضىء الطريق إلى المستقبل، تلك هى الرسالة الأولى للفيلم التى أبكت الحضور وجعلت الرئيس يصرح عقب عرض الفيلم: (كلنا متأثرين بالموقف.. وكلام كل أسرة شهيد، وألمهم مش هنقدر مهما عملنا نخففه.. وسيرة الشهيد بتقولنا حاجة واحدة بس خلوا بالكم من بلدكم)، وأضاف الرئيس السيسى: (الناس راحت وقدمت دمها علشان البلد تعيش بخير، أصحابها وأهلها يكبروها ويعلوها ويحافظوا عليها وميخربوهاش.. وألا يبقى كل تضحية اتقدمت من 8 سنين مكنتش فى مكانها).
رسالة أخرى للفيلم وضحت بأدق تفاصيلها عندما احتضن الرئيس أبناء الشهداء وأداء التحية العسكرية لبعضهم، فى مشاهد أبكت الحاضرين بمن فيهم الرئيس شخصيًا، حيث اعتبر نفسه فى مقام الأب بالنسبة لهم، تكريم أسر الشهداء وأبنائهم لم يقتصر عليهم فقط، حيث تم أيضًا تكريم أبطال مصر من الجيش الأبيض الرحيم، تقديرًا وعرفانًا بدورهم فى مكافحة جائحة فيروس كورونا، وتمثل هذا التكريم فى الطبيب الشهيد (أحمد ماضى إبراهيم يوسف أبو غنيمة)، الذى كانت آخر كلماته عقب إصابته بالفيروس وقبل استشهاده مباشرة: (وصيتى إليك يالله أطفالى الضعفاء الذين لم أفرح بهم)، وكذلك تم تكريم الطبيب (محمود سامى قنيبر) الذى فقد بصره أثناء مكافحة الفيروس قبل أن يرى مولوده الأول، تلك رسالة أخرى تأكدت عقب عرض الفيلم حين لم يقتصر التكريم على العسكريين فقط حماة العرض والأرض، وإنما تم تخطى ذلك عند تكريم أبطال الجيش الأبيض حماة الصحة والعافية، فهم أيضًا من صناع تاريخ هذا الوطن الذى يكرم ويحتفى بكل أبناء مصر المخلصين لها فى جميع المجالات، جميعهم ودون استثناء سيرتهم ستظل محفورة فى وجداننا وضميرنا.
تتبقى الرسالة الأخيرة للفيلم التى تجلت فى اعترافات أحد العناصر الإرهابية بأنهم كانوا يسيرون فى الطريق الغلط منذ قتل المصلين فى مسجد الروضة أثناء صلاة الجمعة، بخلاف اعترافه بسرقة البهائم والدواب من منازل الآمنين دون وجه حق، مؤكدًا أنهم لم يستطيعوا هداية حتى ولو رجل واحد، ولذلك وجه رسالة إلى كل من ينتمى لتنظيم إرهابى بضرورة الابتعاد عن هذا الطريق، موجهًا النصح إلى أى فرد وللعالم أجمع ولمن لديه ولد أو أخ بضرورة السير فى الطريق السليم، بعد أن انتشلهم الجيش المصرى من الوسخ الذى كانوا يعيشون فيه وأبعدهم عن منهج الدم والسيف والجحور والخنادق التى كانوا يسكنونها، حماية لأبنائهم وعائلاتهم من عواقب الإرهاب.
رسائل واضحة لا يمكن أن تخطئها العين تضمنها فيلم سيرة شهيد، نتمنى أن يعلمها كل مصرى محب لوطنه ويؤكدها فى كل وقت وحين، أما الإرهاب والإرهابيون وتجار الفتنة والدم فلن يكون لهم وجود على أرض مصر سواء شاءوا أم أبوا.