
محمد جمال الدين
فى العام الجديد.. هل ينتهى زمن الكورونا؟
كل عام وأنت طيب وبخير.. تلك هى الجملة المعتادة التى نتوجه بها إلى من نعرفه من الأهل والأقارب والأحباب والأصدقاء، عند بداية كل عام جديد، متمنين لهم الخير ودوام الصحة والسعادة والنجاح، حتى تمضى أيام عامنا الجديد بصورة جيدة، متغافلين عن قصد وتعمد المعاناة والأحزان التى مرت بنا حتى نبدأ من جديد، ولكن للأسف أحزان العام المنصرم يبدو أننا لم نستطع تجاوزها بعد، فهى ما زالت مصاحبة لنا، فمنذ بدأت الأيام الأولى فى عامنا الجديد ونحن «نصطبح» بأرقام مزعجة لنا ولغيرنا، بسبب هذا الفيروس الملعون «كورونا» الذى هيمن على العالم جله ولم يستثن أحدًا، الغنى والفقير، الرجل والمرأة، الشاب والشابة، الطفل والطفلة، وتساوت بسببه رءوس أكبر الدول وأصغرها، وأصبح البحث والتفكير فى تجاوزه هو المراد من رب العباد، حتى لا نفقد الكثير من الأهل والأصدقاء، وباء حصد الأخضر واليابس فى طريقه، مدمرًا النمو والاقتصاد، مهددًا دولًا كان لها شأن بانهيار اقتصادها لدرجة تصل إلى حد الاستدانة وبدونها الخراب، وهو نفسه الذى أثبت أن العالم مهما أوتى من علم ومعرفة وقف عاجزًا أمام فيروس غير مرئى، ولم تعرف أسباب الإصابة به حتى الآن.
ورغم تأكدى أن أثر فيروس كورونا الطبى سوف يزول من العالم، كما سبق وتم القضاء على أوبئة أخرى، كالطاعون، والجدرى والكوليرا، إلا أن أثره الاقتصادى سيظل يلاحق العديد من دول العالم، الغنى والفقير، على حد السواء، والذى بسببه وصل الصراع بين شركات الأدوية العالمية التى تسابقت فيما بينها لإنتاج لقاح للقضاء عليه بمساعدة من الدول المنتمية إليها، ثم تفرغت للتشكيك فى منتجات الشركات المنافسة للحصول على أكبر قطعة من التورتة، ثم هناك الأثر النفسى لهذا الوباء، الذى أنشأ نوعًا من التباعد وعدم الثقة بين البشر أنفسهم، لدرجة وصل معها الأمر إلى رفض إحدى القرى دفن طبيبة توفيت بالفيروس فى مقابر القرية، وبسببه أيضًا استغل البعض انتشار الوباء فى تكوين ثروة من جراء رفع أسعار المنتجات الطبية التى تساعد فى الوقاية منه، ليتركنا نحن بنى البشر نعانى من الرعب والفزع من أن ينالنا من حبه جانبًا، ورغم جل هذه الآثار السلبية إلا أنه بفضل هذا الفيروس كانت هناك آثار إيجابية نتمنى أن نستثمرها، خصوصًا فى مصر، واستمرارها بعد القضاء على هذا الوباء بإذن الله، يأتى فى مقدمتها الزيادة المضطردة لدى المواطنين بأهمية النظافة والوعى الصحى عمومًا فى حياتنا، مع ضرورة ارتداء الكمامة التى أطلق عليها الأطباء «اللقاح الآمن» وغسل الأيدى بالماء والصابون من وقت لآخر.
تلك الأمور تعد أولى خطوات التصدى لهذا الفيروس، والذى من خلاله أيضًا تعرفنا على الدور الكبير والمتفانى الذى قام به أطباء مصر الذين تركوا منازلهم وأسرهم لعلاج المصابين به، لدرجة أن بعضهم استشهد أثناء أداء دوره، فأطلقنا عليهم جنود الجيش الأبيض الذى لا يخشى الموت بالفيروس، مثلهم فى ذلك مثل شهداء الجيش والشرطة الذين يخوضون معركة مصر ضد الإرهاب والتطرف، هناك أثر إيجابى آخر أرى أنه فى منتهى الأهمية أفرزه انتشار الوباء، فبفضله تمكنت حكومتنا والبنك المركزى المصري من السيطرة على الأزمة الاقتصادية التى سببها، وهى الأزمة التى واجهت العديد من الدول ولم تفلح فى التصدى لها، بدليل اختيار مصر كأحد أفضل الأسواق الناشئة على مستوى العالم فى احتواء التضخم خلال الأزمة، نتيجة للجهود المبذولة لتحقيق التوازن بين أسعار الفائدة ومعدلات التضخم، وكذلك توفير 100 مليار جنيه للتعامل مع تداعيات الأزمة وتأجيل سداد القروض وغيرها من القرارات المهمة، وهذا ما أكدته مؤسسات دولية كبيرة يأتى على رأسها البنك الدولى، وصندوق النقد الدولى، ومؤسسات التصنيف الدولية جميعها شهدت بتحسن الاقتصاد المصرى.
وعمومًا سواء كانت سلبية أو إيجابية، الآثار الناتجة عن الكورونا، إلا أن الأزمة التى تسبب فيها أكدت أن التعاون والتكاتف والتضامن بين جل الدول هو الحل الوحيد، لا فرق بين دول فقيرة وأخرى غنية، إما أن يتضامن الاثنان سويًا أو سيأتى فيروس آخر يأخذ فى طريقه كلًا منهما.