الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

في حوار خاص لـ روزاليوسف وصف نفسه إنه مصمم أتقن إدارة الإبداع

إيلي صعب: الموهبة وحدها لا تكفي!

هناك المئات من تعريفات للنجاح.. لكن التعريف الأقرب إلى الواقع هو إدراك الغاية مَهما كانت العَقبات، وهذا معناه أن النجاح مفهومه واحد، وهو تحقيق الهدف مَهما كانت المعوقات، لكن الغاية قد تختلف من شخص لآخر فقط فى نوعها، فقد تكون عينيّة كالحصول على المال أو معنوية كنَيل الاحترام أو حتى الشعور بالسعادة والرضا. بل ذهب البعضُ إلى تعريف النجاح بأنه مقاومة الصعاب وتجاوُز المشاكل والصبر على المكاره، وبما أن النجاحَ عملية مستمرة باستمرار الحياة؛ فإن العَقبات ستستمر، ومن هنا جاءت فكرة «باب انجح»؛ حيث أشارككم كل أسبوع قصص نجاح من جميع دول العالم أبطالها شخصيات نجحت رُغْمَ المعاناة؛ لتصبح صلبة فى مواجهة المعوقات والحرمان والألم، التى أصبحت فيما بعد ذكريات ووقودًا لمزيد من النجاح، لعلها تكون حافزًا ومثالًا حيّا لكل إنسان يظن أن النجاحَ سهل؛ لنؤكدَ لهم أن النجاح والكفاح وجهان لعُملة واحدة.



«إيلى صعب»، هو واحد من رُواد تصميم الأزياء فى العالم العربى، ففى كل حفل عالمى أو محلى، نجد الكثير من الفنانات من كل الجنسيات يرتدين تصميماته. فقد أصبح إيلى صعب فى غضون سنوات قليلة اسمًا له ثقله فى مجال الأزياء فى العالم كله، عبّر عن جمال المرأة من خلال تصميماته الساحرة لفساتين رائعة الجمال لا يمكننا أن نتخيّلها سوى من يدين مبدعتين.. يروى لنا فى حوار خاص مسيرة 40 عامًا من النجاحات والتحديّات وذكريات الطفولة ودور الأسرة وحجم ثروته الحقيقية، الذى قدّره بثلاثة أبناء وزوجة فى نهاية هذا المشوار رغم امتلاكه لأكثر من مائة محل وتصميمات تباع فى أكثر من 42 دولة وثروة قدرت بما يزيد على 200 مليون دولار، فهو يرى أن ما حققه بفضل رضا والديه فأنعم الله علية بثلاثة أولاد هم رأس ماله وثروته الحقيقية وهدية المشوار الذى مضى ومشروع المستقبل القادم.

- بداية أسعد بمخاطبة إخوتنا المصريين من خلال مجلتكم العريقة، وأحرص أن أنقل للشباب ما قد يكون بمثابة طاقة إيجابية محفزة لهم للنجاح وتخطى أى عقبات؛ خصوصًا إذا علمتم أننى بدأت مشوارى عندما كان عمرى 7 سنوات وكنت أكبر إخوتى، وهما بنتان وأخ؛ ولأن أمّى كان لديها (فوبيا) الخوف علينا فكانت تخشى كثيرًا من خروجنا وحدنا من البيت واللعب مع أبناء الجيران، وكان مسموحًا أن نشاهدهم يلعبون من النافذة فأصبحنا محبوسين بالمنزل فى ظل وسائل ترفيه شبه معدومة، فقد كنا عائلة متوسطة الحال، فأصبحت أشغل وقتى بأهم هواياتى وهى الخياطة وصُنع الفساتين وغيرها؛ حيث أعشق صُنع أشياء من القماش، وقمت باستغلال الستائر ومفارش السرائر الكبيرة لأنها توفر خامة قماش كبيرة يسهل تشكيلها، ولأننى من صغرى أحب التصميمات المبهرة الضخمة حتى الفساتين التى أصممها الآن ينعكس عليها ذلك فأصمم الفساتين الضخمة ولا أحب التصميمات المنمنمة الفقيرة فى التفاصيل الفنية.

