الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
كيف ولماذا حكم «السيسى» مصر؟" الرئيس الإخوانى يخطف «جنودنا» "2"

كيف ولماذا حكم «السيسى» مصر؟" الرئيس الإخوانى يخطف «جنودنا» "2"

فى سابقة تُعَدّ الأولى من نوعها، قام «مرسى» الرئيس الإخوانى فى مايو 2013 بإيعاز لجماعات إرهابية فى سيناء ليقوموا بخطف 7 جنود، منهم 6 شرطة مدنية والآخر متطوع بالقوات المسلحة، وأذاع الإرهابيون فيديو لإثارة الرأى العام ضد «الجيش»، وخَصُّوا وزير الدفاع «عبدالفتاح السيسى» بأنهم فعلوا هذا مقابل إقالته، من الوهلة الأولى كان وعى الشعب المصرى حاضرًا فى أن ما حدث ما هو إلّا للنيل من شخص «السيسى» الذى يحبه المصريون، ويثقون فيه تمامًا، بل ويعلقون الآمال عليه فى إنقاذهم من «حكم المرشد»، وتداعت أحداث سابقة على عقل الشارع الذى تذكّر واقعة قتل 19 جنديًا فى رمضان 2012 ليكون الحادث ذريعة إخوانية للإطاحة بالمجلس العسكرى، الذى كان يترأسه «المشير طنطاوى»، وإلغاء الإعلان الدستورى الذى أُعِدّ لحماية الدولة المدنية والهوية المصرية.



 

كان الالتزام الأخلاقى والدينى لدى الفريق أول عبدالفتاح السيسى، بمثابة اعتقاد لدى الإخوان أنه تمهيد لاستقطابه فى اتجاه الجماعة وحكمها، وهو دليل جهلهم الفعلى بالمؤسسة العسكرية وتاريخها وأولادها، بعد أيام قليلة من اختيار السيسى وزيرًا استشعر منهم هذا الفعل الخبيث، وأراد أن يعرف باقى خططهم وماذا يريدون؟ في هذا الوقت أشاع الإعلامي «توفيق عكاشة»، الذى كان يكتسح الساحة الإعلامية وقتها، ويلتف حول برنامجه أغلبية الشعب المصرى أن «السيسى» إخوانى،  وبالفعل التقط الإخوان الطعم، وبدأت تتكشف نواياهم، وأولها حضور «خيرت الشاطر» الاجتماعات التى تجمع مرسى كرئيس بوزير الدفاع السيسى، والأكثر كان يتحدث عن صفقات سلاح للشرطة المدنية يكون هو صاحب الصفقة من تركيا، ويطلب من وزارة الدفاع أن توافق على هذا، حيث إن أى نوع من الأسلحة يكون مشروطًا بأن يوافق عليه الجيش لاعتبارات المصلحة القومية، وهو متبع فى كل بلدان العالم.

 كان «السيسى» يُرجئ مطالب «الشاطر» إلى أوقات لاحقة، وفى أثناء ما توهمه الإخوان عن وزير الدفاع كان هناك حدثان استنفرا الرجل العسكرى الذى حاول طوال شهرين أن يربط جأشه، ويكون محاربًا دبلوماسيًا لمعرفة مخططات الجماعة، الحدث الأول كان طلبهم بأن يقوموا بتكريم الفريق «سعد الشاذلى»، الذى كان قد فارق الحياة من شهور قبل أكتوبر 2012، بالطبع رحب السيسى وقال: نحن نعتز بكل قادتنا، ولا نغفل حق أى منهم، ونحن نقوم بتشييد «محور باسم الفريق الشاذلى»، وهذا شىء يسُرّنا، بل نحن من سيقوم باستدعاء أسرة الشاذلى، لأن هذا من دواعى ترحيبنا، وأننا الأولى بدعوتهم، وإقامة الاحتفالية الخاصة بذلك، ولكن فى سياق الطلب الإخوانى اشتم السيسى أن الإخوان يريدون هذا التكريم من أجل الضرب فى شخص «الرئيس السادات»، مُستغلين الموقف الذى كان بين الرجلين العسكريين، وأيضًا يريدون استرضاء التيار اليسارى الذى يدعم «الشاذلى»، دون حيادية للنيل من شخص السادات، الذى لم يكن على وفاق معهم بسبب مناهضتهم لاتفاق السلام، وانضمامهم إلى بعض البلدان العربية التى أطلقت على نفسها «جبهة الصمود والتصدى» لتقف فى وجه السادات والاتفاقية وهي: «العراق، وسوريا، وليبيا، ومنظمة التحرير الفلسطينية»، وكان اليساريون المصريون يمولون من تلك البلدان، وبعضهم يقيم فيها ليكون جبهة معارضة ضد الرئيس السادات.

