الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
تعالوا نعمل أزمة!

تعالوا نعمل أزمة!

بداية أعلم كما يعلم غيرى أن هناك علما يدرس فى معاهد وجامعات العالم المتقدم مهمته الأساسية حل الأزمات، هذا العلم يعتمد على مناهج ونظريات حديثة للوصول لحل أمثل لأى أزمة أو مشكلة تواجه هذا المجتمع أو ذاك، وبفضل جهود البعض تمكنا من تطوير هذا العلم بنجاحنا فى وضع نظريات ومناهج أخرى، ليست لحل الأزمات التى نعانى منها وإنما لزيادتها وارتفاع حدتها ووتيرتها، فأصبح العالم بأجمعه فى جانب ونحن لوحدنا فى جانب آخر، دليلى على هذا أنه فى صباح كل يوم جديد يجد المصريون أنفسهم أمام أزمة جديدة تختلف شكلا وموضوعا عن أزمة اليوم السابق، ولكنها فى النهاية تصنف تحت بند الأزمة التى تزيد من أعباء المواطنين بأكثر مما تتحمل أنفسهم، وكأن القدر كتب علينا أن نعيش فى أزمات معدة ومقررة علينا سلفا وليس لها من نهاية.



 فما كدنا ننتهى من أزمة قانون التسجيل فى الشهر العقارى، الذى لولا تدخل الرئيس السيسى وتوجيهه بضرورة إرجاء العمل بالقانون لفترة انتقالية لا تقل عن عامين بهدف إتاحة الفرصة والوقت لإجراء حوار مجتمعى، مع قيام الحكومى بإعداد مشروع قانون يحقق الهدف من التأجيل، لحدث ما لا يحمد عقباه، بعد أن سخط البعيد قبل القريب على هذا القانون وعلى من شارك فى إعداده، ولكن لعشق البعض لعدم الاستقرار واتباعا لعلم إدارة الأزمات المصرى الذى يشعل فتيل الأزمات فى المجتمع، فوجئنا بمشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد، الذى أقرته الحكومة مؤخرا ليشتعل المجتمع من جديد، حيث تراه المنظمات والهيئات المعنية بشئون المرأة مجحفا لها ولدورها فى المجتمع، بينما يراه البعض الآخر مخالفا للشريعة الإسلامية.

 هذا الخلاف هو ما جعل عددا كبيرا من نواب البرلمان يبدى تخوفه من المواد التى جاءت فى القانون، وهذا ما أوضحه تحديدا زعيم الأغلبية بالبرلمان أشرف رشاد فى تصريحات له قال فيها (قانون الأحوال الشخصية المقدم للبرلمان به كثير من المشاكل حيث توجد 37 مادة منه يشوبها عدم الدستورية ومشكلات أخرى، وكان لا بد من عقد جلسات حوار مجتمعى حوله)، منتقدا سياسة الحكومة فى إعداد التشريعات، حيث قال إن الحكومة عليها التأنى فى إصدار القوانين، مشيرا إلى أن هناك مشكلة فى صياغة التشريعات، والبرلمان يقف فى المواجهة مع الشارع، ولا نريد أن نكون هدفا سهلا لأعداء الوطن ووسائل الإعلام الخارجية التى تستهدف البلاد وتحاول الانتقاص من دور مجلس النواب».. وهنا لا يفوتنا أن ننوه إلى أن مواد مشروع القانون كانت محل خلاف فى البرلمان السابق، ولذلك لم يصدر، ومتوقع أن يثير الخلاف بين أعضاء البرلمان الحالى، وهذا ما ظهر على السطح حين أشاد البعض بالنص على «معاقبة الزوج إذا لم يبلغ زوجته بزواجه الثانى»، باعتباره «انتصارًا للمرأة»، بينما انتقد مدافعون عن حقوق المرأة بنودًا قالوا إنها «تلغى الأهلية القانونية للمرأة» وكأن الرجل والمرأة فى حالة حرب ضروس لا بد لها من خروج منتصر، ففى حالة زواج المرأة من رجل سمح القانون لأحد أولياء الأمر برفع دعوى تطالب بفسخ عقد الزواج خلال عام من عقده إذا رأى عدم وجود تكافؤ فى الزواج، أو عدم حصولها على مهر مناسب، وهو ما اعتبره البعض انتقاصا من أهلية المرأة كشريك فى الزواج، وفى تعديل مثير منح القانون، الزوجة الأولى «حق الطلاق» للضرر إذا لم يبلغها زوجها بزواجه الثانى، ليصبح من حق الزوجة الثانية «الطلاق» هى الأخرى لعدم إبلاغ الزوج لها بزواجه الأول، ويعاقب التعديل «المأذون» حال عدم التزامه بما أوجبه النص عليه من إخطار الزوجات بالزواج الجديد، يحدث هذا فى الوقت الذى تناسى فيه من شاركوا فى وضع مشروع هذا القانون مصلحة الأطفال وضياعهم المؤكد من جراء عدم وجود منزل بديل يأويهم، وبالتالى أصبحوا بفعل واضع القانون أكثر من ألحق بهم الضرر من طلاق الأبوين.

وبين هذا القانون وذاك يقع الشعب ضحية لأزمات يحاول أصحابها فرضها على المجتمع الذى لم يعد باستطاعته تحمل أزمات أكثر من التى يواجهها بقوة وجلد وصبر أملا فى النمو والتقدم تحت رعاية الرئيس السيسى الذى يسبق بفكره وعمله محققًا إنجازات غير مسبوقة، والذى سبق وأوصى أكثر من مرة بضرورة التيسير على الناس وحل مشاكلهم، ولكن عشاق الأزمات المنتشرين بين الأروقة والدهاليز يتفننون فى تكدير حياتنا يبدو أن لهم رأيا آخر، وقتها لن يكون متاحا لنا سوى تدخل الرئيس لتعود الأمور إلى نصابها مثلما حدث من قبل.. عموما لهؤلاء ولغيرهم ممن يسيرون على نفس النهج نقول: ارحموا هذا الشعب فهو يتمنى منكم بل ويرجوكم أن ترحموه من أزماتكم التى تصدرونها إليه يوميا، وإياكم وأن تتناسوا النظرية التى تقول إن (معظم النار من مستصغر الشرر).