عندما وقعت الحرب الأهلية بلبنان تم تهجيرنا من بيتنا وجئنا على بيروت، وتدهورت صحة والدى الذى خسر كل أمواله بسبب الحرب؛ لأنه كان تاجرًا كبيرًا، وبسبب الصعوبات المالية التى تعرّضنا لها قرر والدى رغم ظروفة الصحية أن يقبل بأى عمل مقابل أن يستمر فى توفير حياة كريمة لنا وأن نستمر فى التعليم وننجح، وكان كل همّى أن أساعده وكنت فى الحادية عشرة من عمرى، ومن هنا جعلت موهبتى هى عملى الأساسى، فكنت أعمل ليلاً وأدرس بالنهار، وكنت أمُرُّ على محلات الأقمشة فى طريقى للمدرسة، فدخلت إلى أحد المحلات وكان مشهورًا باستيراد أجود أنواع أقمشة القطن المصرى، وكان يبيع المتر بما يعادل دولارًا، نحو 3 ليرات وقتها، فعرضت عليه أن آخذ ما يكفى لصنع خمسة فساتين وأسدد ثمَن القماش الذى أصنع منه الفساتين بعد بيعها.. نظر إلىّ وابتسم لأننى لم أكن تجاوزت 12 عامًا وأتحدث بهذه الجرأة والثقة، فقرر أن يخوض معى التجربة للنهاية، وهى بالنسبة له مغامرة بأمواله، فاتفقنا وأعطانى الأقمشة، وأصبحت العَقبة الأخرى أن أتخطى صعوبة الحصول على ثقة زبائنى من الفتيات والسيدات فى طفل صغير، ولكى يضمَنّ أموالهن كنت أعطيهن الخيار بأن من حقهن ترك الفستان فى حال لم يعجبهن وأخذ أموالهن، وكان الفستان يكلفنى نحو 15 ليرة وأبيعه فى حدود 50 ليرة، وبدأت بنات الجيران وصديقاتهن فى شراء فساتينى، وبدأتُ فى التوسع شيئًا فشيئًا.

وتستطيع أن تقول إننى وضعت الأساس لدار أزياء إيلى صعب وأنا لم أكد أنهى عامى الرابع عشر، فقد حققت شهرة بين الأهل والأصدقاء وسكان المنطقة وصار لدىّ عمل كثير جدّا، لدرجة أننى لم أكن أجد وقتًا للنوم بين الدراسة والعمل، ولأننا كنا نسكن على حدود منطقتين فكان القصف يشتد فى أوقات كثيرة، وفى إحدى الليالى اشتد القصف ليصيب مصنعًا بجوار منزلنا وكانت إحدى قريباتنا تعمل بهذا المصنع الذى تم تدميره، فعرضت عليها أن تحضر معها سيدة أخرى وأشترى ماكينة خياطة وتقوما بتجهيز الفساتين بالنهار وأقوم أنا (بتفنيشها) وتجهيزها للتسليم ووضع اللمسات الأخيرة عليها بعد أن أعود من المدرسة ليلاً، فوافقت فورًا.

كنت أقوم بكل هذا رغم رفض والدى ووالدتى لأن أكون (خياط ملابس نسائية)، فكانا يتمنيان لى إنهاء التعليم وأن أكون طبيبًا أو مهندسًا أو أعمل فى وظيفة مرموقة لأضمن حياة جيدة، ولكن أنا كنت مقتنعًا أن هذا هو طريقى ليس فقط على مستوى الموهبة الفنية لكن أنا لدىّ حس تجارى واضح منذ كان عمرى 7 سنوات، وكان لنا قريب لديه سوبر ماركت كان لا يأتمن أحدًا ليدير المكان فى غيابه غيرى لثقته فى عقليتى التجارية.

الموهبة وحدها لا تكفى!

وبهذا الحس التجارى كنت أعرف أنه ليس كافيًا أن يكون لديك الموهبة، يجب أن تتعلم كيف تدير هذه الموهبة لتستطيع أن تكبر وتؤسّس جيدًا لما تطمح له، ولذلك بعد أن امتلكت المال الكافى سافرت إلى باريس  التحقت بـ((Chamber Syndic ale de la Haute Couture، وهى منظمة تعنى بتنظيم صنعة تصميم الأزياء الباريسية، وبعد أسبوعين شعرت أننى أبدأ من مرحلة تخطيتها فعلاً ولم أكمل الشهر حتى تأكدت أنى أضيّع وقتى وأننى لا أتعلم جديدًا، فقررت العودة إلى بيروت، لكن استفدت من الاطلاع على بيوت الأزياء المهمة هناك وخطوط الموضة بعد أن طفت باريس كلها ودوّنت ملاحظاتى، وفى بيروت عقب عودتى قمت بتأجير (مَشغل) وكان لدى موظفون ما بين 15 و20 موظفًا وقدمت أول عرض أزياء لى فى كازينو لبنان وأطلقت أول (كوليكشن) عام 1982 ولم أكن قد أتممت حتى 18 عامًا، ومن اليوم الثانى لعرض الأزياء تضاعفت أعمالى عشر مرّات، وبدأ اسمى يتردد فى الصحافة وبين الناس، وكان السؤال كيف يستطيع شخص من منطقة «عين الرمانة» التى كانت أكثر المناطق تضررًا من الحرب وتتعرض لقصف عنيف يوميّا فى ذروة الاجتياح الإسرائيلى ويروّج لموضة ويصمم أزياء ويبحث عن أمور مبهجة وسط كل هذا الخراب؟! وكان هذا السؤال هو الإجابة.