عند ذلك أوقف «السيسى» التيارات الحزبية السياسية مكانها، ولم يترك لهم فرصة أن يكون قادة الجيش العظام الذين ضحّوا من أجل الوطن وسيلة للثأر السياسى غير المنصف، والذى دفع السادات حياته ثمنًا بفعل التيارات الإسلامية واليسارية، وهنا أصر السيسى على أن تُكرم أسرة الرئيس السادات بنفس الاحتفالية والتوقيت، وأن يُقدم مرسى الشكر والتقدير للأسرتين بنفس القدر والاحترام، وأكد أن الجيش لا يمنح أحد قادة حرب أكتوبر أي تكريم إلا مصحوبًا بتكريم القائد الأعلى صاحب قرار الحرب والسلام، وبالفعل تم للسيسى ما أراد، وتم تكريم الأسرتين، وفوَّت على الإخوان بث الفُرقة بين أبناء المؤسسة العسكرية، أو اللعب بسمعتهم سياسيًا، فهذا غير مقبول بالمرة …

والحدث الثانى كان بعد أيام قليلة من هذا التكريم، عندما طلب مرسى من وزير الدفاع حضور احتفالية سيُقيمها الإخوان بمناسبة نصر أكتوبر، الذى اغتالوا صاحبه فى يوم عيده بدم بارد وإرهاب ليس له مثيل، ولكن السيسى قال للجماعة إن الاحتفالات التى يحضرها العسكريون لها تقاليد ومراسم خاصة ودقيقة، وأيضًا لا يجوز أن يكون هناك قادة حرب أكتوبر ولا يكون هناك احتفاء بحضورهم، ومراسم تليق بتشريفهم، لأنهم أصحاب هذا النصر، وجميعًا، شعب وجيش، ندين لهم بواجب الوفاء، لكنهم اعترضوا على حضور المشير طنطاوى، وأيضًا قالوا إنهم سيُعِدّون  قائمة الحضور، عند ذلك اعترض السيسى وقال: هذا لا يجوز، ولا يليق، ولا يمكننى الحضور وأصحاب الحق فى الاحتفاء بهم مغيبون قصدًا، وعليه أقام مرسى وجماعته احتفالية هزلية لا تليق بحدث أكتوبر العظيم، وحضر قتلة الرجل الذى قاد الجيش والشعب لحرب الكرامة واسترداد الأرض، ولم تحضر أى شخصية عسكرية هذا الاحتفال الخبيث، وكأنه احتفال بمقتل السادات وليس نصر أكتوبر الذى جلبه الرجل للعرب أجمعين، بعد هذين الحدثين أصبح لدى الإخوان يقين بأن «السيسي» ليس إخوانيًا ولم يكن فى يوم منهم.

وعليه أعد الإخوان مخططات كُثُر للإطاحة بوزير الدفاع، الذى لم ينصع لهم، ولم يأت على هواهم. 

