الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

سيجارة حزينة..!

صديقى منتج الروائع اختارنى شخصيا لكتابة فيلم كوميدى يكسر الدنيا.. وبشرط أن يكون واقعيًا يعبر عن أحوالنا فى مصر المحروسة.. وجلست أكتب فيلمًا عن شئون البيئة والسحابة السوداء التى تحتفل بعيد ميلادها الثلاثين، وفى مواجهتها سمعنا أن الوزارة تفكر فى سن قانون جديد يعاقب المدير فى الشغل بغرامة عشرة آلاف جنيه لو تجرأ موظف عنده ودخن سيجارة واحدة!!



 

الكوميديا هنا واضحة.. وتبرز من الهوجة التى يسنون بها القوانين.. وفى جميع بلاد الدنيا لا يمكن القضاء على فكرة.. أو محاربة عادة مثل التدخين بقانون صارم وغرامة فادحة.. وفى بلاد الخواجات يبدأون بالتوعية وخلق رأى عام ضاغط.. يعنى التدخين عند الخواجة ليس ممنوعًا بحكم القانون، لكنه ممنوع بحكم الأصول والعادات.. ولو خالف المواطن أو الموظف العادة والتقاليد المستقرة.. فإن نظرات الاستهجان أقوى وأقسى ألف مرة من حكم السجن والغرامة..!

ولكن لأننا من هواة الهمبكة فى عالمنا الثالث السعيد.. فإن القرارات والقوانين عندنا تصدر بانفعال وعصبية.. أو تصدر من قبيل سد الخانات.. وهى قرارات وقوانين خاصة للحفظ فى الأدراج.. لكى يسخر منها رسامو الكاريكاتير وكتاب الفكاهة والمسخرة.. فتزدهر أحوالهم وتزيد مرتباتهم..!

المشكلة أننا ننظر للتوعية على أنها دليل ضعف لا يليق بالحكام.. ولو كان حضرة المسئول مقتنعا حقا بأن التدخين عادة سيئة لأمتنع هو أولا.. ثم يدعو زملاءه وأصدقاءه للتوقف.. ثم يدعو للحوار والتفاهم مع باقى الموظفين ويعقد الجلسات المطولة ويعلق فى لوحة الشرف أسماء الذين استجابوا للحملة.. قبل أن يعلن نجاح التجربة فى الشركة الفلانية.. تمهيدًا للنجاح فى باقى الشركات.

جلست أكتب قصة الفليم عن عصابة من الموظفين الأشرار تجتمع كل ليلة فى الكباريه.. حيث ترقص الراقصة اللهلوبة وتغنى المطربة المثيرة.. ويتخانق الزبائن فى كل ليلة.. ويظهر زعيم العصابة.. الموظف القديم الذى يحقد على المدير لأنه حرمه من العلاوة والحوافز والأوفر تايم!!

ويسكر زعيم العصابة.. ثم يقرر ارتكاب الجريمة الكاملة والتخلص من غريمه المدير بالشغل بأسلوب مبتكر.. فيقوم بتحريض أحد أعوانه لتدخين سيجارة بالشغل.. فى نفس الوقت الذى يبلغ فيه الحكومة بالتليفون.. يقول لهم أنا فاعل خير.. عندى معلومات أكيدة أنه فيه موظف سيدخن سيجارة بكرة الساعة عشرة.. ثم يقفل السكة.. وبالفعل تتحرك قوة من المحافظين على البيئة.. ليضبطوا الموظف فى حالة تلبس والسيجارة فى فمه..!

ويقبضون على المدير فى الشغل ويحكمون عليه بالغرامة.. والدفع أو الحبس.. ويحاول حضرة المدير بيع عفش بيته لكنه يفشل فى تدبير الغرامة.. وينتهى الفيلم والمدير يكسر زلط فى أبو زعبل وزعيم العصابة يتزوج مرات المدير.. فى حين ترقص ابنته فى الكباريه.. ويبيع ابنه كذلك كلينكس فى إشارة مرور.. وهو يدخن سيجارة حزينة!.