ورغم أن وقتها كان سقف طموحى هو التوسع فى لبنان؛ فإن القدر شاء أن تأتينى طلبيات من الإمارات والسعودية، فتوسّعت فى الدول العربية؛ خصوصًا دول الخليج، وسافرت لتلبية دعوات لزيارة هذه الدول وإجراء الاتفاقات، وبالتالى عندما عدت إلى لبنان ومعى كل هذه الصفقات وجدت أن عددًا العاملين معى لن يكفى فقررت التوسع وزيادة عدد العاملين معى لأستطيع الوفاء بالاتفاقات فى مواعيدها.

عملت على هذا المنوال لفترة تراوحت ما بين 7 أو 8 سنوات تقريبًا تعبت فيها كثيرًا لكى أصنع اسمًا من (برلنت) كما يقول المصريون، فالمصداقية والالتزام بالمواعيد والدقة كلها أشياء لا تقل أهمية عن الموهبة إطلاقًا، وبعد فترة لم يرضنى هذا النجاح وشعرت أن المنطقة كلها أصبحت أصغر من أحلامى وأننى أريد أن أنطلق إلى العالم كله والذهاب بأحلامى بعيدًا.

عدت لباريس لأصبح جزءًا من مشهد الموضة، وتوجهت مرة أخرى إلى (Chambre Syndicale de la Haute Couture)، وهناك لم تكن هناك حماسة كبيرة لى فى البداية فتواصلت مع مجتمع الموضة فى إيطاليا لعرض عملى فى روما، وكانت الحماسة هناك لى كبيرة جدّا؛ خصوصًا أننى وقتها كنت أريد أن أفتتح خط إنتاج ملابس جاهزة وكنت أريد تصنيعها فى إيطاليا، وذلك لأنه لكى أنافس فى أوروبا يجب أن تصنع الملابس بيد تشبه خطوط المنافسين التى تعوَّد عليها الزبون الأوروبى، وعلى عكس استقبال الفرنسيين الجاف كان تحمُّس الطليان لى ولمشاركتى استقبالاً حارًا، وبالفعل أطلقت أول مجموعة لى فى أوروبا، فى روما، وكانت خطوة ومسئولية كبيرة وصنعت الفارق فى مسيرتى وكنت أخشى عدم نجاح الـ(الكوليكشن)؛ لأنه تكلف كثيرًا ولكنه نجح.

قضيت أربع سنوات فيما بين روما وميلانو ثم شعرت من جديد أن هذا العالم ضيق على أحلامى، فتوجهت إلى باريس من جديد إلى (Chambre Syndicale de la Haute Couture) وكلى إصرار لأضع اسم ماركة إيلى صعب بين أهم وأعظم الماركات فى أوروبا، ومرّة أخرى رفضوا التعاون معى ولم يكونوا متحمسين لى فى باريس، فقمت بتأجير قاعة وقدمت مجموعتى على مسئوليتى الكاملة، وتلقيت نقدًا لاذعًا بالصحافة الفرنسية فى البداية، رغم الرضا الكبير بين الجمهور، فالصحافة الفرنسية تعاملت معى من منطلق أننى عربى وجئت لأستقطع جزءًا من سوق كبيرة يسيطرون عليها منذ الأزل، فكان الانتقاد بدافع عنصرى لا علاقة له بجودة المنتج الذى أقدمه، وهو ما ظهر فى تناقض موقفى الجمهور الراضى عن ما أقدمه والصحافة التى تهاجم لمجرد الهجوم، لكن شيئًا فشيئًا تراجعت حملة الانتقادات، وبعد أربعة مواسم من تقديم خطوط جديدة للموضة أصررت على العرض بين العارضين من كبار المصممين الفرنسيين، وعرضت بجانب أرمانى وفرساتشى فلانتينو كأجانب عن فرنسا، وفى النهاية أصبحت عضوًا فى Chambre Syndicale de la Haute Couture)) المنظمة المسئولة عن صناعة تصميم الأزياء فى فرنسا ومحراب ومهد فنون تصميم الأزياء هناك، وهو إنجاز كبير بالنسبة لمصمم غير أوروبى.

