الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

المنفي الاختياري أمريكا.. الحلم والوهم "6" قضايا تعويض بالملايين بأمريكا علي أتفه الأسباب

تعرفت على مسعد البورسعيدى حين أخبرنى أحد معارفى بأن هناك سائق تاكسى يدعى مسعد لديه فيديو يكشف تجاوزات الشرطة الأمريكية، ويمكنك أن تعرضيه فى برنامج «العاشرة مساءً» الذى تعملين كمراسلة له من نيويورك. . وبالفعل حصلت على تليفونه واتصلت به.. ومنذ أن بدأ مسعد حديثه شعرت بالفعل أنه بورسعيدى فهو يتحدث بلهجة بورسعيدية نشاهدها فى شخصية (أبو العربى) بالأفلام العربية.. والتى من النادر أن تسمع أحدًا يتحدث بها من أهل بورسعيد نفسها التى زرتها أكثر من مرة ولم ألتق هناك بمن يتكلم بهذه اللهجة. 



ء تحدث معى عن نفسه.. وقال إنه يأتى إلى أمريكا للعمل كسائق تاكسى عدة شهور فى العام ثم يعود إلى بورسعيد.. حيث تعيش هناك والدته وإخوته.. كما حكى لى أنه كان طالبًا بكلية الهندسة، ولكنه ترك الكلية بعد أن أمضى (إعدادى هندسة) بها، حيث توفى والده وقرر أن يعمل بميناء بورسعيد ليساعد أسرته حين كانت بورسعيد منطقة حرة ويعمل أهلها فى تجارة المستورد، حتى باتت من أغنى محافظات مصر.. وأهلها يغرقون فى الخير الذى يجلبه الرزق الحلال.. وأنه اضطر للسفر لأمريكا بعد إغلاق المنطقة الحرة.

ورأيته ناقمًا على أمريكا، غير مقتنع بها، يرى أنها بلد بلا شخصية أو شعب، فسكانها هجين من سكان العالم من المطاريد والمشردين، الذين لفظتهم أوطانهم وآوتهم أمريكا.. وكان مسعد يتحدث باللغة الإنجليزية التى يجيدها ثم يترجم ما يقوله بلهجته البورسعيدية التى أسمعها  بالأفلام العربية.

وسألته عن الفيديو الذى سجله للشرطة الأمريكية وهى تعتدى عليه. 

فقال وهو يتوعدهم بلهجته البورسعيدية: 

هسجنهم وأخرب بيتهم.. 

وأسأله مرة أخرى:

وماذا فعلت كى تعتدى عليك الشرطة؟

قال وهو يدخن سيجارته بشراهة: 

ولا حاجة، فى يوم طلبت منى أمريكية من الزنوج توصيلها إلى مدينة كوينز..وطلبت الأجرة التى وصلت خمسة وثلاثين دولارًا.. فدفعت السيدة عشرين دولارًا فقط وحين طالبتها ببقية حقى رفضت، ونزلت من السيارة وهى تلعننى وتسبنى، فنزلت خلفها أطالبها ببقية أجرى، فأصرت على الرفض واستمرت فى إهانتها لى وهى تستغيث بشرطى مرور يقف فى الشارع، ولأنه كان من الأمريكان السود مثلها تعاطف معها واشتبك معى، وضربنى على مرأى ومسمع من السيارات والمارة، وانضم له بعض زملائه من الشرطيين، وظلوا يضربوننى ضربًا مبرحًا حتى إننى أصبت بكدمات فى وجهى وصدرى.. فتقدمت بعمل محضر للشرطة، ورفعت قضية تعويض ضد البوليس الأمريكى.. وعلمت أن هناك سيدة أخرى كانت تنظر من الشرفة وتتابع ما حدث، وأنها قد سجلت واقعة الضرب بكاميرا تليفونها المحمول.. وذهبت إلى الشارع الذى حدثت به الواقعة وسألت عنها إلى أن عرفت البيت، وحين قابلتها أنكرت تصويرها للحدث، ولكن لأن جيرانها أكدوا لى أنها تمتلك فيديو بالواقعة.. اضطرت أن تعطينى الفيديو الذى يؤكد إدانة الشرطة الأمريكية.. حيث يتضح فيه تعدى الشرطيين بالضرب على وجهى وجسدى، وأنا أحاول أدافع عن نفسى وأقاومهم دون جدوى.

وطالبت بتعويض ثلاثة ملايين دولار عما أصابنى من أضرار بدنية ونفسية. 

استوقفته أسأله: 

وهل لو ثبتت إدانتهم تحكم لك المحكمة بهذا التعويض الكبير؟ 

قال وهو يقود سيارته والسيجارة بين أسنانه القوية:

ربما تحكم لى بثلث أو ربع التعويض الذى طالبت به بمليون أو سبعمائة ألف دولار. 

ثم يستطرد قائلًا:

ليست هذه قضية التعويض الوحيدة التى أرفعها فى المحاكم الأمريكية.. بل هناك قضية أخرى أرفعها ضد أستاذ جامعى يهودى (بروفسيور) صدمت سيارته سيارتى فى منهاتن وألحقت بها ضررًا كبيرًا.. وأطالبه أيضًا بتعويض، والقضية منظورة أمام المحكمة منذ عام، ولكن لأن معظم القضاة من اليهود دائمًا ما تؤجل القضايا التى تدين اليهود.

