الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الصحافة الورقية قضيتى.. لماذا؟ (1)

الصحافة الورقية قضيتى.. لماذا؟ (1)

ماذا تفعل إذا قمت صباحا ورأيت على المواقع الإلكترونية خريطة للعالم غير معتادة تم  تغيير الحدود والمسميات ونشرت وتداولها أرباب الناقلين دون تمعن أو تدقيق، وبعدها وجدت الجهات الرسمية فى الدول المعنية التى شملها هذا التغيير بقصد أن هناك كارثة يأتى تداولها لغرض ما، فأعدت وثائقها وإثباتاتها وخرائطها الورقية التى كانت تحتفظ بها كتذكرة للأمة وإثبات حق تاريخى وذهبت بها إلى المحاكم الدولية والمنتديات العالمية لتثبت حقها وسيادتها، هناك تم الفحص والتمحيص ثم طلب من المعنيين (الشاهد) على هذه الوثائق والرسومات وكل ما قدم،  وانبرى الحاضرون هل هناك أكثر من ذلك شاهد، ردت المحاكم الدولية نعم هذه وثائق واتفاقيات بين دول فى أروقة المكاتب والمحافل الدولية أما الشاهد فهو ما أعلن وصرح به فى الصحف الرسمية لتلك الدول ولم يعترض أى منها على ما نشر بل كان هناك مسئولون من الدول يؤكدون على هذه الاتفاقيات فى صفحات الجرائد ولم ينكرها أحد منهم.. هنا نقف  ونقول إذا لم يكن هناك حافظة أمة هى عامل مساعد لإثبات الحق وإشهاره واعتماده وعلينا تخيل الحال وإنكار الإثبات لأن الفاعل سيكون عن طريق جوجل وأخواتها وتطبيقاتها قد قام باللازم ومحى كل حقيقة وحتى ما تحتفظ به أنت من مستندات عبر صحافتك الرقمية وكل مشتملاتها الإلكترونية سوف يقع تحت حالتين لا ثالث لهما (إما يتم اتهامك أنت أيضا بأنك قمت بالتغيير لصالحك، أو يتم اختراقك بوسائل شتى لمحو حقك وشهادتك الرقمية) هذا ما سوف يحدث إذا لم تحافظ على ذاكرة أمتك الورقية كشاهد..وربما يأتى متفذلك للقول بأنه من الممكن حفظ الوثائق والمستندات وكتابة الآراء فى كتب وهى ورقية وإثبات، وهنا ردنا أن الكتاب ابن صاحبه ومنشئه ويخضع لرأيه الشخصى أو حتى لرأى الجهة التى أصدرته، إلا الصحافة الورقية فإنها شاهدة بتوقيع (الرأى العام) وقبولها من الأطراف الدولية المعنية بتلك القضية أو تلك، هذا ما حدث فى قضيتنا مع إسرائيل بخصوص طابا، وحدث معنا فى تيران وصنافير مع السعودية التى سجلت هذا صحافتها ولكن سجلت مصر ذلك بالوثائق المكتبية فقط، ولو كان الرئيس عبدالناصر كتب مانشيت الصحف وقتها (إن مصر حصلت على اتفاق سعودى بشأن جزرها تيران وصنافير ليكونا تحت الإدارة المصرية حتى انتهاء الحرب مع إسرائيل) ما كان حدث الجدال بشأنهما فى الداخل المصرى الذى لم يقنع البعض وثيقة الاتفاق لأن الشاهد لم يكن موجودا وهى الصحف المصرية، فى حين مثلا (تأميم قناة السويس) كانت مانشيتات كل الصحف رغم أنه أعلن فى خطاب يعد عالميا بمعنى الكلمة، ولكن ذاكرة الأمة كانت  هى الشاهد الأكثر تداولا حتى وقتنا هذا،  وهكذا الأمثلة كثيرة.