ومن هنا بدأت فى التوسع التجارى فى باريس وخارجها، وكنت قد أسّست فى منتصف التسعينيات مكتبًا فى أمريكا وتحديدًا فى لوس أنجلوس لتصنيع الملابس للنجوم، وكان ذلك فى نفس التوقيت الذى بدأت فيه فى إيطاليا، وكان المكتب يرقى نفسه بنفسه فى السوق الأمريكية وجذب العديد من النجوم الأمريكيين للتعامل معنا، وهو ما رفع من أسهم اسم «إيلى صعب» فى فرنسا وخارجها؛ خصوصًا أن معظم بيوت الأزياء الإيطالية والفرنسية كانت لا تهتم بهذه النقطة وكانت مفاجأة لهم أن إهمالهم للتسويق للنجوم والتعامل معهم يضيف رصيدًا كبيرًا لاسم بيت الأزياء، فتبعونى بعد ذلك فى التسويق بهذه الطريقة، وكان ذلك بداية طريق الصعود إلى الآن.

حلم لكل النساء

ولأن حلم العالمية لم يكن مقصورًا على الوصول لطبقة معينة؛ فإن العطور كانت خطوة مهمة للبراند، فكل الماركات العالمية تتحقق قوتهم عندما يستطيعون أن يجدوا طريقة لكى يصلوا لكل الطبقات والشرائح فيجب أن تصل علامتك التجارية لكل يد على اختلاف القدرة الشرائية للجميع، ولفترة كبيرة كانت علامة إيلى صعب التجارية فى عالم الأزياء لمن تستطيع أن تشترى فستانًا سعره يتجاوز مائة ألف أو شنطة بألفى دولار، وهكذا، لكن وجود منتجات تتراوح أسعارها بين الخمسين والمائة دولار يساعد على انتشار العلامة التجارية على نطاق واسع جدّا وعابر للقارات والثقافات والطبقات المختلفة أى سوق وأى قدرة شرائية، فمن لا تحلم بشراء فستان يحمل البراند الخاص بنا فعلى الأقل تستطيع أن تشترى عطرًا يحمل الاسم ويحقق لها حلم الشراء من بيوت أزياء إيلى صعب ولو زجاجة عطر.

فليس من الضرورى أن تصبح تصميماتى فى متناول الجميع، الأهم هو «الحلم».. أن تتمنى الكثير من السيدات أن تمتلك فى خزانتها فستانًا من تصميم إيلى صعب، وهذا ما يخلد عملى.. الحلم والإلهام هو الأهم.

 تشجيع عكسى

بالنسبة لأمى لم تكن تظهر رضاها عن عملى فى البداية بهدف تحفيزى ولم ترتد ما أصنعه لها لفترات طويلة حتى أظل أطور من نفسى لمحاولة إرضائها والاستمرار فى التقدم وعدم الشعور بالرضا والوصول لنقطة النهاية فى السباق.

أمّا بالنسبة لإخوتى البنات فإحداهن، وهى توفيت قريبًا- رحمها الله- كانت تصنع الإكسسوارات لعملى، واستمرت فى ذلك حتى وفاتها، وزوجتى كانت معى من بداية رحلتى فى أوروبا، فقد تزوجت عندما ذهبت إلى روما أول مرّة وكانت يدها بيدى فى كل شىء فى العمل أو المنزل وكانت خير سند لى فى كل الخطوات، فهى تحمّلت المهام المنزلية كلها، وعلى المستوى الإدارى كانت مسئولة عن عملى بشكل كبير جدّا، وهى ملهمتى والوحيدة التى أستشيرها عندما أكون غير مقتنع بأمر ما لأننى مع احترامى لكل من يعملون معى عندما أكون مقتنعًا بفكرة ما عندى لا آخذ برأى أى شخص آخر.

وعمومًا؛ كل ما أنا به من نجاح كان دافعه من البداية هو حماية الأسرة، وكان همى الوحيد فى البداية هو أن أوفر الأموال اللازمة لدفع أقساط المدارس لإخوتى وتوفير المال اللازم لمصروف البيت ليكون بيد أمى ولا يحتاج أبى للضغط على صحته والعمل فوق طاقته، وكنت آخذ ما يكفينى مما أحققه من أرباح كمصروف وأضع الباقى كله بين يدى والدتى حتى إن حسابى البنكى كان باسم والدتى وكانت هى المسئولة عن حساباتى المالية والتجارية لعدة سنوات حتى أصبح العبء كبيرًا عليها ففتحت العديد من الحسابات، وكان همّى ألا يشعروا بفارق عن المستوى الذى كنا عليه قبل التهجير ولم أنتظر حتى تصل الأمور بالأسرة إلى العوز.

