الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
"كدهوّن"! أنا و«حبروش» وهواك

"كدهوّن"! أنا و«حبروش» وهواك

استشعرتُ الحرج منذ اللحظة الأولى لوجودى داخل سيارة تاكسى سائقها منهمك جدًا بمكالمة عاطفية لدرجة أنه لم يهتم بسؤالى: أين أذهب هذا المساء؟ ولا حتى التفتَ لى (من باب الفضول)، ومن ناحيتى احترمتُ حالة الاسبهلال العاطفى هذه على أمل أن ينهى هذا المكالمة الملتهبة سريعًا فأخبره بوجهتى، إلا أنه استمر هكذا حتى بدأتُ أعتقد أنه لم ينتبه لوجودى أصلًا.



وفجأة دخل فى وصلة حب وغَزل عفيف (الصراحة لم يكن عفيف أوى) من نوعية يعنى إنت تفتكرى كده فى حبيبك حبروش (بيدلع نفسه!!)، مسيرك تعرفى قيمتى وتقدّرينى صح، ده أنا حبروش حبيبك يا سافلة (ده هو إللى بيقول!!)، أنا بغير عليكى أوى يا سمسمة ومش بطيق أى مخلوق بيبصلك يا بت، ودى حاجة تفرّحك مش تزعّلك ياغبيّة (أنا كده بدأت آخد فكرة وحشة عن سمسمة؛ خصوصًا إنها مش بتتوقف نهائى قدّام الشتيمة)، فكمل كلامه إنت عارفة حبروش حبيبك دمّه حامى، وإنت الصراحة بلطية عايمة فى النيل ياسمسمة.. وهنا استشعرتُ الحرج جدًا هذه المرّة وكان لازم آخد موقف بس ماخدتش، ولولا الملامة كنت فضلت متابع فى صمت (أنا عاطفى بطبعى) وكِدَهُوَّن.

خفت ألاقى نفسى فى بنها أو الزقازيق فانتهزتُ فرصة توقّفه لإشعال سيجارة وقلت بابتسامة مالهاش أى معنى: أكتوبر لو سمحت.. فأشعل سيجارته واستكمل وصلة العتاب الجميل مع سمسمة مع الاكتفاء بهزة خفيفة من دماغه لى معناها بلاش دوشة، وأنا بدورى فهمت الرسالة وقررت ألتزم الصمت وماحاولش أقطع الودّ بينهم مرّة تانية، وقبل ما أسيبهم لعالمهم المخملى صرخت صرخة المطّاهر يوم طهوره: استنّى يا عَم حبروش، أنت طالع على فين، أنا عايز مدينة أكتوبر مش كوبرى أكتوبر!!.. ولأول مرّة ينزّل الموبايل ويلتفت لى مباشرة وقال بغضب مكتوم: (وده خوّفنى أكتر من الجَعجَعة): أنت ماوضّحتش ليه يا أستاذ قصدك إيه من الأول، هو أنا بشم على ضهر إيدى.. فأخدت فورًا وضع الدفاع عن النفس، ولسّه هانطق هالنى ما رأيت حبروش حبيبها طلع له طلة سفّاح، هو فعلًا شكله مجرم محترف بالجرح العميق إلى بيزيّن خَدّه الشمال، فاضطريت أعتذر بسرعة قبل ما يتعصب أكتر من كده، وده راجل غضبه مش مضمون عواقبه، وكمان حرام هابقى أنا وسمسمة فى يوم واحد وكِدَهُوَّن!!.. سكت بس فضلت أدعى فى سرّى ربنا يرزقه بلجنة مرور فى الطريق تاخده غرامة وتسحب رخصته ورخصة سمسمة بالمرّة ونخلص منهم الاتنين بحجر واحد.. وطبعًا لأنى راجل منحوس اختفت اللجان طول الطريق وانطلق حبروش يغازل الست سمسمة بمنتهى البجاحة مع خلفية موسيقية لأغنية بنت الجيران وأنا حيران أودّى راسى فين مرّة أمدّها زى الزرافة وأخرجها من شباك التاكسى ومرّة أرميها على صدرى كأى عميق مهموم بالولا حاجة، بس حقيقى زهقت جدًا من الوضع ده، أنا حاسس إنى مشاركهم أوضة نومهم مش مجرد عابر سبيل مزنوق فى توصيلة تاكسى أجرة وكِدَهُوَّن. 

انتقل العتاب إلى شَحتفة حبروش من تصرفاتها البايخة وعدم قدرتها على احتوائه بكلمة حنينة رغم أنها معاها مفاتيحه كلها بس هى (بتستغبى)، وتمادَى فى العتاب والنحنحة فقال: الكلام ده مايكلش مع حبروش حبيبك نسيتى كل إللى عملته علشانك يا قذرة؟!! (هو قال كلمة بالمعنى ده) حتى إيراد التاكسى كله رايح على طلباتك إنت وعيالك (سمسمة طلعت مخلّفة).. وحاولتُ أشغل نفسى بأى حاجة لغاية لمّا أوصل أرض أكتوبر بسلام، وقررت أنام أو حتى أعمل نفسى نايم وأسيب حبروش يتخانق براحته مع سمسمة إن شا الله يقتلها، ولسّه بغفل عينى وأفصل نفسى وأروح فى النوم صحيت على صوت فرملة جامدة جدًا وهزة عنيفة وحبروش بيصرخ بأعلى صوته «روحى وإنت طالق بالتلاتة، لا إنت طالق بالعشرين، تلاتة مش كفاية».. (سمسمة طلعت مراته) وكِدَهُوَّن.

