الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

لتدشين الخط الأحمر من السودان السيسى فى مقرن النيلين خطوة عزيزة يا فندم

فى خطوة عزيزة على مقرن النيلين (الأزرق والأبيض) بالعاصمة السودانية الخرطوم، حطت طائرة الرئيس (عبدالفتاح السيسى)، فى زيارة تعتبر الأولى بعد ثورة ديسمبر المجيدة وتكملة مجلس السيادة الانتقالى وتشكيل الحكومة الجديدة شهر فبراير الماضى، الزيارة غير العادية للرئيس (السيسى) كانت تتويجًا لحراك الشقيقين (السودانى المصرى) الذى دشن مرحلة التكامل بعد الاتفاق العسكرى الذى وقعه رئيسا الأركان لجيشى البلدين الأسبوع الماضى.



 

وكانت زيارة وزيرة خارجية السودان المنصورة (مريم الصادق المهدي) إلى القاهرة التى تمكنت خلالها من الحصول على أقوى أنواع الدعم الذى يقدمه الأشقاء المصريون لإخواتهم فى وادى النيل عندما قال الرئيس عبدالفتاح السيسى للوزيرة إن (أمن السودان جزء لا يتجزء من أمن مصر) وهى الجملة التى وجدت ارتياح شعب وحكومة السودان، حتى قبل وصول السيسى إلى الخرطوم.

رسم وصول (السيسي) إلى الخرطوم الخط الأحمر الجديد فى السودان، الذى كان رسالة لكل من يريد أن يسعى من سيادته وأمنه ما جعلها طوق نجاة جراء الظروف الاستثنائية البالغة التعقيد التى تعيشها البلاد وهى تحاول إكمال المرحلة الانتقالية فى الحكم، وإكمال ما تبقى من هياكل الحكم بتكوين البرلمان الانتقالى للثورة المجيدة، فى ظل معاناة للمواطنين للأزمة الاقتصادية، والتضخم البالغ (304 %) وتحرير لسعر الصرف الرسمى، لكن التهديد الأهم الذى يواجه السودان ووصل لأجله (الرئيس السيسي) كان انتهاز إثيوبيا وتهديدها المباشر لسيادة وأمن السودان بعد ثورته المجيدة، بعد أن انتهزت أديس أبابا انشغال السودانيين بترتيب بيتهم الداخلى بحل قضايا الدولة، لتقوم بمحاولة دنيئة للاقتناص من وحدة أراضيه وتهديد شعبه عبر محورين: 

 

تهديد الحدود

الاستيلاء على منطقتى (الفشقة الصغرى والكبرى) فى ولاية القضارف السودانية شرقى البلاد، واعتبار المنطقتين ضمن الأراضى الإثيوبية، التى بلغ التعدى العسكرى الإثيوبى فيها ضد السودان أن قامت الطائرات الحربية الإثيوبية باختراق الأجواء السودانية لأكثر من مرتين، كما اشتبك مقاتلو الميليشيات والجيش الإثيوبى مع الجيش السودانى بشكل متقطع طوال يناير وفبراير ومطلع مارس الجارى تمكن خلالها الجيش السودانى من صد هجمات الإثيوبيين وإعادة جزء كبير من الأراضى المحتلة، بيد أن المقاتلين الإثيوبيين انتهجوا منهجًا آخر دون المواجهة المباشرة مع الجيش السودانى بعد أن قاموا بتوزيع أنفسهم عبر مجموعات نفذوا خلالها عمليات قتل وخطف طالت العديد من المزارعين والرعاة السودانيين بينهم عدة نساء أطلق عليهن الرصاص خلال حصاد أراضيهن لإجبارهن على مغادرة المشاريع الزراعية وهجرها بعد إرعابهن بتلك الحوادث التى كانت توازى انتهاكات الجيش الإثيوبى فى إقليم التقراى التى كشفتها المنظمات الدولية للعالم، وتسعى إثيوبيا لزرع الخوف لدى المزارعين السودانيين البسطاء حتى يقوموا بإخلاء أراضيهم حتى يسهل للحكومة الإثيوبية الاستيلاء عليها مجددًا، فالمنطقتين اللتين تضمان مشاريع زراعية ضخمة تقدر بـ(250) ألف فدان، حققت منها الحكومة الإثيوبية طوال 25 عامًا الماضية، عبر اتفاق غير رسمى مع النظام الحاكم السابق المخلوع، حققت معدلًا ضخمًا من الإيرادات لبلادها ساهمت بشكل كبير فى النهضة الحالية لأن الدولة تعتبر فى النهاية مغلقة عن البحر الأحمر ولا تمتلك مساحات صالحة للأراضى الزراعية أو موارد بالإضافة لعدم امتلاكها لأى إنتاج للنفط أو الغاز.