 

وقد أخذت من أعمق الأشياء وأهمها حساسية مثالا ولكن الأمر يهم كل القضايا دون استثناء سواء كانت فى الشأن الداخلى أو الخارجى،  وكلمة (الصحافة الورقية ذاكرة أمة وشاهد تاريخى يحسب حسابه) ليست جزافية، ولكنها واقع فرضته أحداث استعانت بتلك الذاكرة ليس لرد الحقوق الخارجية فقط ولكن مراجعة الوعود الداخلية عبر العصور للشعوب ومكتسباتها عبر حقب زمنية متعاقبة، لأنه أيضا ممكن ببساطة يتم محوها إلكترونيا أو يأتى فيروس إلكترونى شبيه بفيروس كورونا البشرى ويقضى على من يختاره وينتقيه من وسط الأحداث المتناولة والمخزنة إلكترونيا وهيهات فى استردادها أو حتى إثبات أنه تم اللعب والتغيير بها وفيها..يجب أن نعى جميعا أن الصحافة هى لسان حال الأمة وإثبات حقوقها وإعلاء قيمها ومبادئ ثوراتها واعتماد عادات وتقاليد شعوبها عبر تحقيقات مصورة واستقصائية وإثبات وجودها عبر آراء الناس والمسئولين وحتى العالم الخارجى المحيط ببعضنا البعض..أما ما يقال عن أزمة الورقى والتنافس مع الإلكترونى فهو محض افتراء مغرض لأهداف متعددة يريد أصحابها محو الحقيقة والشاهد عليها لأسباب تخصهم ويرون فيها محو كل ما يدينهم أنه أسهل ما يكون على المواقع والتواصل المحو والتغيير، وفى مقدور أى شخص أن يمحوه أو يسوق ما يريد حتى أكاذيب تدخل فى صميم التاريخ من الشخصى وحتى الأممى.ولكن الصحافة المكتوبة فهى صاحبة الجلالة لأنها كلمة الحق الفعلى ونكنيها نحن أصحاب المهنة بـ(الكلمة الرصاصة) ومعناها أن الكلمة عندما تطبع فى الإصدارات الصحفية المختلفة فإنه لا يمكن لك أن تمحوها لأنها كالرصاصة إذا انطلقت لا يمكن لك أن ترد الرصاصة مرة أخرى إلى مسدسك أقصد قلمك، حالة واحدة يمكن أن تعالجه بعد انطلاق الرصاصة من قلمك وهو تصحيح  كتابى فى اليوم التالى ليعتبر وثيقة أيضا  على الكذب أو الادعاء لا يمكن محوها ولا استبدالها ولا التجنى عليها كما يحدث فى معارك سياسية واقتصادية عبر الفيس والمواقع وأربابهما، وهنا تكون معالجة هذ الخطأ تماما مثل الرصاصة التى تجرح ولا تقتل فيمكنك علاج الجروح وإنقاذ من تلقاها، ولذلك نردد دوما أن الكلمة (أمانة) ووضعنا لها ميثاق شرف صحفيا توافقنا عليه وتتوارثه الأجيال الصحفية  وتحمله أينما ذهبت وكتبت..هل عرفنا لماذا يريد البعض محو الصحافة الورقية وإهالة التراب عليها؟ إنها جريمة فى حق الشعوب ترتكب تحت ستار السرعة والتكنولوجيا وأن كل الناس صاروا صحفيين، كيف؟ وهناك النقل المفبرك والمعلومات المغلوطة فى التاريخ والدين والجغرافيا، هل الناقلون والمحرفون هم من سيطلق عليهم أصحاب الكلمة والنقل وضياع الحقوق والواجبات للشعوب؟ هل لو تم تصحيح ما يرتكب رقميا سيتركه المغرضون دون تدخل تسهله لهم تلك الوسيلة؟ الحقيقة الشيء الوحيد الذى لا يمكن محوه هو الرصاصة التى انطلقت من القلم أو الأنامل على الإيميلات لنقلها ورقيا لاعتمادها فى ذاكرة الأمة عبر الزمان.

 

ويبقى لدينا التساؤلات التى سنجيب عليها فى المقالات اللاحقة، لماذ أعدت المكايد والخطط  فى مصر للصحافة الورقية من عام 2002؟ ولماذا لم تلغ الدول الكبرى صحافتها الورقية؟ 

 

 (يتبع).