وبالنسبة إلى والدى فلم أكن أبدًا أشعره أننى أساعده ولا أنفق على الأسرة، بالعكس تمامًا كنت أفعل ذلك بشكل لا يجرح كرامته وهو كبير العائلة والجبل الذى نحتمى به ورضاه علىّ ورضا أمى كان الفاتح لكل الأبواب المغلقة.

 الأولاد رأس المال الحقيقى

لدى ثلاثة أبناء ولا أرى أن من يخلفنى منهم يجب أن يكون مثلى، لكن الثلاثة زرعت فيهم أشياء كثيرة حلوة، التواضع وحب العمل والمثابرة والصبر، ويعرفون قيمة النعمة التى أعطاها الله لهم ويعيشون بها، كما علمتهم أن الرجولة ليست التباهى بالمال أو النسب أو الشهرة وإنما بالعمل وتحقيق الذات وتشغيل العقل، وكما يقول المَثل (ابنك يجب أن تخاويه) منذ أن ينطق جملة مفيدة ويبدأ الإدراك والوعى ويجب أن تعطيه وضعه، فأنا أعتمد على ابنى الكبير واسمه «إيلى» الذى درس التسويق والإدارة، وهو يدير معى العمل، وابنى الأوسط «سليم» هو موهوب جدّا وهو المسئول عن الأعمال المحاسبية لكل أعمال الأسرة، والصغير درس اتصالات وتسويقًا وكان بالجيش وأنهى تجنيده وسيبدأ العمل معى.

وعلى عكس البعض قد يرى أن يترك الأبناء يعانون ليتعلموا لا أرى ذلك، فأنا أرى أن على الآباء عدم تعريض أولادهم للمشقة التى تعرّضوا لها طالما أن الله قد أنعم عليهم، لكن علىَّ أن أعلمه أن هذه المؤسّسة لم تأت من فراغ ولا بسهولة فالأولاد هم رأس المال الحقيقى، وإن كنت أفتقد لأن يكون لدى بنت إلا أن حفيدتى عوّضتنى عن عدم الرزق ببنات وخَلقت جَوّا مميزًا بالبيت.

 وصفة «إيلى» للنجاح

رغم أننى لا أومن بأن النصح شىء مفيد فأنا أرى أن كل إنسان عليه أن يخوض تجربته بنفسه، لكن إذا كان هناك نقاط مهمة على الإنسان أن يضعها فى حسبانه يمكن أن تكون:

- أول شىء الكفاح والصبر، فلا شىء يأتى دون الصبر مع العمل الجاد، فكل عمل صغير تقوم به يؤسّس لشىء أكبر فى المستقبل.

- وضع هدف أمامك ومَثل أعلى وقدوة وعدم الاستعراض بالأموال عند تحقيق النجاح، ويجب أن يعرف قيمة القرش وكيف يستطيع أن يكسبه ليعرف كيف ينفقه.

- الشهرة أمرٌ صعب، ومن يفتتن بها يضيع، وعليك أن تعرف أن لتلك الشهرة مسئولية.

- بعد كل قصة نجاح عليك تقييم نفسك.

- النصائح الأهم التى يتلقاها الإنسان هى النابعة من داخله ومن خبراته وصلاح نفسه.

- والدى كان قدوتى من أول يوم فى حياتى حتى الآن فهو شخص متفانٍ يفعل كل شىء من أجل أسرته.

- أتصرف مع الموظفين كما أحب أن يتم التعامل معى لو كنت مكانه.

كلمة أخيرة.. بعد كل هذا المشوار لاأزال أشعر بأننى فى بداية الطريق، وأرى حتى وإن كان لديك خطة متكدسة بالأحلام والأفكار ولديك القدرة على تنفيذها كلها دفعة واحدة لا تفعل اترك كل فكرة تأخذ وقتها حتى لا ينطفئ بريق العلامة التجارية. 

وعلى عكس ما قدر يفعل البعض بأن يثور أو يغضب لسرقة أفكاره فعندما أجد أحد موديلاتى مقلدًا أشعر بسعادة لأن هذا يعنى أننا نجحنا فى أن نكون ويعطينى إشارة بأننى فى الطريق السليم وإن منتجاتنا مرغوبة من الجميع وحلم لمن يملك شراءها، ومن لا يستطيع، ولا أفكر فى عقاب من يقلد فستانًا لى لأن من قلدته لن تصبح صاحبة ماركة خاصة ولا منافسة فى يوم من الأيام؛ لأنها اختارت أن تعطل عقلها وتقلد إبداع الآخرين.