وكانت المؤامرة الأولى هي الإرهاب بالخطف أو سفك الدماء، وإذا كان الشعب لم ينس لهم قتل الجنود للإطاحة بالمشير طنطاوى، فكيف سيكون الأمر إذا عاودوا تلك الفعلة الشنعاء؟ واستقر عقلهم الخبيث بأن يكون البديل الخطف والتهديد بهؤلاء الجنود، حتى يتذمر الشعب من الجيش، ويطلبون تغيير قياداته.

«مجلس الحرب» يردع مرسى وجماعته 

من اللحظة الأولى لإعلان الإرهابيين بأنهم خاطفو الجنود، والأجهزة الاستخباراتية المصرية ونطاق الجيش الثانى الميدانى فى حالة استنفار وتأهب بعد التوصل إلى المكان المحتجز فيه الجنود، يريدون الفتك بالإرهابيين الذين اختبأوا وسط السكان المدنيين حتى لا يقدر الجيش أن يضرب المكان، ويذهب الأهالى ضحية هذه الفعلة النكراء، كان اللواء أحمد وصفى قائد الجيش الثانى فى حالة استنفار عسكرى حاد، لأنه يعلم مكان الجنود، ولكنه ليس لديه أوامر بالاقتحام للأسباب السابقة، وكانت الطامة الكبرى عندما خرج «مرسى» على الرأى العام وقال كلمته غير المسئولة، والتي لا يجب أن تخرج من رئيس الدولة، والأكثر أنه كشف بغباء شديد أن الإرهابيين من جماعته فقال: «نريد الحفاظ على الخاطفين والمخطوفين»، وهنا ثار الشارع المصرى.. كيف لهذا الرجل أن يساوى بين الجندى والإرهابى ويريد أن تكون المعاملة معهم واحدة؟!، قام الإخوان بعمل مناورات بلهاء عن طريق الزج ببعض حلفائهم المتأسلمين ليكونوا هم رعاة تحرير الجنود من الإرهابيين فى تمثيلية للتفاوض لتخليص الجنود دون إراقة دماء.

وقد أعطى السيسى إنذارًا وتلويحًا للمفاوضين بأنه لن يمكث طويلًا دون تخليص الجنود، وأنه سيقوم بإخلاء المنطقة المحيطة من السكان، ويفتك بهؤلاء الإرهابيين المجرمين الذين تجرأوا على هذا الفعل، وخطفوا جنودًا كانوا فى طريقهم لقضاء إجازتهم مع أسرهم، يعنى لا يحملون سلاحًا.. فهُم عُزَّل، أدار السيسى الأزمة بحيث يضمن أرواح الجنود السبعة والعودة لأهاليهم جميعًا سالمين، ولذلك فكّر طويلًا فى تداعيات الاقتحام وتدخل القوات الخاصة، والذى من الممكن أن يجعل الإرهابيين يفتكون بالجنود، ولكنه أعطى مرسى وجماعته ومفاوضيه 24 ساعة حتى يحرروا الجنود، وإلا سيكون الأمر فى غاية الصعوبة على رئيس منح جماعته الإرهابية حق احتجاز جنود المفروض هو المسئول الأول عن حمايتهم.

 وهنا أعلنت رئاسة مرسى عن مؤتمر صحفى للمتحدث الرسمى لها وقتها السفير «عمر عامر»، الذى حاول التراجع لتصحيح عبارة «الحفاظ على حياة الخاطفين والمخطوفين» التى قالها الرئيس الإخوانى عندما ساوى بين المجرمين والمخطوفين، وقال المتحدث إنه لا تَسَاوى بينهما، ولم يقصد الرئيس، كان هذا بعد عشية يوم رادع من السيسى لمرسى عندما عقد «مجلس حرب مصغر»، وذهب على رأسه إلى مرسى، وكان المجلس مُكَونًا من «رئيس أركان الجيش الفريق صدقى صبحى، ورئيس هيئة العمليات اللواء محسن الشاذلى، ورئيس المخابرات العامة رأفت شحاتة»، وفى الاجتماع قال السيسى: صار لزامًا علينا القيام بعملية عسكرية لتحرير جنودنا من الإرهابيين والقبض عليهم، وبالضرورة سيكون هناك قتلى من كل الأطراف بما فيها القوات العسكرية نفسها التى ستقوم بالعملية، وهذا يتطلب إبعاد السائحين بالمنطقة حتى لا يحدث لهم شىء، وأن يقوم كل من الأزهر، والكنيسة، والمفتى بتهيئة الرأى العام.