 كان عندى فضول أسأله إيه حكاية طالق بالعشرين دى، بس ماجتش فرصة أفتح بُؤْى لأنه استمر فى الصراخ وسيل من الشتايم والإهانات ومع وصف تفصيلى لأهلها؛ خصوصًا أبوها وأمّها وطبيعة شغلهم الخاصة جدًا وكِدَهُوَّن، أنا دلوقتى أعمل إيه وإحنا فى نص المحور والدنيا ليل وحبروش وصل لليڤل الوَحش ولا عارف أنط من الشباك ولا عارف أعمل نفسى ميت، يعنى ياربى طول عمرى بخاف أركب مع سَوّاق بيتكلم فى الموبايل يطلع لى سَوّاق بيطلّق على الهوا وهو سايق على المحور، أنا باين انشلّيت يا عيال (بصوت حسين رياض)، وفجأة قفل الخَط فى وشّها وساد صمت رهيب مخيف موجع مريب أفقدنى حاسة الشم والتذوق (زيّه زى الكورونا تمام).

استمر الحال دقائق ورجع دَوّر العربية بمنتهى الهدوء ولا كأنه لسّه مطلق مراته حالًا وشَغّل أغنية عود البطل، وماكنش منطقى أبدًا أرجع للنوم مع حنجرته الذهبية دى ولا من اللائق أتدخل فى خصوصياته؛ خصوصًا إنه واضح من النوع الكتّوم إللى مش بيتكلم أبدًا قدّام الأغراب وكِدَهُوَّن، أفضل حل أحط دماغى كلها فى الموبايل وأفتح الفيسبوك لغاية لمّا ربنا يفك سجنى وأنزل من هذا التاكسى اللعين، ولأن إللى يخاف من العفريت يطلع له حبروش لقيته التفت لى وقالى: «إنت بتدخل على البتاع ده إنت كمان، ده إنت شكلك راجل محترم وكبّارة».. فخرج من زورى سؤال مايع وأنا بحاول أتماسك: تقصد إيه؟.. بَصّلى بجنب عينه وقال: «مش إنت فاتح الفيس دلوقتى ولّا أنا بيتهيألى؟».

قلت له: أيوه فاتح الفيسبوك.. وهنا أطلق حبروش قذائف سريعة مباغتة: «أهو البتاع ده سبب كل الخراب والمصايب وموقّع الخَلْق كلها فى بعضها ومش بس كده ده بيهز قيم الأسرة المصرية!».

طبعًا أنا فى الظروف إللى زى دى مش مضطر أبدًا أبقى محامى أستاذ. مارك وأدافع عن الفيسبوك مع حبروش إللى لسّه مطلق سمسمة، فاستحضرت روح أعرابى تائه يمر على حكيم وسألته بحذر: وانت إيه إللى مزعلك منه بالضبط؟.. فقال: «كله إشاعات وعلاقات شمال وبنات بترقص ملط وآخر مسخرة».. ورفعت راسى ببطء وأنا بفكّر فى أى رد سمج ينهى الكلام معاه، وقلت له بابتسامة لا تقل سماجة عن السؤال: واضح إنك متابع كويس جدًا للفيسبوك.. فرد بتواضع العلماء: «محسوبك حبروش بعون الله يفهم فى كل حاجة، وده بقى سبب المشاكل كلها مع الست بتاعتى (ما تقول سمسمة ياراجل أنا مش غريب) مصممة تدخل عليه كل يوم وتنزّل صورها وهى لامؤاخذة متولتة وحطة أحمر وأزرق وأنا بتعصّب أوى من كده وكل ما أقفل لها لامؤاخذة أكّونت تروح تفتح من ورايا أكّونت جديد، وأعرف وأتجنن من الغيرة والشك وكِدَهُوَّن».. قبل ما أحاول ألعب دور حمامة السلام وأصالحه على عاشقة الفيسبوك سمسمة كان شبك مع الموتوسيكل إللى عدّى من جانبه وتبادلوا الشتايم المسائية الجميلة واتعصّب أكتر وقال لى: «وكمان عايزين يمنعوا المخدرات عن أم الخَلق ليه؟! دى المخدرات دى نعمة وفضل من ربنا علشان تهدّى موتور دماغنا الشغال على الفاضى ونقدر نسوق فى الشوارع دى ونتعامل مع البشرية دول ونكمل اليوم ده على خير ولّا إنت لك رأى تانى يا أستاذ وكِدَهُوَّن».. الله يخرب بيت إللى يعصبك يا حبروش!