الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رؤيتى الشخصية: صفقات الزواج الحديث

رؤيتى الشخصية: صفقات الزواج الحديث

يبدو أن الزواج فى أيامنا هذه أصبح كالصفقة التجارية، ولم يعد لحديث الرسول «ص» «أقلهن مهرًا.. أكثرهن بركة»، مجال فى هذا الزمان، واختفت عبارة «بنشترى راجل» وحل محلها عبارة «ادفع تربح»، أو «اوزن وأثقل الميزان تكسب»، مما جعل المادة هى العامل الرئيسى فى إتمام عملية الزواج من عدمه، ولم يصبح للعاطفة مجال ملموس مهما كانت قوة الترابط بين الطرفين، وتسببت المعاناة الاقتصادية والظروف الاجتماعية وكثرة الطلاق وسرعته فى تأجيج مشاعر الخوف والتربص بين الشاب والفتاة، وانحصر تفكير كل منهما فى كيفية حماية نفسه وتأمينها ضد تبعات الطلاق إذا ما دبت الخلافات الزوجية بينهما.



قال لى شاب فى الثلاثينيات من عمره: تقدمت لخطبة فتاة منذ عام مضى واتفقت مع والدها على كل شىء يخص الشبكة والمهر ومؤخر الصداق والتزمت بتأثيث مسكن الزوجية بكل ما فيه.. كان يبدو متساهلًا معى إلى حد كبير، وجاء موعد الزواج وحجزت قاعة الأفراح، لكن وقبل عقد القران بيومين فقط فوجئت بوالد خطيبتى يطالبنى بالإمضاء على قائمة منقولات تشمل جميع ما قمت بشرائه من أثاث ومفروشات، بالإضافة إلى قيمة الشبكة التى قدمتها لها يوم الخطبة فشعرت بالغدر خاصة أنه لم يكن هناك اتفاق سابق على كتابة مثل هذه القائمة، وتذكرت صديقى الذى تم حبسه جنائيًا سنة كاملة بتهمة تبديده لمنقولات الزوجية فرفضت بشدة خوفًا من أن تكون هذه القائمة سيفًا مسلطًا على رقبتى، وأمام إصرارى على الرفض قال والد خطيبتى إذن أضف قيمة هذه القائمة على المؤخر، وهو مبلغ على الورق لن يتم دفعه ووجدت أن المؤخر بذلك سيصل إلى مبلغ ضخم يكون دينًا فى رقبتى فرفضت وهربت من هذه الزيجة.

مأساة أصبحت تتكرر كثيرًا ولأن الخلافات التى تنشب بين أسرتى العروسين حول قائمة المنقولات ومؤخر الصداق تتسبب فى كثير من الأحيان فى إنهاء مشروع الزواج قبل أن يبدأ، إلا أنها فى الوقت نفسه تضعنا أمام معادلة صعبة ما بين حصول الفتاة على حقوقها وتأمين مستقبلها ضد ما يحدث من الأزواج والقصص والمآسى كثيرة.. وما بين خوف الشاب من سلاح قد تشهره الزوجة بوجهه فى أى وقت تشاء للتنكيل به والنيل منه سواء كانت العلاقة الزوجية قائمة أم لا.

ورغم أن دار الإفتاء المصرية أكدت مرارًا على أن قائمة المنقولات تخضع للعرف، وإذا استخدمت فى موضعها الصحيح ولم تستخدم للإساءة فهى ليست أمرًا قبيحًا، بل هى أمر حسن يحفظ حقوق الزوجة ولا يضر الزوج ولا تصادم نصًا شرعيًا ولا قاعدة فقهية وإنما هى متسقة مع الوسائل التى استحبها الشرع فى العقود، مثل تفضيل كتابة العقود وتفضيل وجود شهود عليها وعدم وجودها فى الزمن الأول لا يشوش على مشروعيتها ولا حرج شرعًا فى الاتفاق على قائمة المنقولات عند الزواج ولا بأس بالعمل بها شرط عدم إساءة استخدامها، إلا أن الشباب والفتيات قاموا منذ فترة بثورة على الأعراف والعادات والتقاليد التى تحكم قواعد الزواج أكدها الشباب بحملة على مواقع التواصل الاجتماعى بعنوان «خليها تعنس»، لترد عليها الفتيات بحملة مضادة بعنوان «اللى معهوش ما يلزموش»، ولم يتبق أمامنا سوى الأمل فى مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد، الذى أتمنى أن يحقق المعادلة الصعبة ويحسم تلك الخلافات المادية التى تحدث حول المهر والنفقة والمؤخر وقائمة المنقولات ببنود ترضى الطرفين وتوفر لهما الأمان وتكون مناسبة للعصر والزمان.