وعليه قام رئيس الأركان بالاجتماع بوزير الإعلام وقتها للإعداد المعنوى للعملية ونتائجها، ووزيري الرى، والسياحة، اللذين لهما مُنشآت بالمنطقة التى سيتم اقتحامها، وقد كشف اجتماع مجلس الحرب المُصَغّر أن مرسى وجماعته الذين ادّعوا أنهم يقومون بالتفاوض من أجل جنودنا ليسوا جادين، وأنهم كانوا يناورون بتفاوض فردى لبعض الأشخاص الموالين لهم، مثل أبوإسماعيل، وحسان، وحجازي، وغيرهم، حتى يصل الرأى العام إلى ذروة رفض الوضع والاحتقان ضد قادة الجيش، ولكن هذا لم يحدث، لأن تحركات الجيش لم تهدأ، والفيديو الذين كانوا يريدون به إثارة أهالى الجنود كشف للأجهزة المكان المحتجزين فيه، والأكثر تحديد المنطقة، لأن الإرهابيين حاولوا إخفاء حائط الحجرة، فوضعوا بطانية يستخدمها أهالى منطقة بعينها فى سيناء، وأيضًا الكاميرات التى قامت بالتصوير احترافية، مما يدل على أن الخاطفين إرهابيون تم تأجيرهم لصالح الجماعة الإخوانية التى جاءت تحكم البلاد فخطفت الولاد.

بعد اجتماع مجلس الحرب مع الإخوانى مرسى وجماعته ارتعدوا خوفًا من كشف الأمر برمته، وأنهم وراءه دون أدنى شك، ولذلك فى صباح اليوم التالى فرّ الإرهابيون بعد أن أطلقوا سراح جنودنا ووضعوهم فى منطقة بوسط سيناء للتمويه، ثم جعلوا أهالى المنطقة الذين كانوا يقومون فيها بفعلتهم الشنعاء يُبلغون الجيش فى سيناء عن أماكن الجنود، وبالفعل ذهبت قوة لتحضر أبناءنا الذين عاشوا ظروفًا نفسية قاسية، وفى وحدات الجيش هناك تم تهدئة روعهم، وجاء القادة والأطباء النفسيون ليُطَمئنوهم بأنهم أبطالٌ تحملوا بشجاعة ما حدث لهم، ودعت وزارة الدفاع أهالى الجنود ليأتوا إلى مطار ألماظة العسكرى ليستقبلوا أولادهم ويطمئنون عليهم، وعُقد مؤتمر صحفى عالمى حضره مرسى الإخوانى، ووزير الدفاع، ورئيس الأركان، واللواء وصفى، قائد الجيش الثانى الميدانى.

ولكن ما حدث يستحق الوقوف أمامه طويلًا، فعند هبوط الطائرة العسكرية فى المطار قام مرسى مع وزير الدفاع السيسى والقادة العسكريين لاستقبال الجنود، الذين حرص جيشنا العظيم أن يكون أولاد مصر فى أبهى صورهم، فقد غيّروا ملابسهم بأخرى عسكرية نظيفة، وتقدم مرسى محاولًا تقبيل الجنود إلا أنهم أبوا، ورفضوا، مما أدهش القادة العسكريين الذين لم يتوقعوا من الجنود ما قاموا به تجاه مرسى الذى خطفهم، ولكن الجنود كانوا أذكى وأكثر وعيًا من جماعة البنا الإرهابية.

..(يتبع)