السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

البلكونات الخضراء !

فرضت الإجراءات الاحترازية والوقائية لمواجهة أزمة فيروس كورونا، على كثير من الأسر المصرية، البقاء فى المنازل لأكثر فترة ممكنة، لاتباع إجراءات التباعد الاجتماعى للحماية من الوباء، الأمر الذى دفع الكثير منهم إلى ابتكار العديد من الأفكار فى محاولة لكسر الملل، وتهيئة الأجواء المنزلية، وكسر الروتين اليومى القاتل، خاصة خلال فترة الإغلاق الأولى وإجراءات الحظر وغلق العديد من الخدمات.



 

زراعة البلكونات وأسطح المنازل والمناطق المحيطة بالمنازل واحدة من بين الأفكار الخلابة التى جذبت فئة كبيرة من المصريين، بعد أن ظلوا لفترة طويلة بين جدران المنازل بسبب إجراءات كورونا، الأمر الذى دفعهم لإجراء تغيير فى البيئة المحيطة بهم من خلال تحويل بلكونات المنازل إلى حدائق نباتية خضراء مزهرة، تفوح منها الروائح العطرة، رافعين شعار: « نحن أقوى من كورونا». 

عشق النباتات

محمد سرحان البالغ من العمر 22 عامًا، طالب بكلية الزراعة، قسم بساتين فى مجال الإنتاج النباتى بجامعة بنها، يعمل بإنتاج وبيع نباتات الزينة الداخلية، يعشق الاهتمام بنباتات الزينة من نعومة أظافره، يقول: «بدأت فكرة تزيين منزلى، والبلكونة من سن مبكرة جدًا، فمنذ صغرى، حيث إننى أعشق الحياة مع النباتات، وعندما يذبل النبات أو يموت كنت أشعر باليأس والحزن، لكن ذلك يزيد من شغفى فى التعلم الصحيح للعناية بالنباتات، فهو كالإنسان يحتاج دائمًا للرعاية والاهتمام».

ويضيف طالب الزراعة: «حب الزرع كان مجرد هواية، ولكن شاء القدر أن التحق بكلية الزراعة، وبفضل ذلك الصرح العظيم تحولت تلك الهواية لمجال تعليمى وعملي؛ لأتعلم بعدها المزيد عن عالم النباتات وأقوم بدراستها بشكل تفصيلى، وزاد الحب والشغف تجاه النباتات والبساتين وفكرة التزيين بها وخاصةً بعد انضمامى لقسم الإنتاج النباتى».

فرضت إجراءات الدولة لمواجهة فيروس كورونا على محمد المكوث طويلا فى المنزل، ما دفعه لإعادة استكشاف منزله وزراعته من جديد: «بسبب أزمة كورونا والحجر المنزلى، تمكنت أكثر من اكتشاف منزلى، حيث بدأت التخطيط والتفكير فى كيفية تخفيف الملل والساعات الطويلة داخل المنزل عن طريق اختيار ركن من أركان المنزل هو الأكثر ترددًا من قبل أفراد عائلتى ودائما ما يجتمعون فيه ليتحول إلى مكان مزين بالنباتات التى تبعث رائحة عطرة وتدخل على النفوس البهجة.

كانت بداية محمد سرحان فى «بلكونة المنزل»، فهى مكان التجمع المفضل للعائلة فى الليالى الصيفية: «قمت بتزيين البلكونة بالنباتات الملونة المختلفة ذات الروائح العطرية، كـالفل، والورد البلدى، والنعناع، وأشعر بمسئولية كبيرة جدًا تجاه تلك النباتات، فهى روح تنمو وتشعر وتتأثر، ثم قمت بعمل جروب على موقع فيسبوك يحمل اسم «البلكونة»؛ لنشر فكرة تزيين البلكونات بالنباتات»، وأصبحت أقوم بإنتاج نباتات نادرة».

سر البلكونة

لم يختلف الأمر كثيرًا عند «على راشد»، الشاب صاحب الـ 20 عامًا، خريج معهد تمريض جامعة بنها، ويعمل مساعد صيدلى،عن طالب كلية الزراعة «محمد سرحان»، حيث كان محمد دافعًا له لتحقيق فكرة تزيين البلكونة بالزرع.

