
محمد جمال الدين
باعة الوهم!
«نحن لا نبيع الوهم للمواطنين».. جملة كاشفة لا لبس فيها، قالها الرئيس «عبدالفتاح السيسى» أثناء افتتاحه لمشروع «الفيروز» للاستزراع السمكى بشرق التفريعة فى بورسعيد؛ ليشعر المواطن المصرى بمدَى الجهد الذى تبذله الدولة المصرية لرفع مستوى النمو، الذى تراجَع بدرجة كبيرة كنتيجة مباشرة لارتفاع معدلات الزيادة السكانية، فما نشاهده ونلمسه على أرض الواقع يؤكد أن هناك العديد من المشروعات العملاقة فى كل المجالات، مشروعات يجرى تنفيذها بطول وعرض مصر، فى محاولة أخيرة لإصلاح ما أفسده الدهر لتوفير حياة كريمة للمواطنين وأسرهم، وهذا بالطبع لم يعجب الجماعة الإرهابية إيّاها التى دأبت هى وقنواتها الفضائية العميلة فى تكذيب وبث الشائعات حول أى مشروع جديد؛ اعتقادًا منهم أن هذه الأكاذيب من الممكن أن تنطلى علينا لتجعلنا ننقلب على الدولة؛ لننسى أو نغفل ولو للحظة تلك الإنجازات، «وبمعنى أصح الوهم» التى وعدونا بها وقت اعتلائهم مقعد الحُكم فى مصر، وفشلوا فى تحقيق ولو واحد فى المليون منها، رُغْمَ اعتقادهم أنهم الصفوة المختارة التى فهمت حقيقة الدين، وبالتالى تملك زمام الإصلاح فى الدنيا.
لذلك لم يكن غريبًا عليهم أن يُكفروا أو يُضللوا المُخالف لهم لمجرد فقط أنه يخالفهم، فهم وحدهم مَن يفهمون حقيقة الإسلام وغيرهم لا يفهم!!، لا قيمة للوطن عندهم إلّا إذا كان مُسَخرًا لخدمتهم وخدمة قادتهم، لذلك لا مانع من اختراقه والعبث فى مقدراته، وقتل أبنائه ونهب ثرواته ومنحها لمَن يدفع أكثر قريبًا كان أمْ بعيدًا، حتى يصبح الوطن فى النهاية جثة هامدة، يحلمون بأن يقيموا على أنقاضه دولة الخلافة؛ ليتحكموا فى عباد الله بخططهم ومشاريعهم الوهمية التى كان من ضمنها مشروع النهضة، أو فيما عُرف بمشروع المائة يوم، الذى صدعونا به وقت وصولهم للحُكم فى السَّنَة السوداء التى مرّت على مصر والمصريين، والذى بالمناسبة ساهم فى خراب وتدمير مصر سياسيّا واقتصاديّا واجتماعيّا لاعتماده على سياسة التمكين والحشد فى الرد على المناوئين لهم ولقادتهم؛ خصوصًا بعد أن فشل أتباعُهم فى الوصول إلى مفاصل الدولة فى مجالات السياسة والقضاء والإعلام، بخلاف مشروعهم لهيكلة وزارة الداخلية وسماحهم للضباط الملتحين بالظهور على السطح «مخالفين قواعد الانضباط العسكرى»، وتعهدهم بإعادة الأمن إلى الشارع، وتشغيل المصانع، واستصلاح 7 ملايين فدان، ومنع انتشار القمامة، وتحسين وضع محطات إنتاج الكهرباء، مشروعات نهضوية كما كانوا يدّعون، جميعها ومن دون استثناء فشلت وثبت وهمُها، فلم يتم استصلاح فدان واحد، والمصانع القائمة أغلقت أبوابَها وسُرّح عمالها «فما بالك بالمغلقة أصلًا»، وانتشرت القمامة فى الشوارع، وأصبحت مصر تعيش فى ظلام تام حتى ونحن فى عز النهار عقب انهيار محطات إنتاج الطاقة الكهربائية، كما فشلت محاولات إعادة الأمن للشارع بعد أن انتشرت جرائم السرقة والقتل، حتى وصل الأمر إلى حافة الحرب الأهلية عقب اعتداء أعضاء الجماعة على المعتصمين أمام قصر الاتحادية، اعتراضًا على الإعلان الدستورى الذى أعلنه تابعهم «مرسى العياط»، مما أدى إلى سقوط العديد من المصريين ما بين قتيل وجريح، بَعدها مباشرة تحوّل مشروع النهضة الإخوانى وبقدرة قادر إلى أكبر مسرحية هزلية مرّت بمصر، مما جعله مثار سُخرية وتهكم الجميع داخليّا وخارجيّا، بعد أن أتضح أنه كذبة كبيرة من ضمن أكاذيب الجماعة التى اعتادت عليها منذ خطواتها الأولى، مستغلين فى ذلك الإتجار بالدين لتحقيق مصالحهم، وفى النهاية يقولون أنهم أصحاب عقيدة ودين!!
تلك هى المشاريع التى تبين للجميع مدَى الوهم الذى كانت تعيش فيه هذه الجماعة أثناء توليهم حُكم البلاد سابقًا، واعتقد قادتها بينهم وبين أنفسهم أنه من الممكن أن يبيعوه لنا حاليًا، من خلال كتائبهم الإلكترونية وقنواتهم الفضائية، موجّهين لنا النصحَ والإرشادَ، عبر عناصر باعة الوهم الحقيقيين من أمثال «زوبع وناصر ومطر وعزوز» وغيرهم من خونة الوطن والأرض والعرض، بإطلاق أكاذيب وتصريحات مُغَلفة بالشرف والأخلاق والفضيلة وحب الوطن، لا يملكونها أصلًا، ولا تعدو سوى كونها مجرد ادعاءات جوفاء تردد فقط لصالح مَن يدفع أكثر، ولكن بفضل فطنة وذكاء المواطن المصرى المحب والعاشق لوطنه؛ عرفنا جميعًا حقيقتهم وعرفنا سبب ترديد أكاذيبهم التى يصرّحون بها الآن، مثلما عرفنا قيمة وقدر ما تقدمه وتفعله جميع أجهزة الدولة من أجلنا ومن أجل أبنائنا من بَعدنا.