السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

نمرة اتنين.. التخلص من قيود الدراما التليفزيونية

أجمل ما فى المسلسلات المصنوعة خصيصًا للعرض عبر المنصات الإلكترونية أن لكل منها قانونه الخاص، الذى يبتعد تمامًا عن تقليدية الدراما التليفزيونية وقيودها، سواء فى الشكل، أو فى المحتوى. 



فى الآونة الأخيرة، تسابق عددٌ من المنصات الشهيرة على كسْر النمطية، وتمردت منصة (شاهد) على كل القوانين الدرامية البالية التى رسّخ لها المنتجون عبر عقود ماضية، فقدمت مسلسل (نمرة اتنين) الذى وضع فكرته السيناريست والمخرج «آدم عبدالغفار» والذى يتكون من ثمانى حلقات منفصلة، لكل منها قصته، وفريق عمله، لكن يجمعهم اتصال قائمٌ على التيمة الأساسية التى تدور حول الحب الثانى فى حياة البَشر.

 وفى الحلقات التى عرضت حتى الآن من المسلسل، وعلى خلفية موسيقى «تامر كروان» المميزة، يتركز الحديث عن العلاقات الإنسانية بمفهومها العميق الذى يخلو من السطحية فى التناوُل، أو السّذاجة فى تقديم النهايات، ولذلك فإن قضايا مثل (الخيانة، والمَلل الزوجى والانفصال، وعودة الحب الأول، ومواجهة الماضى بآلامه) تبدو للوهلة الأولى تقليدية ومكررة، لكنها تناقش فى المسلسل بشكل جرىء وحقيقى فى الوقت ذاته؛ حيث تعمّد صُناعه الابتعاد تمامًا عن (الكلاشيهات) المحفوظة التى تصنع من الخائن شيطانًا، ومن السيدة المطلقة ضحية مكسورة الجناح، والحقيقة أن الذكاء فى معالجة الأفكار، استتبعه سيناريو متماسك، ولغة حوار جاذبة بين الأبطال، وموزونة بميزان حساس، تجعل الكلمات تنطلق بسلاسة على ألسنتهم، لكنها سلاسة تشبه تلك التى يَستخدم بها الجراح مَشرطه، فيُشخّص الوجع، ويزيل أسباب الألم، لذلك فمن الإنصاف أن نعتبر الحوار بطلا حقيقيّا لهذه التجربة، ولا سيما أنها غير قائمة على الإبهار البصرى، أو الحركة.

وإذا كان الورق يحمل أسماءً كبيرة، لها رصيد محترم فى الدراما الإنسانية مثل «مريم نعوم، ووائل حمدى، وسماء عبدالخالق»، وغيرهم، مما جعل الحلقات أشبه بمباريات كرة القدم المهمة التى لا تسمح لمشاهديها بالتقاط الأنفاس من فرط الحماس؛ فإن التجربة إخراجيّا بها قدرٌ كبيرٌ من المغامرة، والتجديد الذى سمح لكل حلقة لأن تكون فيلمًا مستقلا بذاته، ولا سيما أن المسلسل يجمع بين ثمانية مخرجين كبار تحت مظلة واحدة، بعضهم يذهب للدراما للمرّة الأولى رُغم مشواره الطويل فى السينما مثل «يسرى نصر الله، وطارق العريان» بينما يتحسّس البعض الآخر طريقة نحو دراما المنصات لأول مرّة بعدما أبدع فى عدد من المسلسلات الرمضانية مثل «هانى خليفة، وتامر محسن».

وعلى مستوى الأداء التمثيلى، يقدم المسلسل ثنائيات متميزة، بعضها كان أشبه بالمبارزة الفنية على الشاشة، مثل دويتو «آسر ياسين، وأروى جودة»؛ حيث لعبا سويّا بطولة قصة (أنت فين)، وقد برعت «أروى» فى أداء دور الحبيبة التى تخلى عنها حبيبها، لكنه عندما عاد إليها مرّة أخرى مطالبًا بفرصة ثانية؛ فتحت ذراعيها، لتلقى نفسَ مصيرها الأول، وبعضها قدّم أداءً منسجمًا بفعل تكرار التعاون، مثل «عمرو يوسف وصبا مبارك»؛ حيث اشتركا سويّا من قبل فى مسلسل (طايع) ومن قبله فيلم (الثمَن) وفى المسلسل يلعب كلاهما بطولة قصة (من الناحية التانية)؛ حيث الزوج الهارب من مَلل زوجته إلى أحضان صديقته التى تحتويه لكنه بالتجربة يكتشف أنه احتواء زائف، وبعض تلك الثنائيات ينتظره الجمهور لغرابته، وعدم وجود توقّعات حياله، مثل دويتو «شيرين رضا، وماجد الكدوانى» فى قصة (فرق توقيت) وفى المقابل؛ فإن وقوع الأحداث فى أربع مدن عربية، هى (جدة، والقاهرة، والجونة، وبيروت) جعل من الطبيعى أن يكون من بين الأبطال نجوم عرب، بل سمح بوجود قصة خليجية بين الحلقات تحمل عنوان (من فين جا النور؟)

وإذا كان الإنتاج الدرامى الغزير عبر المنصات للمحتوى العربى مؤخرًا قد دفع البعضَ إلى الميل لتقديم أفكار تهدف إلى لفت النظر؛ فإن نوعية الدراما التى يقدمها مسلسل (نمرة اتنين)دراما تعيش وتحرّض على المراجعة، وإعادة التفكير.