السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

أشرف زين الرجال

فى زيارة للأقصر تعد الأولى منذ عشرين عامًا؛عدت إلى الأقصر، وفى ذهنى مخزون بصرى من التسعينيات؛ بالطبع قلت المدينة فى زهوهها؛ ولكن ما إن دخلت للبر الغربى وإذ بى أفاجأ بأن المشهد لم يتغير كثيرًا؛ زراعة من جميع الاتجاهات؛ بعثات الحفائر فى كل مكان؛ والتى يعمل بها معظم شبابنا فى الأقصر.



 

دعيت على حفل افتتاح جاليرى فنى، وبالفعل توجهت لألبى الدعوة، وإذ بى أقابل بحفاوة شديدة من شاب فى منتصف الثلاثيناتظننته يعمل بالمكان؛ فجاذبته أطراف الحديث؛ وطلبت منه يعمل لى شاى بشرط أن يكون هذا الشاى «صعيدي» 100 بالمائة؛ عمل الشاى وجاءنى به؛ فطلبت منه أن يجلس بجوارىوأخذت أتجاذب أطراف الحديث معه؛ اسمك إيه؟ اسمى: أشرف؛ بتعمل إيه فى الحياة يا أشرف؟ قال لى أنا مزارع وعندي أرض وبزرعها، وأكتفى بذلك؛ ؛ قام سريعًا وعاد لينتشر فى المكان كله يفعل كل شيء من صغير لكبير؛ فى الحقيقة لم افهم هو دوره فى المكان بالضبط؛ لكن أدركت أنه عامل بالمكان،فجأة يظهر؛ ويتأكد من أن الضيوف يتم الترحيب بهم على أكمل وجه؛ ومرة أخرى يقدم للضيوف بنفسه مشروبات للترحيب بهم؛ وجدت نفسى أترك المكان وأذهب إليه لأطلب منه نفس كباية الشاى الصعيدي؛ ويقدمها لى بكل ترحاب ومحبة وتواضع؛ وأطلب أيضًا الجلوس بجواره حتى أنتهى من الشاى والحديث معه؛ تركته وتجولت بالمكان، وقابلت صاحبة المكان صديقتى الأمريكية "دموينيك نفارو والحاصلة على دكتوراه من جامعة هارفارد، ولها أبحاث كثيرة فى الفرعونيات؛ وتبادلنا أطراف الحديث؛ وإذ بى أفاجأ أن هذا الرجل الشهم أشرف هو زوجها، ويساعدها بمناسبة الافتتاح؛ توجهت إليه وطلبت منه شاى، وجلسنا ثالثةً سويًا؛ وقلت له إنت يا جدع إنت إيه حكايتك؟ ابتسم وقال لى: أنا راجل على قد حالى وعايش مستور؛ قولته إنت دومنيك مراتك هى صاحبة المكان، وإنت عمال تعمل كل ده وبتعملى الشاي؟!! ضحك وقال لى أنا بساعد مراتى ولازم أقف جنبها من غير ما أتدخل فى شغلها؛ أنا راجل مزارع؛ وبتاجر فى المواشي؛ وعندى أرضى ودنيتى والمكان ده دنيتها هى، فأنا بساعدها وواقف جنبها؛ ذهلت من روحه وتواضع أخلاقه وشهامته، أثّر فى جدًا هذا الرجل، وأصبح صديقًا لى وأخًا مقربًا جدًا؛ هو وزوجته،، فهذا النموذج المشرف للحياة الزوجية والنجاح ألهمنى جدًا؛ تعلمت من هذا الرجل كثيرًا؛ وما زلت أتعلم منه معاني جميلة من أنبلها الرضى والقناعة والتواضع، وكيف للرجل أن يقف بمعنى حقيقى بجوار زوجته ليهب لها الحياة الحقيقية؛ وهى أيضًا بتواضعها وحبها له دخلت فى الإسلام وتزوجته وعاشت فى الأقصر لأجله؛ نعم يوجد فى حياتنا رجال تقوم بهم الحياة.

سعيد أننى شاركتكم  مجموعة من الوجوه المصرية الأصيلة والتى كل منها يحمل حكاية فريدة من نوعها؛ ويبقى شعبنا المصرى الأصيل فيه سعادة ورضى وحاجة حلوة يحملها فى صدوره، ولكن تحتاج لعين متفائلة وسعة صدر هادئة تمامًا مثلما فعلتم معى فى هذه الرحلة القصيرة؛ إن شاء الله هبدأ معاكم خواطر سفر تانية، ومَلمح آخر من بلدنا العظيم مصر.. إلى أن ألقاكم لكم منّى كل تحية وتقدير.