يقول على: «بدأ اهتمامى بالزرع من خلال أحد الجروبات على موقع فيس بوك «البلكونة»، ومن خلاله تعرفت على «محمد سرحان»، الذى جعلنى أتعلق بالأمر من خلال الاعتناء بالورد والنباتات بشكل عام، بل غرس حب زراعة النباتات وتجميل المنزل، وبسبب أزمة فيروس كورونا والإجراءات التى فرضتها والتى تسببت فى قضاء وقت طويل فى المنزل، حيث شعر الكثيرون بالرتابة والملل؛ ما جعلنى أفكر بشكل واقعى فى تزيين المنزل بالزرع؛ فهذا الجمال لا بد أن تراه العين حتى تخفف من المتاعب والضغوطات، وتبعث النشاط». 

قصة حب وتعلق على بالنباتات وزراعة نباتات الزينة بشكل خاص بدأت من خلال «الونكا» وهى وردة فى منتهى الجمال: «هذه الوردة كانت السبب وراء زيادة تعلقى بتلك الحياة الوردية المتفتحة، ثم اشتريت الفل، والياسمين، والريحان والورد البلدى بألوانه، وكان شعورًا رائعًا لا يمكن وصفه عندما كنت أرى المنزل وهو يتجمل بتلك الورود مختلفة الألوان والروائح».

يشعر على بالفخر عندما يزور منزلهم أحد الأصدقاء أو الأقارب ويلاحظ التغيير الكبير الذى ظهر عليه من خلال النباتات: «عند زيارة أحد الأقارب والأصدقاء أجد فى نظراتهم وكلامهم الإعجاب بكل ركن من أركان المنزل المزينة؛ فأشعر بالتميز والفخر».

لم يكن التأثير الإيجابى للنباتات عند هذا الحد، بل وصل الأمر إلى إحداث تغيرات كبيرة فى شخصية على: «أحب قراءة الكتب، ولاحظت زيادة حبى وقراءاتى بعد وجود هذه الأزهار بمنزلى وبجانبى وأمامى، بالإضافة إلى فكرة تهادى الورد هى من مسببات السعادة حقًا».

سحر النباتات

أما طه عبيد، صاحب الـ 23 عامًا، من قنا، مصور، فيهوى كتابة الأشعار، ووراء ذلك الحس الفنى حس روحى جعله يتعلق كثيرًا بعالم النباتات، يقول: «تزيين البيت بالنباتات أعتبره ليس مجرد فكرة بل أرى أنها فرض لما تبعثه من راحة نفسية وهدوء، كما تعد طاردة للأفكار السلبية، فهى تخلق حالة خاصة من السكينة والاطمئنان وسط روائح جميلة، وألوان وأشكال متعددة، فالبيت الجنة الأرضية التى يجب أن يكون لها طابعها الخاص المميز».

بدأ طه التفنن فى تجميل منزله بالنباتات والزرع عندما بدأ العيش بمفرده فى القاهرة، من أجل أن تكون له مملكته الخاصة التى تمنحه مساحة حرية أكبر: «لكونى نشأت بالمجتمع الصعيدى المعروف بكونه المكان الأم للنباتات والتربة وكل هذه الأشياء الجميلة، وعندما انتقلت للقاهرة لم أرغب بتغيير ذلك المنشأ الجميل».

بدأ الشاعر الصعيدى رحلته مع الأزهار بـ 7 نباتات من ريحان، وفل، وعطر، وتطور الأمر بأنها أصبحت عادة روتينية: «كل جمعة كنت أذهب لشراء نبات جديد ليفرض مكانه المميز بركن ما فى المنزل، وتتزايد الكميات ليأتى «عم سيد» بائع الزرع تحت منزلى بسيارته الخاصة لينقل لى النباتات، حيث أصبح منزلى بمثابة حديقة صغيرة، ولا شك أن زراعة النباتات تأخذ من وقت الإنسان ولكنها تأخذه بشكل إيجابى يحافظ على ذلك الوقت الممتع».