
محمد جمال الدين
الداعية ومسئوليته
كأن الأسر التى ابتليت بفقدان أحد أبنائها بسبب أصابته بفيروس كورونا، لم يكفها ما تعرضت له من هم وحزن، حتى خرج علينا من ينكأ جراحها مرة أخرى، حينما يجتزئ من حديثه كلاما يشير الى أن موتى الفيروس ليسوا بشهداء دون الاسترسال فى توضيح المعنى على الشاشة فى نفس التو واللحظة كما يفعل فى كل برامجه، ذلك تحديدا هو ما أثار تساؤلات كثيرة لأن صاحبها سواء كان داعية أو ممن صنع من بعضها عنوانا لجذب القراء.. خاصة وإن ترك الناس دون توضيح يعد أمرا مرفوضا على كافة المستويات ، وكان الأولى أن يبادر بتوضيحه ويخرج علينا لكى نتبين الحقيقة، فعندما يقول أن الموت إذا جاء لشخص سليم أو أكثر وعملوا حادثا وتوفوا على أثر تلك الحادثة فهم شهداء، ما لم يكونوا هم السبب فى انتحارهم ومخالفة قواعد المرور، إنما الوفاة عن طريق كارثة أرضية أو وباء يصيب البشرية فى وقت واحد لا تكون شهادة أبدا بقراءات القرآن الكريم كله، وإنما وباء وانتقام وأسوأ ميتة، فكأنهم قوم لوط أو كأنهم قوم نوح الذين أغرقهم الله، ويجب أن نتوب إلى الله توبة نصوح ، لافتا إلى أنه ينبغى أن نفهم جميعا أن هذا الابتلاء الذى لا دخل لنا فيه وهو من الله عز وجل، يكفر الله به من الخطايا ما لا يعلمه إلا الله .. تصريح الداعية أو فتواه توقيته من وجهة نظرى غير مناسب بالمرة، ولا يراعى مشاعر الأسر التى فقدت عزيزا لديها أو حتى حرمة الموت، وهو ما استغله من حاول جذب الأنظار إليه، عندما قارن ما حدث بقوم لوط وساوه بما حدث لموتى كورونا ويدخل تحت بند العيب فى الوصف والتشبيه هذا من ناحية ،ومن ناحية أخرى يخرج عما أفادت به دار الإفتاء المصرية فى هذا الشأن تحديدا، بأن موت المسلم بسبب فيروس كورونا يدخل تحت أسباب الشهادة الواردة فى الشرع الشريف ويعد من الأوبئة التى يحكم بالشهادة على من مات من المسلمين بسببها فمن مات به من المسلمين فهو شهيد له أجر الشهادة فى الآخرة رحمةً من الله تعالى به، غير أنه تجرى عليه أحكام الميت العادى من تغسيلٍ وتكفينٍ وصلاةٍ عليه، ودفنٍ، واستشهدت الدار فى فتواها بما رواه الإمام مسلم فى صحيحه عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا تَعُدُّونَ الشّهيدَ فِيكُم؟» قالوا: يا رسول الله من قُتِلَ فى سبيل الله فهو شهيد، قال: «إن شُهَدَاءَ أمتى إذًا لَقَلِيلٌ»، قالوا: فمن هم يا رسول الله؟ قال: «مَنْ قُتِلَ فيِ سَبيلِ اللهِ فَهُو شَهِيدٌ، وَمَن مَاتَ فى سَبِيلِ اللهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَن مَاتَ فى الطَّاعُونِ فَهُو شَهِيدٌ، وَمَن مَاتَ فى البَطنِ فَهُو شَهِيدٌ» «وَالغَرِيقُ شَهِيدٌ»، وكذلك ما رواه الإمام البخارى فى «صحيحه» من طريق أخرى عن أبى هريرة رضى الله عنه مرفوعًا إلى النبى صلى الله عليه وسلم، بلفظ: ( الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: المَطعُونُ، والمَبطُونُ، والغَرِيقُ، وَصَاحِبُ الهَدمِ، والشهِيدُ فى سبيل الله ) وبناء على أحاديث النبى صلى الله عليه وسلم فإن موت المسلم بسبب فيروس كورونا داخل فى أسباب الشهادة .
تلك هى البراهين والأسانيد التى اعتمدت عليها دار الإفتاء المصرية المنوط بها الفتى فى أمور ديننا، وكذلك الرد على أى استفسار أو سؤال يجول بعقلنا طبقا لنص القانون، وهى نفسها الأسانيد التى لم يوضحها الداعية بالقدر الكافى سواء عن قصد أو بدون أثناء حديثة فى البرنامج، وجعلت هناك من استغل فقرات منها صدرها لنا أسفل عنوان يسيء للمتوفى بفيروس كورونا وجعلته ليس شهيدا فى نظر البعض، لتثير جدل مسئول عنه فى المقام الأول الداعية الذى تقع عليه واجبات والتزامات بحكم علمه يأتى على رأسها تعريف الناس بحقيقة دينهم، وأعتقد أن الطريقة المبسطة التى تقابل بها مشاهديك عبر الشاشات الفضائية والتى تسعى من خلالها لجذب المشاهدين الى برنامجك ( كما قلت شخصيا ) كان يجب أن تتبعها خصوصا فى تلك التصريحات التى تمس عموم المصريين، علما بأنها نفس الطريقة التى جعلت منك مصدرا للسخرية على مواقع السوشيال ميديا، والتى بسببها جعلت البعض يقيم ضدك دعاوى قضائية لأنك تسيء لرجل الدين الذى نقدره جميعا، ومع هذا أنتظر منك ومن كافة الدعاة الذين نحترمهم ونبجلهم أن تحنوا على أسر المتوفين وتدعمون تماسكهم بصفتكم رجال دين تعرفون معنى الشفقة والرحمة من جراء ما حل بهم .