السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

صحافة فرنسا تنتفض ضد التطرف

قبل نحو 15 عامًا اشتعل غضب بعض مُسلمى أوروبا عقب نشر عدد من الصحف صورًا كاريكاتورية للنبى محمد، اعتبرها الكثيرون تُسىء للدين، وهو الأمر الذى استغله المتطرفون بالترويج لأفكارهم، إلى أن تفاقم الوضع وانتشرت العمليات الإرهابية فى بعض دول أوروبا، ولعل أسوأها ما حدث بمقر جريدة شارلى إيبدو عام 2015، حين اقتحم مسلحان فرنسيان مسلمان (الأخوان شريف وسعيد كواشى) مكاتب شارلى إيبدو وسط باريس، قبل فتح النار على موظفيها وقتل 12 شخصًا بينهم 4 من أبرز رسامى الجريدة الساخرة.



 

لم تهدأ الأحداث فى فرنسا منذ ذلك الوقت، بين عمليات إرهابية واحتجاز رهائن، وصولاً إلى مقتل مُعلم تاريخ يُدعى صموئيل باتى ويبلغ 47 عامًا، نشر صورًا كاريكاتورية للنبى محمد، إذ تم العثور على جثته فى شارع دو بويسون موينو فى إيراجنى،  بأحد ضواحى العاصمة باريس. وكان طاقم من ضباط الشرطة البلدية هم الذين توصلوا إلى هذا الاكتشاف المروّع، بعد رؤية رجل مشبوه واقفًا بالقرب من الجثة فى كاميرات المراقبة المنتشرة فى الشارع، ممسكًا فى يده «بلطة» وفى اليد الأخرى يصوّر ويكتب شيئًا على هاتفه المحمول.

أشعلت الجريمة البشعة غضب الفرنسيين، ووفقًا لاستطلاع Ifop لقناة CNews وSud Radio، فإن %40 فقط من الفرنسيين يثقون بإيمانويل ماكرون والحكومة فى محاربة الإرهاب، و%87 منهم يعتقدون أن العلمانية فى خطر، ويرى %79 ممن شملهم الاستطلاع أن حركات الإسلاموية أعلنت الحرب على فرنسا والجمهورية.

ورغم هذا القلق المشبع برمادية كئيبة، أفردت مجلة «لو فيجارو» موضوعًا عن مذيعات مسلمات شهيرات يناضلن من أجل دحر «الإسلاموية»، هؤلاء النساء اللائى يقاتلن فى الخطوط الأمامية ضد الجبهة الأصولية السلفية والطوائف، فى ظل تهديدات موجهة إليهم، فقد اختاروا قول الحقيقة بصوتٍ عالٍ وواضح، ومن أبرزهن: (فتيحة عجاج بوجلات، سونيا مبروك، زينب الرزوى،  دانا منوشهرى،  نجوى الهايتى).. نساء قويات وإعلاميات شابات واعدات، شخصيات معروفة ومعترف بها.. كلماتهن مسموعة، ومحل نقاش دائمًا.

كما نشرت جريدة «الليبراسيون» على مدى أسبوع كامل تفاصيل المظاهرات وتسريبات التحقيقات الخاصة بمقتل مُعلم التاريخ على يد متطرفين، وتلخصت مقالات كبار الكُتاب على أن ما فعله ماكرون خطوة تأخرت كثيرًا، وذكرت جريدة «لوموند» أنه منذ 2015، كان هناك 253 قتيلًا ومئات الجرحى، نتيجة العنف الإسلاموى وأن ما حدث لصموئيل يكفى، وعلى المسلمين أن يعودوا لبلادهم.

وفى جريدة «الفيجارو»، كان هناك سؤال رئيسي: هل للعلمانية الفرنسية دور فى تأجيج العداء بين الدولة وبين الإسلاميين؟ وهى الدولة التى احتضنت أكبر عدد من الجالية المسلمة فى أوروبا، وشهدت أكثر من 18 هجومًا خلال السنوات الأخيرة. وترى المجلة أن الانعزال عن الثقافة الفرنسية  الذى تعيشه تلك الجالية هو ما يجب أن ينتهى أو يرحلون .

مجلة «بارى ماتش» أجرت حوارًا مع إبراهيم المهالى إمام مسجد بيربينيان الذى أكد أن أغلب الإرهابيين ليسوا من رواد المساجد، وأن لديهم سوابق قضائية لا علاقة لها بالدين ويحاولون أن يصلوا ماضيهم الإجرامى بالإرهاب، مشيرًا إلى أن لكل منهم دافع شخصى وهو المال.

ويضع %44 من الفرنسيين حسب استطلاع رأى لمجلة «العدالة» الفرنسية، ثقتهم فى المقام الأول فى «مارين لوبان» زعيمة حزب «التجمع الوطنى» الفرنسى لمحاربة الإسلاميين، ثم يأتى نصيب وزير الداخلية جيرالد دارمانين فى المرتبة الثانية، ثم رئيس الجمهورية الأسبق نيكولا ساركوزى،  ويليه إيمانويل ماكرون الرئيس، ثم رئيس الوزراء جان كاستكس بنسبة.

كما طالب %76 من الفرنسيين الذين تم استجوابهم، بحل «CCIF»، وهى جماعة مناهضة للإسلاموفوبيا فى فرنسا، والتى تقع فى مرمى نيران السلطات، كما تعتقد أغلبية كبيرة تمثل %89 من الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع، أن التهديد الإرهابى مرتفع حاليًا جدًا فى البلاد، فيما شكك %40 فقط من الفرنسيين فى ثقتهم بإيمانويل ماكرون والحكومة لمحاربة الإرهاب.

وكانت تقارير جريدة «لوموند»، كشفت أن جماعة تدعى «أنصار الشيشان» أو «أجناد القوقاز» أعلنت مسئوليتها عن قطع رأس «صموئيل باتى» يوم الجمعة بالقرب من كلية كونفلان، حيث كان يُدرس، مشيرة إلى أن الجماعة غير معروف نشاطها فى فرنسا، إذ إن مركزها فى سوريا وتركيا، واستُهدِف باتى، بـ «فتوى» صادرة عن ولى أمر طالب هو إبراهيم سى مغربى الجنسية لديه جمعية خيرية دينية باسم ساعدنى «Aide moi».. نشرها على صفحات شبكات التواصل الاجتماعى الخاصة به، مثلما كان ينشر بانتظام نداءات للتبرعات والتضامن لدفع التكاليف الصحية للأشخاص ذوى الإعاقة أو السماح لهم بأداء فريضة الحج إلى مكة، وهى رحلة كان يترأسها بانتظام وهو على صلة وثيقة بـ«بلال ريجى» رئيس منظمة الأمة الخيرية ودعم «CCIF» وجمعية BarakaCity. ويعود سبب فتوى إهدار الدم وقطع الرقبة، إلى قيام المُعلم الضحية بعرض رسوم كاريكاتورية للنبى محمد بعمامة سوداء تبدو بفتيل كقنبلة موقوتة، وهى الرسوم التى نشرتها من قبل «تشارلى إيبدو» عملًا بشعار حرية التعبير بلا حدود، خلال دورة تعليم مدنى قبل أيام قليلة من مقتله ذبحًا.