
محمد جمال الدين
اسجنوا أهل الفن !
العنوان عاليه ليس به أدنى خطأ، أو تأويل، فهو مقصود ومطلوب تنفيذه بكل دقة، طالما كان الفنانون المصريون يسعون فى الأرض فسادًا، ولأننا رحماء فلن نطالب بجزاء من يسعون إلى نشر هذا الفساد طبقًا لحكم الشريعة وهو أن يُقتلوا أو يُصَلّبوا أو تُقَطّع أيديهم وأرجلهم من خلاف، ولكن سنكتفى بسجنهم حتى نأمن شرهم وفسادهم، بجانب أن نخصم من أجورهم لصالح أسر الشهداء.. بالمناسبة وصفُ الفنانين بالمفسدين والمطالبة بالخصم من أجورهم ليس لى به أى علاقة، وإنما هو ما طالب به نائب فى برلمان مصر خلال الجلسة العامة، أثناء مناقشة تعديل قانون إنشاء صندوق تكريم شهداء وضحايا ومفقودى ومصابى العمليات الحربية والإرهابية والأمنية وأسرهم الصادر بالقانون رقم (16) لسنة 2018 حيث قال نصًا: (مش هنسيب كده الفنانين وهما بيسعوا فى الأرض فسادًا من غير ما يدفعوا ضريبة الشهداء)، وحتى يهدأ عضو البرلمان وينام قرير العين نطالب كل الأجهزة الرقابية فى الدولة أن تكشف لنا من يقصدهم سيادة النائب بـ«يسعون فى الأرض فسادًا»، وحقيقة ما ارتكبوه من جراء هذا الفساد، فهى الأجهزة المنوط بها كشف ومحاربة الفساد، وأخذت على عاتقها محاربته فى جميع ربوع المحروسة، حتى لا يعيش بيننا فاسد، أو من يضع نفسه فى موقع الشبهات، وإذا كان النائب إياه لا يعرف قيمة الفن المصرى، فعلى النقابات الفنية وكبار فنانيها الرد على تلك الإساءة والدفاع عن أنفسهم لبيان الحقيقة، لتوضيح دور الفن المصرى فى المجتمع وفى المنطقة العربية بأسرها، وهو الدور الذى يقدّره ويثمّنه القاصى والدانى من المحيط إلى الخليج، لأنه لا يجب الصمت على ما صرح به نائب البرلمان لإحدى الجرائد اليومية، (أن الأعمال الفنية أصبحت تحرض على الفسق والانحراف ومستوى جودتها غير محترم، ولذلك لن أعتذر حتى لو طالبنى رئيس المجلس بذلك، بعد أن أصبح الفن السبب الرئيسى فى هدم المجتمع، ويكفى ما نراه فى الشارع بسبب ما يقدمه الفنانون فى أعمالهم، ولهذا أطالب الفضائيات بعمل كونترول على الإفساد الذى يُقَدّم باسم الفن، الذى أدى إلى انحراف أولادنا، (لا بقينا عارفين نشوف فيلم حلو ولا مسلسل زى زمان، زمن الفن الجميل، الفنانين سبب الأذى الذى يعانيه المجتمع)، انتهت تصريحات النائب الذى يرى قوة مصر الناعمة بهذه الصورة، وبالطبع لم تكن حلوة حتى نضحك كما أراد أن نراها المبدع الراحل وحيد حامد الذى سبق أن منحته الدولة أرقى وأرفع جوائزها عن مجمل أعماله الفنية (جائزة النيل)، وهى التصريحات التى نطالبه نحن المواطنون بتطبيقها على نفسه وكذلك على باقى زملائه الذين سبق أن استثنوا أنفسهم من تحصيل أى مسمى ضريبى على ما يتقاضونه من مرتبات وبدلات من البرلمان هذا أولًا، وثانيًا نطالبه بمشاهدة الأعمال الفنية التى جسدت بطولات شهداء مصر والتى بات يعرف الجميع أسماء هؤلاء الأبطال أمثال الشهيدين المنسى والشبراوى من خلال من أدوا أدوارهم، ولهذا كرمهم الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى طالب بتقديم المزيد من هذه الأعمال التى تمجد وتذكر الكبير والصغير ببطولات شهداء الوطن.. هذا يا سيادة النائب دور الفن الذى تراجعت عن تصريحاتك ضده، بعد أن شعرت بأنك اعتليت موجة لن يكتب لك من خلالها النجاح والشهرة، بالمناسبة ما صرحت به ذكرنى بما قاله برلمانى سابق فى المجلس الماضى، بأن أعمال الأديب نجيب محفوظ تحض على الفسق والدعارة، وكان يجب محاكمته لولا وفاته، ثم عاد وطالب بمحاكمة من جسدوا هذه الأعمال أو أشرف على تقديمها، ثم سرعان ما تراجع عن تصريحاته عقب ضراوة الهجوم عليه.. وعمومًا إرسالك اعتذارًا بخط يدك لرئيس البرلمان أمرٌ محمود، على اعتبار أنك عدت إلى الصواب، رغم كونه اعتذارًا منقوصًا، حيث تضمن الاحتفاء بما سمّاه بالفن الهادف الذى لم تحدد لنا قواعده أو معاييره، ولكن إذا كنت جادًا فى التراجع عن تصريحاتك، فيجب عليك تقديم اعتذار إلى الفنانين الذين أسأت إلى مهنتهم لأنهم جزء من الشعب الذى بفضله أصبحت نائبًا فى البرلمان، وقتها سوف ننسى ما صرحت به بشأن الفن والفنانين.