
محمد جمال الدين
فيسبوك.. ظالم أم مظلوم؟!
هل أصبح الفيس بوك ظالمًا أم مظلومًا؟ فاعلاً أم مفعولاً به؟ هل يدخل أكبر موقع للتواصل الاجتماعى فى العالم قفص الاتهام قريبًا بحجة تأثيره الضار على استقرار وأمن البلاد؟ أسئلة كثيرة الإجابة عنها ستحدد إلى أى مدى وصل تأثير مثل هذا الموقع وغيره من مواقع التواصل الاجتماعى التى انتشرت فى حياتنا، خاصة بعد ارتفاع وتيرة الهجوم عليه لدرجة أن البعض اعتبر ذلك بداية حملة ممنهجة لإيقاف أو تعطيل الدور الذى يلعبه هذا الموقع فى توفير قدر من الحرية وإبداء الرأى فى حياة الشعوب التى لا تجيد التحدث إلا بلغة واحدة، وهى بأن كل شىء تمام (تطبيقًا لقاعدة أنه ليس فى الإمكان أبدع مما كان) فى ظل ظروف البلد الحالية، والتى تعانى من اقتصاد متداعٍ (وإن كان فى طريقه للتعافى)، وتتعرض لمؤامرات داخلية وخارجية ولا ينقصها استخدام البعض لمواقع التواصل الاجتماعى فى بث الشائعات أو انتقاد أجهزة الدولة ومؤسساتها، وهذا تحديدًا ما جعل البعض يطالب بفرض نوع من الرقابة على مواقع التواصل الاجتماعى، والبعض الآخر لم يكتف بذلك وطالب بوقفها نهائيًا لما لها من مخاطر وتأثير ضار على المجتمع، وإن كان هناك فريق ثالث مؤيد تمامًا لهذه المواقع بعد أن اكتشف أن (الفيس بوك) به قدر كبير من الحرية، بخلاف أنه غير مكلف ولا يخضع للضرائب التى اكتوى بها المواطن وتلاحقه أينما ذهب، اختلاف الآراء هو ما تسبب فى حدوث لغط كثير يدور حول هذا الموقع بين المؤيدين والرافضين له، خاصة أننا فى مصر نخضعه لحسابات أخرى، رغم أن عدد مستخدميه وصل إلى أكثر من مليار وثلاثمائة مليون شخص، جميعهم فتحوا مساحة جديدة للرأى بعيدًا عن المساحات التقليدية، المتمثلة فى الأحزاب والكتل السياسية التى لا يعرفها أحد أصلاً، ولا تلعب دورًا يذكر فى حياة المواطنين، وفتح نافذة للمؤيد والمعارض وللمختلف والمتفق، موقع جمع بين ثقافات وأديان مختلفة تسعى للتعبير عن رأيها، صحيح أن هناك سلبيات تتعلق بنشر الشائعات والخروج عن الآداب العامة، وهى أمور من المؤكد أنها تهدد أمن البلاد، إلا أن هذه السلبيات ليست مبررًا للطلب المتكرر بغلق الموقع، وكان من الأجدى وبدلاً من الغلق والتضييق على الناس وما شابه، تفعيل الرقابة الذاتية والرد العاجل والقوى على جميع الشائعات التى يطلقها البعض من خلاله، لأن المسئول عندنا إما يفضل راحة (الدماغ) أو مختفٍ خلف مكتبه ويرفض قول الحقيقة للناس، مما جعلهم يجتهدون فى تفسيرها حسب فهم ودرجة تعليم وثقافة كل واحد منهم، فنساهم بأنفسنا فى نشر المعلومة أو الخبر الخاطئ، فلا يعقل أن نجعل الناس تضرب أخماسًا فى أسداس دون أن نخرج عليهم فى حينها لنعلن حقيقة ما يحدث ويجرى على أرض الواقع، خصوصًا أننا نعلم علم اليقين أن هناك فصيلاً خائنًا للوطن ويسىء إليه مقابل أجر يتلقاه من بعض الدول الحاقدة على مصر، هذا الفصيل أصبح شغله الشاغل إطلاق الشائعات، والتى كان آخرها تخفيض أجر العاملين فى الدولة إلى النصف، أو تحديد أسماء بعينها للتعديل الوزارى، بخلاف نشر الفتن خدمة لأهدافه السياسية (ما حدث فى محافظة المنيا مؤخرًا) ليثأر لنفسه من شعب مصر الذى اكتشف حقيقة هذا الفصيل، الذى لم يعمل يومًا لصالحه أو لصالح وطنه، ولهذا يحمل البعض الفيس بوك مسئولية نشر الشائعات وبث الفتن بين أبناء الشعب والإساءة وإنكار كل إنجاز جديد تقوم به الحكومة، وكعادتنا كمصريين لا بد من وجود من (يشيل) هذه التهم، وبالطبع لن نجد أفضل من الفيس بوك، لأنه من المستبعد تمامًا أن يكون المسئول الذى فضّل الصمت، أو الجهات المعنية التى لا تتعامل مع الناس بصراحة وشفافية، وتسارع بالرد على أى شائعة أو استطلاع رأى مزيف بالحقائق المجردة التى لا تحتمل أى تأويل، فكشف الحقائق فى مهدها أفضل طريقة لتحقيق الأمن والسلام الاجتماعى، لأن المواجهة والصراحة أجدى، حتى لا تتفاقم المشاكل وتصل لحد لا نستطيع مواجهته بعد ذلك.
عمومًا الواقع الفعلى أثبت أن العيب ليس فى (الفيس بوك) وغيره من مواقع التواصل الاجتماعى، إنما العيب فى سلوكنا وفى أسلوب تربيتنا وتعليمنا التى سمحت لنا فى تسخير هذه المواقع لتحقيق أهداف تضر البلد وتعصف بأمنه.>