
حسن عيسى
"كدهوّن" : جوز الدكتورة «حمزة»
لأنى فى مرحلة عمرية تسمح لى أنى أباشر مهام عواجيز الفرح بكل مهارة وكدَهُوَّن، فضلت قاعد فى فرح بنت أختى أراقب المدعوين والمدعوات الجالسات منهن والراقصات، واتفرج على إللى رايح وإللى جاى لغاية لما لقيت راجل من المدعوين عَمّال بينادى على «حمزة» كذا مرّة ومافيش أى «حمزة» بيرد عليه وسط الزحمة وصوت المزيكا العالى وكدَهُوَّن..!!
أكيد ابنه.. عَيّل وضاع وسط الزحمة.. قلت لنفسى ياواد واجبك كخال العروسة تجامل المدعوين وتدور على عيالهم التايهة، فأخدت وضع الاستعداد للإنقاذ وأطلقت لحنجرتى العَنان وهتفت ((ياااااااااااا حمزة)) بأعلى صوتى..
وفجأة سكت الكلام.. والمزيكا وقفت.. والفرح بقَى ترمى الإبرة على الأرض ترن، والكل وقف بيبُص لى فأخدتنى الجلالة ورجعت أصرخ تانى ما تدّوروا يا جدعان معانا على «حمزة».. وقبل ما أكمّل جملتى لقيت واحدة ست فى كامل أنوثتها وتضاريسها بتتقدم فى اتجاهى مباشرة وبتبص لى بقرف شديد!! وبغضب مكتوم، وقفت قدامى وقالت (نعم فيه إيه ؟؟)، قلت لها بحماس المنقذين بندَوّر على «حمزة» الظاهر تاه فى الزحمة بس إن شاء الله هانلاقيه، فتجاهلتنى والتفتت لصديقى أبو «حمزة» وقالت له عايز إيه يا سامى فى حاجة (ياحبيبى) ؟؟!!
استغربت فى روحى كدَهُوَّن وقلت لنفسى حبيبك؟ هى الست دى مابتفهمش ولّا إيه؟؟.. «حمزة» تاه يا هانم وأنتى لسّه بتسألى؟!! أمّا سامى فرَدّ عليها بصوت الضفدع الوقور كنت عايز أعرف هاتقعدى شوية ولّا نروح دلوقتى. قالت له لسّه هاقعد مع خالتى نبوية. واتحركت ومنسيتش طبعًا قبل ما تمشى تزغر لى زغرة السّت نجمة إبراهيم وكأنى عدوها ولا أكونش أنا إللى سميتها «حمزة» وكدَهُوَّن؟
ماقدرتش أكتم فضولى، فسألت هى مين دى يا سامى؟ قاللى بتواضع العلماء: دى الست بتاعتى. فرجعت ببراءة الأطفال أقوله: هى مراتك اسمها حمزة؟! فعوج بوزه ورد بقرف - (واضح أن العيلة كلها دى قرفانة): لا يا سيدى..
وبرخامة الأطفال قلت له آه.. يبقى ده اسم الدلع بتاعها وكدَهُوَّن. فأخد نفس عميق وقاللى: يا أخى أفهم، هو فى ست اسمها «حمزة»، أنا بنادى عليها باسم «حمزة» ابنى. وقلت له طيب ما تنادى عليها باسمها على طول بدل ما تزعج «حمزة» معاكم. فرد بغضب: يعنى عايزنى أقف أنادى يا ( سلمى) بصوت عالى وقدّام الرجالة دى كلها علشان يفضلوا يعلقوا ويتريقوا عليّا وأبقى شغلتهم طول الفرح!! وقبل ما أكمل لقيت الرجالة إلى معانا دخلوا فى الرد بالنيابة عن جوز «حمزة»، وتحوّل الموضوع من قعدة على الضيق لندوة مجتمعية لدعم وتأييد جوز «حمزة»، ووقفت أنا لوحدى مسبهل من إجماعهم على أن اسم الست حاجة عيب، ولقيت واحد منهم بيسألنى وعينيه بتطق شرار: أنت خواجة ولّا إيه يا أستاذ؟!! فتوجستُ خيفة من طبيعة السؤال وحجمه العملاق، فقلت اسكت ياواد واعمل نفسك أطرش، فكمّل زعيقه عادى جدّا (كأنى رديت عليه)، ده أنا ما عرفتش اسم المرحومة أمى غير لما ماتت وطلعت لها شهادة وفاة واضطرينا نكتب اسمها الحقيقى لأول مرّة.
الحقيقة كنت هاموت واسأله ويا ترى طلع اسمها إيه بقى؟! بس برضه فضلت ساكت علشان الليلة تعدّى وكدَهُوَّن.. المهم الجلسة سخنت أكتر وأكتر؛ خصوصًا أن الموضوع وصل للشّرف، وهوب ووقف راجل منفسن وصرخ: ما عدش فيه نخوة.. طول عمرنا بنقول على الزوجة (الجماعة أو العيال أو حتى الحكومة) ولما بتكبر فى السّن الكل بيقولها (يا حاجة) وخلصنا، لكن هانقف على آخر الزمن ننادى على سوسو وميمى!! فتدخّل أحدهم صارخًا ((ديوووووث))، فكلنا بصّينا على بعض علشان نعرف مين إلى طلع ديوث فى القعدة لا مؤاخذة.. فكمّل كلامه صارخًا: ((اللى مش بيغير على مراته يبقى ديوث)). فاستغربت إيه علاقة كلامه بالموضوع بتاعنا!! وكنت لسّه هاقترح أننا نلغى الجملة من محضر الجلسة بس الحكيم سامى ختمها بقوله: (أنا أفضل أنادى على مراتى باسم حمزة ابنى). فتراجعت وصعبت علىّ نفسى أوى، أصل أنا خلفتى كلها بنات، يعنى بالشكل ده مش هاقدر أنادى على مراتى أبدًا وإن كان ممكن أبقى أنادى عليها باسم «عبدالجبار» هايبقى مناسب ليها جدّا وكدَهُوَّن.. انفجر فى وشّى طائر البطريق فى هيئة راجل بيصرخ: أنا كده، وعادتنا وتقاليدنا كده، وأنا عمرى ما هانادى على مراتى باسمها. وفجأة اترعش واتهز ووقع طبق المحشى إللى فى إيده وأغمى عليه...!!!!!!
يادى النيلة، دلوقتى هايتهمونى إنى أنا إلى عصّبته وجبت له جلطة وكدَهُوَّن.. فصرخت عايزين دكتور يا جدعان، دكتور بسرعة. واتقلب الفرح سداح مداح وهيصة ولايصة، وفجأة ظهرت الست «حمزة» مرات سامى بمنتهى الجدّيّة والمهنية كشفت على قتيل العادات والتقاليد وعملت له الإسعافات الأولية الناجحة والمرحوم بدأ يفوق ويتحرك ويتكلم وأنا فى ذهول، سألت سامى صديقى: هو «حمزة» مراتك يا سامى طلعت دكتورة؟!
وسألته معقول حمزة طلع دكتور ؟!
أقصد دكتورة.. حمزة دكتورة.. وكدَهُوَّن..
وقفت وسط القاعة وبأعلى صوتى قدمت الشكر للدكتورة «سلمى» باسمها إللى أبوها وأمها اختاروه لها وكدَهُوَّن، وبصيت لسامى إللى كان شياطين الدنيا بتتنطط فى وشّه هو وباقى الرجالة المعازيم، وقلتله ما هو اسم الست مش عيب يا سامى.. وأكيد يافطة عيادتها مش مكتوب عليها الدكتورة «حمزة».