وحين حكى لى مسعد عن قضية التعويض الأخرى أدركت أنه من تلك النوعية من المهاجرين الذين يبحثون عن الثروة السريعة من خلال قضايا التعويض، حيث تكتظ المحاكم الأمريكية بقضايا التعويض التى تقوم على أسباب غريبة، وأحيانًا بسيطة أو تبدو تافهة، وربما يرجع ذلك لمعرفة  الناس بحقوقهم وبقوانين حقوق الإنسان التى تعطى الحق للشخص فى مقاضاة أى شخص أو مؤسسة أو شركة تسببت فى ضرر نفسى له.. حيث تنصف القوانين دائمًا الشخص المتضرر. 

 

حتى حين يأتى الشتاء ويغطى الثلج الشوارع.. لو تزحلق شخص أمام أحد البيوت أو المحلات وأصيب بضرر فى ساقه من حقه أن يرفع قضية ويطلب تعويضًا لأن الحكومة تفرض على أصحاب البيوت والمتاجر أن يقوموا بتنظيف الشوارع من الثلوج حتى يستطيع المشاة السير فى الشوارع، وسمعت حكايات عن بعض المصريين والعرب يتعمدون انزلاق أقدامهم على الثلج، ويذهبون للمستشفيات لعمل تقارير طبية تثبت تضررهم، ويرفعون قضايا تعويض ويكسبونها، وكذلك هناك من يتعمد أن يلقى بنفسه أمام السيارات ليأخذ تعويضات!!

وقابلت رجلًا قال إنه كان يعمل ضابطًا سابقًا بمصر، وأخبرنى أنه حصل على تعويض مليون دولار إثر حادث سيارة.

وهناك أيضًا يتصيدون أخطاء للمتاجر والمطاعم التى يتعاملون معها ليحصلوا على أكبر التعويضات دون أن يؤذوا أنفسهم.. فأعرف أستاذة فى إحدى الجامعات بأمريكا قامت بمقاضاة الجامعة لأن رائحة البويات التى تم دهان حائط غرفة مكتبها بها سببت لها حساسية.. وكسبت ثلاثة ملايين دولار تعويضًا بعد أن تم تحليل مادة دهان الحائط وثبت أن بها مواد ضارة!! 

كما كسبت سيدة أمريكية قضية تعويض ضد أحد فروع سلسلة مطاعم ماكدونالدز، حين انزلقت إحدى قدميها فى واحدة من شرائح البطاطس المقلية كانت ملقاة على الأرض، واتهمت المطعم بالإهمال لأنه لا يقوم بتنظيف الأرض مما تسبب فى كسر بساقها، أدى إلى تجبيسه لمدة أسبوعين وكسبت قضية التعويض وحصلت على مليون دولار تعويضًا.

 وفى واقعة غريبة أخرى، قام رجل متهم بارتكاب جرائم جنسية ضد الأطفال، برفع قضية ضد الشرطة، لأنه تمكن من الهروب والاختباء فى غابة لمدة يومين قبل إلقاء القبض عليه، مشيرًا فى دعواه إلى أن تأخر عملية إلقاء القبض عليه عرضته لعضات الصقيع فى فمه ويده وأطراف قدميه!! 

كما أقام أحد اللصوص قضية أمام محاكم نيويورك طالب فيها بتعويضات عن الآثار النفسية السيئة التى تعرض لها بعد دخوله لسرقة أحد البنوك؛ فقام العاملون بالبنك بإعطائه نقودًا مزيفة فى كيس به أيضًا قنبلة صغيرة مسيلة للدموع تفجرت بالتحكم من بعد. 

وفى لوس أنجلوس طالبت سيدة متجرًا بـ 2 مليون دولار تعويضًا، حيث اشتبكت بها إحدى زبائن المتجر وأصابتها بجرح بعدما تشاجرتا على شراء تمثال، والغريب فى هذه القضية هو أن زوجها طالب المتجر نفسه بمليون دولار رغم أنه لم يحضر الواقعة بسبب حرمانه من خدمات زوجته فى الفترة التى كانت تضمد فيها جراحها الجسدية والنفسية!!  

وفى عام 2006، تقدم مواطن أمريكى يدعى آلان هيكارد بدعوى قضائية ضد لاعب كرة السلة الشهير مايكل جوردن وطالب  بتعويض 832 مليون دولار بسبب الشبه الكبير بينه وبين اللاعب الشهير مما عرضه لمعاناة بسبب مطاردة المعجبين. 

ومن القضايا التى أخذت شهرة فى واشنطن عندما قام مواطن برفع دعوى قضائية ضد مغسلة فقد فيها سرواله، مطالبًا بتعويض قدره 54 مليون دولار، لكون المغسلة لم تفِ بوعدها، ولم تلتزم بشعارها «رضاكم مضمون». 

واعتبر بيرسون، أنه يمثل عشرات الآلاف الذين يعانون نفس معاناته وتضيع ملابسهم فى المغسلة، والمدهش أنه بكى أمام القاضى.. غير أن القاضى حكم لصالح المغسلة؛ لأن المدّعى عليه عثر على السروال المفقود وجلبه معه إلى قاعة المحكمة.

ومن أغرب القضايا التى شهدتها المحاكم الأمريكية حين أقام روبرت لى بروك، دعوى قضائية ضد نفسه يتهم فيها نفسه بانتهاك حقوقه المدنية، حيث تناول مشروبات كحولية وعرّض نفسه لعقوبة السجن. 

وطالب بروك بتغريم نفسه مبلغًا قدره 5 ملايين دولار، وبتوقيع عقوبة السجن عليه لمدة تزيد على 23 عامًا. 

وكان مسعد البورسعيد يهتم كثيرًا بقضايا التعويض التى رفعها ويتردد على المحامى باستمرار ويمده بالمستندات وبالأتعاب.. ولديه أمل كبير فى أن يكسب القضية ويعود لمصر بشكل نهائى.