 

تهديد سد النهضة

التهديد الإثيوبى المشترك لكل من السودان ومصر عبر (سد النهضة) الذى كبد الشعب السودانى خسائر فادحة فى الأرواح والممتلكات جراء الفيضانات غير الطبيعية العام الماضى، التى كشفت أن الحكومة الإثيوبية كانت تستخدم المفاوضات كواجهة مسرحية لإكمال عملية الملء الأول للخزان الضخم، لذا فإنها تريد عبر رفضها للمقترح (السودانى المصري) الجديد القاضى بإدخال الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة الأمريكية والأمم المتحدة فى التفاوض الذى تحدث عنه الرئيس السيسى خلال زيارته إلى الخرطوم وزاد فيه بإعطاء أثيوبيا مهلة (40) يومًا حتى منتصف أبريل القادم، بينما تريد إثيوبيا المواصلة فى نفس النهج عبر المنظمة الإفريقية فقط، رغم أن الاتحاد الإفريقى فشل كمنظمة كبرى فى جولات التفاوض السابقة بين الدول الثلاث بالضغط على إثيوبيا لوقف الملء الأول لسد النهضة العام الماضى، ولعل ذلك هو السبب الرئيسى الذى جعل الخرطوم والقاهرة يسعيان لإدخال وساطة الاتحاد الأوربى، والولايات المتحدة الأمريكية، والأمم المتحدة، بالتالى فإن إصرارهم على إدخال الوسطاء الجدد مهم من أجل التوصل لحل مرض للأطراف، وليس من أجل إعادة جولة تفاوض جديدة تنتهى بالملء الثانى المقرر فى يوليو المقبل، ما يهدد بدوره هذه المرة حياة أكثر من (20) مليون مواطن سودانى بخلاف الآثار الأخرى التى تؤثر على أراضى ومواطنى الشعبين السودانى والمصرى وضياع حقوقهما فى مياه نهر النيل.

 

أهمية الزيارة

بالتالى فإن أهمية زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى السودان تأتى من منطلق التنسيق المشترك لمواجهات التحديات الماثلة للحفاظ على أمن شعبى وداى النيل من العنت الحكومى الإثيوبى غير المبرر بالإضافة لحق شعوب السودان، ومصر، وإثيوبيا فى الحصول على حياة مستقرة وآمنة بعيدة عن التوترات والتهديدات الأحادية، وهو ما عبر عنه الرئيس السيسى بقوله إلى الشعب السودانى فى المؤتمر الصحافى بالقصر الجمهورى بالخرطوم (نعدكم بأن تبقى مصر إلى جانبكم.. وأمنكم جزء من أمننا).

صحيح أن البعض يسعى لإضعاف العلاقة بين الأخوة فى السودان ومصر عبر بناء التحالفات الإقليمية الزائفة وتارة عبر تعكير العلاقات الشعبية أو دق إسفين بهدف التأثير على شعبى البلدين، لكن ما لم يكن فى حسبانهم أن التحالف (السودانى المصرى) بهذه الرقعة الجغرافية الضخمة وقوة جيشى الدولتين والإدارة المشتركة تصعب عليهم المهمة، لذا يلجأون فى النهاية لمواقع التواصل الاجتماعى، لأن الواقع أكبر مما يحسبون، خاصة أن التنسيق بين الأشقاء فى السودان ومصر يقوم على تلاقى محدد، واستمرار العزيمة ما تظهر نتائجه فى القريب العاجل وظهر بشكل جلى من خلال تصدر هشتاقات تويتر التى كان أبرزها: (السيسى فى بلده التاني) و(مصر والسودان مصير مشترك)، ما لا يقطع مجالًا للشك أن زيارة السيسى إلى الخرطوم لم تكن مجرد زيارة عمل أو مجاملة بل نقطة تحول كبرى للعلاقات سوف يشهدها العالم عبر تكاملٍ غير مسبوق فى الزراعة والاقتصاد والصناعة والسياسة، والتعاون العسكرى، خاصة أن التحديات الموجودة أمام الدولتين ليست فى سد النهضة فحسب، أو حدود السودان الشرقية، بل تمتد للقضاء على الإرهاب فى ليبيا، وتأمين البحر الأحمر، ما يقود بدوره لحفظ أمن ومصالح البلدين الشقيقين.