خبراء ضد الصحة!

فى زمن جائحة «كورونا» التى يمر بها العالمُ، أصبحت إطلالة ما يمكن أن نَصفَهم بخبراء التغذية أمرًا معتادًا، فهم يخرجون علينا صباحًا ومساءً ليحددوا لنا ماذا نأكل وماذا نشرب، وبالمَرّة يطالبوننا باستخدام هذا الجهاز فى تجهيز الطعام، وفى الوقت نفسه يحذروننا من جهاز آخر، لدرجة وصل معها الأمرُ إلى أننا لم نَعُد نعرف ماذا نأكل وماذا نشرب من كثرة ما يطالبوننا به؛ خصوصًا أن الاهتمام بالصحة العامة ورعايتها أصبح من أهم متطلبات الحياة؛ خصوصًا فى زمن الـ«كورونا»، التى لم ترحم كبيرًا كان أو صغيرًا، ومؤخرًا هَلّ علينا البعضُ ممن يدّعون أنهم خبراء تغذية بعدة نصائح وتحذيرات أغلبها غير مستند إلى علم أو دراسة، مثل مَن حذرونا من تسخين الطعام فى الميكروويف، وأن جهاز الميكروويف يسبب أضرارًا على الصحة العامة أكثر من فوائده، وأن إعادة تسخين السبانخ يسبب السرطان، وكذلك مرقة الدجاج، وأن شرب الشاى أو النسكافيه مع اللبن يسبب أمراضًا عديدة، وأن الخضروات والفاكهة المصرية ملوثة وتنقل فيروس «سى»، وأن ترك الملوخية فى الثلاجة ينتج عنه ظهور ديدان.. أمثلة أخرى وغيرها كثير من هذه الآراء تجد سوقًا رائجة لها فى بعض مواقع السوشيال ميديا، وللأسف تتناقلها بعض المواقع الإعلامية من خلال تصريحات سواء لخبراء أو غير خبراء فى التغذية؛ لتساهم بدورها فى نشر الجهل والخزعبلات والشك بين الناس، مثلما صرّح خبيرٌ بأن (الشلولو) تعد أهم (أكلة) تقضى على فيروس «كورونا»، وهو نفسه من حذّرنا من تناول الملوخية الخضراء لو تم تركها لمُدة ليلة فى الثلاجة لتجنب الديدان، وهو نفسه أيضًا الذى عاد وتراجَع عن تصريحاته عقب انتقاد ما صرّح به بشدة؛ حيث قال: إن الشلولو لا تقضى على الكورونا ، ولكنها تساهم فى رفع المناعة عمومًا، وأن الملوخية من الممكن أن يتوالد بها الديدان فى حالة عدم غسل وريقاتها الخضراء جيدًا، بالطبع لم يخبرنا سيادته عن الملوخية المُجَمدة التى تلجأ إليها أغلب البيوت المصرية. خبير آخر نبّهنا من خطورة الميكروويف وتسببه فى الأضرار بالصحة العامة، رُغْمَ أن الأشعة الكهرومغناطيسية التى يعمل من خلالها هى نفسها التى تُستخدم فى العديد من الأجهزة الأخرى مثل التليفزيونات والثلاجات والراديو والهاتف وأجهزة المحمول التى لا يمكن الاستغناء عنها الآن، وقد أكد جميع العلماء أن المجال المغناطيسى الناتج عن هذه الأشعة لا يصل إلى الدرجة التى يمكن أن تسبب ضررًا لمَن يستخدمه، وبخصوص الحديث عن إعادة تسخين السبانخ ومَرَقة الدجاج وعلاقتهما بالسرطان؛ فقد سبق أن أكد الدكتور «هانى الناظر» رئيس المركز القومى للبحوث الأسبق أن هذه الآراء لا تستند إلى أى دليل علمى وتكاد تصل إلى حد التهريج والتخريف عندما نقول إن شرب الشاى باللبن ضار بالصحة، رُغم علمى وعلم الجميع أن أغلب المصريين يشربون الشاى باللبن منذ قديم الأزل ولم يثبت ضرره كما يدّعى البعض، نأتى إلى قمة التخريف عندما يصرّح البعض ممن يقولون على أنفسهم خبراء بأن الخضروات والفاكهة المصرية تتسبب فى الإصابة بفيروس «سى»، فهذا قول مردود عليه، فالقاصى والدانى يعرف أن هذا الفيروس لا ينتقل للإنسان عن طريق الأكل والشرب، وهذه حقيقة، ولكن عن طريق الدم، كما أن المنتجات الغذائية المصرية لا تسبب السرطان، والدليل على ذلك ترتيب مصر المتأخر فى نسبة الإصابة بالمرض، رُغم الزيادة الكبيرة فى عدد السكان سنويّا مع انخفاض نسبة الوفيات كما نشر الدكتور «هانى الناظر» على صفحته.

كلمة أخيرة لبعض من يقولون إنهم خبراء تغذية أو لغيرهم الذين يخرجون على الناس مناشدين ومُحذرين، كفاكم عبثًا وتخريفًا؛ فما تفعلونه يُعَد جريمة، تتساوَى من وجهة نظرى مع جرائم الأمن القومى؛ خصوصًا فى هذه الفترة التى تبذل فيها الدولة كل الجهود لمجابهة جائحة «كورونا» وتوفير خدمة صحية لائقة، ثم نفاجَأ بتصريحاتكم غير العلمية والبعيدة كل البُعد عن أى معايير صحية سليمة، سواء بهدف تصدّر الترند أو تحقيق شهرة كاذبة على حساب الناس، وهذا تحديدًا لن نقبله منكم أو ممن يسعون للتربح من خلفكم.. وقانا الله منكم ومن شر ما ترتكبونه فى حق المواطن المصرى.